1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مرحباً بكم في دوسلدورف لؤلؤة نهر الراين

كم من قصيدة حب جادت بها قريحة الشاعر الألماني الكبير هاينرش هاينه وهو كامن في أحضان دوسلدورف. تري ما هو سر لؤلؤة نهر الراين التي تأخذ الناس بسحرها وجمالها؟

جمال الربيع في دوسلدورفصورة من: dpa - Report

مثلها مثل معظم الحسناوات تزهو دوسلدورف بجمالها وتتفاخر بغناها. لكن بالرغم من هذه الكبرياء تستطيع لؤلؤة الراين أن توقع زائرها في عشقها للوهلة الأولى، فهذه المدينة الواقعة غرب ألمانيا تقدم لزوارها برنامجاً حافلاً لقضاء أوقات الفراغ والاستجمام. لذلك تعد إصاباتك بالملل كزائر لدوسلدورف عزيزي القارئ، ضرباً من ضروب المستحيل. من الطبيعي أن ينبهر المرء بجمال الطبيعة في منطقة نهر الراين، وأن يقضي وقتاً ممتعاً في مراقبة السفن والقوارب الصغيرة التي تمخر عباب النهر. ولكن جمال دوسلدورف لا يتوقف عند هذا الحد، فهي تجمع بين القديم والجديد في ثوب قشيب.أما كيفية ذلك فسوف تلمسه في مختلف أنحاء المدينة عندما تزورها.

تنوع ثقافي وحضاري

لقب جدير بدوسلدورف: "عاصمة اليابان على نهر الراين"صورة من: AP

أنت الآن في دوسلدورف! مرحباً بك! عما تبحث؟ هل تود التسوق وشراء أحدث ما جادت به الموضة العالمية؟ هل تريد زيارة معالم أثرية وتنفس عبق التاريخ؟ أم أنك تفضل تنفس النسيم العليل على شاطئ نهر الراين؟ كل شيء ممكن تقريباً في دوسلدورف. لا عليك، يمكنك أن تحدد بنفسك ما تنوي عمله حينما تشاء، أما الان فدعنا نذهب إلى المدينة. من المؤكد أنك لن تشعر بالغربة هنا ليس فقط بسبب ضيق الوقت، بل لأن دوسلدورف هي أبرز مثال على التنوع الثقافي والحضاري، الذي تشهده المدن الألمانية الكبرى كذلك. ففي المدينة تعيش جالية عربية كبيرة، ويكفي أن نتجول في الحي المغربي الواقع خلف محطة القطار الرئيسية، والذي يعج بالمحلات والمطاعم المغربية، كي يتكون لديك انطباع عن ذلك. وبالإضافة إلى ألاف السياح الذين يزرون دوسلدورف صيفاً وشتاءً، وألاف المهاجرين العرب والأتراك والأفارقة المقيمين فيها، يقطن بالمدينة قرابة 7000 ياباني يضفون صبغة آسيويه عليها. حتى أن الناس في ألمانيا باتت تطلق علي دوسلدورف مداعبة لقب "عاصمة اليابان على نهر الراين".

محرك اقتصاد ألمانيا ومفتاح سياستها

أحد عروض الموضة التي تشتهر بها دوسلدورفصورة من: AP

تعني كلمة Düsseldorf حرفياً باللغة الألمانية: "قرية الدوسل"، لأن هذه المنطقة كانت إبان العصور الوسطى مجرد قرية مغمورة تقع على نهر الدوسل، ولم تكن ضواحيها قد امتدت بعد لتصل إلى الضفة الشرقية لنهر الراين. ولكن من المؤكد أن دوسلدوف اليوم أبعد من أن تـكون مجرد قرية أو ضيعة. فبعد نهاية الحرب العالمية الثانية أصبحت عاصمة لولاية شمال الراين وستفاليا، كبرى الولايات الألمانية من حيث عدد السكان. كما كانت في السابق المحرك الأول لاقتصاد جمهورية ألمانيا الاتحادية. وبالرغم من أن هذا الوضع قد تغير قليلاً في وقتنا الحالي، إلا أنها مازالت مركزاً اقتصادياً هاماً على مستوى ألمانيا وأوربا. فالمدينة تذخر بثلاثة ألاف شركة عالمية عملاقة كشركة "لوريال" لصناعة مستحضرات التجميل. كما أنها تمتلك بورصة ذات ثقل عالمي. لذلك قامت العديد من شركات التأمين الألمانية باتخاذها مقراً لها، فضلاً عن البنوك وبيوت التسوق الضخمة المنتشرة في كل نواحيها. وبالإضافة إلى أهميتها الاقتصادية فإنها مقر حكومة الولاية وبرلمانها. وفي الآونة الأخيرة رددت وكالات الأنباء اسم دوسلدورف على نحو غير معتاد، وذلك فيما يتعلق بنتائج انتخابات برلمان ولاية شمال الراين وستفاليا، ففي هذه الانتخابات خاب ظن المستشار غيرهادر شرودر بعد الهزيمة النكراء التي حلت بحزبه وقللت من فرص بقاء حكومته على رأس السلطة في العاصمة برلين. مما يعطي انطباعاً أن دوسلدورف قد تكون مفتاح السياسة الألمانية.

قبلة الفنانين

عميد الأدب الألماني يوهان فولفغانغ فون غوته

وبجانب البعد السياسي والاقتصادي فان لدوسلدورف أهمية ثقافية كبيرة. فهي تزخر بالمتاحف والمعارض والمباني التاريخية العريقة التي يرجع عهد إنشائها إلى العصور الوسطى. يمكنا على سبيل المثال التوجه إلى متحف غوته Goethe-Museum في قصر ييغرهوف Schloß Jägerhof الذي تم بناءه عام 1772، ولكي تسافر بخيالك إلى عصر عميد الأدب الألماني يوهان فولفغانغ فون غوته. يمكنك أن تشاهد هناك أهم المقتنيات الشخصية لهذا الشاعر الألماني العظيم. كما يمكنك التمتع بلوحة زيتية تمثل مشاهد من قصته الخالدة فاوست Faust. وإذا أردت بعد ذلك التعمق في بحور الفكر والتحليق في سماء العبقرية، فيمكنا التوجه إلى أكاديمية الفنون Kunstakademie حيث تفوح رائحة الألوان الزيتية في الممرات، وهي الرائحة التي تحرك مشاعر الفنانين وتثير الرهبة في نفوس المبتدئين على طريق الفن. يتمتع البناء التاريخي للأكاديمية على الضفة الشرقية لنهر الراين بشهرة عالمية، حيث عملت أسماء كبيرة بالتدريس هناك، من أمثال باول كلي ويوزف بويس وغيرهارد ريشتر.

"شانزلزيه ألمانيا"

دهشة تصيب كل من يزور كونيغز أليهصورة من: dpa

أما إن كنت من هواة التسوق فأنت، عزيزي القارئ، في أي ضاحية من ضواحي دوسلدورف بالمكان الأمثل، هناك تنشر المحلات التجارية التي تبيع أرقي الماركات العالمية. وإذا كنت مهتماً بأحدث صيحات الموضة فما عليك إلا التوجه إلى كونيغس اليه Königsallee أو "شانزلزيه ألمانيا" كما يطلق البعض على ذلك الشارع. يضم كونيغس اليه أرقى ولكن في نفس الوقت أغلى بوتيكات أوربا، التي تجذب الزبائن من كل أنحاء العالم. بعدها نستطيع أن نعرج على المدينة القديمةالتي يطلق عليها لقب "أطول بار في العالم"، لأنها تضم قرابة 260 من حانات الشراب والمطاعم والمقاهي. وبسبب هذا العدد الهائل لن يكون سهلاً عليك عزيزي القارئ أن تقرر أين سنتناول طعام العشاء. أما ليلاً فلن يصيبك أيضاً أي ملل لأن مسارح وملاهي المدينة تقدم برنامجاً رفيع المستوى بجانب العديد من العروض الراقصة والموسيقية.

لابد من العودة

ابن مدينة دوسلدورف البار: الشاعر الألماني هاينريش هاينهصورة من: dpa

وفي النهاية يأتي أحد أبناء مدينة دوسلدورف البررة ليقول لك الكلمة الأخيرة. هذا الابن ليس سوى الشاعر الألماني العظيم هاينريش هاينه الذي أطلقت المدينة اسمه على جامعتها تخليداً لذكراه. هاينه يغدو في غاية الشاعرية عندما يقول: "كم هي ساحرة دوسلدورف. عندما يكون المرء قد ولد بالصدفة فيها، ثم يفكر بها وهو بعيد عنها يغمره شعور رائع غاية في الغرابة. لقد ولدت هناك. وينتابني الآن شعور بحتمية عودتي إلى دوسلدورف، إلى موطني".

بقلم علاء الدين سرحان

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW