أصدر الرئيس التونسي قيس سعيّد مرسوما لمكافحة الجرائم المرتبطة بأنظمة المعلومات والاتصال ومن بينها الأخبار الزائفة والإشاعات. المرسوم أثار مخاوف الصحافيين من استخدامه كمطية لفرض قيود على حرية التعبير وملاحقة المعارضين.
إعلان
أطلقت الثورة في تونس منذ 2011 الألسن من عقالها ومكنت التونسيين من حرية التعبير كأبرز مكسب ظل صامدا في غمرة الانتقال الديمقراطي المتعثر. لكن مع إصدار المرسوم 54 الذي وضعه الرئيس قيس سعيّد سيتعين على الجميع التفكير ألف مرة قبل نشر أي معلومة أو خبر.
يسعى المرسوم المرتبط بجرائم أنظمة المعلومات والاتصال وفق السلطة، إلى مكافحة الترويج المتعمد للإشاعات والأخبار الزائفة والموظفة بغاية "الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان" بيد أن الشيطان يكمن في التفاصيل.
يرتب المرسوم في الفصل 24 المثير للجدل، عقوبات بالسجن لمدة خمس سنوات ضد المخالفين مع غرامة مالية قدرها 50 ألف دينار. وتنسحب هذه العقوبات على من تعمد نشر وثائق مصطنعة ومزورة وبيانات شخصية وافتعال أمور غير صحيحة بنية التشهير وتشويه سمعة الغير.
ووفق المرسوم يمكن أن تكون هذه العقوبات مضاعفة في حال كان الشخص المستهدف موظفا عموميا أو في حكمه.
نقابة الصحافيين تعترض
طالبت نقابة الصحافيين في تونس بالسحب الفوري للمرسوم كونه يتعارض في تقديرها مع الفصل 55 من الدستور الذي صاغه الرئيس سعيّد نفسه وعرضه على الاستفتاء الشعبي، بحجة انه ينص على منع ممارسة الرقابة المسبقة.
وتقول النقابة إن المرسوم يخلط بين جرائم أنظمة المعلومات وقضايا نشر الأخبار الزائفة في حين أنها مجالات مختلفة من المفترض أن تُنظم بقوانين خاصة ومحددة بدقة حتى لا ينال من الحريات.
وتوضح نائبة رئيس النقابة، أميرة محمد في حديثها مع DW عربية "لم يشر المرسوم مطلقا للقوانين المنظمة للقطاع ولا إلى المرسوم 115 بل استند إلى المجلة الجزائية ومجلة العقوبات العسكرية. كما وردت في المرسوم عبارات فضفاضة قابلة للتأويل كيفما تشاء السلطة القضائية والتنفيذية".
ومع أن نقابة الصحافيين دعمت برامج ومنصات رقمية للتحقق من الأخبار الزائفة، تستند المخاوف الجديدة إلى الغموض المرتبط بالمعايير التي سيعتمدها القضاء لتمييز الخبر الزائف من الصحيح. وتقول أميرة محمد حول ذلك بقلق "السلطة وحدها تملك سلطة تقدير ذلك. وفي ظل التعتيم الممنهج على المعلومات من قبل رئاستي الجمهورية والحكومة فإن خطر الوقوع في مطب المرسوم يصبح عاليا".
ومن المآخذ الأخرى من قبل النقابة إن العقوبات في المرسوم تفتقد الى التناسبية، وهو يستعيد وفق ملاحظتها، سجلا كاملا من العقوبات التي يجري تكييفها مع الاعتداءات بحق الموظفين العموميين، حيث تنتشر في القانون التونسي عبارة "هضم جانب موظف عمومي".
لم تكتف النقابة والمنتقدون للمرسوم، بطلب سحبه بل إنهم عكسوا الهجوم على السلطة بتصنيفها طرفا رئيسيا في إشاعة الأخبار الزائفة بسبب مقاطعة مؤسسات الدولة ومن بينها رئاسة الجمهورية للصحافة وعدم توظيف متحدث إعلامي للتواصل مع المؤسسات الاعلامية.
وينظر المعارضون لمرسوم الرئيس على أن هذه السياسة غذت بشكل كبير تضارب الأخبار وافتقادها إلى الدقة وبالتالي المساهمة في انتشار الشائعات.
ويشير أستاذ الإعلام بمعهد الصحافة وعلوم الأخبار في تونس أمين بن مسعود لـDW عربية إلى أن حالة الالتباس والغموض، تتمثل في أن السلطة القائمة تسعى إلى محاربة الإشاعة بينما هي مطالبة بتقديم تفسيرات واضحة وشافية وكافية عن قضايا أثارتها في السابق بخصوص "تسميم الرئيس" وقضية "النفق تحت إقامة سفير فرنسا"، والتلميحات المتكررة إلى "الغرف المظلمة"، حتى لا تكون طرفا مروجا للإشاعات والمعطيات المغلوطة، وهي قضايا ماتزال عالقة وفي انتظار إثباتات لا يرتقي لها الشك.
ويتابع بن مسعود في تعليقه "الإشاعة لن تضمحل بترسانة القوانين ولا بعصا العقوبات المالية، وإنما بدعم الاتصال والاعلام العمومين وتأمين مسالك النفاذ إلى المعلومة".
إيجابيات وسلبيات
لم يستثن الجدل حول مضمون المرسوم الأكاديميين في قطاع الإعلام والاتصال، حيث تباينت القراءات وزوايا النظر إلى مدى مشروعيته في الحد من بعض الظواهر السلبية في استخدام الإنترنت والسوشيال ميديا.
يقر بن مسعود بداية بنقطة ضعف المرسوم كونه صاغه الرئيس بشكل فردي ولم يستشر فيه أساتذة القانون والمختصين في التشريعات الإعلامية والاتصالية.
وبجانب أنه سيزيد من تشرذم القوانين المؤطرة للعمل الصحفي فإن بن مسعود يحذر من استعادة العقوبات السجنية في قضايا النشر، بجانب استخدام تعبيرات فضفاضة (حقوق الغير، الإضرار بالأمن العام...) بما يتيح للسلطة التنفيذية استخدام سلطة تقديرية وتأويلية واسعة في الملاحقة والمتابعة، مع إمكانية انتهاك الخصوصيات الرقمية.
لكن على الجانب الآخر ينظر الداعمون للمرسوم أو جانب مما جاء به على الأقل فيما يتعلق بالقيود على نشر الأخبار الزائفة والشائعات، أن الآراء المتحفظة تغافلت عن حالة الانفلات لواقع ممارسة الحريات في تونس وعلاقتها بالقوانين.
فمن جهة أتاحت الثورة التي أطاحت بحكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في 2011 حرية التعبير على نطاق واسع ومن جهة ثانية لم تؤد الممارسة الفعلية لهذا الحق إلى ضبط حدود تلك الحرية وإعلاء سلطة القانون.
مسائية DWالمشهد التونسي بعد الاستفتاء على "دستور سعيّد"
16:08
ويشير لطفي الزيادي الدكتور التونسي في الإعلام والاتصال والمدرس كلية الآداب بجامعة الملك فيصل بالمملكة السعودية، إلى أن المشكلة تتعلق بمدى وعي التونسيين بالالتزام والمسؤولية في مقابل المطالبة بالحرية.
ويفسر الزيادي ذلك قائلا "ما أراه بعد 12 سنة من ’الثورة’ هو أن أغلب الشعب التونسي لا يعي معنى الحرية ولا حدودها ومتطلباتها فهو يطالب بها ويثور عندما تنتهك وفي نفس الوقت يسيء استخدامها وتوظيفها".
ويضيف في تعليقه بشأن المرسوم الرئاسي "المتخوفون سيعتبرونه تعسفيا وتسلطيا وضد الحريات، لكن عندما نرى حجم الشائعات والخروقات والاعتداءات والمضامين المسيئة للغير على مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية وحتى وسائل الإعلام التقليدية فان المرسوم يعتبر حاجة أكيدة وضرورية".
وفي تقدير الخبير الجامعي فإن المرسوم في جانبه الايجابي سيمكن من ترشيد استخدام وممارسة حرية الرأي والتعبير والحد من التجاوزات والانحرافات.
خطوة استباقية
وفي مطلق الأحوال لا يمكن فصل المرسوم عن السياق الذي يحيط به في وقت تستعد فيه البلاد للانتخابات البرلمانية المبكرة والمقررة بعد ثلاثة أشهر، وفق خارطة الطريق التي وضعها الرئيس سعيد بعد إعلانه التدابير الاستثنائية في تموز/يوليو2021 وانفراده بالسلطة التنفيذية والتشريعية بشكل كامل.
كما تمر تونس بوضع اقتصادي دقيق بسبب الأزمة المالية العمومية ووضع اجتماعي مضطرب على خلفية ارتفاع الأسعار وغلاء كلفة المعيشة وتفشي البطالة والفقر في الجهات الداخلية النائية على وجه الخصوص، وسط موجات هجرة متفاقمة إلى الخارج.
ويقول المحلل السياسي والباحث في علم الاجتماع المنذر بالضيافي لـDW عربية أن المرسوم لا يمكن أولا فصله عن المشروع السياسي للرئيس سيّد الذي يسعى لمزيد تعزيز صلاحياته والتحكم في السلطات.
فبعد أن تمكن من تهميش الأحزاب والمنظمات الرئيسية الكبرى مثل الاتحاد العام التونسي للشغل، فإن الرئيس سعيّد مستمر في إقصاء ما يعرف بـ "الوسائط" وهي الأحزاب والمجتمع المدني.
وينظر بالضيافي إلى المرسوم كخطوة استباقية في ظل تمدد محتمل لحالة التذمر والسخط في الشارع ضد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بسبب قدرة وسائل التواصل الاجتماعي على تحشيد وتأطير الناس، مثلما حدث في كثير من المناسبات السابقة ضد السلطة بدءا من ثورة 2011.
ويضيف الباحث في تحليله "من المحتمل أن يشيع المرسوم حالة من الخوف وسيكبل الفاعلين في القطاع الإعلامي لناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي".
تونس - طارق القيزاني
في صور: طريق وعر في تونس من الثورة حتى "دستور سعيّد"
خطوات الرئيس سعيّد، تقلق منتقديه على مكاسب الديمقراطية الناشئة. فيما يلي محطات في طريق تونس الوعر بدءاًً من ثورة 2011 إلى الأزمة السياسة والإقتصادية التي بلغت ذروتها، ووصولا إلى خطوات سعيّد الحثيثة للاستحواذ على السلطة.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
شرارة الربيع العربي الأولى
كانون الأول/ ديسمبر 2010 - بائع الخضر محمد بوعزيزي يشعل النار في نفسه بعد أن صادرت الشرطة عربته. وفجرت وفاته وجنازته احتجاجات على البطالة والفساد والقمع.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Salah Habibi
هروب بن علي
كانون الثاني/ يناير 2011 - هروب الرئيس ين العابدين بن علي إلى السعودية، وعقب الثورة التونسية أشتعلت انتفاضات في دول عربية عدة.
صورة من: picture-alliance/CPA Media
فوز حزب النهضة
تشرين الأول/ أكتوبر 2011 - حزب النهضة الإسلامي المعتدل المحظور في عهد بن علي يفوز بمعظم المقاعد ويشكل ائتلافا مع أحزاب علمانية لوضع دستور جديد.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nasraoui
جدل بشأن علمانية الدولة
أذار/ مارس 2012 - تزايد الاستقطاب بين الإسلاميين والعلمانيين، لا سيما فيما يتعلق بحقوق المرأة مع تعهد حزب النهضة بإبقاء الشريعة الإسلامية خارج الدستور الجديد.
صورة من: DW/S.Mersch
اغتيال شكري بلعيد
شباط / فبراير2013 - اغتيال زعيم المعارضة العلمانية شكري بلعيد مما أثار احتجاجات في الشوارع واستقالة رئيس الوزراء. ومتشددون يشنون هجمات على الشرطة.
صورة من: AFP/Getty Images
تخلي حزب النهضة عن الحكم
كانون الأول/ ديسمبر 2013 النهضة يتخلى عن السلطة بعد احتجاجات حاشدة وإجراء حوار وطني كي تحل محلها حكومة من التكنوقراط.
صورة من: Hassene Dridi/AP Photo/picture alliance
دستور جديد لتونس
كانون الثاني/ يناير 2014 البرلمان يوافق على دستور جديد يكفل الحريات والحقوق الشخصية للأقليات ويقسم السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء.
صورة من: Reuters/Z. Souissi
فوز السبسي
كانون الأول/ ديسمبر 2014 الباجي قائد السبسي يفوز بأول انتخابات رئاسية حرة في تونس. وحزب النهضة ينضم إلى الائتلاف الحاكم.
صورة من: picture-alliance/dpa/EPA/M. Messara
الإرهاب يضرب تونس
آذار/ مارس 2015 هجمات لتنظيم "داعش" على متحف باردو في تونس تسفر عن سقوط 22 قتيلا. ومسلح يقتل 38 شخصا في منتجع ساحلي في سوسة في يونيو حزيران. ودمرت الهجمات قطاع السياحة الحيوي وأعقبها تفجير انتحاري في نوفمبر أسفر عن مقتل 12 جنديا.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Belaid
مواجهة الإرهاب
آذار/ مارس 2016 الجيش يحول الموقف لصالحه في المواجهة مع تهديد المتشددين بهزيمة العشرات من مقاتلي تنظيم "داعش" الذين اقتحموا بلدة جنوبية عبر الحدود الليبية.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Nasri
العجز التجاري يرتفع
كانون الأول/ ديسمبر 2017 الاقتصاد يقترب من نقطة الأزمة مع ارتفاع العجز التجاري وهبوط قيمة العملة وخروج احتجاجات إلى الشوارع.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
قيس سعيد رئيسا لتونس
تشرين الأول/ أكتوبر 2019 - الناخبون يبدون استياءهم من الأحزاب الكبرى وينتخبون في البداية برلمانا منقسما بقوة ثم ينتخبون بعد ذلك السياسي المستقل قيس سعيد رئيسا للبلاد.
صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS/SOPA Images/J. Wassim
فضيحة فساد
كانون الثاني/ يناير 2020 - بعد أشهر من المحاولات الفاشلة لتشكيل الحكومة أصبح إلياس الفخفاخ رئيسا للوزراء لكنه أُجبر على الاستقالة في غضون أشهر بسبب فضيحة فساد.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
سعيد المشيشي رئيسا للوزراء
آب/ أغسطس 2020 - سعيد يعين هشام المشيشي رئيسا للوزراء. وسرعان ما يختلف مع الرئيس وتواجه حكومته الهشة أزمة تلو الأخرى مع مواجهتها صعوبة في التصدي لجائحة كورونا والحاجة للقيام بإصلاحات عاجلة.
صورة من: Slim Abid/AP Photo/picture alliance
الاحتجاجات متواصلة
كانون الثاني/ يناير 2021 - بعد عشر سنوات على الثورة احتجاجات جديدة تجتاح المدن التونسية ردا على اتهامات للشرطة بممارسة العنف، وبعد أن دمرت الجائحة اقتصادا ضعيفا بالفعل.
صورة من: Yassine Mahjoub/imago images
إقالة الحكومة وتجميد البرلمان
تموز/ يوليو 2021 - سعيد يقيل الحكومة ويجمد البرلمان ويقول إنه سيحكم إلى جانب رئيس وزراء جديد مشيرا إلى المادة 80 من الدستور وهو ما رفضه حزب النهضة وأحزاب أخرى في البرلمان بوصفه انقلابا. بينما يعتبر الرئيس سعيّد أنه "استجاب لإرادة الشعب".
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
احتجاجات ودعوات للعودة إلى المسار الديمقراطي
يوم 18 سبتمبر أيلول 2021 تظاهر في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس مئات النشطاء من المجتمع المدني وأحزاب المعارضة ونواب من البرلمان الذي جمده الرئيس قيس سعيد، ورفعوا شعارات تطالب بالعودة إلى المسار الديمقراطي، وتحذر من الخروج عن دستور 2014 ومن مخاطر الانقلاب على الديمقراطية في البلاد. وفي نفس الشارع الذي يطلق عليه "شارع الثورة"، تظاهر بالمقابل مئات من المؤدين للرئيس سعيد.
صورة من: Riadh Dridi/AP/dpa/picture alliance
الرئيس سعيّد يعلق العمل بمعظم فصول الدستور
في 22 سبتمبر أيلول 2021 أصدر الرئيس التونسي قرارا بإلغاء العمل بأغلب فصول الدستور الخاصة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية وتكليف لجنة لإعداد تعديلات أساسية. الرئاسة التونسية أعلنت استمرار تجميد البرلمان، فيما رفض حزب النهضة الإسلامي وأحزاب أخرى ليبرالية الخطوات التي أعلن عنها سعيد ووصفوها بأنها "تخرج" عن الدستور الذي تمت المصادقة عليه سنة 2014 باجماع القوى السياسية في البلاد.
صورة من: picture-alliance/AA/N. Talel
الإعلان عن خارطة طريق للبلاد
بعد سلسلسة تغييرات سياسية ومؤسساتية أحدثها سعيّد، ووصفها طيف من خصومه بـ "الإنقلاب”. في 14 ديسمبر/ كانون الأول أعلن سعيّد عن مجموعة من الإجراءات الجديدة التي تمثل خارطة طريق سياسية للبلاد لمدة عام مقبل، تشمل استمرار تجميد البرلمان إلى حين تنظيم انتخابات جديدة في البلاد، والاستفتاء على دستور جديد، الذي اختار له تاريخ 25 يوليو/ تموز 2022.
صورة من: Monasse Th/Andia/imago images
حلّ البرلمان واحتجاجات في الشارع
في مارس آذار، تحدى غالبية النواب سعيد عبر عقد جلسة افتراضية رفضا لتحركاته. إثرها، حلّ الرئيس البرلمان - وهي خطوة أخرى قال خبراء في القانون إنها تفتقر إلى الأساس الدستوري. وطالب سعيد بالتحقيق مع النواب الذين شاركوا في الاجتماع عبر الإنترنت، متهما إياهم بالانقلاب. رغم عدم رضاء معظم التونسيين على أداء البرلمان المنحل، شهدت شوارع تونس احتجاجات على قرارات الرئيس.
صورة من: Hassene Dridi/AP/dpa/picture alliance
إحكام القبضة على القضاء
بعد اعتراضات قضائية على بعض تصرفاته، منح سعيد لنفسه السلطة النهائية على القضاة وأقدم على حل المجلس الاعلى للقضاء وهو الجهاز الذي تأسس في العام 2016 و يعنى باستقلالية القضاء في البلاد، معتبرا أن المجلس "أصبح من الماضي"، ووجه سعيّد إلى أعضاء المجلس الأعلى للقضاء المنحل، اتهامات بالفساد والعمل وفقاً لولاءات سياسية وعزل العشرات منهم. في خطوة مثيرة عززت المخاوف بشأن استقلال القضاء وأججت غضب معارضيه.
صورة من: Yassine Gaidi/AA/picture alliance / AA
تنديد داخلي وانتقادات دولية
قرارات سعيّد بإقالة عشرات القضاة أثار تنديداً داخلياً واسعاً وانتقادات دولية. فقد شهدت تونس احتجاجات واسعة شارك فيها قضاة رافضين قرار حل المجلس الأعلى للقضاء. من جهتها وصفت جمعية القضاة التونسيين القرار بـ "المذبحة". كما حذرت الخارجية الأمريكية من أن مراسيم الرئيس التونسي تقوض المؤسسات الديمقراطية في البلاد، ودعت إلى "عملية إصلاح شفافة تشرك الجميع" موقف عبر عنه أيضا الإتحاد الأوروبي.
صورة من: Hasan Mrad/ZUMAPRESS/picture alliance
"دولة مهددة بالإقلاس"
حذرت تقارير صندوق النقد والبنك العالمي من مخاطر "إفلاس" التونسية. ويجري صندوق النقد مفاوضات مع تونس ودعاها إلى إصلاحات بنيوية لمعالجة "اختلالات عميقة في الاقتصاد الكلي، ونمو ضعيف للغاية رغم إمكاناتها القوية، ومعدل بطالة مرتفع للغاية، واستثمار ضعيف للغاية، وتفاوتات اجتماعية"، يضاف إليها تأثير الحرب في أوكرانيا وجائحة كورونا. مركزية اتحاد الشغل النافذة رفضت عددا من الإجراءات وبدأت سلسلة إضرابات.
صورة من: PanoramiC/IMAGO
مسودة دستور جديد
في نهاية يونيو /حزيران، نشر الرئيس سعيّد مسودة دستور جديد سيطرحه للاستفتاء في 25 يوليو/ تموز الجاري، سيضفي به طابعا رسميا على السلطات الواسعة التي استحوذ عليها خلال الأشهر السابقة ويقلص دور البرلمان. الدستور الجديد من شأنه أن يوسع صلاحيات الرئيس سعيّد صلاحيات. لكن عددا من الأحزاب السياسية تعارض خطواته والاتحاد العام للشغل ذي النفوذ الكبير يدعو إلى إضرابات بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
صورة من: Hassene Dridi/AP Photo/picture alliance
25 يوليو ..تاريخ حاسم في تونس
باختياره لتاريخ 25 (يوليو/ تموز) كموعد للاستفتاء على دستور جديد، يسعى سعيّد لتوظيف رمزيته الخاصة في تاريخ تونس، إذ يؤرخ لإعلان قيام الجمهورية على أنقاض نظام البايات الملكي في البلاد بعد عام واحد من استقلالها عن فرنسا. ورغم انتقادات المعارضة والمجتمع المدني، أقدم سعيّد على تنظيم استفتاء حول مشروع دستور جديد يمنح صلاحيات واسعة للرئيس وقد يعيد البلاد إلى نظام سلطوي شبيه بما كان قائمًا قبل عام 2011.
صورة من: Hasan Mrad/IMAGESLIVE via ZUMA Press Wire/picture alliance