مصر ـ مرشحة تجوب شوارع القاهرة بدراجة وتتحول لـ"ترند"
٢٥ نوفمبر ٢٠٢٥
على دراجة صغيرة، جابت المرشحة للبرلمان المصري مونيكا مجدي (34 عاماً)، شوارع دائرتها شبرا وروض الفرج وبولاق أبو العلا، مخاطبة الناس بميكروفون: "أنا مونيكا مجدي، رمز الأسد، رقم 2، موجودة عشانكم، وعلشان أكون صوت الحق".
تحولت مونيكا، إلى "ترند" منصات التواصل الاجتماعية المُختلفة في مصر خلال الأيام الأخيرة، وأصبحت مشاهدها ولقطاتها المصورة مع المواطنين حديث الجميع، حتى تجاوز أحد فيديوهاتها حاجز ثلاثة ملايين مشاهدة على "فيسبوك"، لينطلق معها لقب "مرشحة البسكلتة".
أسلوب غير تقليدي وسط جدل انتخابي
الأسلوب غير التقليدي الذي اتبعته مونيكا، مرشحة حزب "الإصلاح والنهضة"، جعلها محل اهتمام الناس تزامنًا مع حالة الجدل المُصاحبة للانتخابات في أعقاب تجاوزات المرحلة الأولى، فيما ترى خلال حديثها لـ DW، أنها صاحبة رسالة جادة صادقة، بقولها: "أنا لستُ جزءًا من مسرحية هزلية، ومحاربتي للمال السياسي جادة، أنا لها بالمرصاد، وعلينا كشباب التصدي لها".
في نظر مونيكا، فإن تفاعل الناس معها في الشارع وعلى منصات التواصل يعكس رغبتهم في رؤية نموذج سياسي أقرب إليهم، يدرك مشكلاتهم وآمالهم دون تكلَف، ويستمع إلى همومهم ومطالبهم بصدق، لذلك تحمل ميكروفونًا على درجتها ليصل صوتها إلى المارة وقاطني العمارات خلافًا لأساليب الدعاية الأخرى التي تعتمد على شراء الأصوات بالأموال، كما تقول.
لم تسلم الفتاة في الوقت ذاته، من انتقادات البعض فمنهم من اعتبرها ساعيةً إلى صنع "ترند" بلا أي أهداف سياسية حقيقية، وهو ما رفضته، معبرة عن تمسكها بحلمها، والتأكيد أن فكرة "الدراجة" مستوحاة من الرئيس عبد الفتاح السيسي دائم الظهور بها، فضلاً عن اختيارها التواجد بين الناس البسيطة في الشارع وجذب أنظارهم لتوصيل رسالتها.
إبطال الانتخابات في 19 دائرة
أثارت المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية في مصر، والتي أُجريت بالداخل يومي (10 و11 نوفمبر/ تشرين الثاني) الجاري، في 14 محافظة من أصل "27"، من بينها الجيزة والإسكندرية، موجة من الجدل بسبب تجاوزاتها التي دفعت رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، لإصدار بيان رسمي شدد خلاله على سرعة "التدقيق التام" في الطعون المقدمة بشأنها واتخاذ "القرارات التي تُرضى الله، وتكشف بكل أمانة عن إرادة الناخبين الحقيقية"؛ حتى تأتي الانتخابات بـ "ممثلين فعليين عن شعب مصر تحت قبة البرلمان".
السيسي أعطى ضوءًا اخضر للهيئة الوطنية للانتخابات لاتخاذ القرار المناسب عند تعذر الوصول إلى إرادة الناخبين الحقيقية "سواء بالإلغاء الكامل للمرحلة الأولى للانتخابات، أو إلغائها جزئيا في دائرة أو أكثر من دائرة انتخابية"، مشددًا على أهمية الإعلان عن الإجراءات المتخذة ضد مخالفات الدعاية الانتخابية، لضمان عدم تكرار التجاوزات في الجولات الانتخابية الباقية.
لم تمر 24 ساعة على بيان الرئيس السيسي، حتى أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات في بيان رسمي صادر عنها في (18 نوفمبر/ تشرين الثاني) الجاري، إبطال وإلغاء 19 دائرة انتخابية على المقاعد الفردية في نصف محافظات المرحل الأولى، وتحديد موعد آخر لإجرائها.
خاضت مجدي المنافسة بشعار "الأسد" رمز القوة والشجاعة والمواجهة - كما تقول لـ DW - ضد ثلاثة مرشحين آخرين في دائرتها، وتشدد على أن "المال السياسي" لا يزال حاضرًا بقوة.
وبحسب المرشحة الشابة لن يتوقف استخدام "المال السياسي" طالما لا يتم التصدي له بحزم، حيث ظهرت صوره واضحةً في دعاية المرحلة الثانية والتي وصل فيها شراء الصوت الواحد - وفق ما رصدته مجدي - إلى مبلغ 400 جنيهًا و500 جنيهًا مصريًا، وهو أمر مُنتشر في دائرة شبرا وروض الفرج، وفق قولها.
تعتبر مونيكا، انتشار لجان توعية في الشوارع تحت مسمى "اعرف لجنتك" ليس الغرض منه توعية المواطنين، بل جمع بياناتهم من مندوبي مرشحين بعينهم؛ لاستخدامها في توجيه الأصوات دون رقيب، بجانب استغلال حاجة المواطنين بتوزيع "أكياس" المساعدات الغذائية عليهم، وهو ما يدفعها لمحاولة الحديث عنه "دون خوف" والسعي لتوعية الناس في الشوارع دون ملل. ولم يتم التأكد من هذه الاتهامات من مصادر أخرى مستقلة.
في المقابل، تُشدد الهيئة الوطنية للانتخابات، في بيان جديد على لسان رئيسها المستشار حازم بدوي، على أن "أي إخلال بالضوابط، حتى لو وقع في لجنة فرعية واحدة، سيؤدي إلى إلغاء نتائج الدائرة بالكامل"، وأنها لن تسمح بوجود أي نائب لم يأتِ بإرادة الناخبين وستعمل على تطبيق القانون بكل صرامة.
13 محافظة في انتخابات المرحلة الثانية بينها القاهرة
انتخابات المرحلة الثانية جرت في 13 محافظة يومي 24 و25 نوفمبر/ تشرين الثاني، من بينها العاصمة القاهرة، والغربية وشمال سيناء، حيث تنافس الناخبون على أصوات 35 مليون ناخب يتوزعون على 73 دائرة انتخابية تضم 5287 لجنة اقتراع فرعية، فيما بلغ عدد المرشحين الذين خاضوا غمار المنافسة بالنظام الفردي في هذه المرحلة 1316 مرشحًا، تنافسوا على 141 مقعدًا فرديًا بالإضافة إلى قائمة واحدة على قطاعي الانتخاب بنظام القوائم.
وخلال إجراء مونيكا مقابلتها مع DW، وقف مجموعة من المواطنين رفقتها أمام مقر حملتها الانتخابية، حيث عبَر أحدهم، إبراهيم عيد (57 عاماً)، عن إعجابه بالمرشحة الشابة، مؤكدًا عزمه انتخابها؛ كونها صادقة ومجتهدة في توصيل رسالتها إلى الناس بعكس مرشحين آخرين.
فيما يقول الشاب محمد عبد المنعم (33 عامًا)، إنه لا يعرف مونيكا بشكل شخصي، وسيحرص على إعطائها صوته، لأنها نموذج من المرشحين لم يره المواطنين منذ سنوات، وهو ما لمسه في إصرارها وحرصها على توعية الناس والحديث معهم، بجانب ما تحمله من طموحات لأهل الدائرة.
"أنا لست كومبارسًا.. أنا نائبة الشارع"
مجدي وصفت برنامجها بـ "البسيط والصادق"، معربة عن أملها في خدمة أهالي دائرتها وإجراء إصلاحات تشريعية تحت قبة البرلمان، وخدمية في ملفات: التعليم الفني، والمعاشات بكل جوانبها، والعمالة غير المنتظمة، والتعليم والصحة، حيث تراها أكثر الملفات حاجة إلى التطوير، ولأنها تمس احتياجات المواطنين اليومية.
وختمت الفتاة حديثها برسالة تعكس حجم الرهان الذي تضعه على تجربتها بالقول: "أنا لست كومبارسًا. لديَ رسالة، وقد نجحت في توصيلها بما فعلته خلال الأيام الماضية، أتمنى أن أكون نائبة الشارع، وقومت بجهد ملموس في وعي الناس بشبرا.. حرام أن يستمر المال السياسي وأن يهدر كل ما بذلته!".
تحرير: ع.ج.م