1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"مرصد الأزهر" مواجهة للتطرف، هل تنجح بدون التجديد الديني؟

١٥ يناير ٢٠١٧

بينما تبث الجماعات الإرهابية أفكارها لتجنيد الشباب شرقا وغربا حشدت مؤسسة الأزهر شبابها الدارسين بالخارج للتصدي لتلك الأفكار بوسائل منها بوابة بـ8 لغات. DW عربية تلقي الضوء على حرب الأزهر الإلكترونية ضد الفكر المتطرف.

Ägypten Al-Azhar Observer Screenshot
صورة من: Al-Azhar Observer

"مواجهة الفكر بالفكر" شعار رفعته مؤسسة الأزهر في مصر عبر موقع إلكتروني يحمل اسم "مرصد الأزهر"، ويعمل على متابعة ورصد ما تصدره الجماعات الإرهابية والمتطرفة حول العالم من مقالات وفتاوى وفيديوهات، والرد عليها لمواجهة انتشار الأفكار التي تسيء للإسلام وتخدع آخرين فينضموا لتلك الجماعات.

"المرصد هو إدارة حديثة داخل الأزهر الشريف افتتحت في مايو/ أيار 2015، ويعمل بـ8 لغات ستصبح 11 لغة بعد شهرين، وهدفه رصد كل ما تبثه الجماعات المتطرفة من أفكار وكل ما يُكتب عن الإسلام والمسلمين بجميع اللغات"، يقول الدكتور محمد عبدالفضيل، منسق عام ورئيس مرصد الأزهر ومشرف الوحدة الألمانية.

ويوضح عبدالفضيل، الذي حصل على الدكتوراه من جامعة مونستر الألمانية، أن من أهداف المرصد أيضا "خلق سلسلة من التواصل بين المؤسسة الدينية (الأزهر) وبين العالم الخارجي" وبالتالي كل ما يتم رصده يتم ترجمته وتحليله ثم كتابة مقالات وتقارير وإحصائيات عنه أو إنتاج فيديوهات أو إحصائيات إنفوغرافيك أو فيديوغرافيك، يضيف عبدالفضيل في حواره مع DW عربية.

ويؤكد المنسق العام لمرصد الأزهر أن 60 بالمائة من منشورات المرصد هي باللغة العربية والباقي، أي 40 في المائة، هي باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والفارسية والأردية والصينية ولغات إفريقية.

يعمل عبد الفضيل مع مجموعة من المشرفين الحاصلين على الدكتوراه من الخارج، وباحثين وباحثات يجيدون هذه اللغات وملمين بالسيق الديني الإسلامي، وكذلك مع لجنة شرعية من خريجي كليتي أصول الدين والشريعة والقانون للرد على المسائل الشرعية.

فكرة إحداث المرصد

محمد عبدالفضيل المنسق العام لمرصد الأزهرصورة من: DW/A. Hamdy

وعن نشأة فكرة المرصد، يشرح عبد الفضيل: "خُلقت من عدة أسئلة مثل ما هو الحل الأمثل لمواجهة الفكر المتطرف بالفكر؟ وكيف نواجه الفكر المتطرف الخارجي؟ وكيف نعرف طريقة استقطاب الجماعات المتطرفة للأجانب؟ وكيف يقوم الأزهر بدوره العالمي ويعمق منه؟ وكيف نضع القيادات الدينية في مصر في بؤرة الأحداث؟"

يحدد المرصد ملامح الفكر المتطرف عن طريق إصدارات أصحاب الفكر المتطرف أنفسهم، وكيف يتحدثون عن الإسلام في مجلات كالتي يصدرها تنظيم داعش مثلا، كما أوضح عبد الفضيل :"أنا لا أريد أن أقرأ عن الفكر المتطرف بل أريد قراءة الفكر المتطرف، كيف يتحدث وكيف تفكر تلك الجماعات، ما الأسانيد الشرعية والفكرية والسياسية لأفعالهم".

ويقدم مرصد الأزهر ثلاث نوافذ أساسية لمتابعيه، أولها الموقع الإلكتروني، بالإضافة إلى حسابين على موقعي فيسبوك وتويتر، ويقدم رسائل تتنوع بين مقالات فكرية عميقة للنخبة، ورسائل للشباب، وحملات مثل "دعونا نصحح"، وكانت عبارة عن رسائل قصيرة اقتبست من الفكر المتطرف والرد عليها بـ8 لغات. ففي الصفحة الألمانية للمرصد مثلا تم وضع تعريف لمصطلح"الجهاد" باللغة الألمانية. "المقالات والتقارير والحملات متنوعة، ومنها الموجه للقارئ الأجنبي ومنها الموجه للسياق الاجتماعي البحت البعيد عن السياق الديني العميق، ومنها ما هو موجه للأطفال"، بحسب مدير المرصد.

مرصد الأزهر تم إنشاؤه في مايو/ أيار 2015 وهو يعمل على محاربة الأفكار المتطرفة والإرهابيةصورة من: DW/A. Hamdy

محتوى الموقع باللغة العربية يتم تحديثه يوميًا، فيما ينشر المحتوى على الصفحات باللغات الأجنبية بشكل شبه يومي. ويتابع محتوى صفحة مرصد الأزهر أعداد متوسطة، وقد يصل عدد متابعي بعض منشورات الموقع الالكتروني إلى 20 ألف مشاهدة، ويبرر منسق عام مرصد الأزهر ذلك بأن المنشورات "فكرية بحتة لمواجهة الفكر المتطرف، لذلك يفترض أن يكون الزائر مهتما بالأساس."

بينما ترى عضو هيئة تدريس كلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية، عندليب فهمي، أن وقتا طويلا مضى منذ ظهور المرصد وحتى الآن لم يصل فيه لجمهوره، وهي فترة اعتبرتها ليست بالقليلة. وتوضح الخبيرة الإعلامية المصرية في حوار مع DW عربية: "ليست المشكلة أن أصنع المحتوى بثماني لغات، المشكلة أن يصل المحتوى للجمهور المستهدف."

تعامل "حذر" مع الفكر الشيعي وتعاون مع المسيحيين

وحول تعامل المرصد مع التيارات المذهبية المختلفة، يوضح عبدالفضيل "نتعامل بحساسية شديدة جدًا مع الفكر الشيعي، والتعامل (في هذه الحالة) ديني وفكري بحت غير سياسي بالمرة، ولدينا قسم اللغة الفارسية يتعامل مع إصدارات إيران ودول الجوار. ويوضح عبد الفضيل"حتى الأفكار الدينية التي نرد عليها في الفكر الشيعي نبتعد عنها إذا لمست السياسة لأن العملية عملية معقدة وعملية أمن قومي وخليجي وأمن المسلمين في البقع الشرقية، ونحن مرصد فكري وديني وشرعي بحت".

بعض من إصدارات مرصد الأزهرصورة من: DW/A. Hamdy

ويتعاون المرصد مع المسيحيين "بشكل كبير"، حسب مديره، كما يرد على الفتاوى الصادرة ضد المسيحيين ويصحح المفاهيم، ويدعو أبناء الجاليات المسلمة في الدول الغربية للاندماج في المجتمع واحترام القوانين والدساتير واعتبار المجتمع الذي يعيشون فيه مجتمعهم الأول واحترام اللغة والتحدث بها، "ما دام المجتمع يحترم معتقداتهم وحرية ممارسة شعائرهم."

ويقول عبد الفضيل أن المرصد أقام عدة ندوات ولقاءات وورش عمل بين الشباب المسلم والمسيحي، لقراءة النصوص وتفسيرها لبعضهم البعض، ومن أبرز ما نشر سلسلة مقالات بالألمانية لعبدالفضيل عن "المسيح والمسيحية في الإسلام"، كما نُشر في قسم الردود الشرعية مقال من 3 أجزاء تحت عنوان "مقومات العيش المشترك في الخطاب الإسلامي".

المرصد بين التبعية للسياسة ومهمة التجديد الصعبة

تعريف مصطلح "الجهاد" باللغة الألمانية على موقع مرصد الأزهرصورة من: Al-Azhar Observer

ويتفق خبراء حاورتهم DW عربية حول أهمية تجربة المرصد التابع لمؤسسة الأزهر، لكننهم يختلفون في تقييم مضمونها ومدى قدرته على تقديم خطاب ديني يحمل تجديدا. في حديث لـDW عربية، يقول أحمد بان، الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية: "هناك أزمة متعلقة ببنية الأزهر نفسه، يعني الأزهر كبنية على مستوى الأفراد وعلى مستوى الأفكار وعلى مستوى النظم واللوائح والقوانين هي كلها تصنع بيئة معوقة للتجديد وليس العكس".

من جهتها ترى الخبيرة الإعلامية عندليب فهمي، أن المرصد هو انعكاس لأفكار الأزهر. وتقول: "الأزهر يشبه البيت الكبير الذي يحتوي على كل شيء، يخرج منه آراء متحفظة وأخرى متحررة، البعض قد يؤمن بالأفكار الوهابية والبعض قد يعارضها ، ولا يمكن لشخص أن يصبح شخصية معتدلة دينيًا إلا بتقبل كل الأفكار باختلافها."

وعن مدى استقلالية مرصد الأزهر عن الفكر الوهابي، يشدد مدير المرصد على أن هنالك اختلافا مع الفكر "الداعشي"، مشيرا بأن إحدى إصدارات داعش هاجمت مرصد الأزهر، وهو ما ينفي، في رأيه، ما يقال عن أن الأزهر يتبنى الفكر "الوهابي" أو الأفكار المتطرفة ويروج لها.

بينما يرى أحمد بان أن: "الفكرة ليست في مدى استقلاليته عن الفكر الوهابي، الفكرة في تركيبته، المرصد في النهاية هو مجموعة من الموظفين من داخل الأزهر، أصحاب الفكر التقليدي، وهم في النهاية يحاولون استرضاء السلطة أو هم يتطلعون لتوجهات السلطة كي يسايروها". وبرأي  الباحث المصري، هناك  3 مستويات للخطاب الديني، "الأول رسمي تصدره المؤسسة الدينية الرسمية للأزهر، وستجد في هذا السياق محاولات مثل مرصد الأزهر وغيرها، وهي تبقى مرهونة لتوجهات السلطة وتحاول دائمًا أن تسترضيها ولو على حساب الحق أو على حساب المضامين الرئيسة للدين، وخطاب آخر للمجموعات الحركية التي تسعى لتطويع النصوص أو المعارف الدينية لخدمة الإيدولوجية الخاصة بها، والمقصود هنا الإخوان أو السلفيين أو الجهاديين، ثم خطاب ديني مستقل يسعى بعض المستقلين لإنتاجه لكنه لا يحظى بأي دعم بالرغم من إنه الأكثر اقترابًا من الحقيقة ومن جوهر الدين".

ويرى أحمد بان أن المرصد جهاز حكومي نظرًا لتبعيته للأزهر موضحا أن ميزانية المؤسسة كلها تدفعها الحكومة، كما أكد أن المرصد يصدر آراءً أقرب للبيانات السياسية، "هي بيانات سياسية وليست بيانات علمية تخرج لتفند الأفكار وتفند الخطاب وتفككه وتقدم خطاب آخر وتشتبك مع القضايا الرئيسة التي تشكل بنية الإرهاب". بينما تعارض الخبيرة الإعلامية عندليب فهمي، أن يكون المرصد جهازًا رسميًا تابعًا للحكومة المصرية، بيد أنها ترى أن "ارتباطه بالأزهر يعطيه مصداقية لدى الغرب". لكن أحمد بان يؤكد بأن مهمة تجديد الخطاب الديني أو تجديد حيوية مؤسسة الأزهر ليست منفصلة عن تجديد البيئة العامة في مصر، بمعنى وجود إصلاح سياسي ومؤسسي شامل، حسب تعبيره.

 

أحمد حمدي - القاهرة

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW