1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مرضى أثرياء يبحثون عن كلي بأسعار مناسبة

٣ أغسطس ٢٠١٢

تعرف التجارة بالأعضاء البشرية ازدهارا كبيرا في العالم. وفي غياب القوانين الواضحة والمراقبة الصارمة يصعب الكشف عن الصفقات التجارية بها والتي تتم أحيانا بطرق ملتوية ويستفيد منها الأغنياء على حساب صحة الفقراء.

A photo dated Wednesday, 11 August 2004 of Kidney Sellers Association Chairman, 25-year-old Pakistani Iqbal Zafar (3R) and three other villagers, showing their scars after they each sold a kidney to pay off debts in Sultan Pur, Pakistan. So-called 'low-cost' workers live under Pakistan's rural feudal system and sell a kidney to a middleman for less than 1,400 euros. Afterwards, they often suffer weakness and constipation while daily medical costs of about 3 euros forces them into fresh debt. The kidney trade has become increasingly popular and, attracted by commission, victims often become middlemen for family and friends. Foto:Olivier Matthys/EPA dpa
Organhandel in Pakistan - Arme verkaufen ihre Nierenصورة من: picture-alliance/dpa

" فيرو" طفل يبلغ من العمر 12 عاما ويعيش في قرية صغيرة في الهند، تبعد بثلاث ساعات عن جنوب مدينة دلهي. و لا زالت بعض طقوس العبودية تسود فيها حيث يمكن شراء الأطفال والمتاجرة بهم. وقد بلغت كلفة شراء فيرو حوالي 2500 روبية وهو ما يعادل 38 يورو. ومنذ ذلك الحين وهو يعمل في مصنع يقوم فيه بإلصاق حقائب غوتشي المزيفة، حيث عليه أن يلصق في اليوم الواحد 200 حقيبة وإلا سيكون عرضة للتحذير كفيله. ويصرح فيرو قائلا: " سأصبح غنيا عندما أكبر،سوف أبيع واحدة من كليتي وعندها لن أعود بحاجة للعمل ". والده، الذي لم يره لمدة ثلاث سنوات، فعل أيضا نفس الشيء.

في الأحياء الفقيرة في المدن الكبيرة بالهند تنتشر فكرة بيع الأعضاء حيث يرى فيها الكثيرون إحدى الوسائل للخروج من دائرة الفقر. ويقدر سعر الكلية في السوق السوداء بحوالي 55000 روبية، أي ما يعادل 800 يور. وهو ما يعتبره الكثير من المواطنين الهنود ثروة كبيرة. وعلى الرغم من أن الدولة منعت التجارة بالأعضاء البشرية، ورفعت من مستوى العقوبات بهذا الشأن من سنتين سجنا إلى خمس سنوات، فإن ذلك لم يردع المتاجرين ولم يخيفهم. حيث إن المتاجرة بالأعضاء لازالت تجارة مربحة ولازال خطر الوقوع في يد الشرطة ضئيلا، خاصة وأن المانحين يعلنون أن المتلقي هو مجرد صديق وأن الأموال المدفوعة مقابل ذلك هدية منه لا غير.

سياحة زرع الأعضاء

تختلف أسعار الكلي في العالم من مكان الى آخر، وهذا ما يدفع بالكثير من الباحثين عن الكلي بالقيام بجولة سياحية عبر بعض الدول لاقتناء كلية بثمن مناسب وإجراء العملية الجراحية في عين المكان. وخلال ذلك يتم استغلال فقر المانحين وضعف القوانين الداخلية لتلك الدول. وتبلغ تكلفة الكلية الواحدة في الهند وأفريقيا مثلا حوالي 1000 دولار، و في رومانيا ومولدوفيا حوالي 2700 دولار، أما سعرها في تركيا فيكون بمستوى 10000 دولار. غير أن المستفيدين الحقيقيين في العملية التجارية هم تجار الكلي. ففي االولايات المتحدة تتم صفقة بيع الكلية بمبلغ 30.000 دولار وأحيانا عشرة أضعاف هذه القيمة.

سعر الكلية الواحدة في الهند وإفريقيا لايتعدى 1000يورو.صورة من: picture-alliance/dpa

وكشف خبراء في منظمة الصحة العالمية (WHO) عام 2007 عن إحصاءات تفيد بأن حوالي 5 في المائة من صفقات بيع الأعضاء وعمليات زرعها عبر العالم تتم في السوق السوداء. وهذا يعني أن حوالي 20.000 كلية تباع في العالم سنويا ، علما أن الطلب عليها يزداد بسبب ارتفاع متوسط العمر. وفي ألمانيا وحدها ينتظر حاليا حوالي 8000 مواطن - مصابون بمرض خطير- فرصة الحصول على كلية. وعلى الصعيد الأوروبي يبلغ عدد المنتظرين حوالي 40.000 شخص. وتتحدث الإحصائيات عن حوالي 2850 علمية لزرع للكلى تم إجراؤها سنة 2011 في المانيا بشكل قانوني ورسمي.

مافيا تجارة الأعضاء البشرية

في العدد الجديد من مجلة "دير شبيغل" الألمانية تم في تقرير متابعة عملية زرع كلية، أو بعبارة أخرى كان الحديث عن قصة - من أبطالها تاجر ألماني ومهاجرة روسية – وهي تعرض كيف يستطيع المرضى الأثرياء إطالة عمرهم على حساب الفقراء. "إنها أساليب المافيا "، كما يقول ستيفن فينتر محرر مجلة "دير شبيغل": "إن الطبيب الذي أجرى عملية جراحية في هذه الحالة، ينشط أيضا في العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم، وقد قام ب 4000 عملية لزرع الكلي وهو يوجد الآن على قائمة مذكرة توقيف دولية".

تجارة الأعضاء البشرية التي يتم فيها استغلال آمال بعض الأشخاص تدر مليارات الدولارات على أصحابها. وتصف منظمة "Organs Watch" المتلقي النموذجي للعضو على أنه شخص قد يعيش على سبيل المثال في الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية و أستراليا، ويكون معدل عمره حوالي 48 سنة ، وله دخل سنوي بمستوى 53000 دولار. وأما المانح النموذجي فإنه يعيش في دولة فقيرة مثل الهند والصين ومولدوفيا والبرازيل، ويكون معدل عمره حوالي 28 سنة، وهو ذكر الجنس، وله دخل سنوي بمستوى 480 دولار.

كثير من الجراحين يقومون بعمليات زرع الأعضاء بشكل غير قانوني ويوجدون ضمن لائحات البحث الدولية.صورة من: picture-alliance/dpa

الأطباء الجراحون يجولون عبر جميع أنحاء العالم ويقومون بزرع الأعضاء دون مراقبة. وعندما يتم اكتشافهم، حسب نتائج تقرير مجلة "دير شبيغل"، في مستشفى بجنوب أفريقيا أو بالبرازيل على سبيل المثال ينتقل الجراحون عندها إلى بلد آخر لمواصلة عملهم. في الوقت الحالي تعتبر المستشفيات في قبرص وكازاخستان الأكثر جاذبية.

مواقف مبدئية للمنظمات العالمية

يتضمن قرار منظمة الصحة العالمية WHOرقم SHA63.22من سنة 2010 أحد عشر بندا أساسيا حول شروط التطوع ومجانية التبرع بالأعضاء. قبل ذلك بثلاث سنوات قام 150 خبيرا وممثل حكومي من مختلف أنحاء العالم بإصدار إعلان إسطنبول لمكافحة الاتجار بالأعضاء وسياحة زرع الأعضاء. ويدين المجلس الأوروبي وأيضا الجمعية الطبية العالمية بيع الأعضاء البشرية.

وأما في ألمانيا فإن القانون يعاقب على جرائم زرع الأعضاء والمتاجرة بها بشكل غير قانوني بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات. وهي عقوبة تشمل متلقي العضو أيضا. وتتم المتابعة القانونية حتى وإن تمت عملية الزرع في الخارج. هذا في حين يسمح فقط للمتبرعين الأحياء بمنح أعضائهم وذلك بشكل طوعي وشريطة أن يكون للمتلقي علاقة عائلية أو علاقة عاطفية وثيقة مع المانح. وهي شروط تحددها المؤسسة الألمانية لزراعة الأعضاء.

شكل جديد من أشكال الاستغلال

في المستقبل ستكون في جميع أنحاء العالم ، حسب رأي العديد من الخبراء، حاجة ماسة لزيادة عدد المتبرعين، سواء أحياء أم أموات. ولو أخذنا ألمانيا على سبيل المثال فهناك فجوة كبيرة بين العرض والطلب.

ولذلك يطالب فريدريش براير، خبير اقتصادي في مجال الصحة بجامعة كوبلنز الألمانية المشرع بضرورة تقنين وتنظيم سوق تجارة الأعضاء البشرية. عبر في مقابلة مع جريدة "هاندلسبلات"عن اعتقاده أن ذلك هي الطريقة الوحيدة لسد العجز المتزايد في موضوع التبرع بالكلي، مشيرا الى أن تحرير هذا السوق لا يخلق فقط فرص عمل جديدة بل ينقد حياة الكثيرين

غونتر كيرسته من المجلس الطبي التابع للمؤسسة الألمانية لزراعة الأعضاء.صورة من: picture-alliance/dpa

أما غونتر كيرسته من المجلس الطبي التابع للمؤسسة الألمانية لزراعة الأعضاء فإنه يرى الأمر بشكل مختلف ويعتبر: "أن الاتجار بالأعضاء هو ظاهرة خطيرة جدة لاستغلال للفقراء وخاصة في العالم الثالث. وهناك الآلاف من الناس في باكستان أو في الفلبين تبرعوا بكليتهم وهم يعيشون الآن في حالة مزرية وبائسة. "

بالنسبة للفتى الهندي فيرو والذي يلصق حقائب غوتشي المزيفة فإنه لايهتم بهذا الجدل ويقول: "أريد أن أستثمر المال الذي سأحصل عليه في بناء منزل والتوقف عن هذا العمل". الفتى فيرو لا يعلم أن تحقيق هذا الحلم أمر غير واقعي وربما يشكل تهديدا كبيرا على حياته.

هومل بيتر/ أمين بنضريف

مراجعة: عبدالحي العلمي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW