مروجو السياحة التونسية في مهمة شاقة بمعرض برلين الدولي
١٢ مارس ٢٠١٦"صراحة، لا أخطط لقضاء العطلة في تونس هذا العام، ولا حتى في أي بلد آخر في شمال إفريقيا"، تقول كاتارينا، زائرة ألمانية،لوهي تتحدث لـ DW أمام الجناح التونسي في المعرض الدولي للسياحة في برلين. مكتب الخطوط التونسية في الجناح يعرض على كاتارينا المشاركة في لعبة حظ، عسى أن تفوز فيها برحلة مجانية إلى تونس لمدة أسبوع هذا الربيع، لكنها تعتذر عن المشاركة. ليس لأنها لا تؤمن بالحظ، لا، بل لأن تونس ليست وجهة جذابة لها. "شمال إفريقيا هي منطقة تثير الرعب لديَ، كنت أحلم في الماضي، بالسفر إلى مصر أو تونس. أما اليوم، فأفضل قضاء العطلة في البرتغال أو إيطاليا.. أو غيرها من دول جنوب أوروبا".
عملت كاتارينا لمدة 15 عاما في وكالة للأسفار، وهي ترى أن أحداث كولونيا الأخيرة، أثرت على نظرة الألمان عموما، ليس فقط إلى المغاربيين القاطنين في ألمانيا، بل أيضا إلى بلدانهم. "سأكون صريحة، ودعني أقول، ما حدث في كولونيا، و أزمة اللاجئين، هي أمور أثرت على اختياري للوجهات السياحية. ألمانيا امتلأت باللاجئين، لذلك أفضل الذهاب إلى مكان آخر، ألتقي فيه وجوها مختلفة عن تلك الموجودة هنا".
الهاجس الأمني هو الشرط الأول للسياح
هذا الأمر أكده أصحاب نزل ووكالات أسفار تونسيون. قدموا إلى برلين، لإقناع الزبائن الألمان بالوجهة التونسية. بيد أن آمالهم اصطدمت بمخاوف المستثمرين الألمان من الوضع الأمني المتذبذب في تونس. شكيب جمور يملك نزلا في مدينة الحمامات السياحية، وهو متشائم بشأن الوضع السياحي في بلده، إذ أن محادثاته مع وكلاء ألمان لم تكن إيجابية، كما كان يصبو. "أخبروني (أي وكالات الأسفار الألمانية) أن أزمة اللاجئين، والمشاكل المترتبة عنها في ألمانيا، أثرت بدورها على الإنطباع العام للسائح الألماني، الألمان يفضلون الآن وجهات أخرى غير شمال افريقيا".
يقتات من قطاع السياحة في تونس، حوالي مليون شخص، بصفة مباشرة وغير مباشرة. كما أن إيرادات السياحة تمثل لخزينة الدولة دخلا هاما للعملات الصعبة، ومن جهة أخرى، يساهم ملايين السياح في إنعاش الدورة الإقتصادية. بيد أن الهجمات الإرهابية التي شهدتها تونس العام الماضي، على متحف باردو وعلى منتجع سياحي في سوسة، كانت بمثابة الضربة التي قصمت ظهر السياحة التونسية. 40 بالمائة من الحجوزات ألغيت بعد الهجوم المسلح في منتجع سوسة، الذي أوقع 40 قتيلا، أغلبهم من السياح البريطانيين، ما دفع بريطانيا وبلجيكا إلى حظر سفر مواطنيها إلى تونس، إلى اليوم.
"لا أتوقع انفراجا في أزمة السياحة، بل بالعكس ستتفاقم أكثر من العام الماضي"، يقول شكيب جمور، ويضيف في حديثه لـDW: "لدينا مؤشرات تشير إلى أننا سنخسر 60 بالمائة من الحجوزات".
ورغم تحسن الوضع الأمني في تونس، إلا أن أحداث بنقردان الأخيرة، في الجنوب التونسي، زادت من انشغال المستثمرين الألمان والتونسيين على السواء، خاصة بسبب القرب الجغرافي للمنطقة من جزيرة جربة، أحد الوجهات المفضلة للألمان. ويضيف جمور قائلا: "نستطيع أن نصمد عاما آخر، لكن شريطة أن تقضي الدولة نهائيا على خطر الإرهاب، فبدون أمن، لن نستطيع جذب السياح، حتى ولو خفضنا الأسعار".
هل ينقذ الروس والجزائريون السياحة التونسية؟
في المقابل، أبدى عبد اللطيف همام، مدير ديوان السياحة التونسي، تفاؤله بتحسن الموسم السياحي، ويقول في حديثه لـDW: "لقد تعلمنا درسا مما جرى العام الماضي، قمنا بإجراءات أمنية صارمة مثل تجهيز كافة النزل بكاميرات مراقبة وزدنا في أعداد رجال الأمن بالزي المدني. قمنا بإغلاق نزل، لم تلتزم بهذه الإجراءات الصارمة".
ويرى همام أن استراتيجية وزارة السياحة التونسية، لإنعاش السياحة، تكمن أساسا في "تخفيض أسعار الحجوزات، والتركيز على رحلات "الشارتر والدقيقة الأخيرة، لدينا أمل في عودة تونس كوجهة مفضلة، لأن بلدنا معروف بحفاوة شعبه و جمال طبيعته".
كما تسعى تونس من خلال مشاركتها في معرض برلين للسياحة الدولية من تغيير سمعة السياحة التونسية، التي تضررت بسبب الإرهاب، ويعول همام في ذلك، على أن الإرهاب بات خطرا يهدد العالم بأسره من تركيا إلى فرنسا، وليس هناك دولة بمأمن منه.
من جهة أخرى، تراهن تونس على توتر العلاقات التركية الروسية الأخيرة، على خلفية التداعيات التي أعقبت إسقاط أنقرة لطائرة روسية. أمر قد تستفيد منه السياحة التونسية، وهذا ما يعمل همام عليه في الوقت الراهن. "هناك أكثر من ثلاث ملايين روسي، سيغيرون الوجهة التركية، وعلينا أن نستفيد من ذلك".
استقطبت تونس في العام الماضي، مليونا ونصف سائح جزائري، وهذا ما يعتبره شكيب جمور "الخطة بـ" للسياحة التونسية، لكن أيضا لا بد من التشجيع على السياحة الداخلية، حسب رأيه. ويضيف أن نجاح ذلك يرتبط بمدى قدرة تونس على رفع التحدي الأمني واستقرار الوضع في جارتها ليبيا. وإلا فإن أعواما فاترة تنتظر تونس واقتصادها.