"مريض لندن".. ثاني حالة شفاء من فيروس الإيدز في العالم
١١ مارس ٢٠٢٠
في بارقة أمل لمرضى الإيدز حول العالم أعلن فريق طبي بريطاني تمكنه من شفاء مصاب بفيروس الإيدز إثر خضوعه لعملية زرع خلايا جذعية، في حالة هي الثانية بعد مرور نحو 10 سنوات على شفاء "مريض برلين".
إعلان
أعلنت مجموعة من الأطباء الثلاثاء شفاء مريض مصاب بفيروس الإيدز بعد خضوعه لعملية زرع خلايا جذعية، ما يجعله ثاني حالة في العالم تشفى من هذا المرض، بعد مرور نحو عشر سنوات على الحالة الأولى.
ولم يظهر لدى المريض الحالي الذي سُمي "مريض لندن"، أي مؤشر إلى وجود الفيروسمنذ 30 شهراً على الرغم من وقف العلاج، وذلك وفقاً للنتائج التي نشرت في مجلة "ذي لانسيت إيتش آي في".
وكان الأستاذ في جامعة كامبريدج رافيندرا غوبتا قد أعلن في آذار/مارس 2019 أن "مريض لندن" الذي أُصيب بفيروس الإيدز عام 2003 في طور الشفاء منه، وأنه لم يظهر أي علامة عن إصابته بالفيروس منذ 18 شهراً.
بعد مرور عام، اتخذ فريقه هذه الخطوة، وأشار إلى أن "النتائج بيّنت شفاء المريض من الإيدز"، وذلك بعد اختيار عيّنات من دمه وأنسجته والحيوانات المنوية.
وقال البروفسور غوبتا لوكالة فرانس برس: "لقد اختبرنا عدداً كبيراً من الأماكن التي يختبئ فيها الفيروس، وتبيّن أن كلّها سلبية"، ما يعني أن الفيروس لم يعد نشطاً.
وتابع "من الصعب تخيّل أنه تمّ القضاء على الفيروس الذي يصيب مليارات الخلايا، بالكامل".
وخضع "مريض لندن" لعملية زرع نخاع العظام لمعالجة إصابته بسرطان الدم، وحصل على الخلايا الجذعية من متبرّعين يحملون تحولاً جينياً نادراً يمنع فيروس الإيدز من النمو، تماماً كما حصل مع "مريض برلين" الأميركي تيموثي راي براون الذي أُعلن عن شفائه في 2011.
وكان بقاء حالة شفاء "مريض برلين" يتيمة لأكثر من 10 سنوات دفع البعض إلى الاعتقاد بأنها كانت محض صدفة.
وفي هذا السياق يقول الباحثون: "تظهر نتائجنا بأن نجاح زرع الخلايا الجذعية كعلاج لفيروس الإيدز أمر يمكن تكراره". بدوره علّق البروفسور غوبتا بالقول: "لقد تلقى مرضى آخرون علاجاً مشابهاً، لكن أحداً لم يدخل في طور الشفاء بعد (...) الأمر يتطلّب بعض الوقت".
وقرّر "مريض لندن" الكشف عن هويته هذا الأسبوع في مقابلة مع نيويورك تايمز. وقال آدم كاستييخو (40 عاماً) الذي نشأ في كراكاس في فنزويلا: "أود أن أكون سفيراً للأمل".
ويدرك الباحثون أن طريقتهم ليست الحلّ لملايين الأشخاص المصابين بالفيروس حول العالم في الوقت الراهن، والذي يتحكّمون به من خلال مضادات للفيروسات العكوسة. وأكد البروفسور غوبتا أن الإجراء المستخدم مع المريضين اللذين شفيا ثقيل ومحفوف بالمخاطر، فضلاً عن أنه يطرح "مسائل أخلاقية". وأضاف "يجب أن نوازن بين معدّل الوفيات الذي يصل إلى 10 بالمئة في عملية زرع الخلايا الجذعية وخطر الموت في حال لم نقم بأي شيء".
إلى ذلك، علّق الأستاذ في جامعة كارديف أندرو فريدمان بأن "هذه النتيجة مهمّة لتطوير استراتيجيات للعلاج يمكن تطبيقها على نطاق واسع".
في المقابل، يبدو بعض العلماء الآخرين أكثر حذراً. وقالت شارون لوين من جامعة ملبورن "هل مريض لندن شفي فعلاً؟ لا شكّ أن البيانات مثيرة ومشجّعة، لكن في النهاية الوقت وحده كفيل بتأكيد النتيجة".
وتابعت بأن الأمر يتطلّب "شفاء عدد أكبر من المرضى المصابين بفيروس الإيدز لتقييم مدى احتمال معاودة الفيروس لاحقاً".
وفي هذا السياق، سيخضع "مريض لندن" لاختبارات بشكل منتظم لمراقبة احتمال ظهور الفيروس مجدداً.
قدمت الأمم المتحدة إحصائيات جديدة عن الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب المسبب للإيدز، الذي بات أحد أمراض عصرنا. إليك معلومات وحقائق عن هذا المرض:
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Pleul
ما الفرق بين فيروس نقص المناعة المكتسب والإيدز؟
يدل الرمز HIV على فيروس نقص المناعة المكتسب، الذي يدمر خلايا معينة من الجهاز المناعي. بدون علاجه يمكن لمسببات الأمراض مثل البكتيريا والفطريات أو الفيروسات مهاجمة الجسم. فيُصاب بالأمراض المختلفة كالالتهاب الرئوي الحاد. وهنا يصبح الإنسان مريضاً بالإيدز. لا يموت المريض بإصابته بفيروس نقص المناعة المكتسبة، لكن بسبب أحد هذه الأمراض التي لم يعد الجسم قادراً على مقاومتها.
صورة من: picture-alliance/Photoshot/B. Coleman
متى شُخصت الإصابة الأولى؟
رغم الكثير من التكهنات والنظريات عن تاريخ المرض، وبعضها لا يخلو من نظرية المؤامرة، فقد تم تشخيص أولى حالات الإصابة بالإيدز في الخامس من حزيران/ يونيو 1981 عندما اكتشفت وكالة مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها عدداً من حالات الإصابة بالالتهاب الرئوي بالمتكيسة الجؤجؤية لدى خمسة رجال من المثليين في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/C. Goldsmith
هل ما زال المرض قاتلاً؟
في الثمانينات لم يكن هناك أي أدوية لعلاج العدوى بفيروس نقص المناعة المكتسب، فقد كانت الإصابة به تعني عملياً الإصابة بالإيدز، وكان تشخيص "فيروس نقص المناعة المكتسب" معادلاً لـ "الحكم بالموت". عمَّ حينها الخوف من وباء حقيقي. وفي منتصف التسعينات ظهرت أولى الأدوية في السوق، والتي يمكن أن تبطئ تطور المرض على الأقل رغم آثارها الجانبية الخطيرة.
صورة من: Getty Images/T.Weidman
ما حجم خطر العدوى؟
الفيروسات هي المسؤولة عن العديد من الأمراض المعدية لدى الإنسان، بعض الفيروسات كفيروسات الإنفلونزا يمكنها أن تنتقل بسرعة كبيرة نسبياً، ويكفي أحياناً التعرض لسعال الآخرين في الباص مثلاً لانتقال العدوى. لكن انتقال فيروس HIV أكثر صعوبة، إذ لا ينتقل بالتقبيل أو السعال أو استخدام المرحاض ذاته مع مصاب.
كيف تحصل العدوى؟
لا يداهم خطر الإصابة بالفيروس إلا عندما تدخل سوائل الجسم المحتوية على كمية كبيرة من الفيروسات إلى جسم شخص آخر. ويحدث ذلك تقريباً في حالات ثلاث: ممارسة الجنس، وبالحقن الملوثة بدم المصابين عند تعاطي المخدرات مثلاً، وأثناء الحمل والولادة أو الرضاعة الطبيعية من الأم الحاملة للفيروس.
صورة من: picture-alliance/dpa
هل يمكن الشفاء منه؟
فيروس نقص المناعة المكتسبة ما يزال غير قابل للشفاء، لكنه قابل للعلاج. هناك أدوية فعالة تحدد من نشاط هذا الفيروس في الجسم وبالتالي تمنع ظهور الإيدز. هذه الأدوية لها أيضاً آثار جانبية أقل من سابقاتها، لذلك يمكن للأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة اليوم أن يعيشوا حياة طبيعية بمتوسط العمر المتوقع. لكن يبقى من المهم الكشف عن العدوى والمعالجة بالدواء في الوقت المناسب.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/D. Farrell
كيف تؤدي الإصابة إلى الوفاة؟
هنا تكمن المشكلة، إذ ما يزال هناك العديد من الأشخاص المصابين في العالم الذين لا يتلقون أي دواء. وبدون المعالجة يؤدي فيروس نقص المناعة المكتسب في النهاية إلى الوفاة. ما تزال هناك العديد من الإصابات التي لم يتم التعرف عليها بعد، سواء كان ذلك بسبب عدم ذهاب الشخص إلى الطبيب أو بسبب عدم تفسير الأعراض بشكل صحيح أو بسبب عدم وجود طبيب.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Tabassum
الحاجة لمزيد من التوعية
... من جانب آخر ما تزال حكومات بعض دول العالم وأنظمتها تقلل من مشكلة الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب والإيدز أو تغلفها بصمت مطبق لأسباب سياسية أو أيديولوجية أو دينية أو أخلاقية، لتحرم المصابين من فرصة الحصول على العلاج.
صورة من: Getty Images/T.Weidman
كم عدد المصابين بالفيروس حول العالم؟
كشفت الأمم المتحدة الثلاثاء (16 تموز/ يوليو 2019) أنه في العام الماضي توفي عدد أقل من الناس حول العالم بسبب الإيدز فقد وصل عددهم إلى 770 ألف شخص، أي بما نسبته 33 بالمائة مقارنة بـ 2017. أما عدد الإصابات خلال العام ذاته فقد بلغ 1.7 مليون شخص، 240 ألف منهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما أوضحت أن المزيد من المصابين باتوا يحصلون على العلاجات المناسبة.