مزيد من الحزم والتشدد .. ترحيل لاجئين من ألمانيا إلى العراق
عارف جابو ARD، تسايت، د ب أ
٢٢ يوليو ٢٠٢٥
تماشيا مع سياستها بالتشدد والحزم في ترحيل اللاجئين، قامت ألمانيا بترحيل عراقيين إلى بلدهم رغم الوضع الأمني المتوتر هناك. وتواجه عمليات الترحيل خصوصا لأفغانستان وكذلك الحديث عن إمكانية الترحيل إلى سوريا انتقادات شديدة.
تم ترحيل لاجئين عراقيين من ألمانيا عبر مطار لايبزيغ وسط إجراءات أمنية مشددةصورة من: Hendrik Schmidt/dpa/picture alliance
إعلان
خلال أقل من أسبوع قامت السلطات الألمانية بترحيل لاجئين آخرين إلى بلادهم. فبعد ترحيل لاجئين أفغان يوم الجمعة (18 تموز/ يوليو)، أقلعت طائرة من مطار لايبزيغ في شرقي ألمانيا إلى العاصمة العراقية بغداد صباح اليوم الثلاثاء (22 تموز/ يوليو)، وعلى متنها لاجئون عراقيون ملزمون بمغادرة ألمانيا.
وبحسب ما أشارت إليه وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، ووفقا لبيانات موقع "فلايت رادار 24"، أقلعت الطائرة في تمام الساعة 10.52 صباحا من لايبزيغ متوجهة إلى بغداد. ونقلت (د ب أ) عن أحد مصوريها، قوله إن الشرطة تولت إتمام إجراءات الرحلة.
وتم نقل الركاب إلى الطائرة في حافلات صغيرة تابعة للشرطة وحافلتين أكبر حجما، تابعتين للمطار. ورافق أفراد من الشرطة المرحلين فرادى إلى سلم الطائرة. ولم تدلِ وزارة الداخلية بأي تصريحات رسمية عن المرحلين إلى بغداد وعددهم على متن الطائرة.
وكانت ألمانيا قد سيرت يوم الجمعة الماضي رحلة جوية إلى مطار كابول من مطار لايبزيغ أيضا. ووفقا للسلطات، كان على متن الطائرة 81 من "مرتكبي الجرائم" الأفغان. وكانت هذه ثاني رحلة ترحيل إلى أفغانستان منذ تولي طالبان السلطة في أغسطس/آب 2021.
ونقلت القناة الألمانية الأولى (ARD) عن وزير الداخلية، ألكسندر دوبرينت، بشأن المرحلين مؤخرا إلى أفغانستان قوله، إنهم "مجرمون خطرون وبالغو الخطورة" وأضاف بأنه تكمن في مثل هذه الترحيلات "مصلحة مشروعة تماما للمواطنات والمواطنين".
يرافق رجال الشرطة اللاجئين الذين يتم ترحيلهم إلى بلادهم ولاسيما الخطرين منهمصورة من: Michael Kappeler/dpa/pictrue alliance
انتقادات شديدة للترحيل إلى أفغانستان
وبسبب الوضع الصعب في أفغانستان والانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان تحت حكم طالبان، تنتقد المنظمات الحقوقية المدافعة عن حقوق اللاجئين، مثل برو أزول، بشدة عمليات الترحيل إلى أفغانستان. وبما أن ألمانيا لا تقيم علاقات دبلوماسية مع أفغانستان، فقد تم تسيير الرحلة والتسفير إلى كابول بوساطة قطرية.
وكانت عملية الترحيل هذه الأولى في عهد حكومة المستشار فريدريش ميرتس الذي تعهد، كما وزير داخليته، بالتشدد في سياسة اللجوء وبذل أقصى الجهود لترحيل اللاجئين الملزمين بمغادرة ألمانيا، وخاصة هؤلاء المدانين والذي يشكلون خطرا على البلاد وأمن المجتمع.
ووفقا لوزارة الداخلية الاتحادية، رحلت ألمانيا 816 عراقيا العام الماضي. وقد أُرسل بعضهم إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي لاستكمال إجراءات لجوئهم، بينما تم ترحيل 615 شخصا مباشرة إلى العراق. وفي فبراير/ شباط الماضي، رُحل 47 شخصا من مطار هانوفر إلى العراق.
ولا يزال الوضع الأمني في العراق متوترا بعد عقود من الحرب والاضطرابات السياسية. ووفقا للأمم المتحدة، هناك 1,2 مليون نازح داخليا في العراق، وثلاثة ملايين شخص يعتمدون على المساعدات الإنسانية. ولا يستطيع العديد من العائدين تلبية احتياجاتهم الأساسية بمفردهم. وفي استطلاع أجرته المنظمة الدولية للهجرة عام 2023 بين المهاجرين العائدين، أفاد ما يقرب من نصف المشاركين أنهم يعتزمون مغادرة العراق في غضون ستة أشهر.
أول عملية لترحيل لاجئين أفغان من ألمانيا
02:23
This browser does not support the video element.
"ترحيل السوريين ممكن من حيث المبدأ"
وتزامنت عملية الترحيل إلى العراق اليوم مع اجتماع لوزراء داخلية دول الاتحاد الأوروبي في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، ناقشوا فيه سياسة الهجرة والأمن الأوروبية. وتركزت المحادثات على إعادة المرفوضين من طالبي اللجوء ومكافحة الهجرة غير النظامية ومواجهة الجريمة المنظمة والاتجار بالمخدرات.
كما بحث الوزراء في اجتماعهم كيفية تعزيز قدرة الاتحاد الأوروبي على الصمود في وجه أزمات الهجرة، مع التركيز بشكل خاص على تحسين نظام الإعادة الأوروبي. ويتضمن ذلك إمكانية إنشاء مراكز ترحيل خارج حدود الاتحاد الأوروبي لإعادة اللاجئين إلى بلادهم، ومنح وكالة حماية الحدود الأوروبية "فرونتكس" دورا أقوى.
وشارك في الاجتماع وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبرينت أيضا، والذي كان قد دعا بالفعل إلى اتباع نهج أكثر صرامة في سياسة الهجرة خلال اجتماع عقده يوم الجمعة الماضية، مع وزراء داخلية النمسا وفرنسا والدنمارك وبولندا وجمهورية التشيك، وأكد على ضرورة تنفيذ عمليات ترحيل أكثر حزما، حتى إلى سوريا وأفغانستان.
يذكر أن وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول أعرب مؤخرا عن انفتاحه على ترحيل السوريين، الذين ارتكبوا جرائم في ألمانيا، إلى بلدهم. وقال فاديفول لصحيفة "بيلد أم زونتاغ" في عدد الأحد 20 يوليو/ تموز إن هذا الأمر ممكن من حيث المبدأ ويبقى العامل الحاسم هو الوضع الأمني في البلاد. وأكد فاديفول أن الاضطرابات الحالية في المناطق ذات الأغلبية الدرزية مثيرة للقلق. وأضاف: "ندعو الحكومة الانتقالية في سوريا إلى ضمان اندماج جميع الفئات السكانية والدينية في هذا البلد المتنوع"، بحسب ما نقل موقع "تسايت" الألماني.
إعلان
الخضر: التكهن حول الترحيل لسوريا في غير محله
ومن جانبه انتقد حزب الخضر تصريحات فاديفول. وقالت لويزه أمتسبرغ، خبيرة السياسة الخارجية بالكتلة البرلمانية بحزب الخضر، لوكالة فرانس برس إن التصريح بـ"تكهنات حول الترحيل إلى سوريا هو مسألة في غير محلها تماما. ويتجلى ذلك بوضوح في هذه الأيام، حيث تكافح الأقليات السورية من جديد من أجل بقائها" على الحياة.
تحرير: صلاح شرارة
اللاجئون في ألمانيا - من "ثقافة الترحيب" إلى "سياسة الترحيل"
في خريف عام 2015، فتحت ألمانيا أبوابها للآلاف من اللاجئين. وكان تفهم الألمان لمآسي هؤلاء ملفتا جداً. إلا أن أحداثاً عديدة قلبت ثقافة الترحيب إلى مطالب بالترحيل. بالصور: محطات من السياسة الألمانية تجاه اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
بداية الموجة
في 25 آب/ أغسطس 2015، علقت ألمانيا تنفيذ اتفاق دبلن تجاه اللاجئين السوريين. وينص الاتفاق على إعادة اللاجئين إلى بلد دخلوه في الاتحاد الأوروبي. وبعدها بأيام قالت المستشارة ميركل إن التغلب على موجة اللجوء؛ "مهمة وطنية كبيرة"، كما أصرت على أن "ألمانيا ستنجح في هذه المهمة". وخشيةً من مأساة تحل بآلاف اللاجئين، قررت ميركل إلى جانب النمسا استقبال اللاجئين، وكان ذلك في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2015.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
استقبال وترحيب
مثلت ""ثقافة الترحيب" عنصراً مهماً في استقبال اللاجئين في خريف 2015. وقد حظي اللاجئون عند وصولهم إلى عدد من المدن الألمانية بترحيب منقطع النظير من جانب المتطوعين من المواطنين الألمان والأجانب المقيمين في ألمانيا. وبادر هؤلاء المتطوعون إلى تقديم المساعدة المعنوية والمادية للعديد منهم. ففي ميونيخ مثلاً، تم إنشاء مطاعم مؤقتة للاجئين المنتظرين تسجيل أسماءهم لدى الشرطة، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Carstensen
أزمة السكن
عدد كبير من اللاجئين قصد ألمانيا بعد قرار ميركل عام 2015. الأرقام المتزايدة للاجئين شكلت تحديا كبيراً للألمان. وبدأت مدن ألمانية باستعمال المباني الخالية أو المهجورة كمراكز إيواء للاجئين، فيما استدعت السلطات الحكومية المختصة الموظفين المتقاعدين للعمل من جديد في مراكز اللاجئين. ويعتبر هذا المعطى واحداً من المؤشرات الأخرى التي فرضت على ألمانيا دخول تحدٍ جديدٍ، بسبب اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
بداية أحداث قلبت الموازين
كانت أحداث كولونيا، التي وقعت في ليلة رأس السنة الجديدة 2016/2015 بداية فاصلة لتغير مزاج الألمان تجاه اللاجئين. حيث شهدت تلك الليلة عملية تحرش جماعي كبرى لم تشهدها ألمانيا من قبل. تلقت الشرطة مئات البلاغات من نساء تعرضن للتحرش والسرقة وفتحت الشرطة أكثر من 1500 تحقيق لكن السلطات لم تنجح في التعرف إلا على عدد قليل من المشتبه بهم، الذين كانت ملامحهم شرق أوسطية وشمال إفريقية، طبقا لشهود.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Böhm
مطالب بالترحيل
أعمال التحرش الجنسي في كولونيا، ليلة رأس السنة، تسببت في موجة استياء واسعة في ألمانيا بداية من عام 2016، وقد دفعت كثيرين للمطالبة بتشديد القوانين لترحيل الجناة وجعلت آخرين يطالبون بتفادي تجريم فئة معينة في المجتمع. وكانت حركة "بغيدا" أهم الأطراف، التي دعت إلى وقف تدفق اللاجئين على ألمانيا. وتعارض هذه الحركة الشعبوية بوجه خاص إيواء لاجئين من دول إسلامية بدعوى أن ثقافتهم لا تنسجم مع القيم الغربية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
تحديد سقف لعدد اللاجئين
على خلفية اعتداءات كولونيا ليلة رأس السنة، وجد زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ آنذاك هورست زيهوفر في الواقعة فرصة للتأكيد على طلبه الرئيسي المتمثل في تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا. لكن ميركل كانت قد رفضت الأمر في مؤتمر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" (البافاري) في ميونيخ.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
هجمات متفرقة ينفذها لاجئون
وقام بعض اللاجئين بأعمال عنف و"إرهاب" جعلت مؤيدين كُثراً يسحبون دعمهم لسياسة الترحيب. ومن أبرز هذه الاعتداءات، ما حصل بمدينة أنسباخ جنوبي ألمانيا. فقد فجَّر طالب لجوء سوري عبوة ناسفة من صنعه وهو ما أدى إلى مقتله وإصابة 12 شخصاً. كما أصاب طالب لجوء آخر (2016) خمسة أشخاص بجروح بفأس وسكين على متن قطار في فورتسبورغ.
صورة من: Reuters/M. Rehle
هجمات معادية للاجئين
وفي المقابل قام أشخاص بالاعتداء على مجموعة من مراكز إيواء اللاجئين مثل إضرام الحريق في مركز فيرتهايم. كما شهدت بعض المدن الألمانية مظاهرات معادية لاستقبالهم. هذه التصرفات دفعت المستشارة ميركل للقول إنه لا تسامح مع اليمينيين المتطرفين الذين يقومون بهجمات ضد اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Engmann
عملية دهس وراءها داعش!
في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016 اهتزت برلين لفاجعة الدهس بشاحنة، التي أدت لمقتل 12 شخصاً وإصابة 48 آخرين. هذا العمل الإرهابي قام به لاجئ في ألمانيا، فقد وُجهت التهمة لأنيس العامري، وهو تونسي الجنسية، كان يبلغ حينها 24 عاماً، باختطاف شاحنة بولندية ضخمة، ودهس بها تجمعاً بشرياً بأحد أسواق أعياد الميلاد في قلب برلين، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية. وقد أعلنت "داعش" فيما بعد تبنيها للاعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
سياسة ميركل في مرمى الانتقادات
تصاعد الأزمات، وتفاقم المشاكل جعل شعبية المستشارة ميركل تقل، فقد اتهمها منتقدوها بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها فاقمت الأوضاع من خلال تشجيع المزيد من اللاجئين على الدخول في رحلاتهم الخطرة نحو أوروبا. وفي سبتمبر 2016 بدأت ألمانيا أيضا بعمليات مراقبة مؤقتة على حدودها مع النمسا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
هل ستستقبل ألمانيا لاجئين جدد؟
أعلنت المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين موافقة الحكومة الألمانية على استقبال 10 آلاف لاجئ ضمن برنامج "إعادة التوطين" التابع للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول وزير الداخلية الألمانية الإسراع بفتح مراكز جديدة للاجئين تتولى استقبال اللاجئ والبت في قراره ثم ترحيله في حالة رفض طلبه. بالإضافة إلى توجهه نحو التشدد حيال لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية. إعداد: مريم مرغيش