"مسؤولية جر البلاد في اتجاه التدخل العسكري تقع على كاهل النظام السوري وحده"
٢٩ أكتوبر ٢٠١١أدانت اللجنة الوزارية العربية المكلفة بالملف السوري أعمال العنف في سوريا ومقتل ما لا يقل عن 40 شخصاً أمس في "جمعة الحظر الجوي". ويرى المراقبون في مواصلة النظام السوري لحملات قمع المتظاهرين وفي رد الفعل العربي المندد مؤشرات على فشل المبادرة العربية. دويتشه فيله حاورت نجيب الغضبان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة آركنساس الأمريكية، وعضو الأمانة العامة في المجلس الوطني السوري المعارض، لقراءة مستقبل المعارضة السورية في ظل التطورات الأخيرة.
دويتشه فيله: موقف اللجنة العربية الوزارية ونقدها للحكومة السورية، هل هو استباق للإعلان عن فشل المبادرة العربية ومحادثات الغد في الدوحة مع مسؤولين سوريين؟
نجيب الغضبان: في اعتقادي أن المبادرة قد فشلت لحظة ولادتها. وذلك لسببين بسيطين، الأول والأهم يتمثل في قضية وقف العنف وسحب الجيش من المدن. وكما لاحظنا، منذ انطلاق المبادرة ونحن نشاهد قتلاً يومياً في سوريا وزيادة في وتيرة العنف، إذ بلغت حصيلة القتلى يوم أمس (الجمعة 28 تشرين الأول/ أكتوبر) 42 قتيلاً، بالإضافة إلى سقوط قتلى في أجهزة الأمن والجيش. السبب الأخر هو أن اللجنة تحاول القيام بمبادرات شكلية وليس أكثر. ويبدو أن النظام قرر المشاركة في هذه اللعبة، بعد أن كان قد رفض بشكل أو بأخر المبادرة من أساسها. من الواضح أن كلا الطرفين يحاول أن يثبت موقف، ليس أكثر ولا أقل.
وفي النهاية يستطيع كل طرف أن يلقي باللوم على الأخر في فشل المبادرة؟
إلى حد ما. ولكن من الواضح أن الطرف المسؤول عن فشل المبادرة هو النظام السوري، لأنه ما يزال يواصل عمليات القتل والقمع. لو كان النظام السوري جاداً في إعطاء هذه المبادرة فرصة لأوقف العنف ولو ليوم واحد، أعمال العنف تواصلت على مدى الأيام الماضية ولم تعد تحدث يوم الجمعة فقط، هذا بالإضافة إلى حملات الاعتقال والمداهمات وأشكال القمع الأخرى. النظام غير مستعد لفعل أي شيء سوى مواصلة العنف والقتل، وهذا ما تثبته الأيام. هذه التطورات تضع مسؤولية كبيرة على عاتق اللجنة الوزارية العربية وأمام الجامعة العربية وتحتم عليها اتخاذ موقف واضح، حده الأدنى تجميد عضوية هذا النظام في الجامعة العربية، كما كان يتوقع الكثيرون الأسبوع الماضي. إن تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية أصبح مطلباً واضحاً من المتظاهرين ومن المعارضة.
وهل يسمح توازن القوى والمصالح في المنطقة العربية باتخاذ قرار تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية؟
ولم لا، النظام السوري لم يعد له أصدقاء في العالم العربي. الدول العربية القريبة من النظام السوري هي العراق، التي يمارس عليها ضغوط إيرانية ولبنان لأسباب نعلمها جميعاً. وهناك الجزائر والسودان التي ستغير موقفها بسبب أعمال العنف المتواصلة. لم يعد لبشار الأسد أصدقاء في العالم العربي.
اتضح يوم أمس الجمعة أن المتظاهرين يريدون حماية دولية وحظراً جوياً، لماذا تصر المعارضة السورية على رفض أي تدخل أجنبي وكيف يمكن تأمين حماية دولية بدون تدخل عسكري؟
الموقف السوري معقد والمعارضة تخشى من تكرار النموذج العراقي أو الليبي والذي كان فعالاً، لكن ضحاياه كانوا كثيرون. الشعب السوري لديه حس وطني عال ويتمنى أن يحل إشكالاته وحده. ولكن استمرار القمع والقتل يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية ما يحدث. الوضع الحقوقي والإنساني له أولية عن قضية السيادة وغيرها. هذه الأنظمة، التي تعتمد فقط على القمع والقتل، أفقدت قضية السيادة أهميتها وضيعت المضمون الوطني لأي حكم. أعتقد أن مسؤولية جر البلاد في هذا الاتجاه ستقع على كاهل النظام السوري وحده، الذي يواصل قمع المظاهرات السلمية.
هل نفهم من كلامك، وأنت عضو المجلس التنفيذي المعارض، أن المجلس سيغير الآن موقفه وسيطلب تدخلاً خارجياً لحماية المدنيين؟
لا أريد أن أتحدث باسم المجلس ككل، المجلس بصدد صياغة إستراتيجية واضحة بشأن هذا الأمر. لكني اعتقد أن هناك إجماعاً على ضرورة حماية المدنيين. أعتقد أن الخطوات الأولي لحماية المدنيين يمكن العمل عليها من خلال الأمم المتحدة أو حتى بدونها. من الممكن إرسال مراقبين دوليين، هذه الخطوة لا تمثل تدخلاً عسكرياً. يتعين دراسة الإبعاد القانونية والحالات السابقة، قبل أن يكون هناك موقفاً حاسماً، فالوضع معقد للغاية.
لكن النظام رفض حتى الآن دخول مراقبين أو بعثات دولية، وسبق أن قررت الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان إرسال مراقبين، لكن النظام رفض ذلك. على ماذا تعولون إذن؟
هناك بعض الأمور التي لم تستنفذ بعد. استمرار الحراك السلمي لإسقاط النظام هو أمر مهم جداً وهذا هو هدف المجلس وهدف الحراك كله. زيادة وتيرة الضغط الدولي بتجميد عضوية النظام في الجامعة العربية وبعث رسالة واضحة من المجتمع الدولي بضرورة رحيل النظام والاعتراف بالمجلس الوطني كبديل، كلها خطوات قد تدفع بحدوث انشقاق كبير داخل النظام بما في ذلك المؤسسة العسكرية، حيث نستطيع الاستغناء عن السيناريوهات الأخرى. يجب الدفع بهذا الاتجاه قبل طلب التدخل العسكري.
من خلال اتصالاتكم الدبلوماسية، هل هناك تغير في الموقف الروسي والصيني اتجاه ما يحدث في سوريا؟
في اعتقادي يمكن أن يتغير الموقف الصيني والروسي لصالح الشعب السوري، لكن الأمر يتطلب الكثير من الجهد. قد يحدث تغير في الموقف الروسي والصيني في حال مارست الدول العربية وخاصة الخليجية ضغطاً على هذه الدول. حتى عندما استخدمت هذه الدول حق النقض لصالح سوريا، لم تخف في تصريحاتها عن استياءها من استخدام النظام السوري للعنف ضد المتظاهرين. أعتقد بأن هناك إمكانية لتطوير هذه المواقف لصالح الشعب السوري. لكن هذه الدول تبقى محكومة بمصالحها وحساباتها وعلاقاتها مع الغرب، إضافة إلى هذا فإن التغييرات الأخرى في المنطقة، بما فيها تحرير ليبيا، تخدم اتخاذ موقف دولي أكثر دعماً للشعب السوري في مطالبه العادلة.
أجرى الحوار: عارف جابو
مراجعة: عاماد غانم