كثفت ألمانيا تقديم مساعداتها لغزة منذ بدء الحرب الحالية وذلك من خلال جسر جوي ينطلق من الأردن وكذلك عبر مساعدين على الأرض، ورغم سخاء هذه المساعدات نسبيا إلا أنها حسب وزيرة الخارجية "قطرة في محيط". فكيف هو الوضع على الأرض؟
الجيش الألماني يسقط إمدادات الإغاثة جواً على قطاع غزة.صورة من: Christian Timmig/Bundeswehr/dpa/picture alliance
إعلان
تصعيد خطير آخر في قطاع غزةإثر مقتل سبعة موظفين من منظمة الإغاثة الدولية "وورلد سنترال كيتشن" في هجوم إسرائيلي. الموظفون كانوا يعملون على تخفيف معاناة حوالي 2.4 مليون شخص في قطاع غزة. وعلى إثر ذلك توالت الأخبار التي تسلط الضوء مرة أخرى على المساعدات الدولية، بما في ذلك المساعدات الألمانية، المقدمة للأشخاص في منطقة الحرب.
رئيسة الصليب الأحمر تتحدث عن "وضع كارثي"
منذ أسابيع تشكو منظمات الإغاثة الألمانية من أنها بالكاد تستطيع تقديم أي مساعدة. ورغم ميلها للخطاب الهادئء، وصفت رئيسة الصليب الأحمر الألماني، الوزيرة السابقة والسياسية من حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، غيردا هاسلفيلدت، وضع الناس في قطاع غزة بأنه "كارثي حقاً". وقالت هاسلفيلدت في تصريح خصت به محطة إذاعة "دويتشلاند فونك"، إن إمدادات الإغاثة التي تم تسليمها عبر المعابر القليلة المفتوحة لم تكن كافية. وتابعت هاسلفيلدت: "هناك نقص في كل شيء. ومع تزايد الصراعات والتهديدات ووق المزيد من الهجمات، أصبح الوضع أكثر خطورة".
وترأس هاسلفيلدت الصليب الأحمر الألماني منذ عام 2017. ومن الصعب عليها أن تحدد حجم المساعدة التي قدمتها منظمتها في قطاع غزة منذ الهجوم الإرهابي الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر من العام الماضي. وأضافت رئيسة الصليب الأحمر الألماني: "لقد أرسلنا عدة طائرات محملة بإمدادات الإغاثة إلى مصر ومن ثم إلى قطاع غزة". تم تسليم المواد الغذائية والمعدات الطبية والإمدادات الطبية.
قُتل سبعة أعضاء من منظمة "المطبخ المركزي العالمي" في هجوم إسرائيلي. صورة من: Abdel Kareem Hana/AP/picture alliance
لا يوجد موظفون ألمان على الارض في غزة
التعاون التنموي يتم من قبل منظمات حكومية مثل "المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي" (GIZ). فهي تنفذ مشاريع تديرها الوزارة الاتحادية للتعاون الإنمائي (BMZ)، على سبيل المثال. وردا على استفسار من DW، قالت المتحدثة باسم الوزارة، كاتيا هوميل إن منظمات مثل "المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي" (GIZ) لا يوجد لديها أي موظفين مرسلين من ألمانيا إلى قطاع غزة. وقبل وقوع الهجوم الإرهابي الذي نفذته حماس، كان يأتي الموظفون من رام الله في الضفة الغربية أو من ألمانيا إلى القطاع للتحقق من سير المشاريع. وأضافت أن "هذه الرحلات التي يقوم بها الموظفون إلى غزة غير ممكنة حاليا وحتى إشعار آخر بسبب الوضع الحالي".
المنظمات الكاثوليكية تعمل مع مساعدين محليين
الأمر نفسه ينطبق أيضاً على الجهات الفاعلة التابعة للكنيسة مثل "كاريتاس"، ويقول المتحدث باسمها أخيم رينكي لـ DW: "هذا ليس نهجنا على أي حال، فنحن نعمل دائماً مع المساعدين المحليين". لكن كاريتاس، التي ترتبط بشبكات وثيقة مع منظمات كاثوليكية أخرى في جميع أنحاء العالم، لديها أيضاً نظرة ثاقبة للوضع الكارثي. مشاركة الجيش الألماني الآن في جسر جوي من الأردن لإسقاط حزم المساعدات على منطقة الحرب المكتظة بالسكان، يظهر حسب رينكه مدى "مأساوية" الوضع: " هو في الأساس علامة على العجز. مثل هذه الإنزالات يمكن لأقوى الأقوياء فقط الوصول إليها وليس كبار السن أو الأشخاص ذوي الإعاقة أي فرصة للحصول عليها". ووفق المتحدث باسم "كاريتاس"، سيكون من الأفضل نقل المساعدات عن طريق البر أو البحر، لكن هذا قد يصبح خطيراً بشكل متزايد. كما أنه غير ممكن في الوقت الحالي أو بشكل محدود للغاية، حيث تم إغلاق العديد من المعابر من إسرائيل إلى قطاع غزة منذ الهجوم الذي شنته حماس،تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
منذ منتصف مارس/آذار، شاركت ألمانيا في إنزال مساعدات جوية للسكان المحتاجين في غزة. ومن قاعدتها في نورماندي، تم نقل طائرتي نقل من طراز "هيركوليس" من سرب النقل الجوي الفرنسي الألماني إلى الأردن لدعم الجسر الجوي. وتم تجهيز طائرات الجيش الألماني بأنظمة مظلات فرنسية لإسقاط إمدادات المساعدات. الطاقم ألماني فرنسي. ويشعر المراقبون في الموقع بالقلق من أن بعض إمدادات المساعدات قد "تتسرب" إلى الأردن.
"قطرة في محيط"
ووصفت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك هذه المساعدة من الجو بأنها "قطرة في محيط" خلال رحلتها الأخيرة إلى الشرق الأوسط بداية الأسبوع الماضي. وفي مصر، أكدت على مدى أهمية المعابر الحدودية البرية لتزويد قطاع غزة: "تلعب مصر دورًا مهمًا للغاية، خاصة في مكافحة الجوع، بسبب معبر رفح الحدودي، حيث تأتي غالبية المواد الغذائية. لأن المعابر الحدودية الإسرائيلية الأخرى ليست مفتوحة أو يتم فتحها فقط على نطاق محدود".
فقدت العديد من العائلات في غزة منازلها وليس لديها سوى القليل من الطعام.صورة من: Mohammed Salem/REUTERS
كما يشير موقع وزارة الخارجية على الإنترنت إلى أن الوضع الإنساني لا يزال كارثيا، خاصة في شمال القطاع الساحلي. وانهارت الخدمات الأساسية المقدمة للسكان المدنيين. هناك نقص في المواد الأساسية منها الغذاء والماء والرعاية الطبية. ويبلغ إجمالي المساعدات الألمانية حاليا لكافة المناطق الفلسطينية، وليس لقطاع غزة فقط، نحو 250 مليون يورو. 175 مليون يورو منها عبارة عن أموال تمت الموافقة عليها منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وتوقفت المساهمات الألمانية لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ، منذ بداية العام. ففي ذلك الوقت، نشرت الحكومة الإسرائيلية معلومات تفيد بأن اثني عشر موظفًا في الأونروا من غزة متورطون في الهجوم الإرهابي الذي وقع يوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول على إسرائيل. وقامت منظمة الإغاثة بطرد الموظفين المشتبه بهم. ومنذ ذلك الحين، أوقفت 16 دولة، بما فيها ألمانيا، مساعداتها للمنظمة. كما تم تضمين أهم جهة مانحة، وهي الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن قبل بضعة أسابيع أعلنت ألمانيا أنها ستقدم 45 مليون يورو للعمل الإقليمي للأونروا في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن من بين الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى حماس في قطاع غزة حوالي 30 شخصاً لهم علاقات بألمانيا، مثل الإسرائيليين الذين يحملون أيضاً جواز سفر ألماني. وظلت الحكومة الألمانية بعيدة عن الأضواء بشأن هذا الموضوع لعدة أشهر ويدور الحديث عن عدد منخفض يفوق العشرة من الأشخاص الذين لهم صلة بألمانيا.
أعدته للعربية: إيمان ملوك
معبر رفح.. تحديات كبيرة تواجه شريان الحياة الوحيد لسكان غزة
الوضع الإنساني في غزة كارثي حسب تأكيدات منظمات مستقلة. المساعدات الإنسانية بدأت بالتدفق أخيراً عبر معبر رفح، لكن حجمها يبقى "ضعيفا" بسبب الحاجيات الكبيرة، خاصة مع خروج عدة مستشفيات عن الخدمة وارتفاع حصيلة القتلى والجرحى.
صورة من: Mahmoud Khaled/Getty Images
بدء تدفق المساعدات لقطاع محاصر
عشرات الشاحنات، المحملة بالمساعدات الإنسانية، دخلت إلى غزة عبر معبر رفح قادمة من مصر. الشاحنات محملة بالأدوية والمستلزمات الطبية وكميات من الأغذية. الأمم المتحدة تقول إن 100 شاحنة على الأقل يجب أن تدخل غزة بشكل يومي لتغطية الاحتياجات الطارئة، وسط تأكيدات أن ما دخل بعد فتح المعبر يبقى قليلاً للغاية، بينما تؤكد مصادر مصرية وجود العشرات من الشاحنات التي تنتظر دورها للعبور.
صورة من: Mahmoud Khaled/Getty Images
شريان الحياة الوحيد في زمن الحرب
معبر رفح هو المعبر الرئيسي لدخول غزة والخروج منها في الفترة الحالية، بعد فرض إسرائيل "حصاراً مطبقاً" على القطاع، وقطع الكهرباء والماء والتوقف عن تزويده بالغذاء والوقود، في ظل الحرب الدائرة مع حركة حماس. لا تسيطر إسرائيل على المعبر لكنه توقف عن العمل جراء القصف على الجانب الفلسطيني منه. وبتنسيق أمريكي، تم الاتفاق على إعادة فتح المعبر لدخول المساعدات، بشروط إسرائيلية منها تفتيش المساعدات.
صورة من: Ahmed Gomaa/Xinhua/IMAGO
"ليست مجرد شاحنات"
الخلافات على تفتيش الشاحنات أخذت وقتاً كبيرا، ما أثر على وصول سريع للمساعدات. الأمم المتحدة أكدت أن العمل جارِ لتطوير نظام تفتيش "مبسط" يمكن من خلاله لإسرائيل فحص الشحنات بسرعة. أنطونيو غوتيريش صرح من أمام معبر رفح: "هذه ليست مجرد شاحنات، إنها شريان حياة، وهي تمثل الفارق بين الحياة والموت لكثير من الناس في غزة"، واصفاً تأخر دخول المساعدات (لم تبدأ إلّا بعد أسبوعين على بدء الصراع) بـ"المفجع".
صورة من: Ahmed Gomaa/Xinhua/IMAGO
إجراءات مشددة منذ زمن
تشدد مصر بدورها القيود على معبر رفح منذ مدة، ويحتاج المسافرون عبره إلى تصريح أمني والخضوع لعمليات تفتيش مطولة ولا يوجد انتقال للأشخاص على نطاق واسع، خصوصاً في فترات التصعيد داخل غزة. دعت القاهرة مؤخراً جميع الراغبين في تقديم المساعدات إلى إيصالها إلى مطار العريش الدولي، لكنها رفضت "تهجير" الفلسطينيين إلى أراضيها ودخولهم عبر معبر رفح، واقترحت صحراء النقب.
صورة من: Majdi Fathi/apaimages/IMAGO
توافق أمريكي - إسرائيلي على معبر رفح
بعد أيام على الحرب، توافق جو بايدن وبنيامين نتانياهو على استمرار التدفق للمساعدات إلى غزة . بايدن قال إن "المساعدات الإنسانية حاجة ملحة وعاجلة ينبغي إيصالها"، وصرح مكتب نتياهو أن "المساعدات لن تدخل من إسرائيل إلى غزة دون عودة الرهائن"، لكنها "لن تمنع دخول المساعدات من مصر" بتوافق أمريكي - إسرائيلي على عدم استفادة حماس منها، التي يصنفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كحركة إرهابية.
صورة من: Evelyn Hockstein/REUTERS
غزة بحاجة إلى وقود
رفضت إسرائيل أن تشمل المساعدات الوقود، وهو ما انتقدته وزارة الصحة التابعة لحماس في غزة، قائلة إن القرار "سيُبقي أرواح المرضى والمصابين في غزة في خطر". وكالة الأونروا أكدت أن الوقود المتوفر لديها في القطاع غزة "سينفد قريباً، ودونه لن يكون هناك ماء ولا مستشفيات ولا مخابز ولا وصول للمساعدات". لكن مدير إعلام معبر رفح البري قال إن ستة صهاريج وقود دخلت يوم الأحد (22 تشرين الأول/ أكتوبر).
صورة من: Said Khatib/AFP
دعم أوروبي لإسرائيل مع ضمان المساعدات لغزة
بعد جدل حول تجميدها للمساعدات، ضاعفت المفوضية الأوروبية مساعداتها الإنسانية لغزة ثلاث مرات لتصل إلى أكثر من 75 مليون يورو، مع "تأييدها حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد إرهابيي حماس". الاتحاد الأوروبي أكد أنه يدرس فرض "هدنة إنسانية للسماح بتوزيع المساعدات". ألمانيا علقت المساعدات التنموية للفلسطينيين لكنها أبقت على الإنسانية منها، وأولاف شولتس رحب ببدء إرسال المساعدات، قائلا: "لن نتركهم وحدهم".
صورة من: FREDERICK FLORIN/AFP
مطالب عربية بوقف إطلاق النار
ربطت عدة دول عربية بين دخول المساعدات وبين وقف إطلاق النار. وأعلنت دول الخليج دعماً فورياً لقطاع غزة بقيمة 100 مليون دولار، فضلاًَ عن مبادرات منفردة لعدة دول في المنطقة. الدول العربية التي شاركت في "قمة القاهرة للسلام" دعمت بيان مصر، الذي دعا إلى "وقف الحرب الدائرة التى راح ضحيتها الآلاف من المدنيين الأبرياء على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي".
صورة من: Khaled Desouki/AFP/Getty Images
"عدم التخلي عن المدنيين الفلسطينيين"
وزيرة التنمية الألمانية سفنيا شولتسه بعثت بخطاب إلى كتل أحزاب الائتلاف الحاكم قالت فيه إن احتياجات ومعاناة الناس في غزة وفي أماكن أخرى يمكن أن تزداد. وأدانت هجوم حماس ووصفته بأنه هجوم وحشي وغادر. وقالت :" نحن لا نواجه حركات نزوح كبيرة ووضع إمدادات منهارا وحسب بل إننا نواجه أيضا أعمالا حربية نشطة وكان من بينها التدمير الأخير للمستشفى الأهلي في غزة الذي كانت تشارك وزارة التنمية الألمانية في دعمه".
صورة من: Leon Kuegeler/photothek.de/picture alliance
ضريبة إنسانية باهظة للحرب
بدأت الحرب بهجوم دموي لحماس في السابع من أكتوبر، خلّف مقتل أكثر من 1400 إسرائيلي أغلبهم من المدنيين، فضلاً عن اختطاف أكثر من مئتين. ردت إسرائيل بقصف متواصل للقطاع، ما أوقع أكثر من خمسة آلاف قتيل وتدمير بنى تحتية وتضرّر 50 بالمئة من إجمالي الوحدات السكنية في القطاع، بينما نزح أكثر 1,4 مليون شخص داخل غزة حسب الأمم المتحدة، فضلا عن مقتل العشرات في الضفة الغربية وسط مخاوف من تمدد الصراع إقليمياً.
صورة من: YAHYA HASSOUNA/AFP/Getty Images
هجوم حماس الإرهابي
مشهد يبدو فيه رد فعل فلسطينيين أمام مركبة عسكرية إسرائيلية بعد أن هاجمها مسلحون تسللوا إلى مناطق في جنوب إسرائيل، ضمن هجوم إرهابي واسع نفذته حماس يوم 07.10.2023، وخلّف مقتل أكثر من 1400 إسرائيلي أغلبهم من المدنيين واختطاف أكثر من مائتين. ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية. إ.ع/ ع.خ / م.س.