مستشار أردوغان لـ DW: لن نساوم على كشف الحقيقة في ملف خاشقجي
١٠ أكتوبر ٢٠١٨
في مقابلة مع DW عربية، شدد ياسين أكتاي، مستشار الرئيس أردوغان، على أن بلاده ستسعى خلف قضية خاشقجي وكشف ملابساتها مهما كان الثمن. أكتاي أشار إلى أن كل المعطيات تشير إلى مقتل خاشقجي، مشيرا إلى وجود أمل ضعيف جدا بأنه حي.
إعلان
آخر التطورت في قضية اختفاء الصحفي جمال خاشقجي
01:28
أسبوع مر على اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي. ومع مرور الأيام تتكشف معلومات جديدة في تركيا تشير في أغلبها إلى تورط السلطات السعودية في اختفاء وربما مقتل الرجل. لكن السعودية من ناحية أخرى تنفي تماماً أي علاقة لها باختفاء خاشقجي وتؤكد أنه غادر قنصليتها في إسطنبول. ليس ذلك فحسب، بل تطالب السلطات التركية بالعمل لمعرفة مكان اختفاء مواطنها. كما وافقت على طلب السلطات التركية تفتيش قنصليتها حيث يعتقد أن خاشقجي اختفى فيها.
DW عربية أجرت المقابلة التالية مع ياسين أكتاي، مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأحد المقربين من الصحافي السعودي المختفي جمال خاشقجي.
DW عربية: هل تعتقد السلطات التركية أن خاشقجي قتل بالفعل أم أن هناك أملا في كونه ما زال على قيد الحياة؟
ياسين أكتاي: في الحقيقة الأمل في وجود خاشقجي على قيد الحياة ضعيف جداً. لكننا نظرياً لا نريد أن نستبعد أضعف الاحتمالات في كونه حياً. بيد أن كل المعطيات المتواترة منذ يوم أمس تشير إلى أنه قد قتل لأن من جاءوا من الخارج (في إشارة إلى ما يشاع حول مجيء فريق من السعودية) بدوا وكأنهم فريق اغتيال وليس مجرد فريق اختطاف، وهذا أيضاً ليس أكيدا وإنما وفق المعطيات المتوافرة حتى الآن.
هل تعتقدون أن دولا أخرى متورطة في الأمر خاصة مع تواتر الأنباء عن خروج طائرتين من تركيا توجهت كل منهما إلى دولة عربية قبل عودتهما إلى السعودية؟
لا نعتقد بإمكانية تورط دول أخرى في ما حدث للسيد جمال خاشقجي ولا يبدو واضحاً في الصورة إلا السعودية. أيضاً نتحدث هنا عن الدولة العميقة في السعودية، والتي ترى نفسها فوق القوانين وتتصرف دون رادع وربما هم مسؤولون مرتبطون بالحكم في الدولة يستغلون وضعهم ومكانتهم بشكل سيء. فالدول التي تعتمد على القتل والاغتيال تفقد شرعيتها وتلك الأعمال لا تليق أبداً بوضعية الدولة الشرعية ومن يفعل من هذه الأمور فهو يفقد شرعيته.
(يشار إلى أن تصريحات لياسين أكتاي حول الدولة العميقة في السعودية كانت قد أثارت جدلاً كبيراً وهو ما تحدث عنه أيضاً خلال استضافته في برنامج مسائية DW يوم أمس).
مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يكشف عن" الدولة العميقة" المسؤولة عن اختفاء جمال خاشقجي
02:16
This browser does not support the video element.
لماذا تأخرت تركيا في التدخل وإعلان المعلومات بشكل رسمي؟ ولماذا يتم منح المعلومات لوسائل الإعلام بهذا القدر الضئيل وعلى مراحل؟
تركيا ليست لديها معلومات تخفيها وإنّ ما يصدر بمرور الوقت هو نتاج عمليات وجهود فرق البحث والجهات الأمنية. وكلما توافرت معلومات جديدة لهذه الفرق شاركتها مع الجميع.
تتحدث نيويورك تايمز عن وجود فيديو لعملية الاستجواب التي جرت داخل القنصلية السعودية، فيما ذكرت صحف أمريكية أخرى أن المخابرات الأمريكية اعترضت اتصالات بين أشخاص سعوديين يُعتقد أنهم من فريق الاستجواب. هل حصلتم على نسخة من هذه الاتصالات أو الفيديوهات؟ وما فحواها.
ليس لدينا علم بوجود فيديو يكشف التحقيق مع خاشقجي داخل القنصلية ولا عن الاتصالات التي اعترضتها المخابرات الأمريكية. وفور وصول أي شيء من هذا القبيل إلى الجانب التركي سيتم التحقق منه والتأكد من صحة المعلومات الواردة فيه ونشر ما يمكن نشره للرأي العام.
(هناك من يربط بين قضية اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي وبين ما حدث مع العميل الروسي المزدوج سيرغي سكريبال وابنته في بريطانيا. وفي هذا السياق قال غيدو شتاينبيرغ، الخبير في شئون الشرق الأوسط في المعهد الألماني للدراسات السياسية والأمنية، لمسائية DW عربية "إن التشابه بين ما حدث في إسطنبول وما حدث في لندن قد يجعلنا نتوقع النتيجة نفسها، ففي قضية سكريبال كانت النتيجة أن دولا من الناتو طردت دبلوماسيين روس لديها. وإذا ثبت تورط السعودية في مصير خاشقجي فقد يحدث شيء مشابه". انظر الفيديو أدناه).
خبراء من ألمانيا وتركيا والسعودية عن قضية الخاشقجي
02:16
This browser does not support the video element.
كيف ستتعامل تركيا مع السعودية إن ثبت تورطها كدولة وبشكل رسمي في اختفاء أو مقتل جمال خاشقجي؟
ليس من أهداف تركيا التصعيد مع السعودية؛ نحن نريد حل الأزمة ومعرفة مصير الرجل وتحقيق العدالة. في البداية كنا نعمل لننقذ حياته، هذه كانت أولويتنا ومازالت حتى الآن رغم ضعف الاحتمالات. والقضية لم تعد تهم تركيا وحدها وإنما أصبحت عالمية يتابعها الجميع. كما أن لنا الحق في متابعتها بحكم أنها جرت على أراضينا وفيها تعد وانتهاك على السيادة التركية. إذ ليس من حق أحد أن يفعل ذلك مطلقا داخل حدودنا وأن يسيء استغلال الحصانة الدبلوماسية. وحتى لو صمتت تركيا فلن يصمت العالم بل ستكون قد شاركت في الجريمة وهذا ما لن تفعله بلادي أبداً. سنسعى لملاحقة مرتكبي هذا الفعل ومعاقبتهم، فهذه ليست جريمة في حق خاشقجي وحسب وإنما في حق الدولة التركية أيضا.
هل يمكن أن تتحمل تركيا عواقب التصعيد مع السعودية، خصوصا في ظل ما يعانيه الاقتصاد التركي من متاعب حاليا؟
أيا كانت النتائج الاقتصادية على تركيا فإنا بلادنا ستتحمل كلفتها وتبعاتها، وستضحي في سبيل الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة مهما كان الثمن باهظا. سيكون من العار علينا الاهتمام بالاقتصاد والمال على حساب العدالة والحقيقة. تركيا لن تقبل بأي تهديد من أي كان.
أجرى الحوار/ عماد حسن
تركيا والسعودية.. تاريخ طويل من المد والجزر وأشياء أخرى
على مدى قرنين من الزمن، مرت العلاقة بين السعوديين والأتراك بفترات مختلفة: حروب وقطيعة، برود وتباعد، استقرار وازدهار، انتكاسة وتوتر. مزيد من الضوء على هذا الموضوع في ملف الصور التالي.
حرب فتاكة
شهدت العلاقات بين آل سعود والعثمانيين تاريخ طويل من التوتر وصل حد الحرب. وعلى سبيل المثال شنت الدولة العثمانية وإبراهيم باشا، ابن محمد علي باشا والي مصر، بين عامي 1811 و1818 حرباً على الدولة السعودية الأولى انتهت بهزيمة السعوديين واندثار دولتهم الأولى وتدمير عاصمتها الدرعية.
صورة من: picture alliance/dpa/CPA Media Co. Ltd
عهد جديد
في الثالث من آب/ أغسطس 1929، شهدت العلاقات الحديثة بين تركيا والسعودية بداية جديدة، إذ اعترفت تركيا بالسعودية. وفي هذه الفترة بالذات، وقع البلدان اتفاقية سلام وصداقة مشتركة، ولكن بقيت تلك العلاقات تتسم بالبرود حتى ثمانينات القرن العشرين، رغم أن البلدين كان مناهضين للمعسكر الشيوعي/الشرقي في الحرب الباردة.
الثمانينات.. المصالح تقرب البعيد
كانت تركيا والسعودية أكثر الدول المتضررة من أزمة النفط التي تسببت فيها الحرب بين العراق وإيران، ما نتج عنه تقارب بين البلدين؛ ولأن تركيا كانت تستورد النفط من السعودية عبر العراق، فقد زار الرئيس التركي آنذاك "كنعان إيفرين" السعودية عام 1984. وفي نفس العام، زار رئيس الوزراء التركي "تورغوت أوزال" أيضاً السعودية. الغاية كانت البحث عن طرق جديدة لتمديدات النفط وبناء علاقات حيوية واستراتيجية بين الطرفين.
صورة من: picture alliance/UPI
التسعينات..الحيوية والفعالية في العلاقات
كان لاحتلال العراق للكويت في بداية التسعينات، دوراً فعالاً في إيصال العلاقات بين أنقرة والرياض إلى أعلى مستوى من الحيوية والفعالية. حيث دعم الرئيس التركي حينها تورغوت أوزال، الموقف السعودي المعارض لهذا الاحتلال. هذا الدعم، دفع بالسعودية إلى التعبير عن امتنانها لتركيا ليس فقط برسائل وإنما بتقديم مليار دولار لصالح الخزينة المالية للجيش التركي، بالإضافة إلى هبة نفطية بمقدار 1,2 مليار بدون أي مقابل.
صورة من: picture-alliance/ dpa
2003.. انتعاش بعد جمود في العلاقات
طرأت الكثير من التغيرات على الحكومات التركية وغاب الاستقرار عن أوضاعها في الجانب السياسي والاقتصادي مما جعل العلاقة بين تركيا والسعودية تعرف نوعاً من الجمود. لكن عام 2003، سيجد البلدان نفسيهما في حاجة إلى التعاون خاصة بعد الإطاحة بنظام صدام حسين في العراق، وظهور مستجدات سياسية واقتصادية في منطقة الشرق الأوسط.
صورة من: AP
زيارات وصفقات تسليح
في تشرين الثاني/ نوفمبر 2007، زار الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز تركيا، لكن الأمر لم يتوقف هنا وإنما تكررت الزيارات بين البلدين وذلك لتقوية العلاقات من الجانبين العسكري والاقتصادي. حيث تم توريد بعض الأسلحة التركية إلى السعودية، كما اهتمت شركات تركية بتصليح وتحديث المعدات العسكرية السعودية وأيضاً التوقيع على عقود لطائرات بدون طيار والعربات المدرعة وغيرها.
صورة من: AP
الأزمة السورية.. اتفاق ثم اختلاف
عززت الثورة السورية التقارب بين الرياض وأنقرة. إذ سعى الطرفان إلى إسقاط نظام بشار الأسد. لكن هذا التقارب لم يستمر طويلاً. فقد افترقت الدروب وانشغلت السعودية بحرب اليمن، فيما سيطر على تركيا هاجس قيام دولة كردية في شمال سوريا.
صورة من: picture-alliance/Anadolu Agency/A. Suleyman
حرب اليمن.. بداية الصراع العلني
توتر العلاقات برز أكثر في الأزمة اليمنية. إذ أنه بالرغم من أن تركيا وقفت إلى جانب السعودية في عملية "عاصفة الحزم"، إلا أن مصالح البلدين عادت لتفترق من جديد.
صورة من: Reuters/Saudi Press Agency
الأزمة القطرية.. تباين في التوجهات
في 5 يونيو/ حزيران 2017، أعلنت بعض الدول العربية ومنها السعودية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر؛ مبررين ذلك بتدخلها في شؤونهم الداخلية ودعم الإرهاب. في تلك الأثناء التزمت تركيا الحياد لفترة، لكنها لم تلبث حتى أعربت عن وقوفها إلى جانب قطر. وصرح رجب طيب أردوغان في 9 يونيو/حزيران 2017 بأن تركيا ستستمر بدعم أشقائها القطريين، ولن تتركهم وحدهم.
صورة من: picture-alliance/abaca/K. Ozer
2017.. حرب إعلامية
كانت السنة الفائتة سنة استثمار سعودي كبير في تركيا. إلا أن هذا لم يمنع البلدين من شن حرب إعلامية على بعضهما. إذ شكل موقف تركيا من القدس مادة دسمة للإعلام السعودي. في حين انهارت "الهدنة" التي تبناها الإعلام التركي لزمن، وشن هو الآخر هجوماً إعلامياً على السعودية، على خلفية الأزمة مع قطر وصراع الرياض مع الإخوان المسلمين.
صورة من: picture alliance /dpa/Saudi Press Agency
2018.. عام تبديد الخلافات؟
بالرغم من أن التنافس بين السعودية وتركيا حول قيادة العالم الإسلامي قد يبدو جلياً للبعض، إلا أن وسائل الإعلام التركية قد أعلنت عن زيارة مرتقبة لولي العهد محمد بن سلمان إلى أنقرة، وهو ما جعل البعض ينتظر هذه الزيارة التي من الممكن أن تذيب أي خلاف يكون قد نشب مؤخراً ويعيد للعلاقات حيويتها من جديد. إعداد: مريم مرغيش