يمر رتل من سيارات البناء على موقع أنداسول 1 بمساحته الضخمة التي تتجاوز مساحة 70 ملعبا من ملاعب كرة القدم، تمتد عليها صفوف طويلة من آلاف المرايا الشمسية المثبتة بدقة كبيرة للغاية، وترتفع خلفها قمة جبل سيرا نيفادا المغطاة بوشاحها الثلجي الأبيض. هناك، قامت شركة سولار ميلينيوم الألمانية بتصميم حقل توليد الطاقة من أشعة الشمس، أما تنفيذ أعمال البناء فقد تولاه أحد الشركاء الأسبان. وعن هذا المشروع، يقول المدير التقني للشركة الإسبانية، أوليفر فوربروغ، بحماس كبير: "إن الموقع مثالي للغاية. فكلما نزلنا صوب الجنوب، كلما ازدادت أشعة الشمس. ومن المزايا الأخرى أننا على ارتفاع 1100 متر فوق مستوى سطح البحر، الأمر الذي يعني قلة تجمع الغيوم والرطوبة، ووفرة في أشعة الشمس".

إضافة إلى ذلك فإن الأرض المستوية، التي تتميز بها الأندلس، تشكل مزية أخرى من المزايا الأخرى للمشروع، فهي تعد ضرورية للمولدات المعتمدة على تقنية المعين البارابولي (Parabolic through) وهي عبارة عن عاكسات مؤلفة من مرايا مستطيلة الشكل. ومن ناحية أخرى، يتميز هذا الموقع بقربه من خطوط الضغط العالي، كما يؤكد فوربروغ قائلاً: "يمر هنا مباشرة موصل بقدرة 400 كيلوواط على حامل صغير عبر الموقع إلى موقعي أنداسول 2 و3، حيث تركب مجمعات حرارة الشمس على ارتفاع عدة أمتار"، وهي عملية تطلب الكثير من الدقة على حد قوله.

المزيد من الطاقة

يوضح فوربروغ أنه من الضروري عدم هدر أشعة الشمس، فمحطة توليد الحرارية هذه تعمل من خلال تسليط أشعة الشمس كلها على أنبوب الامتصاص، الذي يحتوي على الزيت في داخله. ويجب تركيز الأشعة على هذا الأنبوب حتى تصل درجة حرارة الزيت إلى أكثر من 400 درجة مئوية، ليُضخ فيما بعد من خلال مبادل حراري ينتج البخار. ويتم تسريب البخار لإدارة محرك من النوع العادي المستخدم في محطات توليد الطاقة الكهربائية.

وما يميز طريقة توليد الكهرباء حرارياً من أشعة الشمس، هو إمكانية خزن الحرارة المتولدة. عن هذا يقول، ماجيلو فوميكا، مدير فرع شركة سولار ميلينيوم في إسبانيا ، مشيراً إلى خزانين عملاقين للحرارة: "يمكنهما توليد طاقة متجددة حتى أثناء الليل، أو حين تحجب الغيوم أشعة الشمس". ويوضح فورميكا أن من مميزات هذه التقنية مقدار الطاقة الكبير المتولد من الحقل الشمسي العملاق، فمقدار هذه الطاقة يفوق قدرة محرك التوليد الحراري، الأمر الذي يتطلب خزنها في صهاريج عملاقة تحتوي على الملح المسال، الذي يتكون من الاحتفاظ بالحرارة الزائدة. وبحسب فورميكا فإن مقدار الحرارة المخزون يكفي لتوليد تيار كهربائي إضافي لمدة سبع ساعات ونصف.

دعم حكومي واستثمارات كبيرة

يعادل مقدار الطاقة المولدة من أنداسول1 وحده ما تنتجه حقول الخلايا الشمسية الاعتيادية في أسبانيا كلها، أي ما يقرب من 180 جيجاواط في الساعة كل عام، وهو ما يسد احتياجات 200 ألف شخص من التيار الكهربائي. ومن المزايا الأخرى لهذه الطريقة أيضاً إمكانية تركيبها على محطات توليد الكهرباء، التي تعمل بتقنيات أخرى، سواء كانت هذه المحطة قيد الإنشاء أم قائمة. وتمتع أسبانيا بمقدار كبير من أشعة الشمس لم يكن الدافع الوحيد لإقامة المشروع هناك، بل إن سياسة الدعم التي تقدمها الحكومة الإسبانية كانت سبباً آخر لجذب مثل هذه الاستثمارات. فالحكومة الإسبانية تضمن تعويض لأسعار الطاقة بمقدار 27 سنتاً للكيلوواط الواحد في الساعة وعلى مدى 25 عاماً.

الصحراء موطن سوق الطاقة مستقبلاً

يقول فورميكا: "لقد استعملنا قوة الرياح لتوليد الكهرباء في البداية، لكننا الآن تحولنا إلى توليدها من الطاقة الشمسية"، ويأمل أن يكون هذا الحقل واحداً من حقول مستقبلية أخرى من هذا النوع. ومن الطبيعي أن شركته كانت سعيدة للغاية بسبب الاستفادة من الخبرة الألمانية في هذا المجال. ويتم التخطيط الآن لإقامة ثمانية من هذه المجمعات في إسبانيا وحدها، لكن السوق الحقيقية لهذه المحطات سيكون في شمال أفريقيا. عن هذا يقول، خوسيه ألفونسو بيبرارا، المدير العام لشركة أي سي أس الإسبانية: "توجد حسابات، من بينها للمركز الألماني للطيران وبحوث الفضاء، تقول إن مساحة صغيرة من صحراء شمال أفريقيا يمكنها أن تسد حاجة أوروبا كاملة من الكهرباء".