مستقبل المساعدات التنموية الأوروبية في ظل الأزمة المالية العالمية
٢٢ أكتوبر ٢٠٠٩يناقش اليوم الخميس (22 تشرين الثاني/أكتوبر) في العاصمة السويدية ستوكهولم كبار السياسيين الأوروبيين رفقة ممثلين عن البنك الدولي والأمم المتحدة بالإضافة إلى ممثلين عن بعض الدول الفقيرة، مستقبل سياسة الدعم التنموي الأوروبية في ظل الأزمة المالية العالمية وكذلك مدى تأثيرها على استعداد الدول الأوروبية الغنية لتقديم الدعم للدول الفقيرة. وتنضم هذه الجولة في إطار "أيام التنمية الأوروبية" المقامة الحالية في العاصمة السويدية التي ستستمر إلى غاية 24 من الشهر الجاري.
رفع الدعم المالي للدول الفقيرة
ويعد الإتحاد الأوروبي أحد أهم المانحين على المستوى الدولي، إذ يقد وحده ما يعادل 55 بالمائة من مجموع المساعدات الدولية المُقدمة للدول النامية. كما أن قادته عبروا في العديد من المناسبات عن دعمهم لمخططات الأمم المتحدة الرامية إلى خفض مستويات الفقر إلى أقل من النصف بحلول عام 2015، فضلا عن تأكيدهم في العديد من المناسبات على أن سقف المساعدات المالية المخصصة للدول الفقرية لن يتراجع بسبب الركود الاقتصادي الذي واجهته الدول الأوروبية جراء الأزمة الاقتصادية العالمية. وفي هذا الإطار، أعلن الإتحاد الأوروبي عن عزمه رفع سقف المساعدات التي يقدمها لهذه الدول بحلول عام 2015 لتصل إلى 0.7 في المائة من مجموع ناتجه القومي الإجمالي.
بيد أن وزير الخارجية التشيكي، يان كهوت بدا أكثر تشاؤما، إذ أعرب عن تخوفه من أن يفشل الاتحاد الأوروبي في تحقيق مثل هذه الأهداف، موضحا أن في هذا السياق أن المساعدات التنموية خلال العام الماضي لم تصل إلى المستوى المطلوب، كونها لم تتجاوز 49 مليار يورو، أي ما يعادل 0.4 في المائة فقط من الناتج القومي الإجمالي.
عدم الوفاء بالوعود
ورغم أن دول الاتحاد التزمت جميعها بمعدل 0.7 في المائة كسقف للمساعدات التنموية، إلا أن دولا مثل إيطاليا لم تخصص السنة الماضية سوى 0.18 في المائة من ناتجها القومي الإجمالي، فيما لم تتجاوز نسبة ألمانيا 0.38 في المائة. أما الدانمارك، فكانت فقد خصصت نحو 0.82 في المائة من ناجها القومي الإجمالي مساعدات تنموية. وفي ظل هذه المعطيات، تشكك المنظمات الإنسانية في إمكانية نجاح الدول المانحة خلال السنوات الست القادمة في مضاعفة المساعدات التنموية المخصصة للدول الفقيرة.
وفي هذا السياق، اتهم اتحاد المنظمات الأوروبية غير الحكومية (Concord)، الدول الأوروبية بتضخيم الإحصائيات المتعلقة بالمساعدات العمومية عبر إدراج نفقات تكوين الطلبة الأجانب داخل أوروبا واستقبال اللاجئين وإلغاء الديون. ومن تمّ صرح خافير بريريرا، المتحدث عن الاتحاد، الذي يضم 1600 منظمة متخصصة في المساعدات العمومية من أجل التنمية، "أن المال يظل بحوزة الدول المانحة وبالتالي لا يمكن استغلاله من أجل الوصول إلى الهدف المنشود، ألا وهو خفض مستويات الفقر إلى النصف في الدول الفقيرة". مضيفا أن الاتحاد الأوروبي يضر باقتصاديات دول الجنوب عبر سياسية الدعم التي ينتهجها خصوصا في القطاع الزراعي.
قروض للأشخاص وليس للحكومات
وبحكم ارتفاع نسب الجوع والفقر في العالم في الآونة الأخيرة بسبب الأزمة المالية العالمية، يسعى المفوض الأوروبي كاريل دي غورت إلى تأمين المزيد من المساعدات. معللا ذلك بالقول "علينا أن لا نترك الدول الإفريقية الفقيرة ودول الكاريبي والمحيط تواجه بمفردها نتائج الأزمة العالمية". وأمام مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة، ذكر ذي كورت، "أن شروط الحياة لحوالي مليار شخص باتت في خطر، وبالتالي على الدول الغنية أن تثبت للعالم أنها قادرة على الوفاء بوعودها، كما أنه عليها التحرك بشكل فعّال ومستمر، وفقا لآليات ذكية، حتى لا تذهب الأموال سدى من دون الاستفادة منها".
من جهتها تعتزم المفوضية الأوروبية تخصيص 12 مليار يورو كمساعدات مباشرة تقدمها إلى حكومات الدول الفقيرة، بدعوى أن الخطوة الأنجع والأسرع عوض تخصيص ميزانيات لدعم المشاريع الصغيرة. إلا أن روبير نوديك، المدير السابق لمنظمة "كاب أنمور" حذر من ذلك. فهو يعتقد "أن دعم حكومات الدول الفقيرة بشكل مباشر من شأنه تعزيز البيروقراطية الإدارية وتشجيع الرشوة في أوساط الطبقة الحاكمة". بينما يقول نوديك أنه "ينبغي تشجيع المسؤولية الفردية عبر منح القروض الصغيرة لأناس يودّون العمل للخروج من دائرة الفقر".
الكاتب: بيرند ريغارت/وفاق بنكيران
مراجعة: طارق أنكاي