مسلمو ألمانيا يشعرون بخطر اليمين المتطرف ويتضامنون مع اليهود
١٥ أكتوبر ٢٠١٩
شكل الهجوم على كنيس يهودي في هاله بشرق ألمانيا صدمة للمسلمين في البلاد أيضا، حيث أعلن المجلس المركزي لمسلمي ألمانيا تضامنه مع الجالية اليهودية ضد اليمين المتطرف، فيما يتحدث أعضائه عن تعاظم روح العداء ضد المسلمين أيضا.
إعلان
لا، الاعتداء على الكنيس في هاله لم يكن مفاجئا. لقد تم توقع هذا الشيء منذ مدة طويلة، كما يقول أيمن مزيك، رئيس المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا. فالاعتداء الذي استهدف الجالية اليهودية في مدينة هاله، كان بإمكانه أن يضرب أيضا الجالية المسلمة في المدينة، إذ أن اليهود والمسلمين مستهدفون على حد سواء من قبل الجناة. وبالتالي يدعم بعضهم البعض. وقال مزيك بأنه زار الجالية اليهودية في هاله.
ومنذ مدة يشهد أعضاء الاتحادات المنضوية تحت المجلس المركزي هجمات على دور عبادتهم. فالجالية المسلمة وحدها في هاله مثلا شكلت منذ سنوات هدفا لاعتداءات، إذ تم كسر زجاج النوافذ ورش عبارات نازية. وأثناء الاعتداءين الأخيرين تم إطلاق النار من مسدس على مؤمنين. لقد حصل تغير في الأجواء السائدة، كما يلخص رئيس المجلس المركزي الوضع.
ونشأت أجواء تشجع الجناة ليس فقط على الكلام، بل أيضا على الفعل. "السلوك يعكس ما يدونه بعض الإرهابيين اليمينيين ـ مثلا ذلك الذي كان في نيوزيلاندا ـ في بياناتهم، إذ ان نصوصهم تحرك مقلدين للقيام بنفس الشيء. ولذلك هي كارثة معلنة. وهذا ما يصدم".
وحسب وزارة الداخلية تم رصد 910 جنحة ذات خلفية معادية للمسلمين في عام 2018. وهذا تراجع خفيف بالمقارنة مع عام 2017 حيث تم تسجيل 1075 جنحة. في المقابل ارتفع عدد الهجمات ضد أشخاص، إذ أصيب في عام 2018 في هجمات معادية للمسلمين 40 شخصا بجروح في الوقت الذي وصل عددهم في السنة قبلها إلى 32 شخصا.
والمجلس المركزي للمسلمين ينطلق من أن الإحصائيات لا ترصد جميع التجاوزات ولا تعكس إلا جزئيا الوقائع. فهناك فجوة كبيرة، لأن المعنيين يتخلون في الغالب عن رفع شكوى.
معاداة المسلمين أيضا في وسط المجتمع
وتفيد بحوث خبير العلوم الإسلامية، كاي حافظ بجامعة إرفورت أن أكثر من 50 في المائة من الألمان يحملون ميولا معادية للمسلمين. وفي بعض المناطق في ألمانيا مثل تورينغن وساكسونيا ترتفع تلك النسبة إلى 70 في المائة وأكثر. والتحفظات القوية ضد الاسلام لا توجد في ألمانيا فقط على هامش المجتمع، بل هي متوغلة في وسطه.
وحتى بيرته فايس، عضو رئاسة اتحاد مكافحة التمييز في ألمانيا تلاحظ تحفظات متزايدة تجاه المسلمين. وفي الغالب يتعلق الأمر ببساطة بتحفظ واضح مثل: "مسلم وذكر يساوي عنيف"، كما قالت لصحيفة "هاندلسبلات". وتقول فايس بأن العنصرية المعادية للمسلمين تزداد في الحياة اليومية.
عنصرية يومية متزايدة
ويقول أيمن مزيك في حديث مع دويتشه فيله إن العنصرية اليومية ارتفعت بشكل ملفت. "البصق والنظرات القبيحة ما هي إلا تجارب يومية عادية لا تذكر. نحن نعيش في الشارع عنفا خطابيا وجسديا مفتوحا". وأكد أن الرادع ضعف بحيث أن الإهانة العنصرية والشتم ازدادت بقوة. وفي الأثناء تغيرت الأجواء إلى حد أن الذين كانت لهم دوما تحفظات أو اشمئزاز ضد المسلمين يعبرون عن ذلك بكل انفتاح. "في السابق لم يجرؤوا على ذلك، لكن الآن يفعلون ذلك". وهذا ينطبق على اليهود والمسلمين على حد سواء وعلى غرار الأشخاص الذين لهم بشرة مختلفة عن غالبية المجتمع.
وبعض أعضاء الاتحادات المنضوية تحت المجلس المركزي استنتجوا العبر من هذا العنف، كما يضيف مزيك. "الأطفال والنساء بوجه خاص في جاليتنا يشعرون بالخوف عند الذهاب إلى المسجد. فهم يتوجهون بنوع من الإرباك لصلاة الجمعة. والبعض الآخر لا يتوجه إلى الجماعة، لأنه ببساطة يخاف أو هو غير آمن. ويؤكد مزيك أن هذا لا يحق أن يحصل في دولة القانون وبلاد الحرية، وبالتالي فإن الاعتداء ضد الكنيس يشكل نقطة فاصلة.
فما الذي يجب فعله ضد اليمين المتطرف؟ مزيك يفكر في تعيين مفوض ضد معاداة المسلمين. "وفي آن واحد وجب تقوية الحوار والاستثمار في الأمن. فمن يريد مكافحة الراديكالية اليمينية، يجب عليه بدون تحفظ مكافحة معاداة المسلمين".
كرستين كنيب/ م.أ.م
في صور.. الهجمات على الكنس اليهودية في ألمانيا
محاولة الهجوم الأخيرة على كنيس يهودي في هاله بشرق البلاد ليست الأولى من نوعها في ألمانيا. إذ حتى بعد أهوال الحقبة النازية، مايزال الأفراد والنصب التذكارية وأماكن العبادة اليهودية هدفاً لهجمات معادية للسامية.
صورة من: Imago Images/S. Schellhorn
كولونيا، 1959: الصليب المعقوف وخطاب الكراهية
في أيلول/سبتمبر 1959، قام رجلان من الحزب النازي الألماني، برسم الصليب المعقوف وكتابة شعار "الألمان يطالبون بخروج اليهود"، على جدران الكنيس في كولونيا. انتشر بعد ذلك عبر ألمانيا رسومات وشعارات جدارية ضد السامية، تمكنت الشرطة من اعتقال الجناة، وقام البرلمان بتمرير قانون ضد "تحريض الناس"، والذي لازال حبراً على ورق.
صورة من: picture-alliance/Arco Images/Joko
لوبيك 1994: أول حريق متعمد على معبد منذ عقود
أصيب العالم بالصدمة بعد إحراق كنيس يهودي شمال لوبيك في آذار/مارس 1994، في هجوم يعتبر الأول من نوعه منذ عقود. تم في النهاية إدانة أربعة أشخاص من اليمين المتطرف. في اليوم التالي للحريق، تجمع 4000 شخص في الشارع، حاملين شعارات "لوبيك تحبس أنفاسها"، ولكن في العام 1995 تعرض ذات الكنيس إلى هجوم آخر.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Büttner
إيسن 2000: إلقاء حجارة داخل كنيس قديم
قام أكثر من 100 فلسطيني من لبنان، بإلقاء الحجارة على كنيس قديم في إيسن بغرب ألمانيا في تشرين الأول/أكتوبر 2000. جاء الحادث بعد مظاهرة ضد "العنف في الشرق الأوسط". أصيب خلال الهجوم شرطي ألماني، فيما نفى نائب رئيس الوفد العام لفلسطين في ألمانيا(الممثلية الفلسطينية) محمود علاء الدين تورطه.
صورة من: picture-alliance/B. Boensch
دوسلدورف 2000: حريق متعمد وحجارة
قام شاب فلسطيني، 19 عاماً، وآخر مغربي، 20 عاماً، بتخريب كنيس يهودي جديد في دوسلدورف باستخدام الحجارة ومواد حارقة في تشرين الأول/أكتوبر 2000، "انتقاماً" من اليهود وإسرائيل. وصرح المستشار الألماني، آنذاك، جيرهارد شرودير :"يجب أن يثور الناس ضد معاداة السامية". وعلى إثر الحادث قامت السلطات الفيدرالية وعدة مؤسسات غير ربحية بإطلاق حملات ضد التطرف.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Weihrauch
ماينز 2010: هجوم بقنبلة مولوتوف بعد وقت قصير من افتتاح كنيس
بعد وقت قصير من افتتاح كنيس في ماينز، قام متطرفون بإحراق الكنيس الجديد في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2010. المبنى المدهش، من تصميم المعماري مانويل هيرز، أنشئ فوق كنيس قديم تم إحراقه على يد النازيين عام 1938.
صورة من: picture-alliance/akg/Bildarchiv Steffens
فوبرتال 2014: مواد حارقة
في يوليو 2014، ألقى ثلاثة شبان فلسطينيين مواد حارقة بالقرب من الباب الأمامي لكنيس في فوبرتال. إلا أن المحكمة أقرت بعدم وجود "دليل قاطع" على معاداة السامية. أثار القرار الجدل بشكل واسع، وتسبب بموجة غضب وسط الجالية اليهودية في ألمانيا ووسائل الإعلام الأجنبية. وعليه أعلن رئيس الجالية اليهودية فوبرتال أن الحكم "دعوة لمزيد من الجرائم".
صورة من: picture-alliance/dpa/C. Seidel
برلين 2019: مهاجم وسكين
تسلق رجل وفي حوزته سكينًا حاجزًا يقع في المعبد اليهودي الجديد في برلين مساء يوم السبت 4 تشرين الأول/أكتوبر 2019، وذلك خلال الفترة المقدسة بين عطلتي "رأس السنة" ويوم كيبور. استطاع رجال الأمن السيطرة على المهاجم، الذي ظلت دوافعه غير واضحة. وقامت الشرطة لاحقاً بإطلاق سراحه، وهو قرار وصفه زعماء يهود بأنه "فشل" في تحقيق العدالة.
صورة من: picture-alliance/dpa/Avers
هاله 2019: إطلاق نار في يوم الغفران
تجمع حوالي 80 شخصًا في الكنيس بعد ظهر الأربعاء للمشاركة في مراسم يوم الغفران، والذي يعتبر أقدس يوم في التقويم اليهودي. وبحسب ما ورد، حاول المهاجم المزعوم إطلاق النار على المعبد، ولكن لم يتمكن من المرور عبر باب الأمان. قتل اثنين من المارة وأصيب آخرين بإطلاق النار. وقد تمكنت الشرطة من إلقاء القبض على الفاعل، ليثبت لاحقاً أن لديه سجلا من الخطاب اليميني المتطرف ومعاداة السامية وكراهية النساء.