طالبت وزيرة دنماركية المسلمين بأخذ إجازة في رمضان لكي لا يتسببوا في مخاطر على السلامة العامة حسب قولها. وفي ألمانيا طالب أطباء المسلمين بعدم أجبار أطفالهم على الصوم. فما رد المسلمين على ذلك؟
إعلان
رمضان.. جدل حول صيام الأطفال والتأثير على العمل بأوروبا
01:35
كل عام في رمضان تكون المجتمعات الأوروبية على موعد مع سؤال تزداد أهميته باستمرار: كيف يمكن التوفيق ما بين حرية ممارسة المعتقد وبين الأعراف العامة للمجتمع؟ فقبل رمضان وبالتزامن معه تضج الأوساط السياسية ووسائل الإعلام في أوروبا بتصريحات وبتقارير تتحدث عن تحديات شهر رمضان بالنسبة للصائم وللمجتمعات الأوروبية غير المعتادة تقليدياً على هذا الطقس الإسلامي.
وآخر ما صدر في هذا السياق كانت مطالبة وزيرة الهجرة والاندماج الدنماركية إنغر ستويبرغ بأن يأخذ المسلمون إجازة طيلة شهر الصيام. وعللت الوزيرة ذلك بأن الصيام يؤثر على تركيز الصائم وقدرته على أداء عمله بشكل جيد، مما قد يشكل مخاطر على السلامة العامة في بعض المهن. وكالعادة وجدت هذه المطالبة من يدافع عنها، فيما رأي فيها آخرون تعارضاً مع حرية ممارسة العقيدة.
"رمضان شهر عطاء وليس شهر كسل"
للوقوف على الرأي بعض المفكرين المسلمين حول مسألة التغيب عن العمل في أوقات الصيام أجرت DW عربية حواراً مع الدكتور محمد حبش، أستاذ الدراسات الإسلامية في كلية الحقوق في جامعة أبو ظبي. وبرأي حبش التغيب عن العمل في رمضان "غير مشروع إلا في العشر الأخير من الشهر حيث يحق للمسلم أن يعتكف وينقطع للتعبد إن شاء". ولكن الانقطاع عن العمل مخالف للسنة، فرمضان شهر عطاء وليس شهر كسل حسب قوله.
أما الطبيبة البرلينية مها عبد الوهاب فقالت في حديث مع DW عربية إن للامتناع عن الأكل والشرب لفترة طويلة تأثيراً على التركيز والنشاط لدى الصائم. وأضافت أن العديد من زملائها الجراحين مثلاً يمتنعون عن الصيام في الأيام التي يكونون فيها على موعد مع عملية جراحية تتطلب الكثير من الدقة والتركيز، وقالت "من غير المعقول أن نعرض حياة شخص آخر للخطر حتى نصوم".
"إجبار الأطفال على الصيام ممنوع شرعاً"
تصريحات الوزيرة الدنماركية جاءت بعد أيام من صدور بيان لاتحاد أطباء الأطفال واليافعين في ألمانيا ناشد المسلمين بأن يحرصوا على أن يتناول أطفالهم الطعام والشراب أثناء النهار لما لذلك من أهمية على صحة ونمو الطفل، ولما لذلك من تأثير على أدائهم في المدرسة. المناشدة توجهت أيضاً إلى المجلس الأعلى للمسلمين، ليتخذ موقفاً واضحاً تجاه مسألة صوم الأطفال.
وفي حديث مع DW عربية أبدى عبد الصمد اليزيدي، الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، تفهماً لمناشدات الأطباء الألمان وقال: "بالإمكان أن نشجع الأطفال على الصيام، ولكن بدون مبالغة، كأن يصوم الطفل ساعة في اليوم أو ساعتين".
وأكد اليزيدي على أن المجلس الأعلى للمسلمين يتفق مع هذه التوصية ويوصي بها في المساجد. هذا الكلام يتوافق مع رأي الدكتور محمد حبش الذي قال: "إجبار الطفل على الصيام ممنوع شرعاً وقد يصل إلى رتبة الحرام". ولكن، وإن كانت الطفولة بحسب المفهوم الأوروبي تنتهي ببلوغ سن الرشد، فمتى تنتهي بالنسبة للشرع الإسلامي ليصبح الصوم فرضاً؟.
"المطلوب هو اجتهاد الفقهاء المسلمين في أوروبا"
يقول الدكتور محمد حبش بأنه حسب المذاهب الشرعية يتوجب على المسلم أن يصوم اعتباراً من سن الخامسة عشرة. بيد أنه يربط ذلك بقدرة الإنسان على الصوم. وهو رأي اتقفت معه الطبيبة البرلينية مها عبد الوهاب، التي قالت إن الأطفال لا يجوز أن يصوموا قبل سن الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة.
وتضيف الطبيبة عبد الوهاب أنه "من الطبيعي أن تظهر على الأطفال وعلى الكبار أيضاً علامات التعب والإرهاق بسبب الامتناع عن الأكل والشرب لفترة طويلة، ولكن هذا جزء لا يتجزأ من الصيام"، الذي تعتبره عبد الوهاب "نوعاً من قهر الجسد لأجل تقوية النفس" حسب قولها.
أما بالنسبة للمدراس وأرباب العمل في أوروبا يبقى الأهم هو الحفاظ على المستوى المطلوب من الأداء الدراسي أو المهني لدى المسلمين بغض النظر عن مسألة صيامهم من عدمها. وبرأي الدكتور محمد حبش فإن هذا يتطلب اجتهاداً من الفقهاء في أوروبا لينظموا أوقات الصوم بما يوازي الدول المحيطة بحزام مكة حتى لا تتجاوز مدة الصوم اثنتي عشرة ساعة، ولا يتحول الصيام إلى عمل شاق يفوق قدرة الإنسان على التحمل.
ميسون ملحم
ملف صور: المسلمون في أوروبا.. الانتشار والأعداد
ينتشر المسلمون في القارة الأوروبية دون استثناء أي بلد منها. غير أن بعض تجمعاتهم تستقر في دول بعينها نتيجة أسباب سياسية أو تاريخية أو بحثاً عن سبل العيش. المزيد في ملف الصور التالي:
صورة من: Getty Images/S. Gallup
فرنسا
تعد فرنسا البلد الذي يوجد فيه أكبر عدد من المسلمين في أوروبا، إذ يقدر عددهم بحوالي 5 مليون مسلم. أغلب هؤلاء المسلمين ينتمون إلى دول المغرب العربي وشمال أفريقيا. عرفت أعداد المسلمين في فرنسا تزايداً ملحوظاً بعد الحرب العالمية الأولى، إذ كان البلد في حاجة إلى الأيدي العاملة.
صورة من: AP
ألمانيا
تعتبر ألمانيا من بين أهم الدول التي قصدها مسلمون منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ويقدر عدد المسلمين في ألمانيا بحوالي 5 مليون شخص. وتتجاوز نسبة الأتراك الثلثين. كما أن عدد المسلمين بهذا البلد عرف تزايداً، خصوصاً ما بين عامي 2010 و2016، حيث قصدها حوالي مليون لاجئ. وحسب الدراسات فإن 86 بالمائة من اللاجئين الذين قصدوا ألمانيا مسلمون. ويضم البلد مئات المساجد وعشرات المراكز الدينية.
صورة من: Getty Images/M. Hitij
بريطانيا
يتمركز أغلب المسلمين في بريطانيا في العاصمة لندن. وتنقسم أصولهم بين قادمين من الهند، الشرق الأوسط وأفريقيا. أحدث دراسة في الموضوع أشارت إلى أن المملكة المتحدة لم يدخلها لاجئون مسلمون كثر بين 2010 و2016، إذ قدر عددهم بـ 60 ألف. وبشكل عام، فعدد المسلمين الذين وصلوا إلى المملكة منذ 2010 يناهز 43 بالمائة من المهاجرين لبريطانيا.
صورة من: Getty Images/D. Kitwood
إسبانيا
عاش جزء من إسبانيا تحت الحكم الإسلامي لفترة طويلة، وما تزال تحتفظ في بعض مدنها بآثار ذلك. حسب إحصاءات 2012، فإن أكثر من مليون و900 ألف شخص يعتنقون الدين الإسلامي في البلد. ينحدر أكثرية المسلمين هناك من الأصول الأمازيغية، خاصة من شمال المغرب وبعض البلدان الإفريقية. ويتوزع المسلمين على مدن عديدة أهمها: مدريد وكتالونيا والأندلس وفالنسيا ومورثيا وكانارياس..
صورة من: Fotolia/Mariusz Prusaczyk
إيطاليا
حسب إحصائية تعود لـ2016، فإن المغاربة المسلمين يقدرون بحوالي نصف مليون مسلم، ضمن أكثر من مليون و700 ألف شخص يعتنق الإسلام. المسلمون في إيطاليا يتركزون في الجهات الصناعية في شمال البلد، كما تضم العاصمة لوحدها أزيد من 100 ألف مسلم. وبالنسبة لدور العبادة، فتضم روما واحداً من أكبر المساجد في أوروبا فضلاً عن مساجد أخرى تنتشر في المدن والحواضر.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Lo Scalzo
هولندا
في العقود الأخيرة من القرن الماضي، استقطبت هولندا اليد العاملة من "بلدان مسلمة" كتركيا والمغرب. وتشير بيانات إلى أن عدد المسلمين في هولندا تجاوز 850 ألف مسلم في 2006. كما أشارت صحيفة AD الهولندية مؤخراً إلى أن الإسلام يعرف انتشاراً واسعاً داخل البلد، وعززت ذلك بأرقام تفيد تنامي الإسلام بامستردام على غرار الديانات الأخرى.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Johnson
بلجيكا
يقصد الكثير من المسلمين بلجيكا، ويتجاوز عددهم هنالك 700 ألف مسلم من أصول مغربية بالدرجة الأولى. يحتل الإسلام الرتبة الثانية ضمن الديانات المعتنقة في البلد. وحسب تقرير لجريدة الإيكومنست البلجيكية، في وقت سابق، فإن نصف أطفال المدارس الحكومية في بروكسيل من عائلات مسلمة. كما يوجد في العاصمة أكثر من 300 مسجد. تعترف بلجيكا بالدين الإسلامي وتخصص ميزانية لتدريس التربية الإسلامية، ودفع رواتب بعض الأئمة.
صورة من: DW/K. Hameed
الدانمارك
وصل الإسلام حديثاً إلى الدنمارك وذلك مع هجرة العمال المسلمين بدءاً من منتصف القرن العشرين. ويقدر عدد المسلمين حوالي 300 ألف مسلم، أي 5 بالمائة تقريباً من سكان الدنمارك. وينحدر أغلبهم من تركيا ودول عربية. كما يوجد من بين المسلمين ألبان وباكستانيون ودنماركيون
صورة من: picture-alliance/Scanpix Denmark/S. Bidstrup
اليونان
تقدر نسبة المسلمين في اليونان بحوالي 3 بالمائة من إجمالي السكان. وتعتبر اليونان من بين الدول الأولى التي عرفت الإسلام، إذ قدمت جيوش المسلمين إلى جزيرة "رودوس" أول مرة عام 654 ميلادي. يوجد خمس مجموعات سكانية مسلمة في البلد، تنقسم إلى: أتراك وبوماك وألبان وغيرهم إضافة إلى المهاجرين. يوجود الكثير من المساجد في البلد، ويرجع الكثير منها للعهد العثماني.
صورة من: Getty Images/M. Bicanski
بولندا
تعود بدايات المسلمين في بولندا إلى القرن الرابع عشر ميلادي. ويعتبر حالياً عدد المسلمين هناك قليلاً مقارنة بالبلدان الأوروبية الأخرى. توجد بعض الإشارات التي تقول أن عدد هؤلاء يصل إلى 31 ألف مسلم فقط، أي ما يقارب 1 بالمائة من مجموع عدد السكان. ويوجد أكبر تجمع إسلامي في مدينة بياوتسنوك. تشير بعض الإحصائيات إلى أن عدد المسلمين، عام 2050، سيصير ضعف العدد الذي يوجد عليه الآن. إعداد: مريم مرغيش