مسلمو الروهينغا لا مأوى لهم .. طوفان الهجرة قد بدأ
١٥ مايو ٢٠١٥واصلت أزمة اللاجئين تصاعدها في منطقة جنوب شرق أسيا. وبعدما عُثِرَ مؤخرا على 30 قبرا في جنوب تايلاند للاجئين يفترض أنهم من الروهينغا المسلمين؛ أعلن رئيس الوزراء التايلاندي برايوت تشان أوشا الحرب على عصابات المهربين "المتاجرين بالبشر"، وقيل إن طرق اللاجئين التقليدية سوف يتم مراقبتها بإحكام.
بين الحين والآخر يغامر عشرات الآلاف من أفراد أقلية الروهينغا المسلمة، التي تعود جذورها إلى بنغلادش و ميانمار ( بورما سابقا)، باجتياز البحر من أجل الوصول إلى جنوب تايلاند. ومن هناك يواصلون رحلتهم قاصدين ماليزيا، هربا من العنف والعنصرية التي يتعرضون لها في ميانمار، أو باتخاذها محطة عبور لبلدان أخرى. إلا أنه بعد الحصار الذي فرضته السلطات التايلاندية أصبح من الصعب على المهربين إيصال اللاجئين إلى تايلاند مما يضطرهم إلى المغامرة بالإبحار في طرق بحرية خطرة.
ووصل الجمعة (15 مايو/ أيار 2015) حوالى 900 مهاجر من الروهينغا وبنغلادش إلى شواطئ إندونيسيا وتايلاند وأوضح قائد الشرطة في منطقة لانغسا في إقليم أتشيه الإندونيسي حيث وصل المهاجرون أن صيادي أسماك أنقذوا المهاجرين، وبينهم 61 طفلا، أثناء غرق مركبهم وقاموا بنقلهم إلى الشاطئ. وليس بعيدا عن هؤلاء، تم إنقاذ 47 مهاجرا في مركب آخر بعدما بدأ الركاب الجياع بالقفز في المياه ليطلبوا النجدة من الصيادين.
وفي وقت مبكر الجمعة، غادر مركب يقل 300 من أقلية الروهينغا المياه التايلاندية بعدما أصلحت السلطات محركه وزودته بالمواد الغذائية، وفقا لمسؤول تايلاندي.
الآلاف معرضون للموت في وسط البحر
وتؤكد المنظمات الدولية وجود آلاف المهاجرين التائهين في البحر، فيما تعمد حكومات دول المنطقة، إندونيسيا وماليزيا وتايلاند، إلى رد القوارب بعيدا عن سواحلها، متجاهلة الدعوات إلى وقف هذه السياسة. وتخلى المهربون عن هؤلاء اللاجئين وسط البحر خوفا من السياسة الجديدة القمعية التي تنتهجها تايلاند، التي تعد طريق العبور التقليدي لشبكات تهريب المهاجرين. وتمكن مئات المهاجرين رغم ذلك من الوصول إلى السواحل الإندونيسية بعدما قال لهم المهربون إنها سواحل ماليزيا، وتم استقبالهم في مخيمات أقيمت بشكل عشوائي في إقليم أتشيه.
ومنذ سنوات يهرب أفراد أقلية الروهينغا من ميانمار، وتعتبرها الأمم المتحدة إحدى المجموعات الأكثر تعرضا للاضطهاد في العالم. ووفق الأرقام الصادرة من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) فان هنالك ما لا يقل عن 25 ألف لاجئ من الروهينغا في العام 2014، بينما زاد هذا العدد إلى أكثر من الضعف في الأشهر الثلاثة الأولى فقط من العام الحالي.
قبل 150 عاما جلب البريطانيون أجداد الروهينغا الحاليين من بنغلادش إلى ميانمار، حيث استقروا في ما يعرف اليوم بإقليم "راخين" على خليج البنغال. وتعتبر سلطات بورما وغالبية سكانها من البوذيين، أن الروهينغا البالغ عددهم 1.3 مليون شخص ليسوا سوى مهاجرين بنغلادشيين غير شرعيين. وسبق أن تعرضت أقلية الروهينغا لأعمال عنف طائفية في السنوات الأخيرة. وقتل حوالي 200 شخص في المواجهات الدامية التي حصلت في العام 2012 بين الروهينغا والبوذيين. وتم تهجير عشرات الآلاف.
وللاَن فإنه وحسب إحصاءات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) فإن حوالي 140 ألف من الأقلية المسلمة تعيش في أوضاع مزرية في مخيمات تفتقد إلى ضروريات العيش الكريم. وتعاني من قلة الغذاء ومياه الشرب. لهذا فان الطريق الوحيد للكثيرين منهم هو الهجرة.
استحالة التعايش بين الروهينغا والبوذيين
الوضع القانوني للأقلية المسلمة في ميانمار غير واضح حتى الآن. وبالنسبة للأغلبية البوذية هناك فإن طرح موضوع الروهينغا هو من المحرمات. كما أنه من المعتاد أن يسموهم البنغاليين نسبة إلى بنغلادش. علاوة على ذلك فإن حكومة مينامار لا تعترف بهم من ضمن الأقليات الإثنية المعترف بها. كما أن بنغلادش لا تعتبر نفسها مسؤولة عنهم وذلك لتواجدهم منذ أجيال عديدة في ميانمار. لذلك يحاول كلا البلدين أن يدفع الآخر ليكون مسؤولا عن شؤون أقلية الروهينغا. وهذا كله له عواقب، فهم محرومون من التصويت في الانتخابات، وفرصهم في الحصول على مزايا التعليم أو الصحة ضئيلة جدا إضافة إلى أن حرية التنقل لديهم محدودة.
وكان رئيس جمهورية ميانمار "تهاين زاين" قد شكل لجنة للتحقيق في اضطرابات إقليم راخين التي حدثت عام 2012 وخلصت اللجنة إلى أن إمكانية التعايش مستحيلة وأن الأطراف المتصارعة ليست مستعدة للتعايش السلمي.
ويوجد رهبان بوذيين متطرفون من أمثال ويمالا و كذلك ويراتو، الذي وصفته مجلة "الأكونومست" بأنه من "الشوفينيين المتعصبين"، ينشرون كتابات محرضة ضد المسلمين، يدعون فيها إلى مقاطعة التعامل التجاري مع المسلمين ويطالبون بحظر الزواج منهم والاختلاط معهم. وفي كانون الثاني/ يناير من العام 2015 قام ويراتو بسب وشتم المقررة الخاصة بالأمم المتحدة "يانغ هي لي" ووصفها بالـ"عاهرة"، حيث كانت لي مكلفة من قبل الأمم المتحدة بمهام منها تقييم وضع المسلمين في ميانمار.
الحكومة والمعارضة في ميانمار تتجنبان الخوض في تفاصيل الروهينغا على وجه الخصوص قبل الانتخابات البرلمانية والتي من المقرر أن تجرى في نوفمبر من العام الحالي، لأن الساسة على يقين بأن أغلبية الناخبين يكنون العداء للأقلية المسلمة.
ما يعني أن الأوضاع لا تحمل حلولا قريبة وهي كما وصفها المؤرخ والمستشار في الأمم المتحدة جاك لايدر بأنه "لسنوات عديدة ستظل هذه المشكلة مستعصية على الحل".