1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مسيحيو العراق: منسيون في الغربة غرباء في الوطن!

مناف الساعدي بغداد - بيروت١ سبتمبر ٢٠١٣

قد لا تنتهي معاناة بعض مسيحيي العراق، الذين يضطرون لمغادرة بلادهم، بمجرد عبور حدود العراق إلى دولة مجاورة يأملون أن تكون محطة توقف مؤقتة نحو وطن آمن. DW عربية تسلط الضوء على معاناة بعض المسحيين العراقيين في بيروت.

Main title: Christian migration from Iraq. Photo titl: Iraq is witnessing a great migration of Christ, Baghdad, Iraq. Place and Date: Iraq, Baghdad, Aug, 29,2013. Copyright\ Photographer: Munaf Al.saidy Zulieferer: Abdo Jamil Al-Mikhlafy
صورة من: Munaf Al Saidy

"لا أريد العودة إلى بلدي...أفضل الموت هنا رغم فقري"، تنساب الكلمات مخلوطة بألم عبد المسيح فريد (40 عاماً)، وهو لاجئ مسيحي عراقي في بيروت، خلال حديثه مع DW عربية. ويروي فريد تفاصيل مجيئه المأساوي إلى لبنان، "بعد أن فقدت ولدي (14 عاماً) مع شقيقتي الصغرى في حادثة كنيسة النجاة، نجوت بأعجوبة من محاولة قتل كادت أن تودي بحياتي، عندها فقط قررت أن اهرب من بغداد إلى سوريا".

واقتحم مسلحون ينتمون إلى "دولة العراق الإسلامية"، يوم 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2010 كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك الواقعة في منطقة الكرادة وسط بغداد وقتلوا 44 من المصلين بالإضافة إلى قسيسين وستة من عناصر الأمن.

في عام 2010 تم الإعتداء على كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في بغداد وقتل العشرات من المصليينصورة من: picture alliance/dpa

ويضيف فريد، الذي يسكن مع عائلته المؤلفة من أربعة أفراد في منطقة "الزعيترية"، شمال بيروت وهي من المناطق الشعبية الفقيرة التي تعاني الفقر ونقص الخدمات، "مكثنا في إدلب السورية لمده عام واحد حتى اندلعت الأحداث هناك، بعدها قررت وعائلتي الفرار إلى لبنان". ويقطن منطقة فريد خليط من اللاجئين العراقيين والسوريين.

"لا فرص عمل ولا مورد اقتصادي يحميني من الغلاء المعيشي في بيروت التي تفوق أسعار السكن فيها وموادها الغذائية عن مقدرتي المالية بأضعاف"، يؤكد فريد الذي عليه دفع مبلغ 250 دولارا كبدل سكنه شهرياً، معتمداً بذلك على رصيد حسابه المصرفي في توفير قوته وقوت عائلته اليومي.

مسكن فريد الذي لا يتجاوز حجمه الـ50 متراً يفتقر إلى ابسط مقومات الراحة، يُضاف إلى هذه المصاعب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي والماء على حد سواء. وفي ظل إهمال الحكومة العراقية للاجئين العراقيين خارج البلد، الذين اضطرتهم دوامة العنف الدامي إلى الهرب من البلد، تزداد مأساة عائلة فريد، إذ يبدو أن التمييز يلاحقه حتى هنا، عن ذلك يقول فريد: "الحكومة العراقية نسيتنا والجمعيات الخيرية المسيحية هنا متحيزة لجهة ما على حساب الأخرى".

وينوه فريد، الذي يعمل حارساً في مراب للسيارات في بيروت براتب 200 دولار شهرياً، "منذ عامين ونصف وأنا أنتظر بفارغ الصبر طلب الموافقة على لجوئنا إلى أوروبا بعد أن قدمت ملف عائلتي لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين".

وتشير أرقام كنسية إلى أن نحو ستين كنيسة من بين مئات دور العبادة استهدفت في العراق منذ 2003، فيما أدت هذه الهجمات إلى مقتل أكثر من 900 مسيحي عراقي وإصابة نحو ستة آلاف بجروح.

وساهمت هذه الهجمات وخصوصاً جريمة كنيسة سيدة النجاة في دفع المسيحيين الذي يشكلون ما نسبته 2 بالمائة من عدد سكان العراق نحو الهجرة إلى الخارج بعيداً عن بلاد يحكم شوارعها العنف اليومي العشوائي منذ حوالي عشر سنوات.

سبعة أعوام من الانتظار

معاناة دورس البرت ميخائيل (48 عاماً) خطتها ريشة القدر الدامي نفسه، التي رسمت أبعاد مأساة فريد. جاءت البرت إلى لبنان عام 2006 على أمل ألالتحاق بوالدتها التي تسكن العاصمة البريطانية لندن. وتقول ميخائيل في حديثها مع DW عربية، " قبل نحو سبعة أعوام تلقيت تهديدات بالقتل. أمهلوني 24 ساعة فقط للفرار ومغادرة منطقة سكناي المتشددة دينياً في بغداد، عندها قررت المجيء إلى بيروت وتقديم ملف لجوئي إلى أوروبا".

دورس البرت ميخائيل تنتظر منذ 7سنوات في بيروت بعد أن اضطرت لمغادرة العراق تحت التهديدصورة من: Munaf Al Saidy

أجرت البرت العديد من المقابلات مع سفارتي ألمانيا وايطاليا، لكن كل الوعود بالحصول على فرصة اللجوء إلى أوروبا "بقيت حبراً على ورق... وقدمت أكثر من طلب للالتحاق بوالدتي ولكني لم افلح في ذلك"، تؤكد ميخائيل وكلها أمل في أن تلتحق بوالدتها يوما ما.

وتوضح ميخائيل التي حزمت حقائبها منذ مجيئها إلى لبنان استعداداً للرحيل في أي وقت قد يصادق فيه على ملف لجوئها، أن "أوضاع مسيحيي العراق ومنذ عام 2003 وحتى الآن تتجه نحو المجهول".

ويقيم المسيحيون في العراق مع باقي مكونات المجتمع علاقات طيبة تمتد إلى مئات السنين، ويمثلهم وزير واحد في الحكومة العراقية وخمسة نواب في البرلمان المؤلف من 325 نائبا.

"النتائج جاءت مغايرة لطموحاتنا"

"كنا متشوقين نحن (المسيحيون)، كبقية مكونات الشعب العراقي، إلى الإصلاحات والحرية التي كانت البلاد ستشهدها بعد عام 2003، بسبب ما عانيناه من ضغط عسكري ونفسي في زمن النظام السابق وكذلك صعوبة السفر والتنقل بحرية إلى خارج العراق". هذا ما قاله بطريرك الطائفة الكلدانية في العراق والعالم لويس ساكو.

وبلغ تعداد المسيحيين في العراق في الثمانينات ما بين مليون إلى مليوني نسمة، وانخفضت هذه النسبة خلال فترة التسعينات بسبب توالي الحروب وتردي الأوضاع الاقتصادية، وهاجر القسم الأكبر منهم بعد عام 2003 بسبب أعمال العنف التي طاولتهم في مناطق مختلفة من العراق.

ويضيف ساكو في حوار مع DW عربية: "لقد خاب ظننا. والنتائج جاءت مغايرة لتوقعاتنا، لأسباب عدة كتنامي أعمال العنف خلا الفترة التي أعقبت عام 2003 والصراع على السلطة، وجميعها انعكست على الشارع بشكل سلبي".

وزاد بالقول: "ونتيجة لعدم التوافق السياسي بين سياسي العراق فقد ضحى المكون المسيحي، بنحو ألف شهيد بعد الحقبة التي أعقبت دخول قوات التحالف إلى العراق، ناهيك عن تدمير نحو أكثر من 60 كنيسة. فيما هجر العديد منهم (مسيحيي العراق) إلى خارج البلاد". ومساعدة لاجئي مسيحيي سوريا وإمدادهم بالغذاء والدواء أثر كثيراً على معوناتنا تجاه أقرانهم العراقيين".

الأزمة السورية أثرت على معونات العراقيين

وبعد أن كثر الحديث عن معاناة مسيحيي العراق في لبنان اتجهت DW عربية إلى جمعية "كاريتاس لبنان" التي تعني (المحبة) باللغة العربية، والتي تأسست عام 1972 في لبنان، للسؤال عن المساعدات التي يتلقونها وطرق هجرتهم.

سحر عيسى، المساعدة الاجتماعية في جمعية "كاريتاس لبنان": "الأزمة السورية أثرت على معونات العراقيين"صورة من: Munaf Al Saidy

وتقول سحر عيسى، المساعدة الاجتماعية في الجمعية، إن "منظمتها تعمل بالتعاون مع الهيئة الكاثوليكية للإغاثة في الفاتيكان على تقديم الحماية القانونية والمنح المالية والمساعدات الخيرية والطبية للاجئين المسيحيين العراقيين في بيروت".

وبينما تنشغل بمتابعة الملفات الخاصة بقضايا اللاجئين العراقيين، تضيف عيسى في حوارها DW عربية، أن "مساعدة لاجئي مسيحيي سوريا وإمدادهم بالغذاء والدواء أثر كثيراً على معوناتنا تجاه أقرانهم العراقيين".

وتكشف عيسى، التي تشرف منظمتها على متابعة شؤون اللاجئين في تسع مناطق من بيروت، أن "أغلب مسيحيي العراق يفضلون الهجرة إلى أمريكا وكندا وألمانيا وايطاليا وفرنسا والسويد وغيرها من البلدان الأوروبية".

"وتشير إحصائياتنا أن أكثر من 900 عائلة مسيحية هاجرت قسراً من العراق إلى بيروت بعد عام 2003، أما خلال العام الحالي فقد بلغ عدد العائلات التي جاءت هنا بنحو 100 عائلة وهي تعيش في وضع معيشي متوسط وأغلبهم ينتظرون الترحيل إلى دول المهجر".

وبحسب مراقبين فإن قلق المسيحيين في العراق لا يرتبط بما يحدث في البلاد فقط إذ يثير مخاوفهم تصدر الإسلاميين المشهد السياسي في عدد من الدول العربية، وكذلك بوادر صراع كبير بين السنة والشيعة في المنطقة.

تكرار السيناريو؟

من جهته، يقول أستاذ الفكر السياسي في الجامعة المستنصرية ببغداد سعد سلوم: إن "العراق يشهد أكبر هجرة لأتباع الديانة المسيحية والأقليات في تاريخه المعاصر وذلك بعد هجرة اليهود"، في عام 1948. مبيناً أن هناك جهات إقليمية دولية تغذي مشروع أسلمه المجتمع العراقي. ويوضح سلوم في حوار مع DW عربية: أن "هجرة المسيحيين سوف يهدد تقسيم البلاد على المستوى السياسي، فضلاً عن إبادة الثقافة العراقية"، مبيناً أن" الهوية العراقية تمتاز بالتعددية وهجرتها تعني نهاية هذه الهوية". ويشير سلوم إلى أن "وجود الأقليات في العراق والمنطقة سوف يمثل عائقا كبيرا أمام تنفيذ هذا المشروع (الأسلمة). فكلما كانت المنطقة خالية من التعددية كلما استطاعت هذه الجهات فرض سيطرتها دون رقيب أو المطالبة بالحريات أو حقوق الأقليات".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW