بعد حوالي أسبوعين على مقتل نائل م. برصاص الشرطة، تجاهل مئات المحتجين حظراً يقضي بعدم تنظيم أي احتجاج في وسط باريس على عنف الشرطة. كما رصدت عشرات التظاهرات من باريس إلى مرسيليا ومن نانت إلى ستراسبورغ.
احتجاجات في عدة مناطق في فرنسا ضد عنف الشرطةصورة من: Bertrand Guay/AFP/Getty Images
إعلان
نّظم ناشطون فرنسيون "مسيرات مواطنين" تعبيراً عن "الحزن والغضب" ضد عنف الشرطة في عدد من المدن الفرنسية، السبت (الثامن من تموز/يوليو)، بما في ذلك العاصمة باريس رغم منع إقامة مسيرة، بعد أيام من مقتل الشاب نائل م. برصاص شرطي خلال تدقيق مروري، ما أثار أعمال شغب ليلية عمت البلاد.
في باريس، تجمّع أكثر من ألف شخص بعد ظهر السبت لإحياء ذكرى الشاب الأسود أداما تراوري، الذي قُتل خلال عملية توقيف في تموز/يوليو 2016، وذلك رغم أمر من الشرطة بمنع إقامة ما اعتبرته "تجمّعاً غير معلن ينطوي على مخاطر إخلال بالنظام العام". وقالت آسا تراوري شقيقة أداما في ساحة الجمهورية أمام عدد من نواب حزب "فرنسا الأبية" (يسار راديكالي) ومحاطة بقوات أمنية "نسير من أجل الشباب، من أجل التنديد بعنف الشرطة".
وأضافت "تسمح السلطات بمسيرة للنازيين الجدد لكن لا تسمح لنا نحن بمسيرة"، في إشارة إلى مسيرة نظّمها مئات من ناشطي اليمين المتطرف في أيار/مايو الماضي في باريس أثارت جدلاً لأن السلطات كانت قد سمحت بها.
وتابعت الناشطة التي لم تطلب بشكل مباشر من مؤيديها الانضمام إليها لئلّا تعتبر الشرطة ذلك تنظيماً لتظاهرة غير قانونية: "فرنسا ليست بموقع إعطاء دروس أخلاقية. شرطتها عنصرية". واعتبرت أيضاً أن "الحكومة قررت صب الزيت على النار" و"عدم احترام مقتل" أخيها.
بُعيد خطابها، طلبت القوات الأمنية من الناس أن يتفرقوا وحصل بعض التدافع، فيما هتف متظاهرون "العدالة لنائل"، حسبما أفاد مراسلون في المكان. وغادر بعدها المتظاهرون بهدوء.
لماذا يحب السياح زيارة جبل القديس ميشيل في فرنسا؟
06:32
This browser does not support the video element.
30 نقطة احتجاج
وكشف مقتل نائل (17 عاماً) في 27 حزيران/يونيو في نانتير، وما أعقبه من عنف غير مسبوق منذ العام 2005 في المدن، مشكلات المجتمع الفرنسي، من الصعوبات التي تواجهها أحياء الطبقة العاملة إلى العلاقات المضطربة بين الشباب وقوات الأمن.
رُصدت نحو ثلاثين تظاهرة أخرى ضدّ عنف الشرطة في فرنسا السبت، من باريس إلى مرسيليا (جنوب) ونانت (غرب) وستراسبورغ (شرق). ومُنع تجمّع كان مقرّراً في ليل (شمال).
في ستراسبورغ، تجمّع نحو 400 شخص، وفق مراسلة وكالة فرانس برس.
وكانت قد دعت حوالى مئة جمعية ونقابة وحزب سياسي من اليسار إلى "مسيرات المواطنين" هذه للتعبير عن "الحداد والغضب" والتنديد بالسياسات التي تعتبر "تمييزية" ضد الأحياء الشعبية. وتطالب هذه المنظمات في تعبئتها بإجراء "إصلاح عميق للشرطة ولتقنيات تدخلها وتسلحها".
وانتقد الناطق باسم الحكومة أوليفييه فيران الجمعة المنظمات التي "ليس لديها سوى اقتراح واحد" على قوله هو "الدعوة إلى تظاهرات (...) السبت في المدن الكبرى التي لم تتعاف بعد من عمليات النهب". وأشار خصوصاً إلى مسؤولية النواب، بمن فيهم ممثلو حزب فرنسا الأبية المعارض (يسار راديكالي) الذين دعوا إلى مسيرة بومون المحظورة.
دعت حوالى مئة جمعية ونقابة وحزب سياسي من اليسار إلى "مسيرات المواطنين" هذه للتعبير عن "الحداد والغضب" والتنديد بالسياسات التي تعتبر "تمييزية" ضد الأحياء الشعبيةصورة من: Thomas Padilla/AP/picture alliance
انتقادات أممية لفرنسا
والسبت، ردّت فرنسا على تصريحات لجنة خبراء أمميين انتقدوا بشدّة الجمعة كيفية تعامل قوات الأمن مع أعمال الشغب. ونددت وزارة الخارجية الفرنسية "بتصريحات تعتبرها مبالغاً فيها ولا أساس لها".
وأعربت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري، وهي تراقب تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، عن قلق عميق إزاء "استمرار ممارسة التنميط العنصري إلى جانب الاستخدام المفرط للقوة في إنفاذ القانون، ولا سيما من الشرطة، ضد أفراد الأقليات، بمن فيهم المتحدرون من أصل إفريقي وعربي". ودعت اللجنة باريس إلى "تبني تشريع يعرّف التنميط العنصري ويحظره".
وأكّدت الخارجية الفرنسية في بيان السبت أن "أي إجراء للتنميط العنصري من قبل قوات الأمن محظور في فرنسا"، مشددة على أن "مكافحة تجاوزات التدقيق" المرتبطة بالملامح "تكثفت".
ومنذ 27 حزيران/يونيو، أوقف أكثر من 3700 شخص مرتبطين بأعمال الشغب بينهم حوالى 1160 قاصراW بحسب أرقام وزارة العدل التي تحدثت الجمعة عن حبس نحو 400 شخص.
خ.س/ ف.ي (أ ف ب، رويترز)
ماكرون أصغر رئيس فرنسي منتخب...يهزم اليمين المتطرف
فاز الوسطي إيمانويل ماكرون مساء الأحد السابع من مايو/ أيار 2017 بالانتخابات الرئاسية الفرنسية أمام منافسته مارين لوبن زعيمة اليمين المتطرف، ليصبح في سن الـ 39 عاما أصغر رئيس منتخب لفرنسا.
صورة من: Reuters/B. Tessier
ماكرون قال بمناسبة فوزه إن "صفحة جديدة من تاريخنا الطويل تفتح. أريدها أن تكون صفحة الأمل واستعادة الثقة".
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
تم انتخاب ماكرون رئيساً لفرنسا -الذي لم يكن معروفا لدى الفرنسيين قبل ثلاث سنوات والذي يقول إنه ليس من اليمين أو اليسار- بعد حصوله على أكثر من 65,5 في المئة من الأصوات أمام لوبن التي حصلت على نحو 34 في المئة من الأصوات.
وتشير نتيجة الاقتراع الذي شهد نسبة امتناع عن التصويت قُدِّرَت بأكثر من 25 في المئة، إلى احتمال "إعادة تشكيل المشهد السياسي بشكل كبير ليتمحور حول الصراع بين "الوطنيين" وأنصار العولمة".
صورة من: Reuters/E. Feferberg
لحظات ترقب قضاها أنصار ماكرون خلال اليوم الانتخابي.
صورة من: picture alliance/dpa/AP/L. Cipriani
ابتهج أنصار ماكرون. وأشاد بفوز ماكرون الكثير من القادة الأوروبيين القلقين من تنامي النزعة الوطنية والحمائية الاقتصادية في أوروبا.
صورة من: picture alliance/dpa/abaca/E. Blondet
وسريعا ما تدفقت التهاني لرئيس فرنسا الجديد وخصوصا من الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته فرنسوا أولاند والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ورئيسة وزراء المملكة المتحدة تيريزا ماي. واعتبرت ميركل أن فوز ماكرون هو "فوز لأوروبا قوية وموحدة" في حين اعتبر يونكر أن الفرنسيين اختاروا "مستقبلا أوروبيا" لهم.
صورة من: Reuters/P. Wojazer
وبعد فوزه المشهود على الأحزاب التقليدية، سيكون على ماكرون الآن أن يجمع فرنسا مقسمة بشكل عميق، بين فرنسا الحضَر: المزدهرة أكثر والإصلاحية، وبين فرنسا الريف: الفقيرة التي يجتذبها التطرف. وسيكون عليه مواجهة قضايا أساسية بينها التصدي للبطالة المزمنة (10 في المئة) ومكافحة الإرهاب ودفع أوروبا الموحدة إلى الأمام.
صورة من: Reuters/B. Tessier
وكانت الدعوات تكثفت من كل حدب وصوب - بعد نتيجة "تاريخية" لماكرون في جولة الانتخابات الأولى- لقطع الطريق على اليمين المتطرف الذي يصل للمرة الثانية إلى الجولة الثانية الحاسمة في الانتخابات الرئاسية الفرنسية.
لكن لوبن (48 عاما) المناهضة للهجرة ولأوروبا -والتي منيت بهزيمة قاسية- أشادت بتحقيقها "نتيجة تاريخية وكبيرة" لليمين المتطرف الذي أصبح كما قالت "قوة المعارضة الأولى" في فرنسا.
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Corsan
من جانبه هنأ السياسي الهولندي اليميني الشعبوي خيرت فيلدرز، مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي رغم هزيمتها. قائلا: "أحسنت على أي حال...لقد صوت الملايين من الوطنيين لك! ستفوزين المرة القادمة وأنا أيضا". كما هنأت فراوكه بيتري -زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا المعادي للهجرة والإسلام- مارين لوبان على أدائها الانتخابي القوي رغم الخسارة وقالت إنها " تمكنت رغم العداء الشديد من تحقيق نتيجة مبهرة...".
صورة من: Reuters/W.Rattay
وقام ماكرون بحملة مع حركته "إلى الإمام" التي أسسها تحت شعار التجديد السياسي مع خط مؤيد للفكرة الأوروبية وبرنامج ليبرالي سواء في الاقتصاد أو المسائل الاجتماعية. وتقوم عقيدته على "فرنسا منفتحة في أوروبا تحمي".
صورة من: picture-alliance/AP Photo/E. Morenatti
ماكرون المصرفي السابق هو في الواقع يتبنى مبادئ "الأخلاقية السياسية" وقد أطلق تصريحا بقي ماثلا في الأذهان: "اللاجئون هم بشر مبدعون وقادرون على المقاومة". وامتدح سياسة اللجوء التي تبنتها أنغيلا ميركل، فقد أنقذت بتصرفها كرامة أوروبا، على حد تعبيره.
صورة من: DW/B. Riegert
السياسي الشاب ماكرون يدخل الآن قصر الإليزيه برفقة معلمته السابقة وزوجته الحالية التي تكبره بنحو ربع قرن، في فترة رئاسية تستمر لمدة خمسة أعوام. فهل يحقق كل ما وعد به ويتغلب على التحديات؟ إعداد: علي المخلافي