1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مسيرات عيد العمال تعبر بغضب عن الهموم الداخلية وتناقش القضايا الخارجية

يحتفل العالم اليوم بعيد العمال، وهو اليوم الذي يخلد كفاحهم لتحسين أجورهم وضمان حقوقهم. ألمانيا تستقبل العيد بسجال لا يزال دائراً حول الرأسمالية فجره رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي بتصريحات نقدية تخص دور الشركات الكبيرة

جانب من المواجهات بين الشرطة الالمانية ومتظاهرين في عيد العمالصورة من: AP

تقام اليوم مسيرات واحتفالات في مختلف مدن العالم للاحتفال بعيد يوم العمال. وكعادتها تنظم هذا العام النقابات العمالية الألمانية تجمعات كبيرة في المدن الألمانية الرئيسية، وسيكون محورها دور العمال في النهوض بالإقتصاد الوطني، وأهمية الحفاظ على هذا الدور وعدم اعتبار العمالة عائقاً يقف أمام عجلة الإنتاج. وقد أضحى هذا اليوم مناسبةً للنقاش والسجال حول القضايا السياسية الراهنة. فلقد ظلت الحرب على العراق مسيطرة على مسيرة العامين الماضين في ألمانيا، وقام المعارضون للحرب برفع اللافتات المناهضة لها وعقد التجمعات المختلفة. اما القضية الثانية التي شغلت حيزاً كبيراً من مسيرات العام الماضي فهي السياسات الحكومية الرامية لإصلاح قطاع الضمانات الإجتماعية والمعاشات. فقد أعرب الكثير من المشاركين في هذه المسيرات عن معارضتهم لهذه الخطط الإصلاحية، متهمين الحكومة بانتهاج سياسة تضر بمحدودي الدخل ولن تؤثر على نسبة البطالة المرتفعة. وفي هذا العام مهد لعيد يوم العمال سجال شغل أروقة الحياة السياسية في ألمانيا حول جدوى الرأسمالية، إذ اكتشف رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي الحاكم (SPD) فجأة أن الرأسمالية تتسبب في مخاطر اجتماعية في بعض الأحيان.

جدوى الرأسمالية

صورة ساخرة لممنتيفيرنج بجوار أعلام الشيوعية: ماركس وانجلز ولينينصورة من: AP/SO

تسببت تصريحات رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي قبيل اسبوعين في اثارة زوبعة كبيرة في الاوساط السياسية الألمانية، فقد انتقد فرانز مونتيفيرنج رؤساء الشركات الكبيرة بسبب عدم مراعاتهم للظروف الاجتماعية للعمال وإصرارهم على مضاعفة ارباحهم بانتهاج سياسيات تقشفية لا داعي لها، واوضح مونتيفيرنج أن هناك أساليب أخرى يمكن الإعتماد عليها غير التخلص من أعداد كبيرة من العمالة. ووصف مونتيفيرنج بعض رؤساء الشركات بأنهم مثل الجراد يهبطون على الشركات فيهلكون الأخضر واليابس ثم يرحلون بعد أن يكونوا حققوا ارباحاً شخصياً دون مراعاة حاجة العمال. ولم تمض بضع أيام حتى قامت اوته فوجت نائبة رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي بهجوم مشابه، فقد طالبت في احدى المقابلات الصحفية بشكل غير مباشر ب "مقاطعة" الشركات التي تهمل المسؤولية الإجتماعية الملقاة على عاتقها.

قابل قطاع الاقتصاد هذه التصريحات باستياء شديد، وأعرب رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة الألماني لودفيغ غيورغ براون عن أسفه لتصريحات مونتيفيرنج متهماً الحكومة بمحاولة التنصل عن مسؤوليتها عن ارتفاع نسبة البطالة. وثار نقاش واسع امتد ليشمل كافة الأحزاب حول ما عاد يعرف بسجال الرأسمالية. وانتهزت المعارضة فرصة هذا السجال واعتبرت ان الحكومة أخفقت في خططها الإصلاحية، وأنها تحاول الآن ابعاد الكرة عن ملعبها. ويرى بعض المراقبين أن من الصعب الاعتقاد بجدية انتقادات مونتيفيرنج فحزبه ينتهج سياسة تحرص على مصلحة رؤوس الأموال، والحديث اليوم عن جدوى الرأسمالية هو حديث عقيم يصلح للقرن الماضي، ويعتقدون أن الحزب الاشتراكي الديموقراطي يحاول اضفاء لمسة اشتراكية على سياساته بمناسبة اقتراب يوم العمال، والأهم من ذلك اقتراب موعد الانتخابات المحلية في ولاية شمال الراين - فيستفاليا المهمة.

نبذة تاريخية

تكثر الإضطرابات والمشاحنات في عيد العمالصورة من: dpa

تعود ذكرى عيد العمال إلى القرن التاسع عشر، وترتبط بواحد من أكثر الأيام التي مرت على العمال قسوة ودموية. فلقد شهد القرن التاسع عشر ثورة صناعية كبرى، أقيمت فيها المصانع العملاقة وعمل فيها الملايين في ظروف غير انسانية ولمدد طويلة بدون راحة. ولم تلق مطالب العمال المتكررة أي أذن صاغية لدى أصحاب رؤوس المال الذين لم يهتموا سوى بدوران عجلة الإنتاج. حتى جاء عام 1886 فانطلقت الشرارة من مدينة شيكاغو الصناعية الأمريكية، حيث نجحت مجموعة من القيادات النقابية فى تكوين هيئة قومية للعمال وهى "الاتحاد الأمريكي للعمل" وتبنى هذا الاتحاد الدعوة لاعتبار يوم الأول من مايو 1886 يوم للإضراب العام من أجل مطلب تخفيض ساعات يوم العمل إلى ثمانى ساعات فى جميع الصناعات. وجاء أول مايو ليشهد أكبر عدد من الإضرابات العمالية فى يوم واحد فى تاريخ أمريكا حيث وصل عدد الإضرابات التى أعلنت فى هذا اليوم نحو خمسة آلاف إضراب واشترك فى المظاهرات 340ألف عامل وكان الشعار المشترك لأحداث هذا اليوم هو "ثمانى ساعات للعمل- ثمانى ساعات راحة-ثمانى ساعات للنوم ".

وفى يوم الثالث من مايو تجمع عمال شركة "ماكور ميسك "للآلآت الزراعية وكانوا مضربين عن العمل منذ شهور بسبب تخفيض الأجور، وأثناء إلقاء أحد القيادات العمالية لخطابه، تدخلت قوات الشرطة لفض التظاهر وإنهاء الإضطراب فاندلعت اشتبكات عنيفة بينها وبين العمال المضربين، واتنتهت بمقتل اثنين من العمال وجرح العشرات. وفى اليوم التالى عقد العمال مؤتمرا في ميدان "هاي ماركت" للاحتجاج على وحشية الشرطة. وقد بدأ المؤتمر بحضور نحو 1300 عامل ثم اقتحمت قوات الشرطة المؤتمر وبدأت تأمر بفضه وسرعان ما تحول الوضع إلى مواجهات دامية بين العمال والشرطة قتل فيها أربعة من العمال وأصيب مائة فى حين قتل أيضا سبعة من رجال الشرطة. وبعد حملة قمعية غير مسبوقة من قبل الشرطة تم القاء القبض على المئات، وقدم ثمانية من القادة العماليين إلى محاكمة عاجلة، وأصدر القاضى الذى كان فى نفس الوقت رئيس إدارة شركة الصلب الأمريكية حكما بالإعدام على القيادات الثمانية، نفذت في أربع منهم.

الاول من مايو في بكينصورة من: AP

في اجتماع حركة العمال الأوروبية عام 1889 تم عتبار يوم الأول من مايو/آذار يوماً للعمال تخليداً لذكرى ضحايا أحداث ميدان هاي ماركت. وخرجت عام 1890 مظاهرة فاقت كل التوقعات في امريكا واوروبا واستراليا للمطالبة بحقوق العمال وتخفيض ساعات العمل. ومن يومها بدأ تقليد الاحتفال السنوي بهذا اليوم عن طريق المسيرات والإحتفالات التي تتناول أوضاع العمال إضافةً إلى الموضوعات السياسية الرئيسية للعام. تلقفت الدول الاشتراكية هذا اليوم واعتبرته عيداً قومياً لها، ثم سرعان ما انتشر هذا التقليد في دول أخرى كثيرة، منها دول رأسمالية لا تشاطر الفكرة الشيوعية القائلة بالصراع الطبقي وحكم البروليتاريا. أما أمريكا التي اندلعت منها شرارة الثورة فلا تحتفل بهذا اليوم معتبرة أنه يخلد ذكرى مثيري شغب، وتحتفل عوضاً عن ذلك في سبتمبر/أيلول بيوم العمل "Labour Day".

عيدان في يوم واحد

في نفس اليوم تحتفل اوروبا بذكرى مرور سنة على توسيع الاتحاد ليشمل 25 عضوا بدون ان تكون غرقت في الفوضى كما توقع لها المتشائمون لكن القلق المرتبط بالمستقبل غير الاكيد للدستور الاوروبي يلقي بظله على هذه الاحتفالات. حيث يثير احتمال رفض الفرنسيين للدستور خلال الاستفتاء في 29 ايار/مايو تكهنات حول قدرة الاتحاد على الاستمرار في العمل لفترة طويلة في اطار روح معاهدة نيس التي اقرتها "الدول ال15" سابقا العام 2000. وتعززت التساؤلات اثر ظهور مخاوف متعلقة بالاثر الاجتماعي لتوسيع الاتحاد في فرنسا والمانيا، محركا البناء الاوروبي على مدى اكثر من اربعين عاما.

الاتحاد الأوروبي يحتفل أيضاً اليوم بعيد توسيعهصورة من: AP

والدول العشر التي انضمت الى الاتحاد الاوروبي هي بولندا والجمهورية التشيكية وسلوفاكيا والمجر وسلوفينيا وليتوانيا ولاتفيا واستونيا وقبرص ومالطا. ورغم ان الاشهر الاولى بعد انضمام الدول العشر الجديدة الى الاتحاد لم تتخللها أي مشاكل، فان سوء تفاهم وشكوك ومشاحنات ظهرت على الساحة الاوروبية منذ الخريف. وبلغ الخلاف ذروته في آذار/مارس اثر الجدل حول تحرير الخدمات حيث تعتبر المانيا وفرنسا والسويد انها تشجع "الاغراق الاجتماعي" لمصلحة الدول التي انضمت حديثا. ويتحدث غالبية الخبراء اليوم عن حصيلة اقتصادية ايجابية وحصيلة سياسية معقدة لاول 12 شهرا للاتحاد الاوروبي الموسع. فمن وجهة نظر اقتصادية، فان التوسيع شكل نجاحا، والدول الجديدة تستدرك تأخرها بشكل أسرع مما كان متوقعاً. أما على الصعيد السياسي فإن الامر اصعب لقلة الاهتمام بتحضير الشعوب للتوسيع. كما يرى المرء مثلاً في حالة فرنسا.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW