أخفقت الحكومات المتعاقبة منذ الثورة في تونس في إنجاز مشاريع التنمية، التي وعدت بها؛ لتبقى تطلعات التونسيين معلقة بجانب الصعوبات التي تعترض فرص الاستثمار للشباب. فما هي الأسباب وراء ذلك؟
إعلان
تتصدر "جرة" بعلو يناهز المتر باب المركز الثقافي وسط حي "مونفلوري" الشعبي على مشارف العاصمة تونس. لم تكن الجرة مخصصة لشرب الماء أو لتخزين السوائل كما كان يفعل الأجداد، ولكن بعد عملية تدوير لها أصبحت بمثابة مدفأة تنفث الحرارة من جوفها، كما يمكن استخدامها في حفلات الشواء.
وفي داخل المركز ينتشر السجاد التقليدي من صنع الحرفيين، وتبرز للزائر الفوانيس العربية المعلقة، فيما أعيد نصب باب يؤدي إلى دورة مياه بتصميم يقوم على محاكاة الأبواب السائدة قبل قرون في المدينة العتيقة، عندما كان يقطنها الأتراك والموريسكيون الوافدون من الأندلس.
يبدو المركز الثقافي في مونفلوري أشبه بقطعة من بنايات القصور القديمة في المدن الإسلامية، لكن ضغطة زر واحدة تنفخ في المكان روح العصر ويمكن بواسطتها إزاحة السقف المتحرك للمبنى من أجل التهوية والاستمتاع بأشعة الشمس الدافئة في فصل الشتاء.
أسعد الزواوي، مؤسس المبنى الثقافي، يقول بفخر لـDW عربية: "نحن لا نقوم بمجرد ديكور ولكننا نقوم بعملية إبداع ثقافي ونروي تاريخنا بطريقة مختلفة. نقدر ما صنعه أسلافنا لكننا نعمل أيضا على تطويره وتقديمه من أجل استخدامات جديدة".
تنمية مستدامة على انقاض القمامة
على بعد نحو 250 كيلومتر من العاصمة وفي قرية درناية بولاية القصرين، على مقربة من الحدود الجزائرية، تقضي نحو 80 فتاة أوقاتهن داخل ورشة، حيث يقمن بحياكة السجاد التونسي التقليدي عبر تدوير الملابس المستعملة قبل نقله إلى العاصمة ومن هناك يتكفل المركز الثقافي بتصديره إلى أسواق خارجية. ويقول الزواوي "قمنا بتبني تلك القرية حتى يعمل الفتيات ويستفدن من مهاراتهن، واليوم نحن نبيع الآلاف من قطع السجاد.. هذا نموذج للتنمية المستدامة".
يقدم الزواوي نفسه كأكاديمي متخصص في الفنون وحامل لشهادة هندسة وخبير في التنمية المستدامة، واختار أن يكون التحدي الأبرز في حياته هو كيفية تحويل مكب للقمامة إلى بقعة ضوء تشع ثقافيا على حي مونفلوري وتمثل نموذجا للنمو المستدام دون أن يعتمد على فلس واحد من أموال الدولة.
وفي بلد لا يزال يتطلع إلى تحقيق قفزة اقتصادية بعد سنوات من التجاذبات السياسية العميقة، فإن رؤية استثمارات جديدة على الأرض باتت تمثل معضلة حقيقية للدولة؛ بسبب شح السيولة بالخزينة العامة.
على مدار عدة سنوات لا يزال التونسيون ينتظرون الملامح الأولى لمشروع ميناء النفيضة التجاري بولاية سوسة وجامعة الطب بولاية مدنين والمدينة الصحية في القيروان وغيرها من المشاريع.
لذلك فإن الأمل ظل معلقا بمبادرات القطاع الخاص. ويعترف الزواوي لـDW قائلا: "اخترنا هذا المكب للقمامة لأننا أردنا أن نقول إنه يمكن أن نغير الأشياء. الثقافة يجب أن تحول مناطق الظل إلى بقعة ضوء. هذا هدف الثقافة".
وعن البدايات لمشروعه، الذي أطلق عليه اسم "ريحة البلاد"، يوضح الزواوي لـDW عربية: "بدأنا الاشتغال على المكان في 2003. لقد كان عبارة عن منطقة تنتشر فيها الجريمة.. ومحاطة بضيعات من الزيتون وقد بدأت العشوائيات بالتوسع تدريجيا. كانت من بين المناطق المهمشة. لكن تحولت اليوم إلى قبلة لنجوم الفن".
يضم الفضاء أيضا ورشات لتصنيع منتجات تقوم على تدوير النفايات مثل البلاستيك والقماش والقمامة وتصديرها بالكامل إلى الخارج.
فرص ضائعة وإفلاس معمم
يمثل مركز "ريحة البلاد" قصة نجاح نادرة وسط كومة من المشاريع التنموية المعطلة في تونس والبالغة قيمتها على سبيل المثال في الفترة الممتدة بين 2016 و2022 أكثر من 5 مليار يورو بدعم وتمويل أجنبي وبطاقة تشغيل مهدرة تناهز 50 ألف موطن شغل، وفق ما أفاد به رئيس الجامعة الوطنية لمؤسسات البناء والأشغال العامة جمال الكسيبي.
وفيما تبدو الأسباب وراء ذلك متشعبة فإن هناء بن سليمان، الناشطة بجمعية "المواطنة، التنمية، الثقافات والهجرة بالضفتين" تشير في حديثها مع DW عربية إلى أهمية توفير الحد الأدنى من البنية التحتية وإلى ضرورة القيام بدراسة جدوى للمشروع بجانب تحديد الفئة المستهدفة.
كما تشدد بن سليمان على الظرف الصعب، الذي تمر به الدولة التونسية تحت وطأة أزمة اقتصادية غير مسبوقة تعيق قدرتها على تنفيذ مشاريع، بجانب القوانين المكبلة والبيروقراطية التي تحد من الإقبال على الاستثمار.
لكن الأزمة التي تكبل تونس لا تقف عند حد المشاريع التنموية العمومية المعطلة فحسب، بل إنها تضرب أيضا، في العمق، الاستثمارات الخاصة.
وفي وقت ما كشف السفير الأوروبي بتونس باتريس بيرغاميني في حوار له مع صحيفة لوموند الفرنسية، عن عيوب يعاني منها الاقتصاد التونسي أعاقت تحقيقه لانتقال مواكب للانتقال الديمقراطي في السنوات التي تلت الثورة بعد 2011، ومن بينها تركز الثروة في أيدي عائلات معينة تتحكم في مفاصل الاقتصاد بالإضافة إلى وجود مجموعات احتكارية تعوق المنافسة العادلة والشفافة.
وفق آخر تحديث للمعهد الوطني للإحصاء أعلنت 3800 مؤسسة إفلاسها خلال عامي 2021 و2022 بينما يرتفع العدد إلى 140 ألف مؤسسة أغلقت أبوابها منذ الثورة. ويقول المتحدث باسم "الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة" إن أكثر من 92 بالمئة من المؤسسات الصغرى والمتوسطة تعتبر نفسها في عداد الإفلاس بسبب مشاكل مالية متراكمة وتوقف عن النشاط لفترات طويلة.
تعتقد الناشطة هناء بن سليمان أن هناك تقصيرا أيضا من الشباب لأنه لا يتقصى المعلومات الصحيحة والكافية؛ ما يجعله عرضة للمعلومات المغلوطة، فضلا عن أن موظفي الدولة المكلفين ببرامج التشغيل غالبا يقتصر عملهم على المكاتب ولا يكلفون أنفسهم التواصل مع الشباب وتوضيح المزايا والتشجيعات المقدمة.
وتضيف بن سليمان على ذلك في تعليقها: "يجب كذلك توفر شرط اليد العاملة المدربة. يحتاج هذا إلى وقت وصبر قبل رؤية مردودية مقبولة، لكن غالبية باعثي المشاريع تبحث عن الربح السريع".
غياب المحاضن وضعف التمويل
عماد بن رمضان، الباحث الجامعي في مجال شبكات الاتصال والخبير لدى الاتحاد الأوروبي وشركة "هواوي"، هو أستاذ جامعي بجامعة ادينبورغ، أطلق منصة "شارش انفو" منذ عام 2010 للتعريف بالنسيج الاقتصادي التونسي والخبرات التونسية واختص بتقديم النصائح والمساعدة للمهندسين والباحثين الشبان.
وأرجع بن رمضان فشل المشاريع في أغلبها إلى الافتقار للمحاضن ومراكز الابتكارات لآليات تنفيذ الأفكار وخاصة في ما يتعلق بالمساعدة الفنية والتقنية في إنشاء نسخة أولية من المنتج والمصادقة عليه فنيا حسب المعايير الموجودة، سواء كان المنتج مادة غذائية، فلاحية، برمجيات أو آلات إلكترونية.
والأمر الثاني وفق الباحث، هو أنه ليس هنالك ربط مع الشركات والمخابر الوطنية والتي لم تندمج في عملية دعم المبادرات والأفكار لمساعدة أصحابها وترجمتها إلى واقع.
لكن الأهم من ذلك حسب بن رمضان، هو ضعف ثقافة العمل الجماعي وبناء الشراكات بين المؤسسين وغياب إطار قانوني يمكن أن يعتمد كنموذج لذلك، وأخيرا سياسة التمويل الضعيفة التي قد لا تتماشى مع متطلبات المشاريع التي لها قدرة على الانتشار عالميا.
تونس- طارق القيزاني
في صور: طريق وعر في تونس من الثورة حتى "دستور سعيّد"
خطوات الرئيس سعيّد، تقلق منتقديه على مكاسب الديمقراطية الناشئة. فيما يلي محطات في طريق تونس الوعر بدءاًً من ثورة 2011 إلى الأزمة السياسة والإقتصادية التي بلغت ذروتها، ووصولا إلى خطوات سعيّد الحثيثة للاستحواذ على السلطة.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
شرارة الربيع العربي الأولى
كانون الأول/ ديسمبر 2010 - بائع الخضر محمد بوعزيزي يشعل النار في نفسه بعد أن صادرت الشرطة عربته. وفجرت وفاته وجنازته احتجاجات على البطالة والفساد والقمع.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Salah Habibi
هروب بن علي
كانون الثاني/ يناير 2011 - هروب الرئيس ين العابدين بن علي إلى السعودية، وعقب الثورة التونسية أشتعلت انتفاضات في دول عربية عدة.
صورة من: picture-alliance/CPA Media
فوز حزب النهضة
تشرين الأول/ أكتوبر 2011 - حزب النهضة الإسلامي المعتدل المحظور في عهد بن علي يفوز بمعظم المقاعد ويشكل ائتلافا مع أحزاب علمانية لوضع دستور جديد.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nasraoui
جدل بشأن علمانية الدولة
أذار/ مارس 2012 - تزايد الاستقطاب بين الإسلاميين والعلمانيين، لا سيما فيما يتعلق بحقوق المرأة مع تعهد حزب النهضة بإبقاء الشريعة الإسلامية خارج الدستور الجديد.
صورة من: DW/S.Mersch
اغتيال شكري بلعيد
شباط / فبراير2013 - اغتيال زعيم المعارضة العلمانية شكري بلعيد مما أثار احتجاجات في الشوارع واستقالة رئيس الوزراء. ومتشددون يشنون هجمات على الشرطة.
صورة من: AFP/Getty Images
تخلي حزب النهضة عن الحكم
كانون الأول/ ديسمبر 2013 النهضة يتخلى عن السلطة بعد احتجاجات حاشدة وإجراء حوار وطني كي تحل محلها حكومة من التكنوقراط.
صورة من: Hassene Dridi/AP Photo/picture alliance
دستور جديد لتونس
كانون الثاني/ يناير 2014 البرلمان يوافق على دستور جديد يكفل الحريات والحقوق الشخصية للأقليات ويقسم السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء.
صورة من: Reuters/Z. Souissi
فوز السبسي
كانون الأول/ ديسمبر 2014 الباجي قائد السبسي يفوز بأول انتخابات رئاسية حرة في تونس. وحزب النهضة ينضم إلى الائتلاف الحاكم.
صورة من: picture-alliance/dpa/EPA/M. Messara
الإرهاب يضرب تونس
آذار/ مارس 2015 هجمات لتنظيم "داعش" على متحف باردو في تونس تسفر عن سقوط 22 قتيلا. ومسلح يقتل 38 شخصا في منتجع ساحلي في سوسة في يونيو حزيران. ودمرت الهجمات قطاع السياحة الحيوي وأعقبها تفجير انتحاري في نوفمبر أسفر عن مقتل 12 جنديا.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Belaid
مواجهة الإرهاب
آذار/ مارس 2016 الجيش يحول الموقف لصالحه في المواجهة مع تهديد المتشددين بهزيمة العشرات من مقاتلي تنظيم "داعش" الذين اقتحموا بلدة جنوبية عبر الحدود الليبية.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Nasri
العجز التجاري يرتفع
كانون الأول/ ديسمبر 2017 الاقتصاد يقترب من نقطة الأزمة مع ارتفاع العجز التجاري وهبوط قيمة العملة وخروج احتجاجات إلى الشوارع.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
قيس سعيد رئيسا لتونس
تشرين الأول/ أكتوبر 2019 - الناخبون يبدون استياءهم من الأحزاب الكبرى وينتخبون في البداية برلمانا منقسما بقوة ثم ينتخبون بعد ذلك السياسي المستقل قيس سعيد رئيسا للبلاد.
صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS/SOPA Images/J. Wassim
فضيحة فساد
كانون الثاني/ يناير 2020 - بعد أشهر من المحاولات الفاشلة لتشكيل الحكومة أصبح إلياس الفخفاخ رئيسا للوزراء لكنه أُجبر على الاستقالة في غضون أشهر بسبب فضيحة فساد.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
سعيد المشيشي رئيسا للوزراء
آب/ أغسطس 2020 - سعيد يعين هشام المشيشي رئيسا للوزراء. وسرعان ما يختلف مع الرئيس وتواجه حكومته الهشة أزمة تلو الأخرى مع مواجهتها صعوبة في التصدي لجائحة كورونا والحاجة للقيام بإصلاحات عاجلة.
صورة من: Slim Abid/AP Photo/picture alliance
الاحتجاجات متواصلة
كانون الثاني/ يناير 2021 - بعد عشر سنوات على الثورة احتجاجات جديدة تجتاح المدن التونسية ردا على اتهامات للشرطة بممارسة العنف، وبعد أن دمرت الجائحة اقتصادا ضعيفا بالفعل.
صورة من: Yassine Mahjoub/imago images
إقالة الحكومة وتجميد البرلمان
تموز/ يوليو 2021 - سعيد يقيل الحكومة ويجمد البرلمان ويقول إنه سيحكم إلى جانب رئيس وزراء جديد مشيرا إلى المادة 80 من الدستور وهو ما رفضه حزب النهضة وأحزاب أخرى في البرلمان بوصفه انقلابا. بينما يعتبر الرئيس سعيّد أنه "استجاب لإرادة الشعب".
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
احتجاجات ودعوات للعودة إلى المسار الديمقراطي
يوم 18 سبتمبر أيلول 2021 تظاهر في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس مئات النشطاء من المجتمع المدني وأحزاب المعارضة ونواب من البرلمان الذي جمده الرئيس قيس سعيد، ورفعوا شعارات تطالب بالعودة إلى المسار الديمقراطي، وتحذر من الخروج عن دستور 2014 ومن مخاطر الانقلاب على الديمقراطية في البلاد. وفي نفس الشارع الذي يطلق عليه "شارع الثورة"، تظاهر بالمقابل مئات من المؤدين للرئيس سعيد.
صورة من: Riadh Dridi/AP/dpa/picture alliance
الرئيس سعيّد يعلق العمل بمعظم فصول الدستور
في 22 سبتمبر أيلول 2021 أصدر الرئيس التونسي قرارا بإلغاء العمل بأغلب فصول الدستور الخاصة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية وتكليف لجنة لإعداد تعديلات أساسية. الرئاسة التونسية أعلنت استمرار تجميد البرلمان، فيما رفض حزب النهضة الإسلامي وأحزاب أخرى ليبرالية الخطوات التي أعلن عنها سعيد ووصفوها بأنها "تخرج" عن الدستور الذي تمت المصادقة عليه سنة 2014 باجماع القوى السياسية في البلاد.
صورة من: picture-alliance/AA/N. Talel
الإعلان عن خارطة طريق للبلاد
بعد سلسلسة تغييرات سياسية ومؤسساتية أحدثها سعيّد، ووصفها طيف من خصومه بـ "الإنقلاب”. في 14 ديسمبر/ كانون الأول أعلن سعيّد عن مجموعة من الإجراءات الجديدة التي تمثل خارطة طريق سياسية للبلاد لمدة عام مقبل، تشمل استمرار تجميد البرلمان إلى حين تنظيم انتخابات جديدة في البلاد، والاستفتاء على دستور جديد، الذي اختار له تاريخ 25 يوليو/ تموز 2022.
صورة من: Monasse Th/Andia/imago images
حلّ البرلمان واحتجاجات في الشارع
في مارس آذار، تحدى غالبية النواب سعيد عبر عقد جلسة افتراضية رفضا لتحركاته. إثرها، حلّ الرئيس البرلمان - وهي خطوة أخرى قال خبراء في القانون إنها تفتقر إلى الأساس الدستوري. وطالب سعيد بالتحقيق مع النواب الذين شاركوا في الاجتماع عبر الإنترنت، متهما إياهم بالانقلاب. رغم عدم رضاء معظم التونسيين على أداء البرلمان المنحل، شهدت شوارع تونس احتجاجات على قرارات الرئيس.
صورة من: Hassene Dridi/AP/dpa/picture alliance
إحكام القبضة على القضاء
بعد اعتراضات قضائية على بعض تصرفاته، منح سعيد لنفسه السلطة النهائية على القضاة وأقدم على حل المجلس الاعلى للقضاء وهو الجهاز الذي تأسس في العام 2016 و يعنى باستقلالية القضاء في البلاد، معتبرا أن المجلس "أصبح من الماضي"، ووجه سعيّد إلى أعضاء المجلس الأعلى للقضاء المنحل، اتهامات بالفساد والعمل وفقاً لولاءات سياسية وعزل العشرات منهم. في خطوة مثيرة عززت المخاوف بشأن استقلال القضاء وأججت غضب معارضيه.
صورة من: Yassine Gaidi/AA/picture alliance / AA
تنديد داخلي وانتقادات دولية
قرارات سعيّد بإقالة عشرات القضاة أثار تنديداً داخلياً واسعاً وانتقادات دولية. فقد شهدت تونس احتجاجات واسعة شارك فيها قضاة رافضين قرار حل المجلس الأعلى للقضاء. من جهتها وصفت جمعية القضاة التونسيين القرار بـ "المذبحة". كما حذرت الخارجية الأمريكية من أن مراسيم الرئيس التونسي تقوض المؤسسات الديمقراطية في البلاد، ودعت إلى "عملية إصلاح شفافة تشرك الجميع" موقف عبر عنه أيضا الإتحاد الأوروبي.
صورة من: Hasan Mrad/ZUMAPRESS/picture alliance
"دولة مهددة بالإقلاس"
حذرت تقارير صندوق النقد والبنك العالمي من مخاطر "إفلاس" التونسية. ويجري صندوق النقد مفاوضات مع تونس ودعاها إلى إصلاحات بنيوية لمعالجة "اختلالات عميقة في الاقتصاد الكلي، ونمو ضعيف للغاية رغم إمكاناتها القوية، ومعدل بطالة مرتفع للغاية، واستثمار ضعيف للغاية، وتفاوتات اجتماعية"، يضاف إليها تأثير الحرب في أوكرانيا وجائحة كورونا. مركزية اتحاد الشغل النافذة رفضت عددا من الإجراءات وبدأت سلسلة إضرابات.
صورة من: PanoramiC/IMAGO
مسودة دستور جديد
في نهاية يونيو /حزيران، نشر الرئيس سعيّد مسودة دستور جديد سيطرحه للاستفتاء في 25 يوليو/ تموز الجاري، سيضفي به طابعا رسميا على السلطات الواسعة التي استحوذ عليها خلال الأشهر السابقة ويقلص دور البرلمان. الدستور الجديد من شأنه أن يوسع صلاحيات الرئيس سعيّد صلاحيات. لكن عددا من الأحزاب السياسية تعارض خطواته والاتحاد العام للشغل ذي النفوذ الكبير يدعو إلى إضرابات بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
صورة من: Hassene Dridi/AP Photo/picture alliance
25 يوليو ..تاريخ حاسم في تونس
باختياره لتاريخ 25 (يوليو/ تموز) كموعد للاستفتاء على دستور جديد، يسعى سعيّد لتوظيف رمزيته الخاصة في تاريخ تونس، إذ يؤرخ لإعلان قيام الجمهورية على أنقاض نظام البايات الملكي في البلاد بعد عام واحد من استقلالها عن فرنسا. ورغم انتقادات المعارضة والمجتمع المدني، أقدم سعيّد على تنظيم استفتاء حول مشروع دستور جديد يمنح صلاحيات واسعة للرئيس وقد يعيد البلاد إلى نظام سلطوي شبيه بما كان قائمًا قبل عام 2011.
صورة من: Hasan Mrad/IMAGESLIVE via ZUMA Press Wire/picture alliance