زعيم المتمردين السابق في جنوب السودان رياك مشار يدعو إلى حرب جديدة ضد حكومة بلاده، واصفا اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه برعاية دولية بأنه لم يعد صالحا.
إعلان
دعا الزعيم السابق للمتمردين في جنوب السودان رياك مشار إلى شن حرب جديدة ضد حكومة بلاده، معتبرا أن اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه بفضل المجتمع الدولي لم يعد صالحا. ووجه نائب الرئيس السابق هذا النداء في نهاية الأسبوع من منفاه في الخرطوم حيث فر بعد معارك في جوبا عاصمة جنوب السودان في حزيران/يونيو الماضي.
وفي بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه اليوم الأحد (25 سبتمبر/أيلول 2016)، أكد مشار عزمه على إطلاق ما وصفها بـ "مقاومة شعبية مسلحة ضد النظام الفاشي والاستبدادي للرئيس سلفا كير، من أجل تحقيق السلام والحرية والديموقراطية وسيادة القانون في البلاد".
وتم تعيين تابان دينغ غاي حليف مشار السابق نائبا للرئيس خلفا له. وتطالب الجهات الدولية الداعمة لاتفاق السلام بالمضي في الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب سواء بوجود مشار أو في غيابه. ولم يعرف بعد ما إذا كانت قوات المتمردين على الأرض والميليشيات المتحالفة معها في جنوب السودان تأتمر بمشار أو دينغ.
60 عاماً من الحرب والسلام في جنوب السودان
عاد قائد المتمردين في جنوب السودان ريك مشار إلى العاصمة جوبا، قادماً من منفاه في أثيوبيا. وبمقتضى اتفاق السلام الموقع بينهما في شهر آب/ أغسطس 2015 يعيد الرئيس سيلفا كير تعيين مشار نائباً له بحماية عسكرية خاصة به.
صورة من: AFP/Getty Images
بعد حرب استقلال طويلة ودامية، انفصل الجزء الجنوبي من السودان وقامت عليه جمهورية جنوب السودان. واندلعت هذه الحرب عام 1955، حيث قاتل مسيحيو جنوب السودان من أجل الاستقلال عن الشمال حتى قبل أن ينقل المستعمرون البريطانيون صلاحياتهم إلى حكومة الخرطوم.
صورة من: picture-alliance/dpa/Pendl
تمتع جنوب السودان نسبياً بحالة من السلم والحكم الذاتي للفترة من عام 1972 إلى 1983، قبل أن يسقط مجدداً في أتون حرب أهلية. وخاضت الحركة الشعبية لتحرير السودان وذراعها العسكري قتالاً، قاده الجنرال جون قرنق، ثم سرعان ما انقسمت الحركة بين سيلفا كير ورياك مشار.
صورة من: picture-alliance/dpa/Rosenthal
في يناير/ كانون الثاني 2011 صوت سكان جنوب السودان لصالح الاستقلال في استفتاء شعبي. وصار سيلفا كير رئيساً للدولة ورياك مشار نائباً له. واستندت الدولة الوليدة على اتفاق سلام أبرمه قرنق عام 2005 قُبيل مقتله في حادث تحطم مروحية بعد أسابيع من التوقيع.
صورة من: AP
لكن التحالف بين خصوم الأمس وحلفاء اليوم لم يدم طويلاً، فبعد سنتين من إعلان الاستقلال في تموز/ يوليو 2013 تجاهل الرئيس كير نائبه مشار وجميع أعضاء الحكومة الآخرين. وفي خطوة ذات دلالة ارتدى بزته العسكرية مجدداً عند إلقائه إحدى خطاباته أمام وسائل الإعلام، متهماً مشار وحلفاءه بمحاولة الانقلاب عليه. وكانت تلك بداية الحرب الأهلية مستمرة.
صورة من: Reuters
لقي خمسون ألف شخص على الأقل حتفهم في هذا النزاع، وأُجبر أكثر من 2.4 مليون شخص على ترك منازلهم، وفشلت جميع محاولات إنهائه. وفي أيار/ مايو 2014 أُعيد تشكيل بعثة تابعة للأمم المتحدة مكونة من 14000 عنصر للانتشار في مواقع محددة لحماية المدنيين.
صورة من: Reuters
تمخض لقاء بين كير (يسار الصورة) ومشار (يمين الصورة) في أيار/مايو 2015 بأديس أبابا عن اتفاق لوقف إطلاق النار، وهو ما بعث الآمال مجدداً بتحقيق السلام، لكن تلك الآمال سرعان ما تبخرت، إذ اندلع القتال بين أنصارهما بعد ساعات من التوقيع. وأخفق القائدان في الالتزام بالاتفاق والأسوأ من ذلك أنهما فقدا السيطرة على المقاتلين التابعين لهما بحسب ما قال مراقبون.
صورة من: Reuters
بصعوبة ولد اتفاق السلام الأخير الموقع في آب/ أغسطس 2015، إذ رفض الرئيس سيلفا كير في البدء التوقيع لكنه رضخ أخيراً للضغوط الدولية. كان جزء من الصفقة هو ضمان حماية عودة مشار من منفاه في أثيوبيا. وتمثل الخلاف الرئيسي بعدد الجنود ونوعية الأسلحة التي ستكون تحت سيطرته في جوبا.
صورة من: Reuters/G. Tomasevic
بينما حول النزاع البلاد إلى ركام من الدمار قال مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة سعيد رعد الحسين إن كلاً من القوات الحكومية والمتمردين يلجؤون إلى الاغتصاب كوسيلة للإرهاب والحرب. وهو ما دفع مجلس الأمن لإرسال لجنة للتحقيق في هذا الشأن.
صورة من: GetttyImages/AFP/C. Lomodon
8 صورة1 | 8
واعتبر مشار في البيان أن على المجتمع الدولي أن "يعلن أن النظام الحاكم في جوبا هو حكومة مارقة مفسدة للسلام وتهدد الأمن والسلام الإقليمي والدولي". ودعا إلى "إحياء اتفاق سلام" واستقالة دينغ ونشر قوة حماية دولية قوامها أربعة آلاف عنصر فورا.
ويشكل البيان التصريح العلني الأول لنائب الرئيس السابق منذ فراره من جوبا في منتصف تموز/يوليو بعد معارك عنيفة مع قوات كير وصفها مشار بأنها "محاولة اغتيال".
من جهته، اعترض المتحدث باسم المتمردين في جوبا جون كليمان كوك المؤيد لدينغ، على تصريحات مشار، معتبرا أن "هذا الفريق لا يريد السلام في جنوب السودان ويعتقد أن حل المشكلات يتم عبر الحرب".
وأسفرت المعارك المستمرة منذ عامين ونصف عام في جنوب السودان عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 2,5 مليون آخرين.