مشاورات ثلاثية بشأن سوريا بعد تقدم فصائل المعارضة في حلب
٣٠ نوفمبر ٢٠٢٤
بعد سيطرة فصائل سورية معارضة على حلب، شن الطيران الروسي والسوري غارات على حلب، فيما أعلن الجيش السوري استعداده لشن هجوم مضاد لاستعادة المدينة. ومشاروات بين ثلاثي أستانة: تركيا وروسيا وإيران.
إعلان
أعلنت روسيا أنها ناقشت خلال مشاورات منفصلة مع إيران وتركيا الوضع "الخطير" في سوريا، بعد سيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة لها على القسم الأكبر من مدينة حلب. وروسيا وإيران هما أكبر داعمين لنظام الرئيس بشار الأسد، في حين تدعم تركيا فصائل معارضة له.
وقالت الخارجية الروسية في بيان إنه خلال مكالمة هاتفية بين وزير الخارجية سيرغي لافروف ونظيره التركي هاكان فيدان "أعرب الجانبان عن قلقهما البالغ حيال التطور الخطير للوضع في سوريا والمتصل بالتصعيد العسكري في محافظتي حلب وإدلب". وأكدا "ضرورة تنسيق عمل مشترك لضمان استقرار الوضع في سوريا".
وفي اتصال هاتفي آخر جرى بين لافروف ونظيره الإيراني عباس عراقجي، أعرب الجانبان عن "قلقهما البالغ حيال التصعيد الخطير للوضع في سوريا"، فيما تحدث بيان الخارجية الروسية عن "هجوم إرهابي لمجموعات مسلحة" في محافظتي حلب وإدلب. وأضافت موسكو أن "الوزيرين توافقا على ضرورة تكثيف الجهود المشتركة بهدف ضمان استقرار الوضع في سوريا".
وقال الجيش السوري، السبت (30 نوفمبر/تشرين الثاني 2024)، إن العشرات من جنوده قتلوا في هجوم كبير لقوات لمعارضة التي أكد اجتياحها أجزاء واسعة من مدينة حلب في شمال غرب البلاد، ما اضطر الجيش إلى إعادة الانتشار في أكبر تحد للرئيس بشار الأسد منذ سنوات.
وجدد هذا الهجوم المباغت الذي قادته هيئة تحرير الشام المواجهات في الحرب السورية التي توقفت إلى حد كبير منذ عام 2020، ما أدى إلى اندلاع القتال مجددا بالقرب من الحدود التركية.
وقال الجيش السوري في بيان إنه يستعد لشن هجوم مضاد لاستعادة السيطرة على المدينة. واعترف في البيان بتقدم قوات المعارضة، قائلا إنها دخلت أجزاء كبيرة من مدينة حلب، التي سيطر نظام الأسد عليها بصورة كاملة منذ أن طردت القوات الحكومية المدعومة من روسيا وميلشيات تابعة لإيران مقاتلي المعارضة قبل ثماني سنوات.
وأظهرت صور من حلب مجموعة من مقاتلي فصائل المعارضة تجمعوا في ساحة سعد الله الجابري في المدينة بعد دخولهم المدينة ليلا، بينما تظهر في الخلفية لوحة كبيرة عليها صورة بشار الأسد. وقال أحد مقاتلي المعارضة، ويدعى علي، في لقطات تلفزيونية "أنا ابن حلب، نزحت منها قبل ثماني سنوات، في عام 2016. الحمد لله أننا عدنا للتو. إنه شعور لا يوصف".
وقال مصدران من المعارضة إن قوات المعارضة سيطرت أيضا على مدينة معرة النعمان في محافظة إدلب وهو ما يعني أن المحافظة بأكملها باتت الآن تحت سيطرتهم، فيما قد يمثل ضربة كبيرة أخرى للرئيس الأسد. ومن شأن هذه الاشتباكات أن تعيد إحياء الصراع السوري في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة حربين في غزة ولبنان.
وقال مصدران في الجيش السوري إن طائرات حربية روسية وسورية استهدفت مقاتلي معارضة في حي بمدينة حلب اليوم. وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين أمس الجمعة إن روسيا تعتبر الهجوم انتهاكا لسيادة سوريا. وأضاف "نؤيد إعادة السلطات السورية النظام إلى المنطقة والعودة إلى النظام الدستوري بأسرع ما يمكن".
هل يدفع الأسد في حلب ثمن موقفه من المواجهة بين إيران وإسرائيل؟
37:36
وقال الدفاع المدني السوري، الذي يقدم خدمات إغاثية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، في منشور على منصة إكس إن أربعة مدنيين قُتلوا وأصيب ستة آخرون في غارات جوية شنتها طائرات تابعة للحكومة السورية وروسيا على أحياء سكنية ومحطة وقود ومدرسة في إدلب التي تسيطر عليها المعارضة.
وقال المصدران في الجيش السوري إن موسكو وعدت دمشق بمساعدات عسكرية إضافية ستبدأ في الوصول خلال الأيام الثلاثة المقبلة. كما ذكر المصدران ومصدر عسكري ثالث أن السلطات أغلقت مطار حلب والطرق المؤدية إلى المدينة. وقالت المصادر الثلاثة إن الجيش السوري تلقى أوامر بالانسحاب الآمن من المناطق الرئيسية في المدينة التي دخلها مقاتلو المعارضة.
إعلان
دور إيران في المنطقة
قالت قوات المعارضة، ومنها فصائل مدعومة من تركيا، أمس الجمعة إن مقاتليها اجتاحوا عدة أحياء في حلب. وقال مصطفى عبد الجابر، أحد قادة جيش العزة المعارض، إن التقدم السريع يرجع إلى عدم وجود عدد كاف من المسلحين المدعومين من إيران في المحافظة لدعم الحكومة.
ويتعرض حلفاء إيران في المنطقة لسلسلة من الضربات على يد إسرائيل مع اتساع نطاق حرب غزة في الشرق الأوسط. واتهم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الولايات المتحدة وإسرائيل بأنهما وراء هجوم المعارضة، وذلك خلال اتصال هاتفي مع نظيره السوري أمس الجمعة.
وقالت قوات المعارضة السورية إن الهجوم يأتي ردا على الضربات المتزايدة التي شنتها القوات الجوية الروسية والسورية في الأسابيع القليلة الماضية ضد المدنيين في مناطق بإدلب تسيطر عليها المعارضة، وأيضا لاستباق أي هجمات من الجيش السوري.
وتقول مصادر من المعارضة على اتصال بالمخابرات التركية إن أنقرة أعطت الضوء الأخضر للهجوم. ولم يكن مسؤولون أتراك متاحين على الفور للتعليق اليوم.
بيد أنّ وزارة الخارجية التركية قالت أمس الجمعة إن الاشتباكات بين قوات المعارضة والقوات الحكومية أسفرت عن تصعيد غير مرغوب فيه للتوتر.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية أونجو كيجيلي في بيان إن أولوية تركيا هي تجنب تفاقم حالة عدم الاستقرار في المنطقة، مضيفا أن أنقرة حذرت من أن الهجمات الأحدث على إدلب تؤثر سلبا على روح الاتفاقات الرامية إلى وقف التصعيد وتقوض تنفيذها.
ف.ي/أ.ح (ا.ف.ب، رويترز)
11 عاما على الاحتجاجات بسوريا.. أوكرانيا تعيد المشاهد للأذهان!
تعيد مشاهد الدمار في أوكرانيا الذاكرة لما حل في سوريا على أيدي القوات الروسية التي هرعت للدفاع عن الأسد وسوت مدنا بالكامل بالأرض. وبعد 11 عاماً من انطلاق الاحتجاجات المناهضة لنظام الأسد يبدو المشهد في البلدين متشابهاً.
صورة من: Moawia Atrash/ZUMA Wire/imago images
أوكرانيا والدرس السوري
في الذكرى 11 لحركة الاحتجاجات في سوريا، تشهد العديد من المدن الأوكرانية قصفاً مكثفاً من قبل القوات الروسية ما يعيد للأذهان ما حدث في غروزني الشيشانية وحلب السورية. مدينتان حولهما القصف الروسي في 1999 و2016 إلى رماد. ويعيد ما يحدث في أوكرانيا إلى الذاكرة أيضاً تصريحات وزير الدفاع الروسي: "اختبرنا أكثر من 320 نوعاً من مختلف الأسلحة في سوريا" ما يجعل غزو أوكرانيا تطبيقا لما جربه الجيش الروسي هناك.
صورة من: Izzeddin Kasim/AA/picture alliance
جذور الاحتجاجات وطريقة تعامل نظام الأسد
اندلعت شرارة الاحتجاجات في مارس/آذار عام 2011 على خلفية انتفاضات شعبية في عدة دول عربية لكن النظام السوري ومنذ اللحظة الأولى رفع لافتة كبيرة أمام العالم بأن ما يحدث هو مؤامرة خارجية يقف خلفها مثيرو الفتن والطائفية بهدف تدمير الدولة. لافتة كانت تحمل في طياتها الطريقة التي سيتعامل بها النظام على مدى سنوات مقبلة مع تلك الانتفاضة الشعبية.
صورة من: Muhammed Said/AA/picture alliance
احتجاجات تحولت إلى نزاع دامٍ!
مع اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظامه، قمع الأسد المتظاهرين السلميين بالقوة، لتتحول الاحتجاجات إلى نزاع مسلح شديد الدموية، سرعان ما تعددت جبهاته والضالعين فيه ما أدى لدمار شامل حل بالبلاد ودماء سالت على الأرض ورعب لم يأمن منه بشر ولا حجر ولا شجر.
صورة من: Ammar Safarjalani/Xinhua/picture alliance
البداية من درعا
قامت مجموعة من تلاميذ المدارس في بلدة درعا السورية جنوب دمشق، برسم رسائل معارضة للأسد على جدار محلي. وبعد ذلك بوقت قصير، ألقت أجهزة الأمن القبض عليهم وتعرضوا للضرب والتعذيب حسبما ورد. في 15 مارس/ آذار وجه ناشطون الدعوة إلى "يوم غضب سوري". وفي يوم الجمعة 18 مارس/ آذار، وطوال الأسبوع التالي، كانت درعا وقراها مسرحًا لمظاهرات حاشدة واشتباكات مع الأمن، أوقعت خلال الأسبوع 100-150 قتيل حسب المعارضة.
صورة من: dapd
رد شديد الوحشية
مع خروج السوريين إلى الشوارع للاحتجاج والمطالبة بمزيد من الحريات، كان رد نظام الأسد وقواته الأمنية سريعًا ووحشيًا - ليعاد تطبيق قواعد اللعبة في سحق المعارضة التي أرساها النظام الحاكم على مدى عقود. لكن عمليات القتل عام 2011 أثارت المزيد من الغضب ضد الأسد بدلاً من قمعه، وما بدأ كاحتجاجات سلمية تطورت إلى حركة معارضة مسلحة، مع تصاعد عنف النظام.
صورة من: dapd
التدخل الروسي يقلب الموازين
مع دخول الصراع السوري عامه الخامس بدأ الضغط يزداد بشكل كبير على نظام الأسد حتى أن البعض اعتقد أن سقوطه أصبح قريباً. كانت التنظيمات المسلحة المعارضة تكتسب قوة على الأرض كما كان تنظيم "الدولة الإسلامية" في تصاعد. لكن الأسد هرع إلى حليفه الروسي طالباً العون، لتتدخل المقاتلات الروسية في خريف 2015 وتحيل المشهد في سوريا إلى جحيم ليبدأ النظام في استعادة السيطرة على رقعة واسعة من الأراضي في منتصف 2018.
صورة من: Russian Defense Ministry Press Service/AP/picture alliance
مشاهد متكررة .. والفاعل واحد
يستحضر الهجوم الروسي على أوكرانيا والدمار الهائل الذي ألحقه بالمدن الأوكرانية صور ما جرى في سوريا والشيشان، وفي الخلفية عشرات الاتهامات "المتكررة" بارتكاب الجيش الروسي لجرائم حرب واستخدام أسلحة محظورة، وهي اتهامات وجهتها منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش لروسيا في كل من سوريا وأوكرانيا.
صورة من: picture-alliance/AA/A. el Ali
المدنيون.. ضحايا العمليات الروسية في كل مكان
تنفي روسيا دائماً استهداف المدنيين. تكرر النفي في أفغانستان والشيشان وسوريا والآن في أوكرانيا. لكن الواقع يقول إن سلاح الجو الروسي تسبب في خسائر فادحة في صفوف المدنيين السوريين، إلى جانب ما قام به الجيش السوري وخصوصاً استهداف المناطق المدنية ببراميل المتفجرات. واليوم يتعرض المدنيون في أوكرانيا للقصف الروسي، لتدخل المستشفيات والمدارس وغيرها على خط النار كما حدث في سوريا من قبل.
صورة من: Reuters/S. Kitaz
ضحايا بالملايين
وفق منظمات أممية وأهلية، أودى النزاع السوري بحياة ما يقرب من 500 ألف شخص ودفع 6.6 ملايين آخرين إلى المنفى، وسجل المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل سبعين ألف شخص في عام 2014 وحده. وتحفل قطاعات واسعة من الأراضي السورية بآلاف الألغام والقذائف غير المنفجرة التي تمثل تهديداًَ يومياً مباشراً على أرواح من تبقي من السوريين داخل البلاد.
صورة من: AFP/Getty Images
مفاوضات..مفاوضات.. بلا فائدة
في بيان أصدره المبعوث الأممي لسوريا بمناسبة مرور 11 عامًا على انطلاق الاحتجاجات السورية، شدد (غير بيدرسون) على ضرورة الوصول لحل سياسي ينهي معاناة السوريين للخروج من مأزق يمتد نحو 11 عاماً. لكن المنصب الذي تعاقب عليه كثيرون لم يتمكن أي من شاغليه من الوصول لحل يخفف حتى من آلام الشعب السوري، فيما رسخ نظام الأسد القسوة والسلاح كمبادئ أساسية للتعامل مع الأمر.
صورة من: Violaine Martin/UN Geneva/dpa/picture alliance
هل انتصر الأسد؟ وعلى من؟
يرى رئيس النظام السوري أنه في النهاية انتصر في معاركه. صحيح أنه نجح في الاحتفاظ بمنصبه كرئيس يسيطر على مساحة واسعة من أراضي البلاد وقضى على المعارضة المسلحة وعلى جزء كبير من الجماعات الجهادية. لكن على الجانب الآخر، دُمرت البلاد بشكل شبه كامل وقتل عشرات الآلاف وفر الملايين من البلاد وارتكبت مذابح وانتهاكات ربما لم يشهد لها التاريخ مثيلاً في العصر الحديث نفذها حاكم ضد شعبه.
صورة من: Muzaffar Salman/AP Photo/picture-alliance