"المساجد الخضراء".. كيف ستساهم دور العبادة في حماية المناخ؟
١٤ نوفمبر ٢٠٢١
مبادرة جديدة أعلنتها منظمة غرينبيس تحمل اسم "المساجد الخضراء" لدعم تحول 10 مساجد كبرى حول العالم إلى استخدام الطاقات المتجددة. مشروع طموح موجه للمسلمين، لكنه يعاني عدة تحديات.
إعلان
المساجد ليست للتعبد فقط، بل قد تمثل نقطة انطلاق في العالم الإسلامي لتبني حلول مستدامة في المستقبل بشكل خال تماماً من استخدام الوقود الأحفوري. هذا هو الهدف الذي أعلنته منظمة "غرينبيس" (السلام الأخضر) الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عبر "المساجد الخضراء"، أحدث مبادرات "تحالف أمة لأجل الأرض" الذي يجمع غرينبيس وعدة منظمات أخرى إقليمية.
وتبتغي المبادرة "إبراز الإمكانيات الكبيرة للمجتمعات المحلية في مكافحة أزمة المناخ، من خلال تحويل المساجد إلى الطاقة الشمسية حول العالم"، وفق ما يذكره بلاغ صحفي عن غرينبيس التي تؤمن بإمكانية أن تقدم المجتمعات الإسلامية مثالاً يحتذى به للمجتمعات الأخرى في مجال الطاقات المتجددة، ومن ذلك تركيب أنظمة شمسية لمسجد غلاسكو المركزي تزامنا مع قمة المناخ كوب 2021، بتمويل كامل من منظمة الإغاثة الإسلامية.
وضمن هذه المبادرة، توجد عشرة مساجد رئيسية حول العالم يمكن تحويلها إلى الطاقة الشمسية وهي وفق الترتيب الأبجدي: الجامع الأزهر بالقاهرة، مسجد الاستقلال بجاكرتا، الجامع الأموي بدمشق، جامع الجزائر الكبير بالجزائر العاصمة، المسجد الحرام بمكة المكرمة، مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، مسجد غلاسكو المركزي في غلاسكو، الجامع الكبير في لاهور، المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنوّرة، مسجد النظامية في جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا.
وسيتيح هذا المشروع الضخم، وفق ما تؤكده دراسة علمية مفصلة، توليد "حوالي 22.3 جيجا واط-ساعة من الطاقة الكهربائيّة في السنة، وتخفيض 12،025 طن متري من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون" حسب البلاغ، الذي يتوقع "الاستغناء عن حرق أكثر من 5 ملايين لتر من البنزين، أو الحفاظ على 1107 هكتارات من الغابات"، فضلاً عن "خلق ما بين 93 و 153 فرصة عمل جديدة"، وتعادل هذه المجهودات جهود أكثر من 37 ألف شخص في تخفيض استهلاك الطاقة.
وكمثال على ذلك، فالمسجد النبوي في المدينة المنورة سينتج 6190 كيلوواط من الطاقة في السنة، ما يوفر مبلغا يصل إلى 395 ألف دولار، وكذلك خفض 3199 طن من انبعاثات الغازات الدفيئة. وهو ما يعادل في حالة هذا المسجد، عدم استخدام 586 سيارة سنويا، وتوفير 1.3 مليون لتر من البنزين، وتدوير أكثر من ألف طن من النفايات.
الطاقة الشمسية - قليلة التكلفة وجيدة
07:34
"يُجسِّد هذا المشروع الإمكانات الكبيرة المُتوفِّرة، وأهميّة مشاركة الأمة الإسلامية في العمل الجاد والسريع لتنفيذ الحلول المستدامة للأزمة المناخية المتفاقمة من حولنا"، تقول نُهاد عوّاد، مسؤولة الحملات في تحالف "أمة لأجل الأرض" في غرينبيس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وتتابع في تصريح مُعمم على الصحافة أن المبادرة هي كذلك "نداء للقيادات المسلمة المشاركة في مؤتمر المناخ للعمل وفق طموحات الأمة والأجيال الصاعدة والتخلّي عن الوقود الأحفوري".
وليست هذه هي المبادرة الأولى من نوعها، إذ سبق وأن أعلنت عدة دول عربية وإسلامية توجه عدد من المساجد نحو اعتماد الطاقة المتجددة، لكنها من أولى المبادرات التي يتم التنسيق فيها بشكل عالمي وتستهدف عددا من أكبر مساجد العالم.
تحديات متعددة
تعاني مجموعة من الدول العربية من نقص كبير في توليد الطاقة محليا، ما يدفعها لاستيرادها من الخارج، منها المغرب الذي يستورد حوالي 91 بالمئة من احتياجاته من الطاقة، خصوصا في ما يتعلق بالبترول، لكن المملكة بدأت منذ سنوات برامج الاستفادة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في البلد، واستثمرت حسب ما ذكرته الحكومة السابقة أكثر من 5 مليارات دولار في هذا الجانب، ما أتاح تقليص التبعية للخارج فيما يتعلق بالطاقة.
وبدأت بالفعل العديد من المساجد والمدارس والمنشآت في المغرب العمل بالطاقة المتجددة، إلا أن عملية "التحول الطاقي" عانت من تأخر واضح في تنفيذ التعهدات، ما أثار انتقادات محلية، في بلد يواجه تحديات اجتماعية واقتصادية زادت منها جائحة كورونا.
تختلف الصورة لدى دول أخرى كالسعودية، أحد أكبر منتجي البترول في العالم، لكنها وإن كانت لا تعاني تبعية طاقية، فهي تعاني من اعتماد مفرط على البترول في الاقتصاد، ما يؤثر سلباً على البلد ويجعل نسيجه الاقتصادي رهيناً بالسوق الدولية. وبدأت السعودية بدورها استراتيجية لتنويع الاقتصاد كما ظهر في رؤية 2030، لكنها بدأت كذلك مؤخرا مبادرات بيئية كـ"مبادرة السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر"، اللتين تهدفان إلى زراعة 50 مليار شجرة، وتعتبران أكبر مشروع من نوعه في التاريخ.
إلّا أن السعودية اتُهمت من قبل منظمة غرينبيس المركزية بعرقلة مجموعة من "الصياغات الطموحة بشأن حماية المناخ في النص النهائي المخطط له، وكذلك عرقلة قرارات من أجل إحراز تقدم في موضوع التكيف مع تداعيات الاحتباس الحراري" خلال مؤتمر المناخ بغلاسكو (اختتمت أعماله في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني)، وفق ما ذكره بيان سابق عن المنظمة.
وبعيدا عن نقاشات قمة المناخ، فمن بين التحديات التي تواجه المنظمات البيئية في العالم الإسلامي ضعف الاهتمام المجتمعي بقضايا المناخ، وغياب استراتيجية في التعليم توعي الأطفال بالخطر الكبير الذي يتهدد الكوكب وكيفية مواجهته، فضلاً عن تجاهل عدد من الأحزاب والتنظيمات السياسية لهذا الموضوع.
وسبق لتحالف "أمة لأجل الأرض" أن أطلق دليلاً أخضرَ وتطبيقاً هاتفيا لمرافقة الحجاج والمعتمرين لأجل مناسك "صديقة للبيئة ومنسجمة مع القيم الإسلامية"، من أهدافه العمل المشترك بين المسلمين وبقية سكان الأرض، من أجل "الحفاظ على درجات حرارة الكوكب تحت مستوى الخطر".
إ.ع/ ص.ش
الكوكب يحترق.. والسبب التغير المناخي!
تنتشر موجات الحر في مختلف أنحاء العالم مسببة حرائق غابات غير مسبوقة منذ سنوات طويلة. هنا لمحة في صور عن الحرائق الأكثر تدميراً والدول الأكثر تأثراً.
صورة من: ROMAN KUTUKOV/REUTERS
الجزائر: أسوأ حرائق في تاريخ البلاد!
أودت حرائق الغابات التي تجتاح بعض المناطق في شمال الجزائر، وخصوصاً منطقة القبائل الجبلية، بحياة ما لا يقل عن 65 شخصاً، مع استمرار أسوأ موجة من الحرائق المدمرة في تاريخ البلاد. ونشرت الحكومة قوات الجيش للمساعدة في مكافحة الحرائق. وقالت الحكومة إن الحرائق أودت بحياة 25 جندياً كانوا يشاركون في مكافحة الحرائق، وأصيب 12 غيرهم بحروق خطيرة.
صورة من: Abdelaziz Boumzar/REUTERS
حداد عام!
أكثر المناطق تضرراً هي "تيزي أوزو" أكبر مراكز المنطقة الجبلية، حيث احترقت بيوت وفر السكان طلباً للملاذ في فنادق وبيوت الشباب والمساكن الجامعية في المدن القريبة. وقالت الحكومة الجزائرية إنها ستعوض المنكوبين عن خسائرهم. وأعلن الرئيس عبد المجيد تبون الحداد العام ثلاثة أيام على قتلى الحرائق وجمد أنشطة الدولة التي لا صلة لها بالحرائق.
صورة من: Abdelaziz Boumzar/REUTERS
الحرائق في أوروبا
انتشرت حرائق الغابات في مساحات كبيرة في الجزائر وتركيا واليونان ودول أخرى في الأسبوع الأخير وقالت هيئة مراقبة الأحوال الجوية التابعة للاتحاد الأوروبي إن منطقة البحر المتوسط أصبحت من مراكز حرائق الغابات بفعل ارتفاع حرارة الطقس.
تركيا: أسوأ حرائق منذ عقد!
منذ نهاية تموز/ يوليو، شهدت تركيا اندلاع أكثر من 200 حريق، طالت نحو نصف ولايات البلاد الـ81، إلا أن الحرائق تسببت في أضرار جسيمة بشكل خاص في ولايتي أنطاليا وموغلا الساحليتين. في هذه الصورة يحاول رجال الإطفاء منع حريق، نشب بالقرب من قرية "تشوكرتمه" السياحية، من الوصول إلى المباني. دمرت الحرائق في تركيا أكثر من 150 ألف هكتار، بما فيها قرى بأكملها، وأدت إلى مقتل 8 أشخاص على الأقل.
صورة من: KENAN GURBUZ/REUTERS
اليونان: أسوأ موجة حر في 30 عاماً
اندلع أكثر من 500 حريق في أنحاء اليونان الأسبوع الماضي خلال أسوأ موجة حر تتعرض لها البلاد في 30 عاماً، ما
أدى لإخلاء عشرات القرى وإجلاء آلاف السكان، بينما تستمر فرق الإطفاء المنهكة في مكافحة الحرائق المندلعة في شتى أنحاء البلاد.
صورة من: NICOLAS ECONOMOU/REUTERS
اليونان: النيران التهمت كل شيء
تم إجلاء هؤلاء الأشخاص من ميناء "بيفكي" في جزيرة إيفيا اليونانية بسبب الحرائق الهائلة في الجزيرة، وهم يدركون أنهم لن يجدوا منازلهم وممتلكاتهم عندما يعودون. ومنذ اندلاع الحرائق في غابات الجزيرة بداية الأسبوع الماضي، يتم تنفيذ مهام جوية ضخمة لإطفاء الحرائق التي اشتغلت في مناطق واسعة من اليونان. ويتحدث شهود عيان عن "مشاهد مروعة".
صورة من: ALEXANDROS AVRAMIDIS/REUTERS
روسيا تختنق!
تشتعل الحرائق في العديد من المناطق في روسيا منذ أسابيع، مع تضرر المنطقة المحيطة بـ"ياكوتيا" في أقصى الشمال الشرقي بشكل خاص. أحصت السلطات أكثر من 250 حريقاً في جميع أنحاء روسيا، تغطي مساحة إجمالية تزيد عن 3,5 مليون هكتار.
صورة من: ROMAN KUTUKOV/REUTERS
هذا ليس ضباب الصباح!
الأضرار لا تقتصر على المناطق المشتعلة فحسب، بل تسبب الحرائق أضراراً صحية لسكان المناطق المجاورة، إذ يصل الدخان الكثيف إلى المناطق المأهولة بالسكان، كما يظهر في مدينة كراسنويارسك السيبيرية في الصورة. وهذا ما يزيد من معاناة الأشخاص، خصوصاً كبار السن والأطفال، حيث يكاد يكون من المستحيل التنفس في الخارج.
صورة من: REUTERS
جهود يائسة!
عند اشتعال الحرائق، لا يفر الجميع، فهناك أشخاص يريدون دعم رجال الإطفاء، قد يكون ذلك عبر جهود يائسة، كما هو الحال مع هذا الرجل الذي يحاول إخماد النار بغصن شجرة! لكن هذه التصرفات الفردية تسبب مشاكل كبيرة للسلطات، إذ أن الكثيرين يعرضون أنفسهم للخطر عن حسن نية!
صورة من: NICOLAS ECONOMOU/REUTERS
الولايات المتحدة: حريق ديكسي!
يشتعل حالياً أكثر 5700 حريق في الساحل الغربي لولاية كاليفورنيا الأمريكية، رغم أن "موسم حرائق الغابات" المعتاد لم يبدأ بعد. ويعد حريق "ديكسي"، الذي دمر مدينة غرينفيل بالكامل، ثاني أكبر حريق في تاريخ الولاية. في الصورة، يراقب أحد أفراد فريق الإطفاء حريقاً في غابة بالقرب من بلدة ويستوود.
صورة من: FRED GREAVES/REUTERS
زوابع غريبة!
الحرائق في الساحل الغربي لكاليفورنيا تخلق طقسها الخاص، مسببة زوابع من الرماد والجمر، مثل هذه الزوابع التي تضرب تلال سانتا باربرا، تزيد من تعقيد الأمور. وبسبب الحرائق التي أصبحت أكثر تدميراً مما كانت عليه في السنوات الماضية، لجأت سلطات الولاية إلى واشنطن طلباً للمساعدة.
صورة من: David McNew/REUTERS
أمريكا اللاتينية: حرائق هائلة بسبب نزع الأشجار!
يأتي ذلك بالتزامن مع انتشار حرائق الغابات في حوالي 150 ألف هكتار في مقاطعة سانت كروس في بوليفيا قرب الحدود مع البرازيل. ويعود السبب في الجزء الأكبر من هذه الحرائق الى نزع أشجار الغابات في بوليفيا التي تبلغ مساحتها أكثر من مليون كيلومتر مربع وعدد سكانها 12 مليوناً.
صورة من: Gaston Brito/dpa/picture alliance
دور التغير المناخي
يقول العلماء إن ظاهرة التغير المناخي أدت بشكل حتمي إلى زيادة مخاطر اندلاع حرائق الغابات، حتى في بعض المناطق غير المعرضة للحرائق عادة، خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق. فقد كان شهر يوليو/ تموز الماضي ثاني الأشهر الأعلى حرارة في أوروبا على الإطلاق! ويحذر العلماء من أن حرائق الغابات بدورها ستدمر مساحات كبيرة من الغطاء الأخضر وذلك سيؤدي إلى نتائج أكثر تدميراً على المناخ! م.ع.ح