أضرار فادحة بالبيئة، أنظمة رعاية اجتماعية متداعية، نقص في المساكن. يبدو أنّ البنى التحتية على مستوى العالم قد وصلت حدودها القصوى اقتصادياً وبيئياً واجتماعياً. هل ثمة بدائل؟ ما شكل الحلول البنّاءة المنتظرة؟
يواجه العالم مشكلات ورثها من القرن العشرين، ويحاول المشروع الطموح المستقبل الآن 2020 الوصول إلى حلول من هذا القرن لتلك المشكلاتصورة من: picture alliance/empics/Samsung
إعلان
لطالما اعتبر العام 2020 رمزاً للمستقبل لدى كثير من الناس على مدى سنوات الماضي،وكانوا منقسمين إلى فريق يرى فيها مستقبلاً أكثر تألقاً، وفريق يرى فيها مستقبلاً أشد كآبة. وعلى كل حال، فقد حلّ المستقبل الموعود. هل نحن مستعدون لهذا المستقبل؟ التقارير اليومية المرعبة لا تشي بذلك، فهناك إخفاقات مريعة في كل مجال.
هذه المشكلات ذات طابع عولمي، من جاكارتا إلى لاغوس إلى القاهرة إلى لوس أنجليس إلى باريس: المشكلات تتكرر بألوان أخرى. ولا حلول قدمها الأمس لمشكلات الغد، فعلى سبيل المثال، نحن نحاول اليوم الاستعاضة عن مكائن الاحتراق الداخلي بالمحركات الكهربائية، وهو مشروع معقد ومكلف جداً، ولا يخدم إلا فئة محدودة جداً في المجتمعات المرفهة، فئة تتحدد حركتها من النقطة أ إلى النقطة ب وبالعكس يومياً. أليس من الأجدى إعادة التفكير بالتنقل اليومي نفسه؟ لم يضطر ملايين الناس عبر العالم إلى السفر من وإلى مكاتبهم ومصانعهم ومتاجرهم كل يوم؟ أليس سبب ذلك هو احتلال أماكن العمل مراكز المدن؟ التنقل والزحام الناتج عنه يحتم على الجميع إعادة النظر في هذه الآلية.
لحظة من فضلك!
مثال آخر: الاكتظاظ السكاني المنتظر منتصف هذا القرن في كل مكان. في نفس الوقت، يتناقص عدد سكان الوحدات السكنية في أوروبا وأمريكا وكندا وأستراليا واليابان ومناطق أخرى بشكل مضطرد، فكل إنسان يفضل أن يعيش وحده، حتى ولو في غرفة واحدة، وذلك لانهيار مفهوم الأسرة والعيش الجماعي، علماً أن معدل عمر الفرد قد ازداد بشكل ملحوظ، وهذا سوف يرفع مستوى الحاجة -المستفحلة أصلاً- إلى المساكن! ما هي البدائل إذا؟
نظريات كثيرة تحذر من نهاية العالم، فيما تسبب التنمية البشرية غير المدروسة في كوارث بيئية عبر العالمصورة من: picture alliance/landov
وبنفس المستوى، يتزايد الاعتماد على المواشي والمحاصيل المعدلة جينياً، مقابل أصوات تتعالي رافضة للمضادات الحيوية في غذاء المواشي والدواجن، والتربة المشبعة بأسمدة النيتروجين، فيما يصرّ المزارعون على اعتمادهم هذه الوسائل. ألا توجد أفكار وأساليب مستدامة تُرضي المنتج والمستهلك على حد سواء؟
ما العمل إذا؟
حتى هذه اللحظة كنا نتعامل مع الأعراض وليس مع الأسباب، وكنا نحاول أن نصل إلى حلول لمشكلات القرن الماضي تنتمي الى ذلك القرن، لكنّ هذا يتغير بالتدريج، لأنّ المشكلات تزداد تعقيداً.
المستقبل 2020 أصبح الآن، ونحن بحاجة إلى تصورات المدينة الفاضلة البناءة الآن حتماً. نحن بحاجة إلى خبراء في التطوير الحضري، وخبراء في علوم المستقبل، وخبراء في الزراعة والسياسة وحالمون ومفكرون يدلون بدلوهم ويكشفون عن الحلول المطلوبة.
ألكسندر فرويند / م.م (DW)
مدن تختنق.. العالم بحاجة إلى حدائق أوسع
تعاني أغلب المدن الكبرى من نقص في المساحات الخضراء، العالم العربي ليس استثناء. جولة في أهم مدن العالم التي تلون مساحاتها بلون الحدائق الاخضر تكشف عن أهمية وجود حدائق في مدن الأسمنت.
صورة من: Getty Images/AFP/L. Robayo
الصين تحاول
تشير إحصائيات صادرة عن "المنتدى الثقافي لمدن العالم" للفروق الشاسعة في تخطيط المدن حول العالم. ففي مدينة شينزهن الصينية يتم تخصيص 40% من المساحة للمناطق الخضراء، بالرغم من ازدهار قطاع البناء. كما تعمل العاصمة بكين على زيادة المساحات الخضراء بها، والتي تزيد اليوم عن 45 % من المساحة الكلية.
صورة من: picture alliance / dpa
اسطنبول تختنق
بحلول عام 2050، سيعيش أكثر من ثلثي البشر في الحضر بحيث سيتمكن جزء منهم فقط من الحياة في مدن ستتيح لهم الاستمتاع بالطبيعة، وفقا للأمم المتحدة. وتعتبر اسطنبول واحدة من أقل المدن امتلاكا للمساحات الخضراء في العالم، فقد خصصت إدارة المدينة 2.2% فقط من مساحتها للحدائق العامة بداية من عام 2015. ومن ثم اقترحت الحكومة تحويل الساحات العامة القديمة لمتنزهات.
صورة من: Reuters/M. Sezer
نيويورك والبحث عن الصحة
تشجع الحدائق العامة على ممارسة الرياضة، كما يساعد قضاء الوقت وسط الطبيعة على الحفاظ على صحة نفسية أفضل حيث يساعد على تفريغ الضغوط بالإضافة إلى تنمية التواصل الاجتماعي. وبالرغم من سمعتها كمدينة إسمنتية، يحمل حوالي ربع مساحة مدينة نيويورك اللون الأخضر بفعل الحدائق المنتشرة بمناطق صناعية سابقة للسماح لسكان المدينة الأمريكية بالاستمتاع بها.
صورة من: picture-alliance/robertharding/E. Rooney
طوكيو تعاني
تنقي الأشجار والنباتات الهواء، ولهذا فإن وجود المساحات الخضراء يعمل بفاعلية على توفير هواء نظيف نتنفسه. وتزيد أهمية ذلك في المدن المزدحمة مثل العاصمة طوكيو، والتي تحتوي 7.5% من مساحتها على مناطق خضراء، وفقا لدراسة أجراها مكتب التطوير الحضري. ويعاني الكثير من سكان عاصمة اليابان، والذي يزيد عددهم عن 9 مليون نسمة، من الحساسية نحو تلوث الهواء.
صورة من: Imago/Aurora Photos/T. Martin
لوس أنجلس وحرارة الأسمنت
يؤدي الإسمنت إلى ارتفاع الحرارة بالمدن ويجعل السكان أكثر تأثرا بموجات الحرارة المرتفعة، وهذا يعرف باسم "أثر الجزر الحرارية الحضرية"، أي أن المدن تكون أكثر دفئا من المناطق المحيطة بها. إلا أن المساحات الخضراء تقدم حلا للمشكلة لعملها على خفض حرارة الجو. وبالرغم من أن الحدائق العامة تمثل حوالي 35% من مساحة مدينة لوس أنجلس الأمريكية، فإن المدينة مازالت تعاني من ظاهرة ارتفاع درجة الحرارة.
صورة من: Iwan Baan
أشجار باريس تواجه الفيضان
تتمثل أهمية أخرى للمساحات الخضراء في امتصاص المياه للحد من فيضان المياه الذي شهدته باريس في عام 2018، حيث تغطي الخضرة 9.5% من مساحة العاصمة الفرنسية. يمكن للمساحات الخضراء المخطط لها صد المياه المصاحبة للعواصف وحماية المناطق السكنية منها، بما يجعل تلك المساحات الخضراء عاملا ضروريا في نظام إدارة الفيضان بالمدينة. وتعمل باريس على زراعة 20 ألف شجرة جديدة بحلول عام 2020.
صورة من: Getty Images/AFP/L. Marin
بوغوتا تريد المزيد..
بوغوتا في كولومبيا هي واحدة من المدن النشطة، التي تخصص حوالي خمسة بالمئة من مساحاتها للمساحات الخضراء. فبينما تنمو مساحة المدن وتزداد ثراءً، تحتاج إلى تحقيق التوازن ما بين التنمية الاقتصادية على المدى القصير والتأثير على المناخ العالمي وصحة المواطنين على المدى الطويل. لويزه أزبرون/ د.ب.