مشروع قانون الزواج الإسلامي في تركيا يثير الاستياء
٥ أغسطس ٢٠١٧
قدمت الحكومة التركية مشروع قانون يستطيع من خلاله رجال الدين أن يقوموا بعقد الزواج. وهذا ما أثار استياء المعارضة ومنظمات حقوق المرأة التي ترى أن هذه الخطوة تهدد علمانية البلاد.
إعلان
منذ تطبيق القانون المدني عام 1926، والموظفون المدنيون فقط هم من يمكنهم عقد الزواج في تركيا، فالزواج الديني بدون الزواج المدني ليس ممكناً، كما أن من يذهب إلى مسجد ليعقد قرانه، يتم محاكمته بالسجن لمدة تتراوح بين شهرين إلى ستة أشهر.
وكانت المحكمة الدستورية قد ألغت قانوناً قبل عامين، كان يلزم الأتراك أن يتزوجوا مدنياً قبل عقد قرانهم الديني مبررة ذلك بأن الزواج الديني ليس على خلاف مع مبادئ سيادة القانون ومبادئ القانون الجنائي. ولكن حكومة العدالة والتنمية خطت خطوة أبعد من ذلك القانون أيضاً. فبحسب مشروع القانون الجديد يمكن لرجال الدين أن يقوموا بعقد قران الأزواج في المستقبل، ولديهم الحق القانوني في ذلك كحق الموظفين المدنيين بالضبط. وهذا يعني أن الأتراك يستطيعون في المستقبل أن يختاروا بين الزواج المدني والزواج الديني.
جدل حول علمانية الدولة
وبعد الإجازة الصيفية، سيصوت البرلمان على مشروع القرار. لكن حزب الشعب الجمهوري الذي هوالحزب الرئيس للمعارضة ويعتبر نفسه وصياً على النظام العلماني، يقف ضد هذا المشروع. وتقول البرلمانية عن الحزب كايه أوسلور "العقلية التي أنشأت الدولة الإسلامية، يتم تداولها في تركيا أيضا لكن بإصدار مختلف". وتضيف أن محاولات حزب العدالة والتنمية واضحة لفرض قوانين مناهضة للعلمانية بناء على قواعد إسلامية. كما يبدي حزب الشعب الجمهوريقلقه من أن ينشأ من خلال هذه القوانين نظام ديني عوضاً عن النظام القانوني المدني القائم.
حزب الشعوب الديمقراطي أيضاً يعارض هذا المشروع. و بحسب برلمانية الحزب مرال دانش بشتاش فإن حكومة العدالة والتنمية تريد بالفعل وضع الأساس لمجتمع إسلامي. وتضيف "العدالة والتنمية لا يكترث لا للنساء ولا للفتيات".
وتدافع حكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ عن مشروع القانون، بحجة أنه يقوم بتبسيط إجراءات الزواج. وقال وزير العدل بكير بوزداغ إن الزواج المدني يتم بسرعة، وحقوق النساء في مشروع القانون الجديد ستكون أضمن، وأضاف "القانون لا يتعارض مع مبدأ العلمانية". ومن المتوقع أن يوافق البرلمان على مشروع القانون لأن العدالة والتنمية يشكل الأغلبية في البرلمان، بالإضافة إلى أنه يلقى تأييداً من حزب الحركة القومية.
منظمات حقوق المرأة ترفع صوتها
المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة في تركيا فقدت الثقة بالحكومة التركية منذ زمن، و تريد أن تتظاهر ضد القانون الجديد. وتتخوف تلك المنظمات من أن تزداد حالات زواج القاصرات وتعدد الزوجات. كما تخشى ألا يتم أخذ معايير الزواج المدني، الحد الأدنى للسن أو أن يكون الرجل متزوجاً، بعين الاعتبار. ففي مشروع القانون لم يتم ذكر هذه المعايير.
وبالنسبة للناشطة في حقوق المرأة كولسوم كاف فإن مشروع القانون هذا يمثل خطوة إلى الوراء. وتقول "تركيا لا تحتاج إلى قانون كهذا، فالناس لا يواجهون مشاكل في عقد الزواج".
كما انتقدت رئيسة اتحاد الجمعيات النسائية في تركيا جانان غولو المشروع وأضافت "فرض القواعد الإسلامية على الشعب هو لإذلال وقمع المرأة. هذه هي عقلية العدالة والتنمية". كما اعتبرت أن مثل هذا الزواج باطل وغير قانوني بموجب القانون الحالي. وقد كتبت المنظمات النسائية إلى رئيس الجمهورية ورئيس العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان خطابا مفتوحاً ذكروا فيه مطالبهم، وكتبوا فيه "إذا كنت إلى جانب المرأة التركية الحديثة، فعليك أن تسحب مشروع القانون من البرلمان ولا تسمح لأحد أن يمرر القوانين الإسلامية."
بعد محاولة الانقلاب - أردوغان يتعهد بقيام تركيا جديدة
بعد نحو ثلاث أسابيع من محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا ومظاهرات يومية في نحو ثمانين مدينة تركية، لا تزال الحكومة التركية تواصل حملة التطهير التي أطلقتها وطالت عدة قطاعات حكومية. أردوغان نفسه تعهد بقيام تركيا جديدة.
صورة من: DW/D. Cupolo
خلال محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف الشهر الماضي دعا الرئيس رجب طيب أردوغان أنصاره إلى النزول إلى الشوارع للمساعدة على إفشال مخطط بعض العسكر الإطاحة بحزب العدالة والتنمية من الحكم. ويعود الفضل الكبير في ذلك إلى أنصاره الذين ملوؤا الشوارع في مختلف أنحاء البلاد. ومذاك الحين وهو يدعوهم للخروج في مظاهرات ليلية "من أجل السهر على الديمقراطية".
صورة من: DW/D. Cupolo
آخر المظاهرات شارك فيها مليونا متظاهر في إسطنبول ونحو عشرة آلاف آخرين في أنقرة. وقد نظمت في نحو ثمانين مدينة مظاهرات مؤيدة لحزب الرئيس أردوغان، حزب العدالة والتنمية الذي نجح في الإفلات من محاولة الانقلاب العسكري. أنصار أردوغان اعتبروا ذلك نصرا على الانقلابات التي شهدتها البلاد وكذلك على الدستور العلماني.
صورة من: DW/D. Cupolo
وفي إسطنبول تعهد أردوغان أمام المتظاهرين بـ "إعادة بناء تركيا من الأساس" ناشرا بذلك مشاعر التفاؤل لدى أنصاره. لاله أليجي (ليست في الصورة)، التي شاركت في جميع المظاهرات المؤيدة لأردوغان منذ محاولة الانقلاب الفاشلة، تقول: "عندما تنتهي عملية التطهير، فإن تركيا ستدفع بعجلة التنمية سريعا إلى الأمام لأن أولئك الذين انخرطوا في الحكومة لن يشكلوا بعد ذلك عبئا على بلادنا".
صورة من: DW/D. Cupolo
آتالاي (ليس في الصورة) هو مصمم هندسة داخلية، رفض إعطاء اسمه بالكامل ولكنه أكد أنه يدعم أردوغان لأن الأخير سيقود تركيا إلى الساحة العالمية. "أردوغان بصدد إعلام العالم بأننا نحن هنا وأننا سنصبح قوة كبيرة"، على حد تعبيره. "حتى إن لم تحب ذلك، فعليك أن تقبل به. العالم أكبر من (مجموعة الدول السبع)."
صورة من: DW/D. Cupolo
وعلى الرغم من أن العديد من المشاركين في مظاهرات الأحد أكدوا أنهم يدافعون عن الديمقراطية، إلا أن المعارضين لاحظوا أن ثالث أكبر حزب سياسي، وهو حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد منع من المشاركة فيها. "بما أني كردية، فلا يمكنني الذهاب إلى هذه المظاهرات لأنني لن أشعر بالأمان"، هذا ما تقوله حواء أوزكان (ليست في الصورة)، إحدى رؤساء منظمة توهاد-فيد المدافعة عن حقوق السجناء. "ليس الكل مرحب بهم."
صورة من: DW/D. Cupolo
تقول أوزكان إن الحكومة تدعم كليا هذه المظاهرات، فيما تحظر بشكل واسع المظاهرات الاحتجاجية الأخرى. وتشير إلى أن المشاركين حصلوا على الماء والغذاء مجانا، كما أنه كان بإمكانهم استخدام كل وسائل النقل في أنقرة وإسطنبول مجانا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بهدف تحفيز الناس على المشاركة في المظاهرات الداعمة لأردوغان. "نحن بصدد معايشة اشتراكية مؤقتة في تركيا"، على حد تعبير أوزكان.
صورة من: DW/D. Cupolo
وفيما كانت الحكومة تفرض حظرا على مواقع التواصل الاجتماعي في حالات الطوارئ، لعبت هذه المواقع دورا مهما خلال محاولة الانقلاب الفاشلة، حيث استخدم أردوغان نفسه موقع فيس تايم للتواصل مع أنصاره ودعوتهم إلى النزول إلى الشوارع لإفشال مخطط الانقلابيين. أما المعارضة فتقول إن الحكومة تسمح باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي فقط عندما تعود عليها بالنفع.
صورة من: DW/D. Cupolo
من جهة أخرى يشكو أصحاب المطاعم والمقاهي في قلب مدينة أنقرة من تراجع عدد الزبائن منذ انطلاق المظاهرات المؤيدة لأردوغان. وفي سياق متصل يقول جان، وهو صاحب مقهى رفض الإفصاح عن اسمه كاملا، إن "هذه المظاهرات مؤشر على أن الأمور ستسوء قريبا."
صورة من: DW/D. Cupolo
يرى البعض أن هذه المظاهرات بالنسبة لحزب العدالة والتنمية الحاكم طريقة لتقوية قاعدته الشعبية، على حد تعبير محمد، وهو لاجئ سوري. ويقول – شريطة عدم الكشف عن هويته - بأنه كان شاهد عيان على الانقلاب الذي حصل في مصر وأن هذه المظاهرات هي عبارة عن "تدريب لأنصار أردوغان" وأنه "سيدعوهم قريبا للتظاهر ضد الحركات التي لا يحبها."
صورة من: DW/D. Cupolo
قامت الحكومة التركية بتغيير أسماء مناطق شهيرة انطلاقا من ساحة كيزيلاي وصولا إلى جسر البوسفور في إسطنبول تكريما لضحايا محاولة الانقلاب الفاشلة. وأصبح اليوم يتعين على المسافرين من الجزء الأوروبي لإسطنبول إلى القسم الآسيوي المرور عبر ساحة "شهداء جسر الـ 15 من يوليو".