في الوقت الذي تغرق فيه شركة إيرباص الأوروبية في متاعب اقتصادية كبيرة جراء تأخير تسليم دفعات من الطائرة العملاقة A380 إلى زبائنها، أخذت شركة بوينج الأمريكية تقطف ثمار المشكلات التي تعصف بمنافستها الأوروبية. فقد كشفت البيانات الاقتصادية للعملاقة الأمريكية للربع الثالث من هذا العام أنها سلمت زبائنها 100 طائرة، الامر الذي يعد أكبر إنجاز اقتصادي تحققه الشركة العملاقة مقارنة بما كان عليه الأمر قبل أربع سنوات، لاسيما بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001. ويرى خبير الطيران، ريتشارد ابول افيا أن هذا" يشكل مؤشرا حقيقيا على عودة الشركة إلى السوق العالمية بقوة كبيرة، وأنه يمثل أكثر الأوقات إنجازا ونجاحا في تاريخ الصناعة الأمريكية."

طائرة Dreamliner الأمريكية

تأمل شركة بوينج بأن تتفوق في عام 2008 على منافستها الأوروبية من حيث عدد الطائرات الموردة، لا سيما بعد تلقي الشركة عددا كبيرا من العروض المتعلقة بشراء طائرة Dreamliner، الامر الذي شكل قفزة نوعية للشركة. هذه الطائرة لن يقوم بناؤها على مادة الألمنيوم، وإنما على مواد مقوية تعتمد على مادة الكربون، الأمر الذي سيساهم في تخفيض وزنها وبالتالي خفض نسبة استهلاكها من الوقود بنسبة 20%. ومن المفترض أن توضع هذه الطائرة في خدمة المسافات المتوسطة. ويرى المحللون بأن الأوروبيين والأمريكيين مختلفين في استراتيجية التسويق والتصميم، فبينما يعول الأوروبيون في إيرباص على الطائرة المدنية الأضخم في العالم A380، يرى الأمريكيون أن الطائرات المتوسطة الحجم قد تلقى رواجا وطلبا أكثر. وفي هذا السياق يقول راندي باسلر، أحد المسؤولين في قسم التسويق في شركة بوينج بأن "القائمين على إيرباص يعتقدون أن الطلب في السنوات القادمة سيقوم على الطائرات التي تزيد سعتها عن 500 راكب، بينما نحن نرى الأمر عكس ذلك."

يبني الأمريكيون استراتيجيتهم في عملية المنافسة على أساس أن طائرة إيرباص العملاقة 380A ستكون تكلفتها الإنتاجية والتشغيلية مرتفعة، كما يعتقدون أن المهندسين سيحتاجون إلى وقت طويل من أجل الانتهاء من طائرة إيرباص 350A المخصصة للمسافات المتوسطة. وهذا يعني ان ايرباص لن تقدم للأسواق ولفترة طويلة قادمة منافسا حقيقيا لطائرة البوينج Dreamliner، الامر الذي سيزيد من الفرص التسويقية للأخيرة.

تدخل الحكومة الألمانية؟

ولاحتواء الأزمة التي تعيشها ايرباص وإنقاذها من مزيد من الخسائر كشف عمدة مدينة هامبورغ الألمانية إثر اجتماع له جرى مؤخرا مع رئيس شركة ايرباص النقاب عن نية الحكومة الألمانية شراء حصة في الشركة الأوروبية للصناعات الجوية الدفاعية والفضاء EADS. وامتدح عمدة هامبورغ نية الحكومة الألمانية القيام بهذا العمل قائلا:" انه سيتم إنشاء مجموعات عمل من أجل تحديد مساهمة الحكومة الاتحادية وحكومة ولاية هامبورغ". ولكن المستشارة الألمانية، ميركل، أشارت إلى أنه لا يوجد بعد "قرار رسمي بهذا الشأن"، مؤكدة في الوقت ذاته ان الباب لم يغلق بعد أمام اتخاذ قرار بهذا الشأن. وجاءت التكهنات هذه بعد تسرب أنباء عن نية شركة دايملر كرايسلر بيع جزء من حصتها في الشركة الأم EADS. وإذا ما قررت شركة دايملر ذلك بالفعل، فان من "مصلحة الحكومة الألمانية أن تجد بديلا قادرا على تحمل المسؤولية إزاء الشركة الأوروبية"، على حد قول المستشارة الألمانية.

تجدر الإشارة هنا إلى أن فرنسا وألمانيا تتقاسمان النفوذ في EADS منذ تأسيسها. وفي المقابل تعتبر أسبانيا، وحتى وقت قريب شريكا ثانويا، حيث لا تملك أصواتا في مجلس إدارة الشركة أو الكثير من التأثير المباشر على استراتيجيتها. ولكن بعد قيام أحد المصارف التابعة للدولة بشراء حصة خمسة بالمائة في المجموعة وخوفا من المد الروسي، أبدت فرنسا مزيدا من الاهتمام بالحصة الأسبانية وأشارت إلى أنها قد تشتري المزيد.