مصدر: السلطات الموالية للجيش السوداني تدرس مقترح هدنة أمريكي
خالد سلامة
٤ نوفمبر ٢٠٢٥
بعد رفض مقترح هدنة نص على استبعاد طرفي القتال في السودان من عملية الانتقال السياسي بعد إنهاء النزاع، تدرس الجهات الموالية للجيش مقترح هدنة أمريكي، فيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى نهاية لـ"كابوس العنف".
تسيطر قوات الدعم السريع على نحو ثلث مساحة السودان والجيش على الثلتين الباقيينصورة من: ASSOCIATED PRESS/picture alliance
إعلان
يبحث مجلس الأمن والدفاع السوداني برئاسة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان الثلاثاء (الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر 2025) مقترح هدنة تقدّمت به الولايات المتحدة لوضع حد للنزاع الدامي في السودان منذ أكثر من عامين، بحسب مصدر حكومي في بورت سودان.
وامتدت رقعة الحرب التي أودت بعشرات الآلاف وهجّرت الملايين في السنتين الماضيتين، إلى أماكن جديدة في السودان في الأيام القليلة الماضية مثيرة المخاوف من اشتداد الكارثة الإنسانية بشكل أكبر.
وبعد وساطة في نزاعات أخرى في إفريقيا والشرق الأوسط في الأشهر الأخيرة، تسعى الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في السودان.
ورفضت السلطات الموالية للجيش مقترح هدنة في وقت سابق كان ينص على استبعادها واستبعاد قوات الدعم السريع المتقاتلتين، من عملية الانتقال السياسي بعد إنهاء النزاع.
وتأتي المحادثات الأخيرة عقب تصعيد ميداني؛ إذ تستعد قوات الدعم السريع لشن هجوم على ما يبدو على منطقة كردفان (وسط) بعد أن استولت على الفاشر، آخر معاقل الجيش في دارفور في الغرب.
وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته نظراً إلى أنه غير مخوّل التحدّث إلى الإعلام إن "مجلس الأمن والدفاع سيعقد اجتماعاً اليوم لبحث مقترح الهدنة الأمريكي".
واشنطن على خط الأزمة في السودان.. جهود الفرصة الأخيرة؟
30:03
This browser does not support the video element.
جهود لواشنطن والأمم المتحدة والمجموعة الرباعية
أجرى الموفد الأمريكي الخاص لإفريقيا مسعد بولس اجتماعات في القاهرة الأحد مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط. وخلال المحادثات شدد عبد العاطي "على أهمية تضافر الجهود للتوصل إلى هدنة إنسانية ووقف لإطلاق النار في جميع أنحاء السودان بما يمهد الطريق لإطلاق عملية سياسية شاملة في البلاد" وفق بيان للخارجية. والتقى بولس أبو الغيط وقدم له "شرحاً مفصلاً (...) حول الجهود الأخيرة في السودان لإيقاف الحرب وإدخال المساعدات بشكل سريع والبدء في عملية سياسية سودانية داخلية، وفقاً لبيان صادر عن جامعة الدول العربية مساء الاثنين.
إعلان
وانخرطت "المجموعة الرباعية"، التي تضم الولايات المتحدة ومصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، منذ أشهر في جهود دبلوماسية بهدف التوصل لهدنة في الحرب الدائرة في السودان منذ أكثر من 30 شهراً. وفي أيلول/سبتمبر اقترحت "الرباعية" هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، يليها وقف دائم لإطلاق النار وفترة انتقالية مدتها تسعة أشهر بعد إنهاء النزاع، لكن السلطات المتحالفة مع الجيش رفضت الخطة فوراً آنذاك.
هل أصبح السودان بحكم المقسم عملياً؟
وعقب هجوم قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر الاستراتيجية، برزت تقارير عن عمليات قتل جماعي وعنف جنسي واعتداءات على عمال الإغاثة ونهب واختطاف خلال الهجوم. وعبرت المحكمة الجنائية الدولية الاثنين عن "قلقها البالغ وانزعاجها الشديد" إزاء هذه التقارير، محذرة من أن هذه الأعمال "قد تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
وفي كلمة ألقاها في منتدى في قطر الثلاثاء دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الثلاثاء الأطراف المتحاربة إلى "الجلوس إلى طاولة المفاوضات ووضع حد لكابوس العنف هذا - الآن". وأضاف أن "الأزمة المروعة في السودان... تخرج عن السيطرة".
ورغم نداءات دولية متكررة، تجاهل طرفا النزاع، وكلاهما متهم بارتكاب فظائع، دعوات وقف إطلاق النار حتى الآن.
وتتهم الأمم المتحدة الإمارات العربية المتحدة بتزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة، وهي اتهامات لطالما نفتها الإمارات. في المقابل، يتلقى الجيش السوداني دعماً من مصر والمملكة العربية السعودية وتركيا وإيران، وفقاً لمراقبين.
ومن شأن سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر أن تمنحها تحكماً كاملاً في العواصم الخمس لإقليم دارفور، ما يعني تقسيم السودان فعلياً، إذ يسيطر الجيش على شمال البلاد وشرقها ووسطها على امتداد نهر النيل والبحر الأحمر، فيما تسيطر قوات الدعم السريع على الغرب وأجزاء من الجنوب. وتسيطر قوات الدعم السريع على نحو ثلث مساحة السودان.
تحرير: ابتسام فوزي
الفاشر.. مركز الانتهاكات الأكثر عنفًا في النزاع السوداني
تُعد الأزمة الإنسانية في السودان من بين الأسوأ عالميًا، حيث يعاني المدنيون أوضاعًا مأساوية، وتتزايد التقارير الصادمة عن إعدامات وانتهاكات جسيمة ارتكبتها قوات الدعم السريع بعد سيطرتها على الفاشر في دارفور وبارا بكردفان.
صورة من: Muhnnad Adam/AP Photo/dpa/picture alliance
نزوح جماعي
غادر نحو 26 ألف شخص مدينة الفاشر في الأيام الأخيرة، مضطرين للفرار من القتال وسط حالة من الرعب. تنقّل المدنيون بين نقاط التفتيش المسلحة، معرضين للابتزاز، والاعتقالات التعسفية، والاحتجاز، والنهب، والمضايقات، فضلاً عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أثناء محاولتهم الوصول إلى برّ الأمان. وفقا لشهادات الوافدين إلى بلدة طويلة، الواقعة على بُعد نحو 50 كيلومترًا من الفاشر.
صورة من: Mohammed Jamal/REUTERS
قوات الدعم السريع متهمة بإعدامات وانتهاكات مروعة
أفادت تقارير بوقوع إعدامات ميدانية بحق مدنيين حاولوا الفرار، وسط مؤشرات على دوافع قبلية وراء بعض عمليات القتل، إضافة إلى استهداف أشخاص لم يعودوا يشاركون في الأعمال العدائية. وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو مقلقة تُظهر عشرات الرجال العزّل يتعرضون لإطلاق النار أو جثثهم ملقاة على الأرض، بينما يظهر مقاتلو قوات الدعم السريع حولهم وهم يتهمونهم بالانتماء إلى القوات المسلحة السودانية.
صورة من: STR/AFP/Getty Images
الفاشر تتحول إلى مركز للمواجهات الأعنف في دارفور
أعلن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان أن القيادة ولجنة الأمن في الفاشر قررت مغادرة المدينة بعد الدمار والقتل الممنهج الذي تعرض له المدنيون، موضحًا أنه وافق على مغادرتهم إلى مكان آمن حفاظًا على ما تبقى من الأرواح والممتلكات.
صورة من: Rapid Support Forces (RSF)/AFP
التجويع كسلاح حرب
مئات الآلاف من المدنيين ظلّوا محاصرين في هذه المدينة لأكثر من 500 يوم، حيث منعتهم قوات الدعم السريع من الوصول إلى الغذاء، ما يُعد استخدامًا للتجويع كسلاح حرب. وخلال الفترة بين 2 و4 تشرين الأول/أكتوبر، نزح نحو 770 شخصًا من المدينة إلى منطقة طويلة بسبب تزايد انعدام الأمن.
صورة من: UNICEF/Xinhua/IMAGO
انتهاكات جسيمة
قالت نقابة أطباء السودان إن نحو 177 ألف شخص ما زالوا محاصرين داخل مدينة الفاشر، معتبرة أن ما تشهده المدينة من أحداث يرقى إلى "إبادة جماعية وتطهير عرقي ممنهج وجرائم حرب مكتملة الأركان".كما حددت اللجنة "مقتل خمسة من متطوعي جمعية الهلال الأحمر السوداني في مدينة بارا شمال كردفان.
صورة من: Rapid Support Forces (RSF)/AFP
انهيار الوضع الأمني في بارا
في شمال كردفان، أفاد الناجون بتكرار أنماط مماثلة من العنف وانتهاكات حقوق الإنسان عقب سقوط مدينة بارا مؤخراً، ما أسفر عن نزوح آلاف السكان داخل الولاية. هناك قلق بالغ إزاء احتمال حصار مدينة الأبيض، التي تأوي عشرات الآلاف من النازحين داخلياً، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفاقم الاحتياجات الإنسانية في المنطقة.
صورة من: AFP/Getty Images
طويلة عانت من تفشي الكوليرا
بلدة طويلة بولاية شمال دارفور عانت من تفشي سريع للكوليرا، حيث سُجِّل أكثر من 1.180 إصابة، منها نحو300 طفل، وما لا يقل عن 20 وفاة منذ ظهور أول حالة في21 يونيو/ حزيران 2025. البلدة التي تستضيف أكثر من 500 ألف نازح فرّوا جراء النزاع العنيف منذ أبريل/ نيسان، واجهت وضعاً إنسانياً هشاً للغاية تطلب تدخلاً عاجلاً.
صورة من: Mohammed Jamal/REUTERS
الخوف من الانتهاكات الجنسية
من بين الانتهاكات الجسيمة المبلغ عنها والتي تهدد سلامة المدنيين، انتشار الاعتداءات الجنسية ضد النساء والفتيات على يد الجماعات المسلحة، سواء أثناء الهجمات أو خلال فرارهن. وكان المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام قد وثق استخدام العنف الجنسي كأسلوب من أساليب الحرب، وقد وثّق المركز 51 حادثة اعتداء جنسي ضد النساء والفتيات في محليتي وشاطئ بحرينتي وقارسيلا بوسط دارفور.
صورة من: AFP
تقديم الإسعافات لعشرات الجرحى في طويلة
ذكرت منظمة أطباء بلا حدود أن فرقها الطبية العاملة على بُعد نحو 60 كيلومترًا من الفاشر في مدينة طويلة، اساقبلت، عشرات المرضى الفارين من المدينة إلى مستشفى طويلة المكتظ. خلال ليلة 26–27 أكتوبر/تشرين الأول وصل نحو ألف شخص من الفاشر على متن شاحنات إلى مدخل المدينة، حيث أقامت الفرق نقطة صحية ميدانية لتقديم الرعاية الطارئة وإحالة الحالات الحرجة مباشرة إلى المستشفى.
صورة من: Mohammed Jamal/REUTERS
غوتيريش يشدد على حماية المدنيين
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لا يتوانى عن تجديد دعواته إلى وقف القتال فورًا في الفاشر، مع التأكيد على حماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بأمان وباستمرار. كما شدد على توفير ممر آمن لأي مدنيين يريدون مغادرة المنطقة طوعًا.