مصدر: برلين ستوقف تمويل منظمات إنقاذ المهاجرين في المتوسط
خالد سلامة أ ف ب
٢٥ يونيو ٢٠٢٥
ستوقف الحكومة الألمانية التي يقودها محافظون تمويل منظمات تعنى بإنقاذ مهاجرين في البحر الأبيض المتوسط، وفق مصدر في وزارة الخارجية، ما دفع أحزابا معارضة للتحذير من أن القرار من شأنه أن يفاقم "أزمة إنسانية".
في العام 2024، قدّمت الحكومة الألمانية تمويلا بمليوني يورو (2,3 مليون دولار) لعدد من المنظمات المعنية بإنقاذ المهاجرين في البحر الأبيض المتوسطصورة من: Daniel Kubirski/picture alliance
إعلان
قال مصدر في وزارة الخارجية الألمانية في تصريح لوكالة فرانس برس إن "الحكومة الفدرالية لا تخطط لتوفير دعم مالي إضافي للمنظمات غير الحكومية المعنية بالإنقاذ المدني في البحر".
وكانت وزارة الخارجية في الائتلاف السابق والتي كانت تتولاها أنالينا بيربوك المنتمية لحزب الخضر، قد وفّرت دعما ماليا كبيرا لمنظمات غير حكومية تعنى بإنقاذ مهاجرين ساعين للوصول عبر المتوسط إلى أوروبا انطلاقا من إفريقيا، غالبا على متن قوارب متهالكة.
في العام 2024، قدّمت الحكومة الألمانية تمويلا بمليوني يورو (2,3 مليون دولار) لعدد من المنظمات بما فيها إس أو إس هيومانيتي (SOS Humanity) وإس أو إس ميديتيرانيه (SOS Mediterranee) لعمليات إنقاذ لمهاجرين يواجهون صعوبات في البحر الأبيض المتوسط، وفق المصدر الوزاري. وفي الربع الأول من العام الحالي، تلقّت منظمات غير حكومية تعنى بالإنقاذ البحري تمويلا حكوميا بنحو 900 ألف يورو، وفق المصدر.
وكان حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي من يمين الوسط بزعامة فريدريش ميرتس الذي تولى منصب المستشار في أيار/مايو، قد وجّه انتقادات لهذا الدعم الذي أثار سجالا مع روما نظرا إلى أن الكثير من المهاجرين الذين يتم إنقاذهم يتم نقلهم إلى السواحل الإيطالية.
وأنتقد الحزب باستمرار الدعم، مجادلًا، من بين أمور أخرى، بأن المنقذين البحريين يتعاونون في الواقع ـ بشكل غير مباشر ودون قصد ـ مع جماعات تهريب البشر ويشجعون الهجرة غير النظامية إلى أوروبا. وفي عام 2023 دعا آنذاك خبير السياسة الخارجية في الحزب، ووزير الخارجية الألماني الحالي، يوهان فاديفول إلى وقف الدعم وقال "في الواقع، ورغم أن ذلك يتم عن غير قصد، فإن منظمات الإنقاذ تمكن عصابات التهريب غير الإنسانية من ممارسة أعمالها". وأضاف "لا ينبغي استخدام أموال دافعي الضرائب الألمان لهذا الغرض".
انتقادات لوقف تمويل منظمات الإنقاذ
ووجّه حزب الخضر انتقادات للخطوة ووصفها بأنها "قرار كارثي لحزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي" وشريكه في الائتلاف الحزب الاشتراكي الديموقراطي من يسار الوسط.
وقالت بريتا هاسلمان زعيمة حزب الخضر في البوندستاغ في تصريح لوكالة فرانس برس إن الائتلاف "يفاقم الأزمة الإنسانية في البحر المتوسط ويتسبب بمعاناة".
من جهته، قال رئيس المنظمة غير الحكومية سي-آي (Sea-Eye) غوردن إيسلر، إن الخطوة تبعث بـ"إشارة كارثية". ولفت إلى أن الدعم المالي لمنظمته ساعدها في تنفيذ "مهمات وإنقاذ أرواح. الآن قد يتعين علينا البقاء في الميناء على الرغم من حالات الطوارئ في البحر".
إنقاذ رغم أنف السياسة.. منظمة إغاثة أوروبية تحصل على "نوبل البديلة"
إنقاذ رغم أنف السياسة.. منظمة إغاثة أوروبية تحصل على "نوبل البديلة"
صورة من: Salvatore Laporta//KONTROLAB/IPA/picture alliance
تتويج لجهود منظمات الإنقاذ
منظمة " إس أو إس ميديتيرانيه" الأوروبية تفوز بجائزة رايت لايفليهود، المعروفة باسم " جائزة نوبل البديلة"، لعام 2023 إلى جانب ناشطة حقوقية في غانا، ونشطاء في البيئة من كينيا وكمبوديا. فوز المنظمة الاوروبية جاء تكريما "لعملياتها الإنسانية للبحث والإنقاذ في البحر المتوسط" حسب اللجنة، ما يلقي الضوء على جهود منظمات الإنقاذ رغم المصاعب الكبيرة التي تواجهها.
صورة من: Flavio Gasperini/SOS Mediterranee/AP/picture alliance
متطوعون لإنقاذ المهاجرين
تأسست المنظمة في مايو/أيار عام 2015 لأجل المساهمة في إنقاذ أرواح المهاجرين غير النظاميين الذي يعبرون البحر المتوسط، بعدما ارتفعت أرقام الغرقى بشكل كبير، خصوصاً مع انفجار موجة اللجوء من سوريا، وارتفاع عدد المهاجرين القادمين من إفريقيا. تقول المنظمة إن التأسيس جاءَ بعد فشل الاتحاد الأوروبي في منع وقوع وفيات بين هؤلاء المهاجرين، ونجحت في إنقاذ حوالي 34 ألف شخص منذ تأسيسها.
صورة من: Vincenzo Circosta/AFP/Getty Images
إنقاذ الجميع أياً كانوا
المنظمة هي غير حكومة، أوروبية المنشأ ولا تتبع لبلد معين، لكنها تملك فرقاً في ألمانيا، وفرنسا وإيطاليا وسويسرا. ويمولها في الغالب متبرعون خواص. تؤكد أن عملها يتأسس على الإنسان وكرامته بغض النظر عن أصوله وجنسيته ودينه وموقفه السياسي وغير ذلك، إذ تؤكد أن حقوق الإنسان تطبق على الجميع، ومن ذلك إنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط.
صورة من: SOS Mediteranee/dpa/picture alliance
طواقم متخصصة تجوب البحر المتوسط
موّلت المنظمة سفينة الإنقاذ أكواريوس التي نشطت بين عامي 2016 و2018، وحاليا تمول المنظمة سفينة أوشن فايكينغ. يصل طول هذه الأخيرة إلى 59 مترا وعمقها إلى 15 مترا. يعمل فيها طاقم للإبحار من تسعة أشخاص، بالإضافة إلى طاقم طبي، وتحتاج يوميا لمصاريف عمل تقدر بـ14 ألف يورو، حسب موقع المنظمة، وهي من أكبر سفن الإنقاذ الموجودة في البحر المتوسط.
صورة من: Fabio Peonia/LaPresse/AP/picture alliance
ليست مجرد سفينة إنقاذ
تقدم هذه السفينة خدمات استقبال المهاجرين وتقديم الرعاية ومن ذلك توفرها على قسم خاص بالرعاية العاجلة وقسما خاصاً للنساء والأطفال. بسرعة تصل إلى 14 عقدة (26 كلم في الساعة)، تعد سفينة أوشن فايكينغ أسرع من أكواريوس، كما تملك رادارين وكاميرتين بالأشعة تحت الحمراء، ما يعطي خياراً أفضل للمنظمة في عمليات الإنقاذ للوصول إلى المهاجرين المهددين بالغرق.
صورة من: Jeremias Gonzalez/AP/picture alliance
طريق ليبيا-إيطاليا.. المنفذ الأكثر خطراً
عملت "إس أو إس ميديتيرانيه" أولاً في المياه الدولية بين إيطاليا وليبيا، بحكم أنها طريق العبور الأكثر شهرة بين المهاجرين. كان عملها أسهل عندما كان مركز تنسيق الإنقاذ البحري الإيطالي ( MRCC ) هو المكلف بالإنقاذ، لكن بعدما تولت السلطات الليبية أمر التنسيق، صعبت كثيرا مهمة هذه المنظمة، بسبب عدم تجاوب طرابلس مع محاولاتها للتواصل.
صورة من: Flavio Gasperini/SOS Mediterranee/dpa/picture alliance
عراقيل من إيطاليا وليبيا
تقول المنظمة إن السلطات الليبية تعترض سبيل الكثير من المهاجرين في المياه الدولية وتعيدهم بشكل غير قانوني إلى ترابها، رغم أن لا يمثل مكانا آمنا لهم. واجهت كذلك مشاكل مع إيطاليا، ومن ذلك منع سفينتها من دخول المياه الإيطالية لعدة أسابيع عام 2022، ما خلق أزمة عابرة بين روما وباريس التي عرضت استقبال السفينة قبل أن تعدل روما عن موقفها الرافض.
صورة من: Salvatore Laporta//KONTROLAB/IPA/picture alliance