1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مصر- اقتصاد مأزوم ووضع حقوقي مقلق.. فما موقف الغرب؟

١ ديسمبر ٢٠١٨

أيدت محكمة مصرية مؤخراً عدداً من أحكام الإعدام ما رفع عدد من ينتظرون تنفيذ القرار بحقهم إلى رقم غير مسبوق. وتعيش مصر بين وضع اقتصادي مأزوم بحاجة للمساعدات الخارجية، وملف حقوقي سيء، فكيف يتعامل الغرب مع هذه المعادلة؟

Ägypten Präsident Abdel Fattah al-Sisi
صورة من: picture-alliance/Zumapress/President Office

تصاعد في وتيرة أحكام الإعدام شهدته مصر منذ بداية عام 2018 وحتى اليوم. فقبل أيام أيدت محكمة النقض حكماً بإعدام 9 أشخاص في قضية اغتيال النائب العام المصري هشام بركات على الرغم من تأكيد بعضهم تعرضهم لتعذيب دفعهم للاعتراف بجرائم لم يرتكبوها، وظهرت أثار ذلك التعذيب على أجساد بعضهم، عرضها أحدهم على المحكمة التي لم تلتفت للأمر، بحسب ما أفاد تقرير للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

وعلى الرغم من التقارير الدولية لمنظمات حقوقية وحتى من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والتي تشير إلى انتهاكات لحقوق الإنسان تحدث منذ عام 2013، إلا أن التعاون الاقتصادي مع النظام المصري توسع وشمل زيادة غير مسبوقة في صادرات الأسلحة على سبيل المثال. فوفق معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث انتشار السلاح جاءت مصر كواحدة من أكبر خمس دول تستورد السلاح على مستوى العالم.

وضع اقتصادي ضاغط

تعاني مصر وضعاً اقتصادياً صعباً. فقد أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، عن ارتفاع الدين الخارجي إلى 92.64 مليار دولار أمريكي حتى نهاية يونيو الماضي، بعد أن كان يبلغ 88.2 مليار دولار في نهاية مارس الماضي بزيادة 17.2 بالمئة على أساس سنوي. مدبولي قال إن زيادة أرقام الدين الخارجي تأتي جرّاء "توسع الدولة في الاقتراض من الخارج خلال الفترة الماضية من أجل سد الفجوة التمويلية وحل أزمة نقص العملة الأجنبية في السوق".

كما أن اتجاه الحكومة المصرية للتوسع في الدين الخارجي، أدى إلى ارتفاع الدين إلى نسب تفوق الـ 100% من الناتج المحلي الإجمالي، ما أدى لرفع بند خدمة أعباء الدين، بحسب ما قالت الخبيرة الاقتصادية سالى ميخائيل في تصريحات لصحيفة الشروق المصرية، محذرة من أن مصر ستواجه أزمة في الاقتراض من الخارج خلال الفترة المقبلة

وكشفت وثيقة حكومية أن الحكومة المصرية تتوقع أن يبلغ إجمالي الدين العام الخارجي نحو 102.863 مليار دولار في السنة المالية المقبلة 2019/ 2020 مقابل 98.863 مليار دولار متوقعة في السنة الحالية 2018/ 2019. فيما أوضحت الأرقام التي وردت في نشرة شهر أبريل للبنك المركزي، أن إجمالي الدين العام الداخلي بلغ 3.414 تريليون جنيه (190 مليار دولار)، في حين زاد الدين المحلي بنحو 12 بالمئة مقارنة مع 3.052 تريليون جنيه في ديسمبر 2016.

وضع حقوقي غير مسبوق

على الجانب الآخر، تصدر المنظمات الحقوقية الدولية بشكل دوري تقارير تنتقد وضع حقوق الإنسان في مصر وخصوصاً أحكام الإعدام الجماعية بجانب الضغوط المتزايدة على منظمات المجتمع المدني والعاملين فيها. ويتوقع عمرو مجدي الباحث في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش أن يتسبب تنفيذ لأحكام الإعدام بحق ما يصل إلى 60 شخصاً في ضغوط كبيرة على النظام المصري.

ويقول مجدي في مقابلة مع DW عربية إن "هذا الرقم جعل مصر واحدة من أكثر 10 دول في العالم إصداراً وتنفيذاً لأحكام الإعدام منذ 2016 لتحتل بذلك المركز السادس عالميا، وأن الهجمة الرهيبة على حقوق الإنسان في مصر لم تحدث في تاريخها الحديث وربما فاقت ما حدث في عهد الرئيس السبق جمال عبد الناصر".

محاولات لتجميل الصورة

مصر وفي خطوة للرد على الهجمات المستمرة بسبب ملفها الحقوقي أعلنت عن تشكيل لجنة تتولى الرد على كافة الانتقادات الموجهة إليها في هذا الشأن واللجنة العليا الجديدة يرأسها وزير الخارجية وتضم ممثلاً عن كل من وزارة الدفاع والإنتاج الحربي ووزارة التضامن الاجتماعي ووزارة العدل ووزارة شؤون مجلس النواب ووزارة الداخلية وجهاز المخابرات العامة وست هيئات حكومية أخرى.

ويأخذ كثيرون على هذا المجلس الجديد عدم وجود أي تمثيل للمنظمات الحقوقية أو شخصيات مستقلة، ما دفع بالمحامي والحقوقي جمال عيد لأن يصف اللجنة في تصريحات لرويترز بأنها "كمحاولة بناء سور حول كوم من القمامة والذي لن ينفي وجود القمامة والرائحة المنبعثة منها" مؤكداً أن "الطريقة الوحيدة لتحسين صورة مصر الحقوقية هي تحسين حالة حقوق الإنسان وليس تشكيل المزيد من اللجان"، فيما قال المتحدث باسم مجلس الوزراء نادر سعد إن "اللجنة ستكون صوت الحكومة في المحافل الدولية وأنها تتصدى للمشاكل التي تتعرض مصر بسببها للانتقادات".

مساعدات دولية مقابل تحسين الملف الحقوقي؟

كانت الولايات المتحدة قد أفرجت عن مساعدة عسكرية لمصر بقيمة 195 مليون دولار تم تعليقها في 2013 و2017 لأسباب تتعلق بـ"انتهاكات حقوق الإنسان" وقوانين تخص المنظمات غير الحكومية في مصر.

وفي سبتمبر من العام الحالي أكد خبراء حقوق الإنسان بالأمم المتحدة على ضرورة عدم إساءة السلطات المصرية استخدام قانون مكافحة الإرهاب، ضد الأفراد الذين يمارسون بسلمية حرية التعبير والانتماء إلى الأحزاب. لكن هل يمكن أن يربط المجتمع الدولي مساعداته الاقتصادية لمصر بتحسين ملفها الحقوقي؟

لا يعول يزيد الصايغ كبير الباحثين بمعهد كارنيغي للشرق الاوسط كثير أمل ٍ على أن يضغط المجتمع الدولي على مصر مستخدماً المساعدات الاقتصادية لدولة لديها هذا الكم من المشكلات الاقتصادية في سبيل تحسين سجلها في حقوق الإنسان "لأن مصالح الغرب مع مصر سواء السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية هي أهم بكثير من كل الاعتبارات الأخرى".

صورة من: privat

لكن الصايغ خلال مقابلته مع DW عربية رأى أن "تنفيذ أحكام الإعدام وتصاعد وتيرة القمع سيحرج الحكومات الغربية بشدة وسيضعها في مأزق، والحقيقة هي أنها في وضع الابتزاز من جانب النظام المصري لأنها غير مستعدة للمخاطرة بالعلاقة مع مصر، وهو ما يعلمه النظام المصري جيداً ويستغله لأقصى درجة".

على أن مصر وخلال السنوات الخمس الماضية لم تلق بالاً لأي من التقارير الدولية أو الأممية أو الأوروبية الصادرة في هذا السياق، بل واجهتها ببيانات شديدة اللهجة متهمة تلك الجهات بالتدخل في شأن مصري داخلي رافضة ما أسمته بالاعتراض على أحكام القضاء المصري".

وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد أنتقد التدخل الخارجي في شؤون مصر الداخلية وخصوصا فيما يتعلق بأحكام الإعدام، مؤكدا خلال مؤتمر الشباب على نزاهة القضاء المصري واستقلاليته.

ويتفق محمود ابراهيم، رئيس مركز الاتحادية للدراسات والابحاث، مع هذه الرؤية مضيفاً أن "التماس مع الخارج لم يعد جزءاً من المعادلة القضائية في مصر ولا يساوي شيئاً في المسائل الداخلية، وربما كان له وزن أو قيمة حينما كانت مصر على مسار إصلاحي وكانت تتفاعل مع الخارج وتستجيب له حينما هدموا هذا المسار الإصلاحي وخرجوا عنه بما سمي الثورة، وعندما أصبحت الضغوط على مصر سياسية أكثر منها حقوقية أو إصلاحية فقدت هذه الضغوط قيمتها وبالتالي فالحكومة لم ولن تستجيب لها والدولة لن تتفاعل معها".

حقوق الإنسان ليست على قائمة الأولوليات

صورة من: picture-alliance/newscom/K. Dietsch

ويبدو أن رؤية يزيد صايغ تطابق الواقع بالفعل فإيطاليا التي ترتبط مع مصر بمعاملات اقتصادية ضخمة خاصة في مجال النفط، نحّت ملف تعذيب وقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني جانباً لفترة طويلة، إلا أنه مؤخراً بدا أن السلطات الإيطالية حصلت على معلومات جديدة ذات أهمية كبرى دفعتها بعد تجميد القضية كل هذا الوقت لأن تستعد لتوجيه الاتهام بشكل رسمي لسبعة ضباط مصريين في أجهزة أمنية حساسة بتعذيب وقتل ريجيني.

ويرى الصايغ كبير الباحثين بمعهد كارنيغي الشرق الأوسط إن "أدوات الضغط على النظام المصري في أيدي الغرب إن تم استخدامها فستحد من مصالحه مع مصر، ومن المؤكد أن النظام المصري ترك هامشاً للمناورة وقد يتراجع في وقت من الأوقات لتعظيم مكاسبه الاقتصادية والسياسية، لكن حتى لو حدثت تلك الإعدامات فلا أعتقد أن هناك ما يمكن عمله ضد النظام المصري، وقضية ريجيني أكبر دليل على ذلك فإيطاليا لم ترغب في أن تخسر مصر سياسياً واقتصادياً مقابل حياة مواطن إيطالي واحد أُزهقت في مصر".

وعلى الرغم من ارتفاع سقف التوقعات حيال ما يمكن أن يقوم به الكونغرس الأمريكي بتركيبته الجديدة إلا أن الكثيرين يتفقون على أن لدى الكونغرس أموراً داخل أمريكا أكثر أهمية وذات أولوية كبرى تتراجع معها ملفات كحقوق الانسان في مصر أو الحرب على اليمن أو اغتيال خاشقجي، ويرى صايغ أنه "ليس علينا أن نبالغ كثيراً أو أن نأمل في استعداد الغرب للتخلي عن بعض أو كل مصالحه من أجل موضوع حقوق الإنسان".

ع.ح./ع.ج.م

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW