مصر تشتري مقاتلات رافال الفرنسية.. فما أهمية هذه الصفقة؟
٤ مايو ٢٠٢١
أكدت مصر إبرام عقد توريد 30 مقاتلة من طراز رافال مع فرنسا، في صفقة "تبلغ قيمتها 3.75 مليار يورو". المقاتلات تتميز "بقدرات قتالية عالية ويمكنها تنفيذ المهام بعيدة المدى"، فيما نددت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بالصفقة.
مصر أكدت توقيع عقد توريد 30 مقاتلة من طراز رافال مع فرنسا.صورة من: Michael Varaklas/AP Photo/picture alliance
إعلان
قالت وزارة الدفاع المصرية إنها أبرمت عقداً مع فرنسا لشراء ثلاثين مقاتلة إضافية من طراز رافال، في صفقة قال موقع ديسكلوز الاستقصائي إن قيمتها تبلغ 3.75 مليار يورو (4.5 مليار دولار).
وقال الناطق باسم القوات المصرية المسلحة تامر الرفاعي، في بيان نشر على حسابه على فيسبوك ليل الاثنين (الثالث من أيار/مايو 2021): "في إطار اهتمام القيادة السياسية بتطوير وتنمية قوى الدولة الشاملة، وقعت مصر وفرنسا عقد توريد عدد 30 طائرة طراز رافال، وذلك من خلال القوات المسلحة المصرية وشركة داسو أفياسيون الفرنسية، على أن يتم تمويل العقد المبرم من خلال قرض تمويلي تصل مدته كحد أدنى إلى 10 سنوات".
وأضاف البيان "أن الطائرات من طراز (رافال) تتميز بقدرات قتالية عالية تشمل القدرة على تنفيذ المهام بعيدة المدى، فضلاً عن امتلاكها لمنظومة تسليح متطورة، وقدرة عالية على المناورة، وتعدد أنظمة التسليح بها، بالإضافة إلى تميزها بمنظومة حرب إلكترونية متطورة تمكنها من القدرة على تنفيذ كافة المهام التي توكل إليها بكفاءة واقتدار".
قالت وزارة الجيوش الفرنسية الثلاثاء إن طلبية مصر 30 مقاتلة من طراز رافال "تعزز الشراكة الاستراتيجية والعسكرية بين فرنسا ومصر". وأكدت الوزارة التي ترأسها فلورانس بارلي في بيان أن "هذا العقد يوضح الطبيعة الاستراتيجية للشراكة التي تقيمها فرنسا مع مصر في حين أن بلدينا منخرطان في مكافحة الإرهاب والعمل من أجل الاستقرار في محيطهما".
وكانت القاهرة، وهي زبون مهم بالنسبة إلى قطاع صناعة الأسلحة الفرنسي، أول بلد أجنبي يشتري مقاتلات رافال (24) في العام 2015. وتعد مصر إحدى الأسواق الرئيسية للمعدات العسكرية الفرنسية. وإذا كانت قيمة مشترياتها عشرات ملايين اليورو فقط في بداية العام 2010، فقد تعززت بشكل كبير مع وصول عبد الفتاح السيسي إلى السلطة في 2014، خصوصا بين عامي 2014 و2016 بعد شراء القاهرة مقاتلات رافال وفرقاطة وأربعة طرادات وحاملتي مروحيات من طراز ميسترال.
ومن شأن عملية البيع هذه، تأكيد النجاح الكبير للمقاتلة الفرنسية، ولو جاء متأخرا. وبعد مصر، طلبت كل من قطر والهند 36 منها واشترت اليونان في كانون الثاني/يناير 18 مقاتلة رافال منها 12 مستعملة.
كيف ولماذا تنازلت مصر عن مقاتلتها في صفقة الرافال الفرنسية لصالح اليونان في المواجهة مع تركيا؟
02:01
This browser does not support the video element.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال في كانون الأول/ديسمبر الماضي إنه لن يجعل بيع الأسلحة لمصر مشروطاً بحقوق الإنسان لأنه لا يريد إضعاف قدرة القاهرة على مكافحة الإرهاب في المنطقة، وهو ما أثار غضب منتقدين.
وذكر موقع ديسكلوز نقلاً عن وثائق سرية أنه تم التوصل لاتفاق في نهاية شهر نيسان/أبريل الماضي وأن اتفاقا قد يُبرم اليوم الثلاثاء عندما يصل وفد مصري إلى باريس. وستمثل هذه الصفقة دفعة أخرى للطائرة رافال التي تصنعها شركة داسو بعد إتمام اتفاق في يناير/ كانون الثاني قيمته 2.5 مليار يورو لبيع 18 طائرة لليونان.
ويشمل أيضاَ الاتفاق بين فرنسا ومصر عقوداً من شركة صناعة الصواريخ (إم.بي.دي.إيه) وشركة سافران للإلكترونيات والدفاع لتوريد عتاد بقيمة 200 مليون يورو أخرى.
وتوقفت العقود بين مصر وفرنسا، ومنها صفقات كانت في مرحلة متقدمة تتعلق بمزيد من طائرات رافال وسفن حربية. وقال دبلوماسيون إن ذلك يرجع إلى قضايا تتعلق بالتمويل لا برد فعل فرنسا إزاء مخاوفها بشأن حقوق الإنسان في مصر.
"هيومن راتس ووتش" تندد بالصفقة
ونددت بينيدكت جانرو مديرة مكتب "هيومن راتس ووتش" في فرنسا بالصفقة، وقالت لرويترز: "توقيع عقد كبير للأسلحة مع حكومة (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي بينما يقود أسوأ حملة قمع منذ عقود في مصر، ويقضي على مجتمع حقوق الإنسان في البلاد، ويرتكب انتهاكات خطيرة بذريعة مكافحة الإرهاب، إنما هو تشجيع من فرنسا لهذا القمع الوحشي".
وقال موقع ديسكلوز إن الدولة الفرنسية ومعها بنوك بي.إن.بي باريبا وكريدي أغريكول وسوسيتيه جنرال وسي.آي.سي ستضمن ما يصل إلى 85 في المئة من تمويل الصفقة. ولم يتسن الحصول على تعليق من البنوك.
وتوطدت العلاقات الاقتصادية والعسكرية بين البلدين خلال عهد السيسي في ظل قلقهما المشترك بشأن الفراغ السياسي في ليبيا وعدم الاستقرار بأنحاء المنطقة وتهديدات الجماعات المتشددة في مصر. واتهمت المنظمات الحقوقية ماكرون بأنه يغض البصر عما يصفونه بانتهاك حكومة السيسي الحريات على نحو متزايد. ورفض مسؤولون فرنسيون هذا الزعم ويقولون إن باريس تتبع سياسة عدم انتقاد الدول علانية بشأن حقوق الإنسان كي تكون أكثر فاعلية في المناقشات الخاصة لكل حالة على حدة.
م.ع.ح/ز.أ. ب (أ ف ب ، رويترز)
السيسي- نجاح في حصار الإرهاب وإخفاق في ملفات أخرى
سجل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال السنوات الأربع الماضية، يتضمن نجاحات على صعد مختلفة مثل حصار الإرهاب في سيناء وإطلاق مشاريع عملاقة. لكنه لا يخلو من الإخفاق أيضا خاصة فيما يتعلق بالوضع المعاشي وحقوق الإنسان.
صورة من: Reuters/Dalsh
محاصرة الإرهاب في سيناء
استطاعت مصر خلال فترة رئاسة السيسي أن تحصر بؤرة الحركات المسلحة في سيناء. وحققت، حسب مراقبين، نجاحات عديدة فيما يخص مكافحة الإرهاب. وبالرغم من اعتماد استراتيجيات جديدة، كـ "قيادة قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب"، في فبراير 2018، لا تزال مصر تشهد هجمات إرهابية بين فترة وأخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/Gharnousi/Alyoum
تنويع الشركاء الاقتصاديين
تمكن السيسي خلال أربع سنوات من تنويع شركائه الإقتصاديين. إذ قام بعدة زيارات لبلدان عرفت علاقتها بمصر فتورا منذ ثورة 25 يناير، وكانت فرنسا وأمريكا من أهمها. وشهد التعاون بين الجيشين المصري والأمريكي تقدما ملحوظا، وهو ما أشار إليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أيضا. كما تعتبر صفقات الأسلحة بين مصر وفرنسا وكذلك روسيا من النجاحات التي حققها السيسي.
صورة من: H. Tiruneh
تحسن الوضع الاقتصادي
شهد الاقتصاد المصري تحسنا خلال السنوات الأربع الأخيرة. وقد رصدت صحيفة "اليوم السابع" مؤشرات مهمة على ذلك، أبرزها: تراجع العجز في الميزان التجاري بمعدل 5 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية، وارتفاع حصيلة صادرات السلع الاستهلاكية بمعدل 11 بالمائة لتصل إلى نحو 5,8 مليار دولارا بالإضافة إلى زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج لتسجل نحو 6 مليارات دولار.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Nabil
إطلاق مشاريع ضخمة
عرفت المشاريع في مصر قفزة نوعية خلال فترة رئاسة للسيسي، فقد تم إطلاق مشاريع عملاقة مثل توسيع قناة السويس، فضلا عن بناء عاصمة إدارية جديدة في شرق القاهرة،ن تتضمن بناء 240 ألف وحدة سكنية جديدة خلال خمس سنوات. كما تمت زيادة الرقعة الزراعية عبر مشروع "المليون ونصف فدان".
صورة من: picture-alliance/dpa/Str
حل مشكلة انقطاع التيار الكهربائي
كان ملف الطاقة من بين الملفات الشائكة في مصر، لكنه عرف نوعا من التحسن مؤخراً. لا سيما مشكلة انقطاع الكهرباء التي عرفت انفراجا مهما بعد توقيع شراكات دولية، بينها أربع مذكرات تفاهم مع شركة سيمنس الألمانية لإقامة مشروعات في مجال الطاقة بإجمالي استثمارات تصل إلى عشرة مليارات دولار. وقال بيان لوزارة الكهرباء المصرية إن الشراكة شملت إنشاء محطات لتوليد الكهرباء بنظام الدورة المركبة.
صورة من: Getty Images/AFP/T. Schwarz
تراجع السياحة في مصر
توفر السياحة في مصر عائدات مالية مجزية، لكنها شهدت تراجعا في السنوات الأخيرة بسبب غياب الاستقرار الأمني حسب ما ذكر تقرير مجلس السياحة والسفر العالمي سنة 2016. وكان لسقوط الطائرة الروسية عام 2015، تأثير كبير على تراجع توافد السياح الروس إلى مصر. وتحاول القاهرة استقطاب السياح مجددا.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. El-Geziry
تحرير الجنيه وارتفاع الأسعار
لم تنعكس بعض القرارات الهامة التي اتخذت في السنوات الأخيرة إيجابيا على المصريين. فقد أدى تحرير سعر صرف الجنيه المصري إلى ارتفاع كبير في الأسعار أثر بشدة على الأسر المصرية وخاصة الفقيرة، فضلا عن ارتفاع التضخم لمستويات قياسية، بالرغم من القروض التي حصلت مصر عليها من الصندوق الدولي.
صورة من: Picture alliance/dpa/EPA/K. Elfiqi
أزمة مياه
في حين يتحدث خبراء وتقارير إعلامية عن وجود أزمة مياه في مصر، قال السيسي في تصريح له مؤخرا، إن الدولة والحكومة لن يسمحا بحدوث أزمة مياه في البلاد! وكانت مصر على خلاف مع إثيوبيا بشأن بناء سد النهضة، وهو مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية قيمته أربعة مليارات دولار، وتخشى القاهرة أن يقلص السد كمية المياه التي تصل لحقولها من إثيوبيا عبر السودان.
صورة من: Imago/photothek
جدل حول جزيرتي تيران وصنافير
أثارت موافقة مصر عام 2016 على تسليم السعودية جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين في البحر الأحمر، انتقادات واسعة في مصر لا يزال صداها يتردد حتى الآن، ويعتبر الكثير من المصريين الأمر تنازلا عن أراض مصرية. وكان القضاء الإداري قد أصدر أحكاما بعدم قانونية تسليم الجزيرتين اللتين تقعان في مدخل خليج العقبة، إلا أن المحكمة الدستورية العليا في مصرأبطلتهما في 3 مارس/ آذار 2018.
صورة من: Getty Images/AFP/Str
انتقادات دولية لملف حقوق الإنسان
عرف ملف حقوق الانسان في مصر تدهورا في السنوات الأخيرة. ويعتبر كثير من منتقدي السيسي أن تراجع شعبيته جاء نتيجة تكميم أفواه المعارضين والنشطاء ووسائل الإعلام المستقلة، حسب ما نقلت عنهم رويترز. بالإضافة إلى إصدار عقوبات بالإعدام ضد المئات. وفي هذا الإطار، وجهت الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية انتقادات للقاهرة بخصوص الاعتقالات وتخويف المعارضين. إعداد: مريم مرغيش.