مصر تنتظر نتيجة محاكمة قتلة الشاب خالد سعيد
٢٧ سبتمبر ٢٠١٠"الاعتقال التعسفي والمغالاة في استخدام العنف" هو الاتهام الموجه إلى الشرطيين المصريين اللذين قاما بإدخال خالد سعيد بعد اعتقاله في الإسكندرية إلى مدخل بيت وضربا رأسه مرات عدة على درج المنزل. وفي التقرير الطبي القضائي الأول جاء أن سعيد مات اختناقا بعد بلعه ظرفا يحتوي على مخدرات. وتوقفت محاكمة الشرطيين في فصل الصيف من هذا العام بعد أن جرى تقديم طلب لإضافة تهمة التعذيب والقتل العمد ضدهما.
وتجسّد قضية خالد سعيد قمة جبل الثلج فقط كما يخشى الكثير من المصريين، فالمظاهرات والاحتجاجات التي جرت في مصر مطالبة بالتحقيق عن سبب وفاته لم تتوقف. والتحركات هذه موثّقة في مواقع الإنترنت، وهي تظهر شبابا مصريين يتظاهرون في شوارع القاهرة حاملين يافطات تحمل في معظمها صورتين لخالد سعيد ، الذي توفي وهو في الثامنة والعشرين من العمر: واحدة تظهره ضاحكا واثقا من نفسه، وثانية تظهر وجهه شبه مشوه وملطخ بالدماء .
وحشية الشرطة تسبّب صدمة
"وتحدثت وسائل الإعلام المحلية والدولية عن قتل وحشي تعرّض له خالد سعيد. وفي موقع التواصل الاجتماعي الـ "فيسبوك" تم تخصيص صفحة خاصة به تحت عنوان "اسمي خالد سعيد" زارها حتى الآن أكثر من 265 ألف مستخدم انترنت.
إن ما حدث شكّل صدمة لكل مصري" كان تعليق الناشط في الدفاع عن حقوق الإنسان مصطفى النجار على الحادثة في حديث خاص لموقع الدويتشه فيله. وبفضل وسائل الإعلام الجديدة مثل "فيسبوك" و "تويتر" تمكّن كثير من المصريين من التعرف على قضيته، "الأمر الذي حرّك المواطنين ضد العنف الذي تستخدمه الدولة" على حد كلام النجار مضيفا أن دبلوماسيين أوروبيين وأميركيين تدخلوا إلى جانب الضغط الذي مارسه العديد من المصريين إلى أن لجأت النيابة العامة المصرية إلى توجيه التهم إلى الشرطيين. ولا يقف جهاز الشرطة لوحده في قفص الاتهام، بل الحكومة أيضا. ويأمل النجار بأن يؤدي ضغط الرأي العام إلى تخلي المسئولين عن ممارسة التعذيب.
قانون الطوارئ يساعد على التعسف
ومن جانبها أيضا أكدت منظمة العفو الدولية في تقرير أصدرته في شهر حزيران/يونيو الماضي بأن التعذيب في مصر يمارس بصورة عادية مشيرة إلى أنه في ظل قانون الطوارئ تمارس الشرطة المصرية التعذيب بصورة منتظمة ونادرا ما تعاقب على ذلك. وتشير منظمة "هيومان رايتس واتش" بدورها إلى ذلك في تقريرها لهذا العام حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم الذي يشمل 90 دولة.
وتُحكم مصر منذ عام 1981 في ظلّ قانون الطوارئ الذي يسمح باعتقال الناس دون مذكرة توقيف. والظن بأن شخصا ما إرهابي أو بائع مخدرات كاف لوحده لاعتقاله. وتنتقد نهال نصرالدين، وهي مدافعة عن حقوق الإنسان في مدينة الإسماعيلية، هذا القانون التعسفي. وقالت: "الشرطة تسمح لنفسها بتعذيب أناس لأنها تعرف أنها محميّة من قانون الطوارئ"، ولذلك تطالب بإلغائه.
وهذا الأمر يطالب به أيضا الشرطي السابق نبيل لوقا باباوي العضو في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، إنما ليس فورا بل بعد إقرار قوانين ضد الإرهاب وزراعة المخدرات.
وباباوي يثق في القضاء المصري، ولا يرى فيه مشكلة ولكنه ينتقد أيضا الوضع الحالي في مصر "لأن كل طرف سياسي يسعى إلى استغلال قضية خالد سعيد لمصلحته". وقال حول ذلك: "إن الناس الذين يناصبون الشرطة العداء استغلوا الفرصة السانحة لتصفية حساباتهم معها".
دعاة حقوق الإنسان ينتظرون احتجاجات إضافية ولا تعتقد الناشطة في مجال حقوق الإنسان نهال نصر الدين أن للمتظاهرين دوافع سياسية للتظاهر ملاحظة أنهم "يطالبون بحياة هادئة وخالية من العنف". ولم تستبعد أن يخرج الكثير من المصريين إلى الشوارع للاحتجاج يوم الاثنين ( 27سبتمبر/أيلول) عند استئناف جلسات المحاكمة، بل أنها مقتنعة بذلك. ومن غير المستبعد أن تنطبع شوارع القاهرة والإسكندرية من جديد بصورتي خالد سعيد الضاحكة، من جهة، والمشوهة بسبب الجروح التي أدت إلى وفاته من جهة أخرى.
ماغدالينا زيرباوم/اسكندر الديك
مراجعة: هبة الله إسماعيل