مصر: تحقيق مع رئيسة تحرير موقع مستقل بتهمة "نشر أخبار كاذبة"
٥ أغسطس ٢٠٢٥
استجوبت السلطات المصرية رئيسة تحريرإحدى وسائل الإعلام المستقلة القليلة في البلاد، ووُجهت إليها تهمة "نشر معلومات كاذبة" بعد إصدارها تقريرا يتحدث عن تعرض نزلاء لانتهاكات في أحد سجون القاهرة.
هذه ليست المرة الأولى التي توقف فيها السلطات عطا الله، فقد سبق توقيفها واستجوابها لاسيما في العام 2022 بتهمة "نشر معلومات كاذبة".صورة من: Roger Anis/AP Photo/picture-alliance
إعلان
استجوب القضاء المصري الاثنين (الرابع أغسطس/ آب 2025) رئيسة تحرير موقع "مدى مصر"، إحدى وسائل الإعلام المستقلة في البلاد، ووُجهت إليها تهمة نشر "معلومات كاذبة" بعد إصدارها تقريرا يتحدث عن تعرض نزلاء لانتهاكات في أحد سجون القاهرة.
وعلى الرغم من أن الاستدعاء لم يوضح سبب التحقيق، إلا أنه يأتي بعد أقل من يوم من بيان نفت فيه وزارة الداخلية ما نشره "أحد المواقع الإلكترونية" لم يسمها، حول وجود رسالة مسربة منسوبة لأحد نزلاء أحد مراكز الإصلاح والتأهيل، تضمنت "مزاعم تعرضه للانتهاكات"، مؤكدة على "زيف الرسالة"، واتخاذ الإجراءات القانونية حيال مروجيها، حسب بيان موقع مدى البلد.
وأعقبت الداخلية بيانها بآخر نفت فيه ما وصفته بـ"ادعاءات جماعة الإخوان"، حول إضراب بعض النزلاء على خلفية انتهاكات داخل أحد "مراكز الإصلاح والتأهيل". وأوضح أحد بياني الداخلية أن الوزارة تعمل على "إتخاذ الإجراءات القانونية حيال مروجيها.
إطلاق سراح بكفالة
وذكر موقع "مدى مصر" في بيان أن نيابة أمن الدولة العليا وجهت رسميا إلى لينا عطا الله "تهمتي إدارة موقع دون ترخيص، ونشر أخبار كاذبة بغرض زعزعة الاستقرار". وأخلت سبيلها بكفالة قدرها 30 ألف جنيه مصري (نحو 620 دولارا أميركيا)، بحسب البيان.
ويأتي الاتهام على خلفية نشر تقرير في 31 تموز/يوليو، يتضمن شكاوى نزلاء سجن في القاهرة تفيد بتعرضهم لانتهاكات، من بينها رسالة مسربة لمحافظ الإسكندرية الأسبق، حسن البرنس، الموقوف في هذا السجن، اشتكى فيها من انتهاكات واسعة بحقه إلى جانب عدد من المحتجزين.
كما أورد التقرير اتهامات وجهها عدد من ذوي قيادات في جماعة الإخوان المسلمين، أفادوا بالتزامهم إضرابا مفتوحا عن الطعام، احتجاجا على تردي أوضاع احتجازهم والانتهاكات المرتكبة بحقهم.
إعلان
العفو الدولية تدخل على الخط
ووصفت منظمة العفو الدولية الإجراءات المتخذة ضد عطا الله بأنها "مقلقة للغاية"، منددة باستهدافها "لمجرد دورها القيادي في مدى مصر والتزامها بحماية حرية الصحافة".
وعشية استدعاء رئيسة التحرير، نفت وزارة الداخلية في بيان أي انتهاكات، بدون الإشارة إلى مدى مصر، مؤكدة أن الرسالة "مزيفة".
واتهمت الوزارة جماعة الإخوان المسلمين، المحظورة في مصر، بنشر "أكاذيب"، وأكدت أن الإجراءات القانونية جارية بحق مروجيها.
يشار إلى أن السلطات كانت قد حجبت منذ سنوات موقع "مدى مصر" الذي تأسس عام 2013 وينشر تقارير استقصائية تتعلق بقضايا أمنية وفساد باللغتين العربية والإنجليزية. ولا يمكن الوصول إلى الموقع الذي يعتمد لهجة تنتقد نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلا عبر شبكة افتراضية خاصة، وغالبا ما يتعرض لملاحقات قضائية.
جدير بالذكر أن دستور 2014 يضمن حرية الصحافة في مصر، إلا أن البلاد تحتل المرتبة 170 في قائمة تضم 180 دولة يشملها تصنيف منظمة مراسلون بلا حدود لحرية الصحافة للعام 2025. وذكرت المنظمة أن عشرات الآلاف من سجناء الرأي، من بينهم عشرون صحافيا، يقبعون في السجن.
ع.ج.م (أ ف ب)
اعتقالات واغتيالات.. أوضاع "حرية الصحافة" عربياً لا تزال مقلقة
لاتزال أوضاع حقوق الإنسان وحرية الصحافة والتعبير في الكثير من الدول العربية مقلقة. وفي اليوم العالمي لحرية الصحافة يجب التذكير بأنّ صحافيين كثر يقبعون وراء القضبان وآخرون فقدوا حياتهم. هذه نماذج من سبع بلدان.
صورة من: Jdidi Wassim/SOPA Images /Zuma/picture alliance
السعودية- لا صوت للنقد
تأتي السعودية في مراتب متأخرة للغاية في مؤشرات حرية الصحافة، خصوصا منذ مقتل جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول. لكن ليس الصحفيون السعوديون وحدهم من يواجهون الخطر، فحتى الأجانب يُسجنون. منهم الصحفي اليمني علي أبو لحوم، الذي أدانته الرياض بالسجن 15 عاما بتهمة الدعوة للإلحاد والردة، بسبب حساب على تويتر كان يديره باسم مستعار، فيما تقول مراسلون بلا حدود إن الحساب كان ينتقد السلطات السعودية.
صورة من: RSF
المغرب- ثلاثة صحفيين بارزين وراء القضبان
يقبع عدد من الصحفيين والمدونين المغاربة في السجن، بينهم ثلاثة صحفيين بارزين. أحدهم عمر الراضي. صحفي اشتهر في التحقيقات الاستقصائية، سُجن بتهم التجسس لصالح دول أجنبية والاعتداء الجنسي. لكن منظمات حقوقية تُرجع سبب الاعتقال إلى الضجة التي خلفها كشفه تعرّض هاتفه للتجسس بواسطة برنامج بيغاسوس، خصوصا أن تقريراً لمنظمة العفو الدولية أفاد بالأمر نفسه، ما خلق توترا حينها بين الرباط والمنظمة الحقوقية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Bounhar
لبنان- الاغتيال يهدد الإعلاميين
لا يعاني الصحفيون في لبنان بالضرورة من جبروت السلطة، بل الخطر يأتي بشكل أكبر من التنظيمات المسلحة التي قد تغتالهم. المثال من واقعة الإعلامي والمحلل السياسي لقمان سليم الذي عثر عليه مقتولا في سيارته، شهر فبراير/شباط 2021، برصاصات في الرأس. وهو ناقد كبير لحزب الله وسبق أن حمله مسؤولية تدهور الأوضاع في البلد، ويعد هذا الاغتيال الثاني من نوعه في أقل من سنتين بعد اغتيال مصور الجيش اللبناني جوزيف بجاني.
صورة من: Lokman Slim family/AP Photo/picture alliance
العراق- التهديد ليس من المسلحين فقط
العراق هو أحد أكثر دول العالم خطورة على الصحفيين بسبب تهديدات التنظيمات المسلحة. قُتل على الأقل ثلاثة صحفيين في آخر ثلاث سنوات، وأجبر عدد منهم على المغادرة وطلب اللجوء. لكن الأمر لا يخصّ فقط تهديدات الاغتيال، الاعتقالات والأحكام بدورها حاضرة، فقبل عام اتهمت سلطات كردستان العراق ثلاثة صحفيين بالتجسس، وحكمت عليهم بست سنوات بتهم تهديد الأمن القومي.
صورة من: Dalshad Al-Daloo/Xinhua/picture alliance
الإمارات- صورة مغايرة لـ"مكان التسامح"
تقدم الإمارات نفسها على أنها إحدى قلاع التسامح في الشرق الأوسط، لكن منظمات حقوقية تشكك في ذلك خصوصا مع القيود الواسعة على الصحافة هناك بما فيها الصحافة الدولية. ومن أكبر قضايا التضييق على الصحفيين في الإمارات، ما وقع للصحفي الأردني تيسير النجار الذي سُجن ثلاث سنوات، وأسلم الروح بعد تدهور أحواله الصحية، أقل من سنتين بعد خروجه.
صورة من: RSF
مصرـ أحد أكبر سجون الصحفيين
تعدّ مصر واحدة من أكبر سجون العالم بالنسبة للصحفيين، ومؤخرا تم إحصاء 66 صحفيا على الأقل في السجن. الأسماء كثيرة لكن بينها أربعة صحفيين يعملون في الجزيرة مباشر، والمفارقة أنهم اعتقلوا جميعا بعد وصولهم إلى مصر لقضاء إجازات عائلية، رغم تحسن العلاقة نسبيا بين مصر وقطر. أحدهم، واسمه أحمد النجدي، يبلغ من العمر 67 عاما، وهناك تأكيدات بمعاناته من ظروف صحية صعبة.
صورة من: Salvatore Di Nolfi/dpa/picture alliance
الصفحة لم تُطو في الجزائر
أعلنت الجزائر عن "عفو رئاسي" بحق الكثير من الصحفيين والمعتقلين السياسيين، لكن على الواقع لم تتغير الكثير من الأمور. لا يزال نشطاء كثر رهن السجن بسبب آرائهم، منهم الصحفي والناشط الحقوقي حسن بوراس المتهم بالانتماء إلى "جماعة إرهابية" هي منظمة رشاد، فيما ترى تقارير حقوقية أن الأمر يتعلق باعتقال على خلفية منشورات على فيسبوك، وسبق لتقارير إعلامية أن أكدت انسحاب بوراس من هذه المنظمة قبل اعتقاله.