1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مصر ما بعد مبارك – سيناريوهات الإصلاح وشبح الفوضى

Moncef Slimi١ فبراير ٢٠١١

لم تُسكت التنازلات التي قدمها الرئيس مبارك أصوات المتظاهرين المطالبين برحيله، في الوقت الذي بدأ فيه الحديث عن السيناريوهات المحتملة لفترة ما بعد مبارك، ملامح هذه الفترة لم تكتمل بعد، لكن حتما سترسمها عوامل داخلية وخارجية

إصرار المتظاهرين على الاطاحة بمباركصورة من: dapd

في ميدان التحرير حيث يتظاهر مئات آلاف المصريين، تصاعدت الأصوات مرة أخرى لتردد الشعارات المطالبة برحيل حسني مبارك، وذلك مباشرة بعد أن أنهى خطابه الذي أعلن فيه تصميمه على استكمال ولايته الرئاسية وعدم الترشح لفترة رئاسية جديدة، داعيا البرلمان المصري الى "مناقشة تعديل المادتين 76 و77 من الدستور" بما يعدل شروط الترشح لرئاسة الجمهورية ويقصر الرئاسة على "فترات محددة". كما تعهد بتنفيذ سلسلة من الإصلاحات بما في ذلك دعوة القضاء لمحاربة الفساد.

وبذلك فإن أصوات المتظاهرين حاصرت كلمة مبارك مثلما حاصرت من قبل كل الخطابات والتحركات التي قام بها أركان نظام الرئيس المصري للالتفاف على المطالب التي تدعوه إلى الرحيل، فلم ينفع حل الحكومة وإقامة حكومة جديدة يقودها الفريق احمد شفيق، بل ولم يصغ الشارع إلى خطاب نائب الرئيس عمر سليمان، الذي يحظى باحترام لديه، والذي قال إن مبارك كلفه بفتح حوار مع جميع القوى السياسية لبداية مرحلة جديدة.

المؤكد أن المرحلة الجديدة في الحياة السياسية المصرية قد بدأت منذ الـ 25 من الشهر المنصرم، ووصلت إلى مرحلة اللاعودة، بغض النظر عن سقوط نظام مبارك أم لا. وبدأت الطبقة السياسية المصرية وكذلك المراقبون يتحدثون عن سيناريوهات ما بعد مبارك. فسيناريو التوريث قد وأده الشارع بصوته الغاضب، ما دفع مبارك إلى تقديم أول تنازل، كان يرفضه منذ ثلاثين عاما، حينما عين رئيس جهاز المخابرات العامة عمر سليمان نائبا لرئيس الجمهورية.

وباتت الرؤى المستقبلية لمرحلة ما بعد مبارك تأخذ شكلا من أشكال التخمين، في ظل الظروف الداخلية والإقليمية والدولية التي تحيط بالمشهد السياسي المصري. لكن ما هو ثابت لدى الشباب المصري، الذي نزل إلى الشارع في مسيرات مليونية، هو المطالبة برحيل مبارك، فيما يقف الجيش، على مسافة متقاربة بين الشعب ونظام مبارك.

الجيش والعبء الثقيل

ترحيب شعبي بدور الجيشصورة من: picture alliance/dpa

هذه المسافة قد تتغير في أي لحظة، حسب مراقبين، وذلك بتغير المعطيات على الأرض، فلحد الآن لا توجد مؤشرات واضحة على تخلي الجيش عن مبارك، لكنه قال إنه لن يطلق النار على المحتجين واعترف "بمشروعية مطالبهم". ويقول ميشائيل لودرز، المحلل السياسي الالماني، "إن دور الجيش لحد الآن هو دور إيجابي، إذ أنه لم يطلق النار على المتظاهرين". الجيش بدا محايدا الى حد الآن في حين طالبه المتظاهرون بمساندتهم وحمايتهم، خاصة أن أعوان الأمن عنفوا الكثير من المتظاهرين و أدت الاشتباكات بينهم إلى سقوط قتلى وجرحى.

فبعد مسيرة مليونية في القاهرة و مدن أخرى، خرج الجيش المصري ببيان، أشاد فيه بتعاون المواطنين معه من أجل الحفاظ على النظام وحماية الممتلكات. داعيا إلى التعبير بالطرق السلمية وعدم الانصياع لما وصفه البيان بالأفكار الهدامة. وبهذا الشأن يقول فولكهارد فيندفورد الصحفي الالماني المقيم في القاهرة، في حوار لدويتشه فيله، "إن دور الجيش في المرحلة القادمة هو دور محوري"، ويضيف بأن "قيادة الجيش ستلعب الدور الوسيط النزيه في اعادة ترتيب البيت السياسي المصري"، مستندا في ذلك على الزخم الذي اكتسبه خلال الأحداث الأخيرة.

فدور الجيش في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها مصر لا يزال غامضا إذ يرى مراقبون أنه يعمل بهدوء للترتيب للمرحلة القادمة بالرغم من تمسك مبارك بكرسي الرئاسة. وقد ظهر ذلك جليا في اتصال وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس الثلاثاء هاتفيا بنظيره المصري المشير محمد حسين طنطاوي والتي تناولت اوضاع ومستقبل البلاد. حتى أن المعارضة بما فيها جماعة الاخوان ترى أن للجيش دوراً أساسياً في المرحلة القادمة، إذ قال كمال الهلباوي، العضو بجماعة الاخوان المسلمين المحظورة، إن رئيس اركان القوات المسلحة المصرية سامي عنان قد يكون خليفة مقبولا للرئيس المصري حسني مبارك، اذ ينظر اليه باعتباره غير فاسد.

فترة انتقالية بشخصيات مختلفة

وبالرغم من دعوات الحوار المتكررة التي أطلقها نائب الرئيس المصري عمر سليمان ورئيس الحكومة الجديدة احمد شفيق، أعلنت "اللجنة الوطنية لتحقيق مطالب الشعب" التي تضم المعارض البارز محمد البرادعي وممثلين لقوى المعارضة الرئيسية ومنها الاخوان المسلمين انها "لن تدخل في تفاوض (مع الدولة) حتي يرحل رئيس الجمهورية عن موقعه". ودعا البرادعي الرئيس مبارك إلى أن يترك السلطة قبل يوم الجمعة المقبل الذي أطلق عليه المتظاهرون "جمعة الرحيل".

يأتي هذا فيما تحدثت مصادر قريبة من البرادعي عن عرضه لاقتراحين "الاول هو تشكيل مجلس رئاسي مؤقت مكون من ثلاثة أشخاص احدهما عسكري والاثنان الآخران مدنيان، والاقتراح الثاني هو ان يصبح اللواء عمر سليمان رئيسا مؤقتا - ربما بتفويض من مبارك- خلال فترة انتقالية تشهد حل مجلسي الشعب والشورى واعداد دستور جديد للبلاد واجراء انتخابات نيابية ورئاسية حرة بعد اقرار هذا الدستور". وأوضح المصدر أن "البرادعي يميل الى الخيار الثاني".

ويقول الإعلامي والمحلل السياسي المصري ياسر عبد العزيز، إن هذا السيناريو من بين أفضل السيناريوهات المطروحة من أجل الاستجابة لمطالب الحركة الوطنية. محذرا في الوقت ذاته من "السيناريو الكارثي، المتمثل في انفلات أعصاب أي طرف بما سيجر البلاد إلى فوضى عارمة". ويضيف عبد العزيز أن السيناريو الاخر المطروح، و الذي وصفة بالسيناريو الرمادي، يتمثل في قيام بقايا النظام بإجراء إصلاحات جذرية تحظى بمساندة خارجية باعتبار ان الغرب يريد الاستقرار قبل التحول الديمقراطي"، وهو السيناريو الذي يميل إليه الصحفي الألماني المقيم في القاهرة، فولكهارد فيندفورد ، والذي يقول "إنه من المرجح ان تتشكل حكومة جديدة على غرار حكومة تونس وذلك خلال الايام القليلة القادمة، وستضم بعض أوجه النظام الحالي غير المتورطين في قضايا الفساد إلى جانب بعض شخصيات المعارضة لتسير الفترة الانتقالية والإعداد لمرحلة الاصلاح".

مساع دولية لانتقال سلس لسلطة في مصرصورة من: dapd

من سيحكم بعد مبارك

لكن من سيحكم مصر في هذه الفترة الانتقالية؟ هناك اسماء عديدة تتداولها الاوساط السياسية والاعلامية في مصر، لكن لحد الان لم يتم الاتفاق على شخص بعينه، خاصة وأن المعارضة تبدو مشتتة فيما بينها، بل لم تلعب الدور اللازم في الأحداث الأخيرة. إذ تركت المجال للشباب الغاضب في التعبير عن رأيه. ويقول عبد العزيز إن مسألة من يحكم مصر في الفترة القادمة "تحتاج إلى عدد من الحلول الإبداعية". فهناك نحو عشرين اسم يحظون بنوع من التوافق والإجماع الداخلي والخارجي.

فوزارة الخارجية الامريكية اعترفت انها تحدثت مع البرادعي وقالت ان ذلك جرى"في إطار تواصلنا العلني لدعم انتقال منظم للسلطة في مصر". ويعد المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، من الأسماء المطروحة لخلافة مبارك. إلا أن بعض التنظيمات المعارضة انتقدت وصوله المتأخر إلى القاهرة، للمشاركة في الاحتجاجات.

كما أن هناك الأمين العام لجامعة الدول العربية ووزير الخارجية المصري الأسبق، عمرو موسى، الذي أقر بأن الإصلاح هو الحل، وأكد موسى في مقابلة مع قناة العربية اليوم الثلاثاء (01 شباط/ فبراير) دعمه للتغيير في مصر ولكن عبر الحوار، مبديا استعداده لتولي اي منصب لخدمة بلاده اذا ما طلب منه ذلك. لكن موسى لم يتخذ موقفا مباشرا من المطالبات بتنحية الرئيس حسني مبارك. وقال ان "هذا المطلب يجب ان يكون محل الحوار القادم وان تسير الامور بسلاسة وسلام وبلياقة". ويقول الصحفي الألماني فولكهارد فيندفورد، إن "عمر موسى هو أكثر الشخصيات التي تحظى بإجماع سياسي وشعبي وهو شخصية معتدلة وغير منحاز، كما يتمتع بقبول دولي كبير".

وفي السابق ناقش دبلوماسيون أمريكيون احتمال تولي عمر سليمان، رئيس الاستخبارات المصرية لقرابة 20 عاماً، كرئيس لفترة انتقالية في مصر، إلا أن ارتباطه بنظام مبارك، قد يقلل من حظوظه.

يوسف بوفيجلين

مراجعة: عارف جابو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW