بعد تعويم الجنيه المصري ارتفع مؤشر البورصة المصرية إلى مستويات تاريخية. ما هي خلفية هذا الارتفاع وتبعاته المحتملة على الشركات المصرية؟ كيف يمكن توجيه أموال البورصة للمساهمة في الإنتاج السلعي بما يخدم السوق المصرية؟
إعلان
تشهد البورصة المصرية: إيجي إكس 30 موجة صعود تاريخية لا تخلو من المضاربات منذ تحرير سعر صرف الجنيه المصري في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016. فقد ارتفعت قيمة التداول خلال الربع الأخير من العام الفائت إلى 111 مليار جنيه مصر مقابل 44 مليارا في الربع الذي سبقه. ومع استمرار هذا الارتفاع زادت القيمة السوقية لأسهم الشركات المدرجة في البورصة إلى أكثر من 600 مليار جنيه بزيادة غير مسبوقة في تاريخ البورصة. وعلى صعيد المؤشر فقد وصل إلى عتبة 13 ألف نقطة مرتفعا بنسبة تزيد على الثلث منذ أواسط نوفمبر الماضي. وعلى مستوى العام الفائت حققت البورصة المصرية المرتبة الأولى كأسرع الأسواق نموا بالعملة المحلية حسب مؤسسة "مورغان ستانلي" العالمية للخدمات المالية والاستثمارية.
لماذا الإقبال على الأسهم المصرية؟
يعكس الإقبال على أسهم الشركات المصرية تراجع قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي بعد قرار تعويمه مقابل العملات الصعبة. وهو الأمر الذي أدى إلى تراجع سعره الرسمي مقابل العملة الأمريكية من حوالي 9 إلى نحو 19 جنيها للدولار الواحد. وقد أدى هذا التراجع إلى الهروب من الجنيه والتوجه إلى الأسهم كونها أضحت أرخص وأكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب، لأن القوة الشرائية لدولاراتهم تضاعفت مع تدهور سعر العملة المصرية.
وبالفعل تشير المعطيات الأولية إلى أن غالبية المستثمرين في البورصة المصرية مؤخرا هم من الأجانب غير العرب حسب الخبير الاقتصادي محمد رضا. ويقول رضا في حديث مع DW عربية إن هؤلاء يقبلون على الاستثمار في البورصة، لأن الأسعار الحالية للأسهم المقومة بالجنيه تشكل فرصة لامتلاك مزيد من الأصول ومضاعفة الثروة وجني المزيد من الأرباح. ويتوقع رضا استمرار هذا المنحى إن لم "يتحسن سعر الجنيه مقابل الدولار وتستقر أسعار الفائدة على معدلات أدنى من المعدلات التي وصلت إليها بحدود 20 بالمائة مؤخرا".
هل هناك خطر حصول فقاعة؟
لكن ألا ينطوي الارتفاع التاريخي في أسعار الأسهم المصرية على مخاطر حصول فقاعة في البورصة تؤدي إلى خسائر فادحة للمستثمرين؟ الخبير محمد رضا وخبراء آخرون يستبعدون ذلك ولا يرون مخاطر من هذا النوع لأن إعادة تقييم الأصول حسب الأسعار الحالية للجنيه مقابل الدولار يعني إمكانية ارتفاع مؤشر البورصة من حوالي 13 ألف نقطة في الوقت الحالي إلى أكثر من 19 ألف نقطة دون حدوث مثل هذه الفقاعة. "دعنا نتحدث عن مخاطر فقاعة أولا في حال صعود المؤشر إلى أكثر من 22 ألف نقطة، عندها تكون الأسعار بالفعل قد وصلت إلى نقطة حرجة"، يقول رضا مضيفا: "الأهم من كل شيء هو أن يستقر الجنيه بشكل يعزز الثقة بالاستثمار في مجالات أخرى تساعد على النمو المتوازن". وبالفعل فإن عدم استقرار العملة يعزز المضاربات، وسوق الأسهم هو من الأسواق التي تزدهر فيها المضاربات في الوقت الحاضر أيضا، كونها توفر الربح السريع للمضاربين، لاسيما وأنه لا توجد ضرائب تذكر على التعاملات في البورصة المصرية حتى الآن. ويدل على ازدهار المضاربات كثافة معاملات البيع والشراء التي تضاعف حجمها أكثر من مرة خلال الشهرين الماضيين ليتراوح حاليا بين 1.3 إلى 1.5 مليار جنيه يوميا.
فرص الاستفادة من التدفقات المالية
تتجه البورصة المصرية إلى مزيد من الارتفاع في قيمتها السوقية في الوقت الحاضر بسبب رخص الأسهم مقومة بالدولار وفرص المضاربة لجني المزيد من الأرباح. ولن يغير من ذلك على ما يبدو احتمال إعادة تفعيل "ضريبة الدمغة" التي كانت تفرض سابقا بنسبة 1 بالألف على التعاملات، لأن تأثيرها سيكون قصير الأجل ولن يشكل كلفة عالية على المتعاملين حسب أحمد شمس الدين الخبير في مجموعة هيرميس المالية.
وفي الواقع كان بالإمكان الاستفادة من تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى البورصة لتصحيح أوضاع الكثير من الشركات وتوسيع أنشطتها وزيادة مبيعاتها السلعية وخدماتها في السوق المصرية والأسواق الأجنبية. غير أن ذلك سيبقى في إطار ضيق للغاية لأسباب عدة، من أبرزها أن معظم التدفقات المالية هي تدفقات اجنبية قصيرة الأجل، وغير مستقرة، وتركز في معظهمها على أسهم المصارف والخدمات والمشتقات المالية. وهذه الأخيرة معروفة بأنها تشكل أرضية خصبة للمضاربات، لاسيما في ظل غياب ضوابط قانونية ومالية تحد من ذلك.
على صعيد آخر تواجه الكثير من الشركات المصرية صعوبات كثيرة في إمكانية الإنتاج بأسعار منافسة للمنتجات الأسيوية وغيرها بسبب تكاليف مستلزمات الإنتاج العالية وصعوبة توفير الدولارات الكافية لاستيرادها بأسعار تناسب القوة الشرائية للمستهلك المحلي الذي يفقد المزيد من قوته الشرائية على ضوء ضعف استقرار الجنيه وتراجع قيمته.
أما الشركات الأخرى في مجالات الأغذية والأدوية والصناعات المنزلية وغيرها فالقليل منها مدرج في البورصة. وعلى عكس بقية الشركات تتوفر للأخيرة فرص للاستفادة من التدفقات المالية من خلال تعزيز حضورها في السوق المصرية والأسواق المجاورة. ويخص بالذكر منها الشركات التي تنتج سلعا أساسية تحظى بإجراءات حمائية من المنافسة الأجنبية حسب الخبير محمد رضا. غير أن مدى الاستفادة من التدفقات مرتبط باستقرار العملة الذي سيكون التحدي الأكبر أماما الحكومة المصرية خلال هذا العام. فبدون هذا الاستقرار سيبقى الإقبال على الاستثمار في مشاريع إنتاجية محدودا ومحكوما بالكثير من المخاوف التي لا تبعث على الثقة.
مصر تدشن قناة السويس الجديدة وسط مراسم احتفالية
دشن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخميس "قناة السويس الجديدة" التي تعقد عليها الآمال لإنعاش الاقتصاد المصري، بعرض جوي وبحري وبمشاركة دولية واسعة.
صورة من: picture-alliance/dpa/Str
احتفالاً بافتتاح القناة الجديدة علق كثير من المصريين أعلام بلدهم على سياراتهم وشرفات منازلهم، وسط تركيز إعلامي كبير على الإنجاز الذي صنعه المصريون خلال عام واحد.
صورة من: Reuters/M. Abd El Ghany
دشن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخميس "قناة السويس الجديدة" التي تعقد عليها الآمال لإنعاش الاقتصاد المصري بعرض جوي وبحري، وبمشاركة دولية واسعة.
صورة من: Reuters/The Egyptian Presidency
من جانبه أشاد نائب المستشارة ووزير الاقتصاد الألماني زيغمار غابرييل، المشارك في حفل الافتتاح، بجهود مصر في إنجاز المشروع العملاق، قائلاً: "إن توسيع قناة السويس يعد إنجازاً هندسياً رائعاً تم النجاح في إتمامه في وقت قياسي بفضل مشاركة شركات ألمانية وخبرتها".
صورة من: Getty Images/S. Gallup
وكانت أولى تجارب تشغيل قناة السويس الجديدة قد كللت بالنجاح. وانطلقت التجارب يوم السبت الماضي وشاركت فيها قافلتان من السفن العملاقة. وتعد القناة الجديدة جزءا من مشروع بمليارات الدولارات يهدف إلى تحفيز التجارة بين أوروبا وآسيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
يبلغ طول قناة السويس الجديدة 72 كلم، وهي عبارة عن فرع للقناة الأصلية التي يعود تاريخ بنائها إلى 145 عاما. ويمر الفرع الجديد بالموازاة مع قناة السويس التي يبلغ طولها 190 كلم وتشكل محورا هاما للتجارة العالمية، حيث عبرتها نحو 17100 سفينة خلال عام 2014، وفق الأرقام الرسمية للهيئة المديرة للقناة.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
الهدف من تشغيل المجرى الجديد هو مضاعفة القدرة الاستيعابية لحركة الملاحة في القناة وتتوقع هيئة قناة السويس أن يكون بوسع حوالي 97 سفينة عبور القناة يومياً بحلول 2023 مقابل 49 سفينة حالياً.
صورة من: Reuters/M. Abd El Ghany
ويزيد افتتاح القناة الجديدة إيرادات القناة السنوية من 5.3 مليارات دولار (حوالي 4.7 مليار يورو) متوقعة لعام 2015 إلى 13.2 مليار دولار ( 11.7 مليار يورو) عام 2023.
صورة من: Getty Images/AFP
مثل القناة الأولى تربط قناة السويس الجديدة بين البحر الأحمر والبحرالمتوسط، حيث يمكن الإبحار في كلا الاتجاهين، أي من الجنوب عبر البحر الأحمر إلى البحر المتوسط وفي الاتجاه المعاكس من الشمال أيضا. ومن المنتظر أن تساهم القناة في تخفيض فترة انتظار عبور السفن من 18 إلى 11 ساعة.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
بلغت تكلفة أعمال بناء قناة السويس الجديدة التي انطلقت في الخامس من آب/ أغسطس 2014 نحو أربعة مليارات دولار، وفق تقديرات للحكومة المصرية.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
شاركت في تجارب تشغيل قناة السويس الجديدة ست سفن حاويات عبرت القناة في قافلتين: القافلة الأولى قدمت من السويس وضمت سفنا حملت أعلام سنغافورة ولوكسمبورغ والبحرين. أما الثانية فجاءت من بورسعيد، الواقعة شمالا على البحر المتوسط، وقد ضمت سفنا تحمل أعلام ليبيريا وهونكونغ وسنغافورة أيضا.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Shaker
تمت عملية التشغيل التجريبي لقناة السويس الجديدة في ظل تأمين جوي وبحري مكثف من خلال استخدام طائرات الهليكوبتر والمنشآت البحرية التابعة للجيش المصري.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
مشروع تطوير قناة السويس هو أحد المشاريع الكبيرة للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أصر على ألا تتجاوز عملية البناء مدة عام. وبالفعل تم الافتتاح الرسمي كما خُطط له من قبل. ويأمل السيسي في أن يعوض هذا المشروع العجز الذي تسبب فيه تراجع قطاع السياحة والاستثمارات الأجنبية منذ ثورة يناير/ كانون الثاني 2011.
صورة من: picture-alliance/dpa/Office Of The Egyptian President
تم البدء في حفر قناة السويس الأولى عام 1859 ودامت مدة بنائها عشرة أعوام. وتعد القناة مصدرا حيويا للعملية الصعبة في مصر. وقد كانت القناة في ملك شركة فرنسية-بريطانية قبل أن يعلن الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر عام 1956 تأميمها. وقد تتسبب ذلك في اندلاع حرب عرفت بـ"العدوان الثلاثي" على مصر.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
إلى جانب القناة الجديدة تخطط الحكومة المصرية لبناء مركز صناعي ولوجيستي وتجاري بالقرب منها، حيث من المقرر بناء عدة موانئ تعمل على تقديم خدمات للأساطيل التجارية التي تعبر القناة.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
كما تخطط الحكومة المصرية لإقامة قناة جانبية بميناء شرق بورسعيد على البحر المتوسط والبدء في تنفيذه بعد افتتاح قناة السويس الجديدة بهدف مساعدة السفن على الدخول مباشرة إلى الميناء. ومن المقرر أن يبلغ طول هذه القناة الجانبية 9.5 كيلومترا عمقها 18.5 مترا، وعرضها التحتي 250 مترا.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
ارتياح وفرح لدى المهندسين والعمال الذين شاركوا في عملية حفر وبناء قناة السويس الجديدة بعد نجاح تجارب التشغيل الأولى، وفقا للمسؤولين المصريين.