1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مصر وتونس: مخاوف المرحلة الانتقالية من الثورة إلى الديمقراطية

٩ مايو ٢٠١١

ظهر مصطلح "الثورة المضادة" في كل من مصر وتونس للتعبير عن المبادرات التي تسعى لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء بتشويه الثورة والإيحاء بإمكانية عودة النظام الذي أُسقط، فهل باتت الثورة في البلدين مهددة أم أن الأمر مبالغ فيه؟

مخاوف من "الثورة المضادة" في كل من مصر وتونسصورة من: picture alliance/dpa

يسود شعور عام بالقلق لدى عدد من الهيئات الشبابية والحقوقية والسياسية التي قادت الثورة في كل من مصر وتونس. جزء من هذا القلق يعود إلى عدم الثقة في صناع القرار الحاليين، واتهامهم ضمنا أو علنا بتنظيم ثورة مضادة تشكل خطورة على آمالهم بتحقيق المزيد من الحرية الديمقراطية وتأسيس دولة الحق والقانون. وإذا كانت لكل من ثورتي تونس ومصر خصوصيات تميز إحداهما عن الأخرى، فإن هناك قواسم مشتركة أو على الأقل متوازية تجعل بعض مظاهر المرحلة الانتقالية تتقارب وتتشابه.

ويشهد البلدان في المرحلة الحالية أحداثا رأى فيها البعض مؤشرا على "الثورة المضادة"، بينما رأى فيها البعض الآخر عنوان مرحلة انتقالية تتسم بالشد والجذب إلى حين رسو سفينة التغيير واتضاح معالم الخارطة السياسية المقبلة. ففي حديث مع دويتشه فيله اعتبر صلاح الدين جورشي، نائب رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، أنه من المبكر الحديث عن "ثورة مضادة" في تونس. في حين يرى جورج إسحاق الناشط الحقوقي المصري وأحد مؤسسي حركة كفاية، أن "فلول نظام مبارك" لا تزال تهدد مكاسب الثورة.

هشاشة مرحلة ما بعد الثورة

شرارة أحداث المظاهرات الأخيرة في تونس وما صاحبها من أعمال شغب عقب تصريحات وزير الداخلية السابق فرحات الراجحي في تسجيل نشر على موقع فيسبوك قال فيه "سيتم تنفيذ انقلاب عسكري في حال فوز الإسلاميين في الانتخابات"، في إشارة إلى حركة النهضة الإسلامية، موضحا أن "تعيين رشيد عمار كرئيس لأركان جيوش البلاد هو تمهيد لذلك". وأدت هذه التصريحات إلى احتجاجات شعبية عنيفة دفعت الحكومة المؤقتة إلى فرض حظر على التجول أثناء الليل في العاصمة التونسية.

صلاح الدين جورشي: لا يزال من المبكر الحديث عن ثورة مضادة والجيش ضمانة للثورة.صورة من: picture-alliance/dpa

كما خلقت هذه التصريحات زوبعة من ردود الفعل رأى فيها صلاح الدين جورشي مؤشرا على "هشاشة" المشهد السياسي التونسي في هذه المرحلة لانتقالية، وليس بالضرورة علامة من علامات الثورة المضادة.

أما مظاهر التوتر في مصر فكانت أكثر عنفا ودموية، إذ عززت الاشتباكات الدامية بين المسلمين والأقباط، التي شهدتها القاهرة مساء السبت (07 مايو/ أيار)، المخاوف من اتساع نطاق المواجهات الطائفية، كما وجهت انتقادات شديدة لجهاز الأمن الذي اتهم بتقاعسه عن القيام بدوره. وفي حوار مع دويتشه فيله ذهب الناشط جورج إسحاق إلى اتهام "فلول نظام مبارك" بالوقوف وراء تلك الأعمال ولم يتردد في استعمال تعبير "الثورة المضادة" لوصف ما يحدث في مصر حاليا. فهل يتعلق الأمر فعلا بأيادي خفية موالية للنظام السابق تعمل على إجهاض الثورة أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مظاهر مرحلة انتقالية مرتبطة بمتطلبات مرحلة الانتقال من الثورة إلى الديمقراطية؟

غموض ملامح "الثورة المضادة"

الناشط التونسي صلاح الدين جورشي يشكك في وجود مؤشرات وأدلة دامغة على وجود "ثورة مضادة" في تونس، وقال إن الأمر يتعلق بـ "فكرة يروج لها الكثيرون وكادت تترسخ في الساحة التونسية تقول بأن للمسرح السياسي التونسي واجهتان، واجهة معلنة ظاهرة وأخرى خفية تحركها أطراف مجهولة". وأضاف جورشي أن هذه الفكرة قد تدعمها مؤشرات لكن هناك مؤشرات أخرى كثيرة تناقضها. وعزى حدة ردود الفعل إلى الحساسية الشديدة للمرحلة وإلى كون "الطبقة السياسية الجديدة المرشحة لبناء النظام الجديد لا تزال تبحث عن نفسها ولم تبرز بعد كقوة فاعلة في صياغة الرأي العام".

اتخدت الاحتجاجات في مصر شكل صراع طائفي بين المسيحيين والمسلمين، ويخشى أن يوظف ذلك ضد الثورة.صورة من: dapd

أما جورج إسحاق فله وجهة نظر مغايرة فيما يخص الوضع المصري، إذ يشير إلى مخاطر توظيف النعرة الطائفية في إجهاض الثورة وقال "هناك فلول الحزب الوطني وفلول أمن الدولة السابق، كما أن هناك تيارات دينية متطرفة غير محسوبة على القوى الوطنية". وأضاف بأن لديه قناعة بسقوط مبارك "لكن رجاله لا يزالون في كل مكان".

وسواء تعلق الأمر بتونس أو بمصر فإن الوضع يبدو غامضا رغم الكثير من انجازات الثورة، كمحاكمة رموز النظامين السابقين أو تأسيس هيئات لحماية الثورة وأهدافها، إلا أن الشك وعدم الثقة في صناع قرار المرحلة الانتقالية يبقى سيد الموقف كما أوضح ذلك صلاح الدين جورشي؛ الذي وصف تصريحات وزير الداخلية التونسي السابق بأنها "تثير قضايا خطيرة، كالحديث عن تنسيق تونسي جزائري لتطويق أي نتائج انتخابية تكون لصالح حركة النهضة الإسلامية، أو أن الجيش يفكر في عملية انقلابية". واعتبر جورشي هذه التصريحات كالنار في الهشيم خصوصا وأن الرأي العام يفترض أصلا وجود أيادٍ خفية وراء الكواليس، ثم لكون التصريحات أتت من وزير داخلية سابق يفترض أنه على اطلاع واسع بمجريات الأمور.

الجيش كملاذ أخير للثورة

جورج اسحاق: رجال مبارك لا يزالون في كل مكانصورة من: Creative Commons/flickr/Hossam el-Hamalawy

ويجمع كل من جورشي وإسحاق على أن الجيش يشكل رغم بعض المآخذ هنا وهناك الأساس الصلب الذي تستند إليه الثورة، ما يجعل نجاح ثورة مضادة شيئا مستبعدا في الوقت الراهن على الأقل. ففي مصر تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة السلطة في أعقاب تنحي الرئيس حسني مبارك عن الحكم في 11 شباط / فبراير. وفي البداية حيا الكثيرون تواجد الجيش في شوارع مصر بهتافات مثل "الجيش والشعب أيد واحدة".

إلا أن انتقادات جماعات حقوق الإنسان وهيئات المجتمع المدني وجهت في أكثر من مناسبة إلى الجيش بخصوص ممارسة التعذيب. ومع ذلك فإن جورج إسحاق أوضح قائلا "الجيش المصري هو الضمانة الوحيدة، ونحن ننتظر الإجراءات الحاسمة التي قال إنه سيعلن عنها". ويذكر أن مؤسسة الجيش تحظى تقليديا باحترام المصريين رغم أنها تمتعت في ظل حكم مبارك بالكثير من الامتيازات. لذلك فإن الكثيرين لا ينظرون دائما بعين الرضا لدور الجيش ويتساءلون كيف يمكن له أن يحارب فلول النظام القديم وهو كان أكبر المستفيدين منه؟.

أما بالنسبة لصلاح الدين جورشي فيرى أن وضع الجيش التونسي مختلف عن الجيوش الأخرى في المنطقة العربية، لكونه ظل تقليديا بعيدا عن السياسة وعن الأعمال، وأضاف بهذا الصدد "الجيش التونسي ضمانة هامة لحماية الثورة ولا يزال ملتزماً بالنظام الجمهوري، ولم يصدر أي مؤشر جدي للتشكيك في مصداقية المؤسسة العسكرية".

حسن زنيند

مراجعة: عارف جابو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW