مطار بيروت.. ازدحام بالمغادرين وسط مخاوف من انفجار الوضع
محمد فرحان
٥ أغسطس ٢٠٢٤
وسط مخاوف من اندلاع حرب واسعة، حثت دول غربية عدة مواطنيها على مغادرة لبنان فيما علقت شركات طيران رحلاتها من وإلى مطار بيروت، الأمر الذي تسبب في ازدحام المطار بالمسافرين، الذين يخشون من تكرار ما حدث للمطار في عام 2006!
إعلان
تصطف طوابير طويلة داخل مطار بيروت وسط حالة قلق وغموض تسود بعد أن تزايدت دعوات الدول لرعاياها لمغادرة لبنان في ظل مخاوف من تصعيد عسكري محتمل بين إيران و إسرائيل.
تزامن هذا مع إلغاء شركات طيران رحلاتها من وإلى بيروت، من بينها شركة لوفتهانزا الألمانية، حتى 12 أغسطس/ آب الجاري، فيما قامت الخطوط الجوية الفرنسية وشركة ترانسافيا بتمديد تعليق الرحلات حتى الثلاثاء (6 أغسطس/آب). وقررت الخطوط الجوية الكويتية تعليق رحلاتها اعتبارا من الاثنين (5 أغسطس/آب)، بينما ألغت شركة الخطوط الجوية القطرية رحلاتها الليلية الى بيروت موقتا.
وفيما تقف في مطار بيروت، قالت سيرين حكيم (22 عاما) "كان يفترض أن أغادر بالأمس، لكن رحلتي أرجئت." وبنبرة يعتصرها الأسى، أشارت سيرين في مقابلة مع فرانس برس إلى أنه كان "ينبغي عليها السفر بسبب عملها".
وشهد مطار بيروت تدفقا كبيرا للمسافرين بعد أن دعت السويد والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والأردن والسعودية خلال الساعات الماضية رعاياها إلى مغادرة هذا البلد فورا. وأعلنت السفارة البريطانية الأحد (4 أغسطس/ آب) سحب عائلات دبلوماسييها من بيروت بصورة مؤقتة.
لماذا؟
ورغم حالة الازدحام الكبيرة، إلا أن المطار "مازال يعمل بشكل طبيعي على كافة المستويات"، بحسب ما أفاد به الكابتن مازن السماك، الخبير في شؤون الطيران ورئيس جمعية الطيارين الخاصين في لبنان.
وفي مقابلة مع DW عربية، عزا السماك حالة الازدحام الكبيرة المفاجئة في المطار إلى ما أصدرته "السفارات من تحذيرات إلى رعاياها بضرورة المغادرة وترك هذا البلد فورا".
وأضاف "كانت هذه السفارات واضحة بضرورة مغادرة بيروت على متن أول رحلة وشراء أول تذكرة طيران وهذا ما أثار الرعب بين الناس حيث هرع الرعايا الأجانب إلى السفر بأسرع طريقة ممكنة. وتفاقمت الأزمة مع قيام شركات بوقف رحلاتها إلى بيروت مما أدى إلى زيادة الطلب على الشركات التي مازالت تسيّر رحلات إلى العاصمة اللبنانية وهو ما تسبب في رفع أسعار التذاكر".
تداعيات محتملة على مطارات المنطقة
ورغم أن تأثير أزمة الإزدحام في مطار بيروت لم يصل صداه بعد إلى الدول الأخرى، إلا أن الأمر لا يعني أن مطارات هذه الدول في منأى خاصة في حال طول أمد الأزمة وزيادة ضراوتها.
ففي مقابلة مع DW عربية، قال الكابتن خالد واصل، مدير إقليمي لشركة طيران دولية تتخذ من القاهرة مقرا لها، "عندما جرى إغلاق المحال الجوي في لبنان لفترة بسيطة، لم يؤثر ذلك على الحركة الجوية في المطارات المصرية وعليه لم تزيد الحركة الي مطاراتنا".
بيد أن واصل قال إن الأمر لم يكن كذلك عندما أغلقت مطارات الأردن ولبنان والعراق في أبريل/ نيسان الماضي مع شن إيران هجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ على إسرائيل.
وفي ذلك، قال "لم تقم مصر في حينه بإغلاق مجالها الجوي مما أدى إلى زيادة حركة عبور الطائرات في الأجواء المصرية بنسبة كبيرة".
من جانبه، حذر الرئيس التنفيذي للشركة الأردنية للطيران، زهير الخشمان، من تداعيات الأزمة الحالية على حركة الطيران في الشرق الأوسط.
وفي مقابلة مع DW عربية، أضاف الخشمان أن "إغلاق المجالات الجوية وتحويل بعض مسارات الطيران والسفر هذا كله يؤدي إلى كارثة اقتصادية لشركات الطيران خاصة وأن شركات الطيران ما لبثت أت تتعافى من أزمة كورونا... هذا يشكل كارثة حقيقة على النقل الجوي بشكل عام".
مخاوف من تكرار ما حدث خلال عام حرب 2006
وامتلأت منصات التواصل الاجتماعي بصور ومقاطع مصورة توثق حالة الازدحام الشديدة في مطار بيروت سواء من قبل الرعايا الأجانب أو العائلات المهاجرة والتي تنحدر من أصول لبنانية وجاءت لقضاء إجازة الصيف وسط حالة من الحزن لاضطرارهم للمغادرة قبل الموعد المخطط.
ورغم أن التوتر على الحدود الإسرائيلية البنيانية قائما منذ أشهر، إلا أن تأثير ذلك على موسم السياحة الصيفي في بيروت كان ضئيلا نسبيا حيث قصد البلاد عشرات الآلاف من اللبنانيين العاملين أو الدارسين في الخارج لزيارة عائلاتهم.
وأفاد مطار بيروت أن 400 ألف مسافر وصلوا في حزيران/يونيو الماضي مقارنة بـأكثر من 427 ألفا خلال الفترة نفسها من العام الماضي ما شكل انخفاضا لم يتجاوز نسبة 5 بالمئة.
ويخشى المغادرون في الوقت الراهن من إغلاق المطار في حال أنفجر الوضع، فيما مازال عالقا في الأذهان ما حدث خلال حرب عام 2006 إذ تعرض مطار بيروت للقصف، ما أدى إلى إغلاقه لأكثر من شهر.
ورغم حالة القلق المتنامية في الوقت الراهن، استبعد الكابتن مازن السماك، الخبير في شؤون الطيران ورئيس جمعية الطيارين الخاصين في لبنان، احتمالية إغلاق المطار.
وفي حديثه إلىDW عربية، قال "إغلاق المطار لن يكون المرة الأولى فقد اعتاد الناس على الهروب سواء عبر مرفأ جونية أو مرفأ طرابلس، لكن اعتقد في ضوء الظروف المحيطة والمعطيات الحالية فحتى إذا كان هناك ضرورة لإغلاق المطار فسيكون ذلك لبضع ساعات أو ليوم أو يومين على أكثر تقدير. أنا أرى أن إغلاق المطار ليس واردا في الوقت الحالي".
منازل بيروت ـ شواهد على جدلية الحرب والموت.. وحب الحياة
بيروت مثل بغداد والقاهرة ودمشق روحها شرقية لكن وجهها صوب المتوسط. نقطة التقاء ثقافات ظهرت على تراث منازلها. آلاف منها على شفا الانهيار بعد أن صمدت خلال الحرب الأهلية وخلال انفجار المرفأ، والبعض الآخر انهار بسبب الأمطار.
صورة من: Alkhashali/DW
بقيت الجدران وغاب أهلها!
تطور البناء العمراني في بيروت منذ الفترة العثمانية، وتأثر بالعمارة الدمشقية. المنازل الكبيرة كانت سكنا للأغنياء والمترفين بينما كانت المنازل المشيدة من الخشب والصفيح من حصة الفقراء. بيروت توسعت كثيرا، خلال 150 عاما خصوصا بعد ظهور مينائها خلال الفترة العثمانية، الحرب الأهلية أثرت كثيرا على المدينة، فتركها كثير من سكانها.
صورة من: Alkhashali/DW
بيروت .. بغداد والقاهرة ودمشق
البيوت البيروتية استلهمت عمارتها الشرقية في أواخر الحكم العثماني، على طراز البيوت العربية القديمة الموجودة في دمشق والقاهرة وبغداد، كان البناء يعتمد على عوامل المناخ والأعراف والتقاليد الاجتماعية المبنية على الأصول الدينية.
صورة من: Alkhashali/DW
بيروت القديمة
مبنى في "الجميزة" قرب الميناء، لم يعد صالحا منه للسكن سوى طابقه الأرضي. الطابق الأول من سقف يحمي المبنى، عمر المبنى غير معروف. "الجميزة" من أولى المناطق التي ظهرت في بيروت تاريخيا بسبب قربها من المرفأ. التسمية لها علاقة بشجرة الجميز. منازل مثل هذا بعضها غُمّرت وغادت لها الحياة، وبعضها مهمل في انتظار من ينقذها.
صورة من: Alkhashali/DW
سوء حظ
من سوء حظ صاحب السيارة هذه، أنه قرر ركنها عند هذا المنزل القديم. الحجر الرملي يستعمل كثيرا في بيروت وهو لا يصمد أمام تغيرات البيئة. بسبب الأمطار انهار جزء من المنزل القديم الذي يبلغ عمره أكثر من 150 عاما.
صورة من: Alkhashali/DW
عودة الحياة
بجوار المنزل المنهار السابق يقف جاره هذا. المنزل يرمم من قبل جمعية إسلامية، قررت إعادة إحيائه واتخاذه مقرا لها بسبب قيمته التاريخية في منطقة مار إلياس. مهمة ترميم المباني تواجه صعوبات بسبب ارتفاع التكلفة. البعض يقرر تدمير المبنى وإنشاء عمارات حديثة. لكن هناك مشاكل قانونية متعلقة بحقوق الورثة أو مشاكل بين المؤجرين والمستأجرين.
صورة من: Alkhashali/DW
شبح منزل
منزل كبير لم يبق منه سوى شبح منزل يتوسط مباني وشقق سكنية في منطقة زقاق البلاط. لا عناوين ولا لوحات على المبنى تظهر تأريخه أو قيمته التراثية. لكن موقعه وحجمه يظهر قيمته حينها.
صورة من: Alkhashali/DW
حرب الفنادق!
بعض المبان دمر خلال الحرب الأهلية، فمثلا بات فندق "هوليداي إن" ضمن منطقة حرب اندلعت في 25 أكتوبر 1975 في صراع طويل عرف باسم "معركة الفنادق"، هناك تحارب أكثر من 25 ألف مقاتل من أجل السيطرة على مجموعة من الفنادق الفخمة الشاهقة بما في ذلك فندق هوليداي إن وفندق فينيسيا بيروت المجاور، مما أدى إلى مصرع أكثر من ألف شخص.
صورة من: UPI/dpa/picture alliance
شاهد على مأساة الحرب
المباني الحديثة ترتفع حول الفندق الذي لم يبق منه سوى هيكله الخرساني. المبنى بقي شاهدا على حرب امتدت لعقد ونصف راح ضحيتها مئات آلاف اللبنانيين. كان الفندق على خط التماس بين الكتائب وعناصر حركة فتح الفلسطينية.
صورة من: Mohamad Chreyteh
سينما "البيضة"
سينما "سيتي بالاس" أو "البيضة" نسبة للشكل البيضوي، هي جزء من مبنى متكامل كان اسمه "سيتي سنتر"، أو "الدوم"، وصنّف على أنه أكبر مبنى تجاري كبير في بيروت أثناء تشييده عام 1965 ليمثل أول مول تجاري في منطقة الشرق الأوسط. تحول خلال الحرب الأهلية إلى مكان للقنص فقد كان يتوسط خط التماس بين المتحاربين حينها.
صورة من: Alkhashali/DW
بين الغرب والشرق
سقف منزل متروك منذ عقود، الطراز المعماري الذي ظهر قبل أكثر من 150 عاما، انتشر في مناطق المسيحيين والمسلمين على حد سواء، فظهرت هوية "بيروتية خاصة" للفن المعماري للمدينة. يرى معماريون أن بيروت مثلت نقطة لقاء بين الشرق والغرب، فتعدد الثقافات فيها ظهر على تراثها المعماري.
صورة من: Alkhashali/DW
جدران بلا حياة
إنشاء ميناء بيروت كان نقطة تحول في حياة المدينة فتحول بناء البيوت من شرف خشبية صغيرة إلى منافذ واسعة مبنية على الطراز الشرقي. حصل التحول المعماري في مرحلتين، في نهاية الحقبة العثمانية الطويلة، اتسعت رقعة المدينة وتخطت الحدود التي عُرفت بها في القرون الوسطى. فارتفعت فيها مبان بطابع حديث. ثم تطور في العهد الفرنسي فظهرت مبان سكنية بطوابق. جاء التحول نتيجة للنمو السكاني الكبير الذي شهدته بيروت.
صورة من: Alkhashali/DW
بيت بيروت
بيت بركات شيد عام 1924، في عام 1997 قرر مالكوه بيعه، فأنقذه نشطاء. بعد احتجاجات وحراك لإنقاذ المبنى جرى تعليق قرار تدميره، وفي عام 2003 أصدرت بلدية بيروت قرار نزع الملكية للمنفعة العامة.
صورة من: Abbas Al-Khashali/DW
مبنى على خط التماس
في مرحلة إعادة الإعمار التي أعقبت الحرب الأهلية اللبنانية هدمت العديد من المباني المهمة، النشطاء تمكنوا من إنقاذ عدد منها، وأصبح مبنى بركات بواجهته وصف أعمدته يتخلله الرصاص رمزًا ومذكرا بالحرب الأهلية في بيروت، فقد كان على خط التماس في منقطة "سيديكو" في الأشرفية.
صورة من: Abbas Al-Khashali/DW
وحدها واجهة المنزل
لم يبق من المنزل هذا سوى جداره الخارجي الذي يحاول الصمود أمام ظروف صعبة. يقع المنزل في الأشرفية، البعض يرى في بقائه بعد انفجار مرفأ بيروت، أعجوبة. منظمة اليونسكو أعلنت أن 640 من الأبنية التراثية تضررت جراء الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت يوم 4 أغسطس/ آب الحالي، وأن ستّين منها معرضة للانهيار.
صورة من: Alkhashali/DW
منازل أنهارت وأخرى مهددة
يرى مؤرخون أن الطراز المعماري في بيروت "حداثي" فهو مزيج بين الشرق والغرب في بعض جوانبه الفنية. أكثر من ألف منزل تاريخي بحاجة إلى إعادة الإعمار، كي تحافظ المدينة على تأريخها وتراثها. فيما تقول مصادر رسمية إن نصف هذه المنازل قد انهارت فعلا. جل المنازل المتبقية مهددة فعلا بالاندثار، إن لم تتحرك السلطات لإنقاذها. عباس الخشالي/ بيروت.