مطالب ألمانية بفرض عقوبات أشد في جرائم معاداة السامية
٢٤ فبراير ٢٠١٩
طلب مفوض الحكومة الألمانية لمكافحة معاداة السامية من المحاكم في أنحاء البلاد تشديد عقوبات جرائم معادية السامية، فيما يبحث سياسيون أوروبيون إطلاق مبادرة مشتركة في البرلمان الأوروبي لمواجهة تنامي عداء اليهود في أوروبا.
إعلان
قال فليكس كلاين مفوض الحكومة الألمانية لمكافحة معاداة السامية لصحيفة "فيلت أم زونتاغ" الأسبوعية في عددها الصادر اليوم (الأحد 24 فبراير/ شباط 2019) "يتعين على الشرطة والقضاء الإكثار من استخدام الأدوات القائمة بالفعل". وجاءت هذه التصريحات على خلفية سلسلة من الحوادث المعادية للسامية التي شهدتها فرنسا مؤخرا، والتي تسببت في إثارة القلق لدى المجلس المركزي لليهود في ألمانيا.
وقال رئيس المجلس جوزف شوستر للصحيفة "الحوادث المعادية للسامية في فرنسا تقلق الجالية اليهودية في ألمانيا وتروعها". وأوضح كلاين "عندما يتم مثلا ارتكاب جرائم عنف انطلاقا من دوافع معادية للسامية، أو عنصرية أو غيرها من دوافع الكراهية، لابد حينئذ من معاقبة الجناة بصرامة شديدة. ولا تطبق هذه الإمكانية التي ينص عليها قانون العقوبات الخاص بنا بالفعل، إلا محاكم قليلة للغاية". وطالب المفوض الحكومي أيضا بإدراج إحراق أي علم أجنبي بأي شكل تحت طائلة العقوبة. يذكر أنه تم حرق علم إسرائيلية بصورة متكررة في الماضي من قبل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين.
وارتفع عدد الحوادث المعادية لليهود في فرنسا بشكل كبير خلال الشهور الماضية. وتم مؤخرا تدنيس كثير من المقابر ذات الصلبان المعقوفة في مقبرة يهودية بمنطقة الألزاس في فرنسا. وقال السياسي الألماني البارز مانفرد فيبر، مرشح حزب الشعب الأوروبي لخوض الانتخابات الأوروبية المقبلة: "سأطلق مبادرة مشتركة في البرلمان الأوروبي من أجل إرسال رسالة واضحة بأنه ليس هناك مكان لمعاداة السامية في أوروبا". وأضاف أنه يعتزم تمهيد الطريق لحزمة إجراءات ضد معاداة السامية في أوروبا، إذا تم انتخابه لمنصب رئيس المفوضية الأوروبية، وقال: "سوف اقترح حزمة إجراءات بهذا الشأن خلال الأسابيع القادمة". وأكد فيبر أنه لابد من وضع تعريف مشترك لمعاداة السامية يسري على مستوى أوروبا، ووضع قواعد صارمة في وسائل التواصل الاجتماعي مع مزيد من الالتزام من قبل شركات الإنترنت.
ح.ز/ و.ب (د.ب.أ)
تعصب وتطرف أم خوف من الآخر؟ مظاهر العنف في أوروبا
لئن عاشت الأغلبية العظمى في أوروبا من أوروبيين ومن أصول مهاجرة من مختلف الأديان والثقافات في كنف السلام والاحترام، إلا أنها لم تخل أيضا من مظاهر للعنف تحت ذرائع مختلفة: دينية وقومية وغيرها، لكنها مرفوضة من الأغلبية.
صورة من: picture-alliance/dpa/SDMG/Dettenmeyer
مظاهر التطرف والدعوة إلى العنف باسم الدين لم تقتصر على الدول العربية والإسلامية، بل أيضا دول غربية على غرار ألمانيا شهدت بدورها مظاهرات لأقلية سلفية حمل بعض عناصرها الأعلام السوداء ودعا فيها للعنف. الصورة لمظاهرة تعود إلى عام 2012 في مدينة بون الألمانية حيث تظاهر سلفيون ضد يمينيين متطرفين واعتدوا خلالها على رجال شرطة.
صورة من: picture-alliance/dpa
استخدام الدين كذريعة لارتكاب جرائم إرهابية، مثلما حدث خلال الاعتداء على مقر صحيفة شارلي إيبدو مطلع هذا العام وقتل 11 شخصا من طاقمها بدافع الانتقام لصور كاريكاتورية للرسول محمد نشرتها الصحيفة، أثار استهجان الملايين ليس في فرنسا وأوروبا فقط وإنما ايضا في العديد من الدول الإسلامية والعربية.
صورة من: Reuters/Platiau
الإرهابيون لم يستهدفوا مقر صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية فقط وإنما أيضا شرطيا مسلما واسمه أحمد وشرطية أخرى كانت تنظم حركة المرور وكذلك أربعة يهود، بينهم يهودي تونسي، كانوا في أحد المتاجر اليهودية بصدد التبضع لإحياء مراسم السبت. العمليات الإرهابية كانت من توقيع تنظيم "الدولة الإسلامية".
صورة من: AFP/Getty Images/K. Tribouillard
وبعد الهجمات الإرهابية التي طالت باريس واسفرت عن سقوط 18 شخصا، ها هو الإرهاب تحت ذريعة الدين يضرب العاصمة الدنماركية كوبنهاغن ويتسبب في مصرع رجل يهودي كان يحرس كنيسا يهوديا وآخر مخرجا سينمائيا، ذنبه أنه كان حاضرا في ندوة حول حرية التعبير.
صورة من: Reuters/S. Bidstrup
ولكن مساجد المسلمين بدورها تعرضت أيضا للاعتداء بالحرق وتهشيم النوافذ وحتى لهجوم بالمتفجرات. ففي فرنسا مثلا ارتفع عدد الأعمال "المعادية للإسلام" بنسبة 70 بالمائة منذ الاعتداءات التي قام بها جهاديون في باريس في كانون الثاني/ يناير، مقارنة بعام 2014، وفقا لجمعية التصدي لمعاداة الإسلام الفرنسية.
صورة من: Reuters/Y. Boudlal
حتى المقابر اليهودية لم تسلم من اعتداءات بعض المتطرفين إما بدافع العنصرية أو بدافع معاداة السامية. على أحد القبور اليهودية في مقاطعة الآلزاس الفرنسية كتب باللغة الألمانية "أرحلوا أيها اليهود" إلى جانب الصليب المعقوف، رمز النازيين الذين أبادوا ستة ملايين من يهود أوروبا.
صورة من: picture-alliance/dpa
حتى وإن كان هؤلاء لا يمثلون إلا أقلية مطلقة داخل المجتمع الألماني، إلا أن النازيين الجدد، الذين يستلهمون أفكارهم من النازية واليمين المتطرف، يشكلون مصدر قلق في ألمانيا، خاصة وأنهم لا يتوانون عن استخدام العنف ضد الأجانب أو من كان شكله أو مظهره يوحي بأنه ليس ألمانيا. وفي الفترة الأخيرة سجل في عدد من الدول الأوروبية صعود التيارات اليمينية المتطرفة، مستغلة أعمال الإرهابيين للإسلاميين المتطرفين.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Balk
ولازال القضاء الألماني ينظر في قضية خلية تسيفيكاو النازية، والتي سميت نسبة لمدينة تسيفيكاو الواقعة شرقي ألمانيا، في محاكمة تحظى باهتمام دولي الواسع. هذه الخلية متهمة بقتل عشرة أفراد، تسعة أتراك ويوناني في ألمانيا، ذنبهم الوحيد أن أشكالهم توحي بأصولهم الشرقية. في الصورة العضوة الوحيدة المتبقة من الخلية، بعدما انتحر عنصران منها، والتي ترفض الإدلاء بأي تفصيل يساعد في الكشف عن الحقيقة.
صورة من: Reuters/M. Rehle
اليمينيون المتطرفون استغلوا مخاوف البعض في ألمانيا وعدد من الدول الأوروبية من عدم معرفتهم للإسلام والمسلمين وخلطهم بالتطرف الإسلامي، خاصة بعد الجرائم البشعة التي ارتكبها تنظيم "الدولة الإسلامية" في المناطق التي سيطر عليها في العراق وسوريا، للدعوة إلى مظاهرات مناهضة للإسلام. الصورة مظاهرة مناهضة للإسلام في مدينة هانوفر، شمالي ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Stratenschulte
وبعد الانتقادات اللاذعة والرفض الشعبي الألماني الواسع للمظاهرات المناهضة للإسلام، أصبحت هذه الاحتجاجات نقتصر على بعض اليمينيين المتطرفين الذين خرجوا للتظاهر ضد قدوم اللاجئين إلى ألمانيا، معللين رفضهم بأن ثقافة هؤلاء تختلف عن ثقافتهم وأنه لا يمكنهم الاندماج في المجتمع الألماني.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Meyer
بعض المتطرفين اليمينيين أصبح يعمد بدل الاحتجاج إلى إضرام النيران في البنايات والمقرات التي من شأنها أن تأوي اللاجئين. حتى وإن لم تسفر عمليات إحراق المباني عن أي أضرار بشرية، إلا أن تكرارها في عدد من الولايات والمدن الألمانية أثار قلقا وجدلا واسعا في البلاد.