مظاهرات ضد النظام و"تحرير الشام" في ذكرى بدء الثورة السورية
١٥ مارس ٢٠٢٤
تظاهر عشرات الآلاف بعدة مدن سورية في الذكرى الـ13 لانطلاق الاحتجاجات ضد النظام والتي تحولت إلى نزاع دام. وتتميز مظاهرات هذا العام باحتجاجات نادرة ضد "هيئة تحرير الشام"، وبخروج متظاهرين في السويداء ذات الغالبية الدرزية.
إعلان
خرج عشرات آلاف السوريين، الجمعة (15 آذار/مارس 2024)، في تظاهرات بعدة مناطق، خصوصا في مناطق سيطرة المعارضة، بمناسبة ذكرى مرور 13 عاما على انطلاق احتجاجات سلمية طالبت بإسقاط النظام قبل تحولها إلى نزاع دام.
واحتشد الآلاف في إدلب بشمال غرب البلاد، في تظاهرات رفعت شعارات مناهضة للنظام وأخرى انتقدت "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقًا). وتجمع المتظاهرون في ساحة إدلب الرئيسية رافعين أعلام الثورة السورية، ومردّدين: "ارحل ارحل يا بشار.. ارحل ارحل يا جولاني".
وتسيطر الهيئة وفصائل متحالفة معها على آخر المناطق الخارجة عن سيطرة قوات نظام الرئيس بشار الأسد، بما فيها مساحة واسعة من محافظة إدلب، وأجزاء من محافظات مجاورة لها. وتشهد تلك المناطق منذ الشهر الماضي تحركات احتجاجية نادرة ضد الجهاديين عقب وفاة شخص كان قيد الاحتجاز طوال أشهر.
وردّد محمّد هرنوش مع العشرات هتاف "سوريا حرة حرة.. الجولاني يطلع (يخرج) برا (إلى الخارج)". وقال هرنوش (35 سنة): "هذا الشعب الحر لا يُحكم بالحديد والنار (...) خرجنا لنؤكد للجميع أن ثورتنا لا تستثني أحدًا، لا بشار الأسد ولا الجولاني".
ورفع المتظاهرون في احتجاجات إدلب، وهي الأكبر في المدينة منذ سنوات، لافتات كتب عليها "ثورة لكل السوريين - ثورتنا متماسكة - بتماسكنا ننتصر - ثورة حتى النصر". وقال محمد عبد الرزاق أحد منظمي المظاهرات: "من كان يراهن على أن الثورة انتهت وأن النظام استعاد السيطرة على البلاد هو واهن نحن طلاب حرية وطلاب حق انتفضنا ضد حكم الأسد، والآن ضد حكم هيئة تحرير الشام وقائدها الجولاني".
وأضاف عبد الرزاق لـ (د.ب.أ): "زمن الخوف انتهى ولم يرهبنا كل الإجرام الذي ارتكبه نظام الأسد ونظام الجولاني، اليوم المظاهرات في كل المناطق مئات آلاف خرجوا وفي كل المحافظات من إدلب إلى حلب ودير الزور والرقة كلها تهتف وتطالب بسقوط النظام وتحقيق أهداف الثورة". وأكد عبد الرزاق أن "المظاهرات والشعارات ضد الجولاني هي دليل على قوة الثورة وأنها مستمرة". وتؤوي المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في شمال وشمال غرب سوريا أكثر من أربعة ملايين شخص نحو نصفهم من النازحين الموزعين على مئات المخيمات المكتظة.
وفي مدينة إعزاز بريف حلب، خرج الآلاف بعد صلاة الجمعة وهم يرفعون "علم الثورة" السورية. وأكد محمد ياسين أحد منظمي المظاهرة في إعزاز "التزام الجميع وحفاظهم على عهد ومبادئ الثورة وهي إسقاط النظام السوري وبناء دولة ديمقراطية والكشف عن مصير المعتقلين وعودة المهجرين الى مدنهم وقراهم".
استمرار مأساة السوريين في المناطق التي تعرضت للزلزال القاتل
02:47
وأضاف ياسين لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "اليوم أغلب المشاركين من جيل الشباب الذي تقل أعمارهم عن 20 عامًا وهم متمسكون بالثورة ومطالبين بتحقيق الأهداف التي انطلقت لأجلها، وما الشعارات التي ترفع اليوم في عموم المظاهرات ضد هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا) ما هي إلا قوة للثورة والوقوف بوجه الحكم المستبد".
وفي محافظة السويداء -ذات الأغلبية الدرزية- جنوب سوريا، هتف المتظاهرون اليوم في ساحة السير بشعارات تنادي بإسقاط النظام وتحقيق أهداف "الثورة" التي انطلقت في عام 2011.
أكثر من نصف مليون قتيل
ويدخل النزاع السوري عامه الرابع عشر، مثقلاً بحصيلة قتلى تجاوزت النصف مليون، فضلًا عن نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل سوريا وخارجها ودمار البنى التحتية. وتحول الى حرب معقدة تشارك فيها اطراف سورية وأجنبية ومجموعات جهادية. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أكثر من 507 آلاف شخص قتلوا في حصيلة إجمالية للنزاع، بينما تجاوز عدد القتلى المدنيين خلال النزاع 164 ألف شخص، بينهم أكثر من 15 ألف امرأة، و25 ألف طفل. وأحصى المرصد مقتل أكثر من 343 ألف مقاتل، بينهم عناصر الجيش السوري، وأفراد في الجماعات الموالية لإيران، ومقاتلون أكراد ومقاتلو فصائل معارضة، وآخرون جهاديون.
وبدءًا من منتصف آذار/مارس 2011، خرج عشرات آلاف السوريين في تظاهرات مستلهمة من "ثورات الربيع العربي"، مطالبين بإسقاط نظام الأسد، لكنها سرعان ما تحولت إلى نزاع دام تنوعت أطرافه والجهات الداعمة لها. وباتت سوريا ساحة لقوات روسية وأمريكية وتركية ومقاتلين إيرانيين.
وحذرت الأمم المتحدة من أن 16,7 مليون شخص في سوريا يحتاجون هذا العام إلى نوع من المساعدة الإنسانية "ما يعادل حوالى ثلاثة أرباع سكان البلاد، ويمثل أكبر عدد من الأشخاص المحتاجين منذ بداية الأزمة" عام 2011. وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن حوالى 7,5 ملايين طفل في سوريا بحاجة إلى مساعدة إنسانية أكثر من أي وقت مضى خلال النزاع.
م.ع.ح/ف.ي (د ب أ ، أ ف ب)
سوريا.. خمسة عقود في قبضة عائلة الأسد
تحكم عائلة الأسد سوريا منذ أكثر من 5 عقود بقبضة من حديد، إذ يستمر الرئيس السوري بشار الأسد على نهج أبيه حافظ الذي تولى الحكم بانقلاب عسكري. هنا لمحة عن أبرز المحطات التي مرت بها سوريا في عهد عائلة الأسد.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Jensen
تولي الحكم بعد انقلاب "الحركة التصحيحية"
في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1970، نفّذ حافظ الأسد الذي كان يتولّى منصب وزير الدفاع انقلاباً عسكرياً عُرف بـ"الحركة التصحيحية" وأطاح برئيس الجمهورية حينها نور الدين الأتاسي. في 12 آذار/مارس 1971، انتخب الأسد الذي كان يترأس حزب البعث العربي الاشتراكي، رئيساً للجمهورية ضمن انتخابات لم ينافسه فيها أي مرشح آخر. وكان أول رئيس للبلاد من الطائفة العلوية التي تشكل عشرة في المئة من تعداد السكان.
صورة من: AP
"حرب تشرين"
في السادس من تشرين الأول/أكتوبر 1973، شنّت مصر وسوريا هجوماً مفاجئاً على إسرائيل من جهة قناة السويس غرباً، ومرتفعات الجولان شرقاً، في محاولة لاستعادة ما خسره العرب من أراض خلال حزيران/يونيو 1967، لكن تمّ صدهما. في أيار/مايو 1974، انتهت الحرب رسمياً بتوقيع اتفاقية فضّ الاشتباك في مرتفعات الجولان.
صورة من: Getty Images/AFP/GPO/David Rubinger
علاقات دبلوماسية بين واشنطن ودمشق!
في حزيران/يونيو 1974، زار الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون دمشق، معلناً إعادة إرساء العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، بعدما كانت مجمّدة منذ العام 1967. في الصورة الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون مع وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي وقتها هنري كيسينجر.
صورة من: AFP/Getty Images
هيمنة على لبنان
في 1976 تدخّلت القوات السورية في الحرب الأهلية اللبنانية بموافقة أمريكية، وبناء على طلب من قوى مسيحية لبنانية. وفي 1977، بدأت المواجهات بين القوات السورية، التي انتشرت في معظم أجزاء البلاد ما عدا المنطقة الحدودية مع إسرائيل، وقوات مسيحية احتجت على الوجود السوري. وطيلة ثلاثة عقود، بقيت سوريا قوة مهيمنة على المستوى العسكري في لبنان وتحكمت بكل مفاصل الحياة السياسية حتى انسحابها في العام 2005.
صورة من: AP
قطيعة بين دمشق وبغداد!
في العام 1979، تدهورت العلاقات بين سوريا والعراق، اللذين حكمهما فرعان متنافسان من حزب البعث العربي الاشتراكي، بعد اتهام الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين الوافد حديثاً إلى السلطة، دمشق بالتآمر. وقطعت بغداد علاقتها الدبلوماسية مع دمشق في تشرين الأول/أكتوبر 1980، بعدما دعمت الأخيرة طهران في حربها مع العراق. في الصورة يظهر الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين (يسار) مع الرئيس السوري السابق حافظ الأسد (وسط).
صورة من: The Online Museum of Syrian History
"مجزرة حماه"
في شباط/فبراير 1982، تصدّى النظام السوري لانتفاضة مسلّحة قادها الإخوان المسلمون في مدينة حماه (وسط)، وذهب ضحية ما يعرف بـ"مجزرة حماه" بين عشرة آلاف وأربعين ألف شخص. وجاء ذلك بعد قرابة ثلاث سنوات من هجوم بالرصاص والقنابل اليدوية على الكلية الحربية في مدينة حلب، أسفر عن مقتل ثمانين جندياً سورياً من الطائفة العلوية. وتوجّهت حينها أصابع الاتهام إلى الإخوان المسلمين بالوقوف خلف الهجوم.
صورة من: picture alliance /AA/M.Misto
محاولة انقلاب فاشلة
في تشرين الثاني/نوفمبر 1983، أصيب الأسد بأزمة قلبية نقل على إثرها إلى أحد مشافي دمشق. ودخل في غيبوبة لساعات عدّة، حاول خلالها شقيقه الأصغر رفعت الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب فاشل، قبل أن يستعيد الأسد عافيته. وبعد عام، أُجبر رفعت على مغادرة سوريا. الصورة لحافظ الأسد (يمين) مع أخيه رفعت.
صورة من: Getty Images/AFP
تقارب مع الغرب!
بدأ الجليد الذي شاب علاقات سوريا مع أمريكا والغرب بالذوبان، عقب انهيار الاتحاد السوفياتي. انضمت سوريا إلى القوات متعددة الجنسيات في التحالف الذي قادته أمريكا ضد صدام حسين بعد غزو العراق للكويت. وفي تشرين الأول/أكتوبر 1994، زار الرئيس الأمريكي بيل كلينتون الأسد في دمشق. بعد أربع سنوات، زار الأسد فرنسا في أول زيارة له إلى بلد غربي منذ 22 عاماً، واستقبل بحفاوة من نظيره الفرنسي جاك شيراك.
صورة من: Remy de la Mauviniere/AP Photo/picture alliance
الابن يخلف أباه في الرئاسة!
توفي الأسد في 10 حزيران/يونيو 2000، عن عمر ناهز 69 عاماً، وكان شيراك الرئيس الغربي الوحيد الذي حضر جنازته.
وبعد شهر، تولّى نجله بشار السلطة، بعد تعديل دستوري سمح له بالترشّح. وحاز في استفتاء لم يضم أي مرشح آخر سواه على 97 في المئة من الأصوات.
صورة من: picture-alliance/dpa
انفتاح نسبي ولكن..!
بين أيلول/سبتمبر 2000 وشباط/فبراير 2001، شهدت سوريا فترة انفتاح وسمحت السلطات نسبياً بحرية التعبير. في 26 أيلول/سبتمبر 2000، دعا نحو مئة مثقّف وفنان سوري مقيمين في سوريا السلطات إلى "العفو" عن سجناء سياسيين وإلغاء حالة الطوارئ السارية منذ العام 1963. لكنّ هذه الفسحة الصغيرة من الحرية سرعان ما أقفلت بعدما عمدت السلطات إلى اعتقال مفكرين ومثقفين مشاركين في ما عُرف وقتها بـ"ربيع دمشق".
صورة من: picture-alliance/dpa/Y. Badawi
احتجاجات تحولت إلى نزاع دامٍ!
في العام 2011، لحقت سوريا بركب الثورات في دول عربية عدة، أبرزها مصر وتونس، في ما عُرف بـ"الربيع العربي". ومع اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظامه، قمع الأسد المتظاهرين السلميين بالقوة، وتحولت الاحتجاجات نزاعاً دامياً، سرعان ما تعددت جبهاته والضالعين فيه. وأودى النزاع المستمر بأكثر من 388 ألف شخص وهجّر وشرّد الملايين داخل البلاد وخارجها، وسوّى مناطق كاملة بالأرض.
صورة من: AFP/O. H. Kadour
بقاء على رأس السلطة بدعم روسي
في سنوات النزاع الأولى، فقدت قوات الحكومة السورية سيطرتها على مساحات واسعة من سوريا بينها مدن رئيسية. لكن وبدعم عسكري من حلفائها، إيران ثم روسيا، استعادت القوات الحكومية تدريجيًا نحو ثلثي مساحة البلاد، إثر سياسة حصار خانقة وعمليات عسكرية واسعة ضد الفصائل المعارضة والتنظيمات الجهادية. ولعب التدخل الجوي الروسي منذ خريف 2015 دوراً حاسماً في تغيير موازين القوى لصالح دمشق. م.ع.ح/ع.ج.م