مظاهرات في عشرات المدن الألمانية تطالب بحظر حزب البديل
عارف جابو أ ف ب، د ب أ
١١ مايو ٢٠٢٥
شارك الآلاف في مظاهرات ضد حزب البديل من أجل ألمانيا وللضغط على الساسة والحكومة للتحرك من أجل حظر الحزب الذي صنفته الاستخبارات الداخلية كحزب يميني متطرف، وهو ما اعترض عليه الحزب وطعن فيه أمام القضاء.
نزل الآلاف إلى الشوارع في عشرات المدن الألمانية للمطالبة بحظر حزب البديل ودعوة الساسة للتحرك فورا من أجل حظرهصورة من: Tobias Hase/dpa/picture alliance
يأتي ذلك بعد أن دعا أمس السبت كل من شبكة "معا ضد اليمين" ومبادرة "الدفاع عن الكرامة الإنسانية - حظر حزب البديل الآن"، وعدد آخر من منظمات المجتمع المدني، إلى تنظيم يوم عمل وطني مشترك.
وأقيمت المسيرة المركزية في العاصمة برلين عند بوابة براندنبورغ، وقدرت الشرطة عدد المشاركين في وقت متأخر من بعد ظهر اليوم بنحو 4000 شخص، في حين قدر المنظمون عددهم بنحو 7500 متظاهر. أما في مدينة ميونيخ، فقد خرج نحو 2500 شخص إلى الشوارع بحسب الشرطة. وبوجه عام، تم الإعلان عن تنظيم هذه المظاهرات في أكثر من 60 مدينة.
وتجمع المتظاهرون في أكثر من 60 مدينة من كولونيا إلى هامبورغ مرورا بالعاصمة تلبية لدعوة شبكة "معا ضد اليمين".
وكتبت الشبكة على موقعها "حزب البديل من أجل ألمانيا ليس حزبا عاديا وينبغي عدم التعامل معه على هذا الأساس. الآن هو الوقت المناسب لدرس حظره جديا". وردد المتظاهرون "كلنا معا ضد الفاشية" حاملين لافتات مناهضة للحزب.
وطالب المنظمون الساسة (البرلمان ومجلس الولايات والحكومة الألمانية الجديدة) بالشروع فورا في إجراءات قانونية لحظر حزب البديل، مؤكدين في بيان لهم أن مسألة حظر الحزب ليست قضية سياسية، بل قانونية. وجاء في البيان: "لكن من أجل البت فيها، يجب على الساسة التحلي بالشجاعة لتقديم طلب رسمي لبدء إجراءات الحظر".
جدل حول إمكانية حظر حزب البديل
وكان المكتب الاتحادي لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) أعلن في مطلع الشهر الجاري عن تصنيف حزب البديل على أنه "حالة مؤكدة لحزب ذي مساع يمينية متطرفة". وفي المقابل، طعن الحزب في هذا التصنيف بتقديم طلب مستعجل لدى المحكمة الإدارية المختصة في كولونيا. وحتى صدور قرار المحكمة، علقت الاستخبارات الداخلية هذا التصنيف الجديد، وتواصل في الوقت الحالي اعتبار الحزب مجرد "حالة مشتبه بها".
إعلان
وقال المنظمون إن حزب البديل "خطر ملموس" لكن يمكن إيقافه، مشيرين إلى أن هذا ما ينص عليه القانون الأساسي (الدستور) وطالبوا بعدم الوقوف موقف المتفرج والانتظار قائلين: "علينا أن ندافع عن الديمقراطية والحقوق الأساسية".
هناك جدل وخلاف في الرأي بين الساسة حول إمكانية حظر حزب البديل من أجل ألمانياصورة من: Philipp von Ditfurth/dpa/picture alliance
وأدى ذلك إلى تجدد النقاش السياسي بشأنفرص ومخاطر تقديم طلب حظر. وفي تصريحات لصحيفة "فيلت أم زونتاغ" الألمانية الصادرة اليوم الأحد، أعرب كارستن لينيمان، الأمين العام لحزبالاتحاد المسيحي الديمقراطي الحاكم، عن شكوكه حيال جدوى إجراءات الحظر، وقال: "جميع خبراء القانون البارزين يقولون إن اتخاذ مثل هذا الإجراء في الوضع الراهن سيكون بالغ الصعوبة، كما أن نتيجته غير مضمونة".
وأعرب زعيم الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، ماركوس زودر، عن موقف مشابه، حيث قال لنفس الصحيفة: "أعتقد أن إجراءات الحظر هي الطريق الخطأ"، مضيفا أن مثل هذا التحرك سيكون "رد فعل مبالغا فيه". وتابع: "وبالمناسبة، لا أحد يعرف كيف ستنتهي الأمور، وقد يتم تأسيس جماعة جديدة ببساطة. لا يمكن الدخول في لعبة حظر حزب جديد كل ثلاث سنوات".
في المقابل، رأت رئيسة الكتلة البرلمانية لحزب الخضر، بريتا هاسلمان، أن مثل هذه التصريحات تنطوي على التهوين من "خطورة البديل"، وقالت لشبكة التحرير الألمانية «دويتشلاند» إن "من يفعل مثل كارستن لينيمان بالاكتفاء بالقول إن الاحتجاج أو الإحباط لا يمكن حظره، فإنه يتجاهل المخاطر التي يمثلها البديل، ويهون من خطورة حزب يهاجم دستورنا". وأكدت على ضرورة إجراء فحص عاجل للحالة، تمهيدا لبدء إجراءات الحظر في أقرب وقت. وأضافت: "ينبغي على الحزب المسيحي الديمقراطي أن يواجه الآن فورا الأخطار التي يمثلها حزب البديل، وأن يأخذ موقفا واضحا".
تحرير: صلاح شرارة
"مواطنو الرايخ".. متطرفون ألمان يخططون لإسقاط الدولة
يُعرف عن أعضاء حركة "مواطني الرايخ" التطرف اليميني والعنف وعدم الاعتراف بجمهورية ألمانيا الاتحادية التي تأسست بعد انهيار النازية. فما هي هذه الحركة؟ وما الخطر الذي تشكله؟ وكيف تتعامل معهم ألمانيا؟
صورة من: picture-alliance/chromorange/C. Ohde
ماذا يعتقد أعضاء الحركة؟
ترفض حركة "مواطني الرايخ" وجود شيء اسمه الدولة الألمانية الحديثة، ويصرّ أعضاء الحركة على أن الامبراطورية الألمانية لا تزال قائمة بحدود 1937 أو حتى بحدود 1871. تقول الحركة إن ألمانيا حاليا لا تزال محتلة من لدن القوى الأجنبية، وأن البرلمان والحكومة وكذلك السلطات الأمنية، ليست سوى دمى متحكم فيها من تلك القوى.
صورة من: picture-alliance/SULUPRESS/MV
فولفغانغ إبل.. أول "مواطني الرايخ"
فولفغانغ إبل من برلين الغربية هو أول من قال باستمرار وجود "دولة الرايخ". عمل إبل في خدمة القطارات المحلية ببرلين التي أدارتها آنذاك حكومة ألمانيا الشرقية تحت اسم "دويتشه رايشسبان". وعند تسريحه من وظيفته عام 1980، زعم بأنه كان موظفا حكوميا بالفعل في "دولة الرايخ" ولا يمكن إقالته من قبل مؤسسة قامت بعد الحرب. لكنه خسر كل الدعاوى القضائية التي رفعها ليتبنى بعد ذلك نظريات متطرفة وعنصرية.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Ebener
ماذا يفعل أعضاؤها؟
يرفض المنتسبون للحركة أداء الضرائب أو الغرامات. يعتبرون أن كل ما يجنونه مالهم الخاص وأن ممتلكاتهم كالمنازل هي أمور بعيدة تماما عن أيّ تنظيم أو إشراف من سلطات الدولة. يرفض أعضاؤها كذلك الإقرار بالدستور الألماني وبقية القوانين الموجودة في البلد، لكنهم في الآن ذاته يرفعون عدة دعاوى قضائية! يقومون بإعداد أوراقهم الخاصة غير المعترف بها كجوازات السفر ورخص القيادة.
صورة من: picture-alliance/Bildagentur-online/Ohde
كيف تطوّرت الحركة؟
بدأت الحركة سنوات الثمانينيات، لكن ما بدا أنه مجموعة ضعيفة دون قيادة، تطوّر إلى حركة من حوالي 19 ألف منتسب بحسب ما تؤكده الاستخبارات الألمانية. حوالي 950 من أعضائها تم تصنيفهم متطرفين من أقصى اليمين. على الأقل ألف عضو في الحركة يملكون رخص حيازة السلاح، وعدد كبير منهم يتبنون إيديولوجيات معادية للسامية وللأجانب.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Weihrauch
ما هي سمات أعضائها؟
يبلغ معدل أعمار أعضاء المجموعة 50 عاما. الرجال هم الجنس الأكثر حضورا داخلها. كما تجذب أشخاصًا يعانون من مشاكل مالية واجتماعية. يترّكز أعضاؤها بشكل أكبر في جنوبي وكذلك شرقي البلاد. من أشهر أسمائها، أدريان أرساخي، متوج سابق بلقب أكثر رجال ألمانيا وسامة. يقضي حاليا عقوبة بسبع سنوات، منذ الحكم عليه عام 2019 بعد إطلاقه النار وتسبّبه بجروح لرجل شرطة.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Schmidt
المنعطف الخطير
تُعتبر قضية فولفغانغ ب. ، الذي حُكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 2017 بعد إدانته بقتل ضابط شرطة، هي المنعطف الذي دفع السلطات الألمانية إلى التعامل بشكل أكثر جدية مع متطرّفي هذه المجموعة. قام هذا المُدان بإطلاق النار على ضباط كانوا يفتشّون منزله بحثًا عن إمكانية حيازته أسلحة نارية. أحدثت الجريمة ضجة كبيرة وجذبت أنظار العالم كما طرقت ناقوس الخطر حول العنف اليميني المتطرف في ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
جهود متأخرة
يتهم متتبعون ألمانيا بأنها لم تأخذ لمدة طويلة التهديد الذي تمثله هذه المنظمة على محمل الجد، ففي 2017 فقط بدأت الأجهزة الأمنية الألمانية لأول مرة بتوثيق الجرائم ذات الخلفية المتطرفة بين المجموعة. منذ ذلك الحين، تكرّرت المداهمات الأمنية لأهداف الحركة، كما قامت السلطات بحظر العديد من أنشطتها وفروعها. كذلك حقق جهازا الشرطة والجيش داخلياً لمعرفة إذا ما وُجد أعضاء أو متعاطفون مع الحركة بين صفوفهما.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Zinken
"إخوة" عبر العالم
رغم إعلان تشبثها بـ"الامبراطورية الألمانية"، إلّا أن عددا من أعضائها ظهروا مع العلم الروسي، ما قوّى اتهامات للحركة بأنها مدعومة من روسيا لأهداف تضرّ بالسلطات الألمانية. هناك تشابه بين "مواطني الرايخ" والحركة الأمريكية "حرية على الأرض" التي يؤمن أعضاؤها أنهم لا يحترمون إلّا القوانين التي تناسبهم بها وبالتالي فهم مستقلون عن الحكومة وقوانينها.
صورة من: DW/D. Vachedin
الأمير هاينريش الثالث عشر.. قائد المؤامرة
تزعم الأمير هاينريش الثالث عشر مجموعة "مواطني الرايخ" المتهمة بتدبير مؤامرة الانقلاب التي كشفت عنها السلطات مؤخرا. كان هاينريش قد خسر كل القضايا التي رفعها لاستعادة ممتلكات تعود لحقبة القيصر. وزعم بعد ذلك أن جمهورية ألمانيا الاتحادية قامت على أسس غير صحيحة، مرددا عبارات معادية للسامية وروج لإحياء الإمبراطورية وزعم أنه جرى تفكيكها ضد رغبة الشعب. إعداد: سامانثا إيرلي، رينا غولدينبرغ (ترجمة إ.ع/ م.ع)