تتواصل المعارك بين فصائل المعارضة وقوات النظام في حلب، في ظل انسداد الأفق الدبلوماسي. وفي حين أعلنت موسكو عزمها تحويل منشأتها العسكرية في طرطوس إلى "قاعدة عسكرية دائمة"، أكدت برلين على تمسكها بمطلب حظر الطيران فوق حلب.
إعلان
أفادت مصادر إعلامية عن استمرار الاشتباكات على محاور عدة في الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في حلب اليوم الاثنين (العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2016) تركزت بشكل خاص على حي بستان الباشا (وسط) وحي الشيخ سعيد (جنوب) وحيي الصاخور وكرم الجبل (شرق). وترافقت المعارك مع قصف جوي عنيف على مناطق الاشتباك استمر طوال الليل، كما تعرضت أحياء أخرى في المنطقة الشرقية لقصف جوي ومدفعي محدود، وفق مراسل فرانس برس.
وتنفذ قوات النظام السوري هجوما على الأحياء الشرقية منذ 22 أيلول/سبتمبر. وحققت منذ ذلك الوقت تقدما بطيئا على جبهات عدة، وتمكنت السبت من السيطرة على منطقة العويجة ودوار الجندول في شمال المدينة، وباتت تشرف بالنتيجة على أحياء عدة في الجهة الشمالية. وأعلنت المعارضة "استعادة السيطرة على نقاط عدة" كان الجيش السوري تقدم فيها في حي بستان الباشا.
في غضون ذلك أعلن نائب وزير الدفاع الروسي نيكولاي بانكوف أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما أن بلاده تعتزم تحويل منشأتها العسكرية في مدينة طرطوس الساحلية إلى "قاعدة بحرية دائمة". ولم يكشف بانكوف عن موعد تحويل المنشأة التي يعود تاريخها إلى الحقبة السوفياتية.
وكانت روسيا قد أعلنت الأسبوع الماضي أنها نشرت نظام صواريخ الدفاع الجوي اس-300 في طرطوس، وقال بانكوف ان الهدف منها هو حماية المنشأة البحرية. كما أرسلت موسكو الأسبوع الماضي ثلاث سفن تحمل صواريخ لتعزيز قواتها البحرية قبالة السواحل السورية.
برلين تتمسك بمطلب حظر الطيران فوق حلب
من جانبها أعربت الحكومة الألمانية عن أملها في التوصل لحل وسط في إصدار قرار بشأن سوريا في مجلس الأمن، وذلك عقب فشل مشروع القرار الفرنسي-الإسباني. وقالت متحدثة باسم الخارجية الألمانية إنه بعد عدم وجود تأييد أيضا لمشروع القرار الروسي، فإن الأمر يدور الآن حول البحث عن طرق "ربما تسمح بإدماج المشروعين".
وأضافت المتحدثة أن وزير الخارجية فرانك-فالتر شتاينماير متمسك بمطلب حظر الطيران فوق حلب، وهو الأمر الذي ترفضه موسكو، وقالت: "إننا نعول هنا على قيام روسيا بدورها"، موضحة أن هذا الدور يتعلق بإدخال المساعدات الإنسانية للمدنيين في حلب.
على صعيد متصل صرحت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، بأن الاتحاد الأوروبي يعمل على ضمان التوصل إلى اتفاق بشأن توصيل المساعدات الإنسانية للشعب في سوريا التي مزقتها الحرب، بما في ذلك مدينة حلب.
وقالت موغيريني أثناء زيارة قامت بها إلى ستوكهولم، إنه إلى جانب وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، فإن الاتحاد الأوروبي يسعى "لتوصيل المساعدات الطبية إلى داخل شرق حلب والسماح بالإجلاء الطبي للمصابين". وأوضحت أن "الموقف الأوروبي واضح للغاية: سنحتاج إلى وقف القتال،
وسنحتاج إلى وصول المساعدات الإنسانية بدون عوائق إلى جميع أنحاء سوريا".
وتقول موغيريني إنها أثارت القضية مع مسؤولي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى وزيري خارجية روسيا وإيران.
أ.ح/ح.ع.ح (أ ف ب، د ب أ)
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري