1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

معاقبة المغتصب في المغرب...نهاية لمعاناة النساء في صمت؟

أيوب الريمي-الرباط٣٠ يناير ٢٠١٤

زواج المغتصب من ضحيته كان مخرجا قانونيا متبعا لإفلات الجاني قانونيا من فعلته الشنعاء في المغرب. قصة أمينة الفلالي كانت الشرارة التي أحدث تغييرا في القانون الجنائي المغربي لإنهاء معاناة النساء في صمت من هذه الجريمة.

Marokko - Proteste gegen Kinderheirat
صورة من: DW/R. Elrrimi

أمينة الفلالي الفتاة التي أقدمت على الانتحار بعد إجبارها على الزواج من مغتصبها كانت الشرارة التي أدت إلى اندلاع احتجاجات ومسيرات للمطالبة بحذف الفقرة الثانية من الفصل 475 من القانون الجنائي التي تعفي مرتكب جريمة التغرير والاختطاف من عقوبة السجن في حال زواجه من الضحية، للتتوج هذه الاحتجاجات بمصادقة البرلمان على تعديل هذه المادة والنص على معاقبة المغتصب لتنتصر بذلك روح أمينة الفلالي وترتاح آلاف الفتيات المغربيات اللائي كن ضحية هذا القانون.

انتصار معنوي

وفي إحدى ضواحي الرباط، تواصل "فاطمة.ح" ذات 14 ربيعا حياتها على مضض، بعد أن كانت هي نفسها ضحية حادث اغتصاب تعرضت له قبل سنتين وأجبرت على الزواج من مغتصبها الذي طلقها بعد مرور شهرين من الزواج، وتقول إنها لم تتمكن حتى اليوم من تجاوز ذكراه الأليمة.

و في حديثها لـ DWعربية قالت فاطمة إنها تأثرت بشكل كبير حين سماعها لحادث انتحار أمينة الفلالي، بعد أن أُجبرت على الزواج من مغتصبها، فأمينة لا تجسد سوى عينة صغيرة من الكثير من النساء والفتيات اللائي يعانين في صمت دون أن يملكن الجرأة للإفصاح عما يتعرضن له من انتهاك لحرمة أجسادهن.

وتضيف "فاطمة.ح" أن انتحار أمينة كسر الصمت الذي كان يحيط بهذا الموضوع وطرحه للعلن، وتستطيع الفتيات الآن رفع قضايا ضد مغتصبيهن دون أن تلجأ العائلات لتسويات تهين كرامة الفتاة.

"هل كان من الضروري أن تتكبد عشرات بل ومئات الفتيات المغتصبات في المغرب شتى أصناف المعاناة النفسية والجسدية، وأن تنتحر أمينة الفلالي بعد إجبارها على الزواج قسرا من مغتصبها، حتى يفطن المجتمع إلى فداحة ما كان يرتكب تحت غطاء القانون بحق هؤلاء الفتيات، حين يسمح لمغتصبيهن بالزواج منهن؟"، تتساءل "فاطمة.ح".

من الضروري أن يصحب تغيير القوانين "تغيير للعقليات لأن مجتمعنا يحول الفتاة أو المرأة من ضحية إلى جلاد ويجب التخلص من العقلية الذكورية "صورة من: DW/R. Elrrimi

وتضيف فاطمة أنه سواء في المدن أو في البوادي، ونظرا لطبيعة مجتمعنا الذي يرهن مصير الفتاة ومستقبلها بعذريتها، "كانت العائلات تستنجد بهذه الفقرة في القانون وترى فيه طوق نجاة " لتتستر" على ما يسمونه فضيحة تسيء لسمعة الأهل بل وتنعكس سلبا على مستقبل باقي فتيات العائلة."

وترى فاطمة أن الضرر المعنوي الذي يلحق بالفتيات المغتصبات، خاصة القاصرات منهم لا يمكن محيه، بل إنه يرافق الفتاة طوال حياتها، ما يستوجب تشديد العقوبات في حق المغتصبين.

فاطمة أنهت حديثها لـDW عربية بأمنية أن يؤدي تعديل هذا الفصل في القانون من الحد من إفلات مغتصبي القاصرات من العقاب وتملصهم من العقوبات بدعوى أن الزواج بالضحية يمحي الضرر الذي لحق بها "فالجزاء الوحيد الذي يستحقه كل مغتصب هو السجن".

خطوة تستحق التنويه

يعتبر إلغاء الفصل 475 من القانون الجنائي الذي كان يعطي للمغتصب إمكانية الزواج من ضحيته والإفلات من العقاب هو نتيجة لمسيرة نضالية خاضتها الحركة الحقوقية من سنوات وزاد من قوتها انتحار أمينة الفلالي سنة 2010، وفي هذا الصدد تقول نجية أديب رئيسة جمعية "ماتقيسش ولدي" في حديثها لـDW عربية، بأن "هذا الإجراء جاء استجابة لمطالب الحركة الحقوقية لأن هذا القانون منذ 1969 لم يعرف أي تعديل وهو قانون ذكوري وهاجسه أمني بالدرجة الأولى".

لكن هذا القانون الذي لا يتضمن جرائم النوع أي الجرائم المرتكبة في حق النساء من تمييز أو اعتداء جسدي أو لفظي لم يعد يتماشى مع مضامين الدستور الذي أقره المغرب سنة 2011 والذي ينص على مكافحة جميع أشكال التمييز ضد النساء لذلك فإن نجية أديب ترى بأن تعديل هذا القانون "يتماشى مع مضامين الدستور وكذلك مع مدونة الأسرة ونحن نسجل ارتياحنا لسحب هذا القانون ولحسن الحظ تخلصنا من هذا الفصل الذي كان عارا على بلد مثل المغرب وذهبت ضحيته آلاف الفتيات".

من جهتها قالت الخبيرة الاجتماعية ورئيسة مركز النجدة لمساعدة النساء فاطمة المغناوي بأن "المصادقة على هذا القانون هي خطوة إيجابية لكن يجب ألا ننتظر حتى تموت فتاة كي نعدل فصلا من الفصول"، المغناوي قالت بأن حذف الفصل 475 لا يكفي لأنه هناك فصولا أخرى يجب حذفها مثلا الفصل 484 الذي يقول بأنه في حالة هتك عرض قاصر بغير عنف فإنه لا تفرض على المغتصب عقوبة حبسية .الهتك أصلا هو عنف ويجب وضع قانون يمنع تزويج القاصر حتى لو كان برضاها"، تقول المغناوي في حديثها لـDW عربية.

هل كان من الضروري أن تتكبد الفتيات المغتصبات في المغرب شتى أصناف المعاناة النفسية والجسدية، حتى يفطن المجتمع إلى فداحة ما كان يرتكب تحت غطاء القانون بحق هؤلاء الفتيات، حين يسمح لمغتصبيهن بالزواج منهن؟صورة من: STR/AFP/Getty Images

القانون وحده لا يكفي

حتى وإن خلف قرار تعديل القانون الجنائي فيما يتعلق بالعفو عن المغتصب ارتياحا لدى الحركة الحقوقية في المغرب ولدى بعض الفتيات اللائي كن ضحية لهذا القانون، فإن فاطمة المغرواي الخبيرة الاجتماعية ترى بأن "تغيير هذا القانون ليس كافيا لأنه يجب تغيير شامل وجذري للقانون الجنائي ووضع قانون إطار لمناهضة العنف ضد النساء يضمن الوقاية والتكفل بالمرأة وعدم الإفلات من العقاب".

وعلى الرغم من تأكيدها على دور القانون في الردع والجزر فإن فاطمة المغناوي ترى بأن المجتمع المغربي "يحتاج إلى ثورة ثقافية تمس النواة الصلبة للمجتمع والتي مازالت محافظة وشديدة الحساسية من هذه المواضيع"، كما أنه من الضروري نشر ثقافة المساواة وحقوق الإنسان في المغرب.

لكن المشكلة التي قد تحد من تأثير هذا القانون هو أن السكان في المغرب العميق لا يعرفون شيئا عن هذا التعديل لذلك فإن فاطمة المغناوي ترى بأنه "من الضروي نشر هذا القانون في المغرب العميق ومحاربة الأمية القانونية وإزالة ثقافة 'لحشومة'(الخجل) من خلال إرسال رسالة من طرف الدولة على أن كل معتدي سوف يعاقب".

نجية أديب ومن خلال حديثها مع DW عربية ترى بأنه من الضروري أن يصحب تغيير القوانين "تغيير للعقليات لأن مجتمعنا يحول الفتاة أو المرأة من ضحية إلى جلاد ويجب التخلص من العقلية الذكورية التي ترى بأن الفتاة القاصر قادرة على ممارسة الجنس وقادرة على الزواج في غياب لأي نظرة إنسانية"، لذلك فإن رئيسة جمعية "ماتقيسش ولدي" ترى بأنه من الضروري "وضع سياسة تعيد الاعتبار للفتاة والمرأة وتظهر للمجتمع بأن المرأة في المغرب لم تخلق فقط للبيت وإنجاب الأطفال".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW