معاناة آلاف اللاجئين وسط موجة البرد والصقيع في بلغراد
١١ يناير ٢٠١٧
تسببت موجة صقيع تجتاح أوروبا منذ نهاية الأسبوع الماضي في وفاة ما لا يقل عن 40 شخصا، معظمهم في بولندا، إلا أنها بدأت بالانحسار. وفي هذا السياق نددت منظمة أطباء بلا حدود ب"الوضع المقلق" لآلاف المهاجرين واللاجئين العالقين.
إعلان
خلف محطة الحافلات في محيط وسط مدينة بلغراد تحاول مجموعة من الرجال الحصول على دفء من شعلة نار هناك، حيث انخفضت درجة الحرارة إلى عشرة تحت الصفر. ولا يحصل الرجال هناك على طعام بشكل منتظم، كما لا يتوفرون على ظروف عيش تحفظهم من ألم البرد القارص.
الرجال الملتفون حول النار لنيل قسط من الدفء يلتحفون أغطية حصلوا عليها من بعض مساعدي الإغاثة. ولا تتوفر لديهم أدنى ظروف النظافة أو التطبيب أو إمكانية العيش الكريم. وفي الأروقة الكبيرة المجاورة لمحطة الحافلات التي تم استغلالها سابقا كمستودعات من قبل السكك الحديدية والجمارك، يحاول اللاجئون الذين تقطعت بهم السبل هناك، مواجهة البرد القارص، إلى حين التمكن من متابعة السفر باتجاه أوروبا الغربية.
عند نزول الظلام تنتشر كومات نيران مشتعلة في تلك البقعة التي يتجمع فيها حوالي 1000 شخص، حسب تقديرات هيئة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين.
الشاب الباكستاني قشيب هان يكشف عن وثيقة صربية تأمره بالانتقال إلى مخيم بريسوفو الواقع على بعد أربعمائة كيلومتر جنوبا. ويصرح الشاب البالغ من العمر 18 عاما أنه "لن أعود إلى هناك". ويضيف :"أريد الذهاب إلى المجر ومن هناك إلى إيطاليا". ولكن ،كيف سينجح في تجاوز الحدود المغلقة بالأسيجة؟ هذا الأمر يبقى مجهولا. وهو يدرك أيضا أنه "لا يمكن له البقاء هنا، حيث يمرض الناس دون الحصول على أدنى مساعدة. إن الوضع كارثي حقا".
طريق مسدود
"لا يمكن تحمل ذلك"، يقول رفيقه أمين البالغ من العمر 20 عاما، والذي أوضح أيضا "أنا موجود هنا منذ شهرين، واحتجت إلى شهرين للوصول إلى هذه النقطة. وصرفت 400 يورو من أجل ذلك. طلبت من والدي أن يزودني بنقود إضافية، إلا أنه لا يستطيع ذلك. لا يمكنني الآن العودة إلى بلدي ولا متابعة الطريق".
أسيف الأفغاني البالغ من العمر 18 عاما يحكي كيف يكافح من أجل البقاء:"نتحلق حول النار لبضع ساعات، ونقترب ليلا جنبا إلى جنب للحصول على بعض الدفء، ورغم ذلك يأخذ منا الارتعاش مأخذه".
ويرفض هؤلاء المهاجرون التوجه إلى مراكز الاستقبال الرسمية خوفا من أن تتم إعادتهم الى الدول التي دخلوا منها إلى صربيا مثل بلغاريا أو مقدونيا.
خلال وقت الظهر يتشكل يوميا طابور طويل، حيث يصطف فيه هؤلاء لنيل وجبة طعام من إحدى المنظمات الأجنيبة للإغاثة. هناك اليوم وجبة أكل بدون لحم، وكل ذلك وسط منطقة يسيطر عليها الأزبال والغائط. بالنسبة للذين مازالوا يتوفرون على شيء من المال، فإنهم يشترون بعض الأكل من مطاعم قريبة للوجبات السريعة والتي كيفت عروضها الغذائية بسرعة حسب طلبات المهاجرين.
خلافا لفصل الصيف ليس هناك حاليا نسوة وأطفال. موظفون من "أطباء بلا حدود" وضعوا بعض مولدات الدفء العاملة بالديزل لتدفئة الأجواء داخل الأروقة الواسعة التي تبقى فيها درجات الحرارة قريبة من درجة الصفر، رغم ما تطلقه فواهات الأجهزة من هواء دافئ.
ويبقى مستقبل هؤلاء اللاجئين غامضا في وقت يستمر فيه إغلاق الحدود. وبذلك تبقى الآمال معلقة على المهربين الذين تطاردهم الأجهزة الأمنية. ولكن في نهاية الأمر فاللاجئون هم الذين يدفعون ثمنا عاليا لعبور طريق الموت.
بوريس بابيتش/ م.أ.م
بالصورـ اللاجئون المنسيون في بلغراد
يواجه أكثر من ألف لاجئ في بلغراد ظروفا إنسانية بالغة الصعوبة، حيث ينامون في مستودعات لا تصلح للعيش الآدمي، ومن خلال صعوبة الظروف التي يعيشونها، يشعرون وكأن العالم قد نسيهم. جولة مصورة تقرب من واقع هؤلاء اللاجئين.
صورة من: DW/D. Cupolo
بعد عام على إغلاق طريق البلقان وتشديد الرقابة على الحدود للأشخاص الذين يرغبون في اللجوء إلى أوروبا، لا يزال الكثير من هؤلاء اللاجئين موجودا في صربيا، معظمهم من أصل أفغاني وباكستاني. حوالي6500 طالب لجوء حاليا قدموا طلباتهم في صربيا، حيث احتل الآلاف منهم مستودعات القطارات المهجورة في بلغراد.
صورة من: DW/D. Cupolo
الناس هنا لا يثقون في إجراءات الدولة الصربية تجاههم، ويرفضون مغادرة هذه المستودعات بعد أن طلبت الحكومة منهم إخلائها، فهم يعتقدون أنهم سوف يرحلون لو أخلوا أماكن سكناهم الحالية. اللاجئ الأفغاني زردان خان يقول "إنه يشعر أنهم يتقاذفونه كالكرة"، فهو قد تنقل أكثر من 18 مرة بين بلغاريا ومقدونيا وصربيا، كما يقول.
صورة من: DW/D. Cupolo
ريهان، 28 عاما، كان يعمل مديرا للتسويق في كابول، يحمل صورة التقطت له في آخر يوم له في أفغانستان. ويقول "أرغب بالتسجيل للحصول على اللجوء، ولكنهم يأخذون عائلات فقط"، ويقول أنهم يعتقدون أن اللاجئين (الفرادى) هم من "داعش"، ولكن كيف يقبل شخص من "داعش" السكن بهذه الظروف المزرية"، يتساءل ريهان.
صورة من: DW/D. Cupolo
بدأت الناس تسكن المخازن المهجورة خلال الصيف الماضي، إلا أن الأعداد تزايدت مع قدوم الشتاء. وعاني اللاجئون من ظروف في غاية الصعوبة، فالأماكن مزدحمة، كما أن حالات الجرب والقمل أصبحت متفشية بين اللاجئين.
صورة من: DW/D. Cupolo
يستحم الناس في العراء، إذ لا توجد سوى ثلاثة حمامات مخصصة لأكثر من ألف لاجئ، يقوم اللاجئون بملئ برميل قديم كان يستخدم لنقل النفط، ويسخنونه على الحطب، وتقدم بعض المساعدات للاجئين عن طريق مركز غوث اللاجئين Miksaliste بلغراد، إلا أن الأولوية في ذلك تعطى للحالات المرضية.
صورة من: DW/D. Cupolo
يصطف الناس مرة واحدة في اليوم، من أجل الحصول على بعض المواد الغذائية المقدمة من متطوعين مستقلين. وقد أوصت الحكومة الصربية المنظمات الإنسانية بالتوقف عن تزويد هؤلاء اللاجئين بالطعام وذلك في محاولة منها لدفع اللاجئين الذين يعيشون في المستودعات إلى المغادرة.
صورة من: DW/D. Cupolo
ويقول إيفان ميسكوفيتش، المتحدث باسم المفوضية لشؤون اللاجئين من جمهورية صربيا(كيرس) بأنه "يجب على المنظمات الإنسانية أن تتعاون مع الحكومة الصربية من أجل نقل هؤلاء اللاجئين إلى أماكن أخرى".
صورة من: DW/D. Cupolo
ومع أن الحكومة الصربية تعهدت بتوفير ما لا يقل عن 6000 سرير داخل معسكراتها، شكك بعض العاملين في المجال الإنساني في هذه المبادرة، وقالوا إن الهدف من هذه المبادرة هو من إخلاء المستودعات.
صورة من: DW/D. Cupolo
دانييلا كوراك-مانديتش، منسقة المركز الإنساني نوفي ساد " Novi Sad Humanitarian Center" قالت إنها تريد العمل مع الحكومة من أجل توحيد الجهود لمساعدة اللاجئين، إلا أن رد السلطات في صربيا بطيء جدا وقالت " المنظمات الإنسانية تستطيع تقديم المزيد من الدعم، إلا أننا ننتظر الرد الحكومي على ذلك، من أجل التمكن من مباشرة أعمالنا".
صورة من: DW/D. Cupolo
وفي خضم هذا الانتظار، والمماطلة من قبل الحكومة الصربية، أبدى سكان هذه المستودعات تشاؤمهم من التوصل لحلول قريبة، ويقول سليمان وهو لاجئ أفغاني يبلغ من العمر 15 عاما "موقف أوروبا تجاه اللاجئين تغير، إلا أن واقع الحروب في بلداننا لم يتغير". (إعداد: دياغو كوبلو/ ترجمة علاء جمعة).