منذ عام 1990 بدأت مجلة "كيكر" في اختيار شخصية أو "رجل العام" في كرة القدم الألمانية. ويمكن أن يكون رجل العام لاعبا أو مدربا أيضا، فقد فاز بها يوأخيم لوف مدرب المانشافات في عامي 2011 و 2014، ويورغن كلوب مدرب دورتموند السابق في 2012. كما يمكن أن يفوز بلقب رجل العام في الكرة الألمانية لاعب أجنبي أيضا مثل الفرنسي فرانك ريبيري، الذي حصل على اللقب في 2008 و 2013. وهذا العام اختارت المجلة الشهيرة توني كروس (26 عاما) نجم خط وسط منتخب المانشافت ونادي ريال مدريد ليكون "رجل العام" في الكرة الألمانية.

أول ألماني يفوز بدوري الإبطال مع فريقين

وقال جين-يولين بيير رئيس تحرير مجلة "كيكر" إنه يمكن اجراء نقاش طويل عن معايير اختيار رجل العام، وما الذي يجب أن يقدمه لكي يحصل على اللقب، وأضاف متسائلا: هل يجب أن يفوز بألقاب كبرى؟ أم أن يقدم أداء كرويا مميزا؟ أم أن يتسامى بنفسه كإنسان عن "سيرك" الأنانية المنصوب حول المنافع؟ وهل يجب ألا يكون متورطا في فضائح؟ وفي الحالة المثالية، أن يكون ممثلا على مستوى العالم لمعايير الكرة الألمانية، بطلة العالم؟ وتابع: "أفضل إجابة على كل ذلك هي نعم. والإجابة المناسبة هي: توني كروس."

اختتم كروس عام 2016 مع فريقه الإسباني بالفوز بكأس العالم للأندية، وسبق ذلك كأس السوبر الأوروبي وقبلها دوري أبطال أوروبا. وهو أول لاعب ألماني يفوز بدوري الأبطال مع ناديين مختلفين فقد فاز بالبطولة من قبل عندما كان في بايرن ميونيخ عام 2013.

وقد تألق كروس أيضا مع منتخب ألمانيا وخصوصا في كأس الأمم الأوروبية "يورو 2016" بفرنسا وأثبتت الأرقام أنه أفضل لاعب في مرحلة المجموعات في البطولة، التي خرجت منها ألمانيا في قبل النهائي أمام منتخب فرنسا. 

الأداء الرائع، الذي يقدمه توني كروس في مدريد منذ أعاد إليه زين الدين زيدان اعتباره، بعد فترة عصيبة مع رفائيل بينيتيز، جعل النادي الملكي يصر على تمديد عقده في أكتوبر/ تشرين الأول حتى 2022، مقابل دخل سنوي يبلغ 20 مليون يورو. ليكون إجمالي العقد في ست سنوات 120 مليون يورو ليصبح كروس صاحب أعلى عقد للاعب ألماني في تاريخ الكرة.

أسباب انتقاله من بايرن

وكان كروس قد انتقل من بايرن إلى الريال عام 2014 بعقد يمتد لستة أعوام، بعد الاخفاق في التوصل إلى اتفاق مع البافاري بشأن تمديد عقده الذي كان ينتهي في 2015. وقالت مجلة فوكوس آنذاك إن السبب الرئيسي لرحيله عن بايرن هو "عدم تقدير النادي للاعب" كما ينبغي، سواء من الناحية الفنية أو الناحية المادية.

فعندما كان لا يقدم بايرن الأداء المطلوب كانت أول الانتقادات توجه إلى كروس، وخصوصا من ماتياس زامر. أما من الناحية المادية فكان يحصل على أقل من خمسة ملايين يورو في العام، وعند التفاوض على العقد الجديد طلب الحصول على ثمانية ملايين وهو ما رفضه النادي. ويقال إن صفقة انتقاله إلى الملكي بلغت نحو 25 مليون يورو. وأنه عقده كان قبل خصم الضرائب نحو 11 مليون يورو في العام

غوارديولا كان أيضا أحد أسباب انتقاله من البافاري، فحينما رحل عن الفريق يوب هاينكس، الذي فاز معه كروس بالثلاثية وجاء غوارديولا أحضر معه تياغو الكانترا، ورغم ذلك بقي كروس لاعب الارتكاز الأساسي في الفريق. وعندما اعترض كروس مرة على استبداله من الملعب بأن رمى قفازاته على الأرض، رد غوارديولا بوضعه على مقعد البدلاء، كإجراء عقابي. كما لا يخفى على أحد أن من الصعب أن يرفض اللاعب عرضا من الفريق الملكي، الذي له عشاق بمئات الملايين في كل أرجاء العالم.

"بقي إنسانا رائعاً"

عندما انتقل كروس إلى مدريد كان المدرب الحالي لبايرن ميونيخ، كارلو أنشيلوتي، هو المدير الفني للملكي. وكان أنشيلوتي، هو من جلب كروس من بايرن ومنحه دور "بوصلة" الفريق في خط الوسط، وأعطاه الفرصة لتبادل الأدوار مع لوكا مودريتش، وبسرعة كبيرة أثبت اللاعب نفسه، لدرجة أن أنشيلوتي نفسه قال إنه تفاجأ بالمستوى العالي للنجم الألماني.

بعد محنته مع بينيتز وجلوسه على مقاعد البدلاء عاد كروس للتألق مع زيدان مع بداية 2016. وتظهر الألقاب التي حصل عليها ونسبة تمريراته المتقنة وهدوء أعصابه في إنهاء الهجمات وإدراكه للمساحات قيمة هذا اللاعب. لكن هناك أشياء أخرى تبين أهميته خارج الملعب ومن بينها أنه أول ألماني عموما يتعدى معجبوه على موقع انستغرام حاجز العشرة ملايين متابع. كما أن الأطفال في الحواري الفقيرة في العالم يرتدون قمصانا "مقلدة" عليها اسم كروس، وهم يستمتعون بلعب كرة القدم. ويقول رئيس تحرير كيكر: "لكن المرء يمكنه أيضا أن يعرف قيمة كروس من خلاله بقائه إنسانا رائعا رغم كل ذلك."