منذ نحو أربعة عقود نشأت في ألمانيا فكرة الاهتمام باقتناء الأعمال الفنية الحديثة على المستوى الرسمي، بمبادرة من المستشار الألماني فيلي براندت، الذي أنشأ "مجموعة الأعمال الفنية الحديثة المملوكة للدولة" عام 1970 استجابة لرئيس جمعية الفنانين الألمان، جيورج مايسترمان.

وكان الإشراف على جمع تلك الأعمال الفنية واقتنائها من ضمن اختصاصات وزير الداخلية، إلى أن أنشئ منصب مفوض الدولة للشؤون الثقافية والإعلامية، والذي يتولى منذ عشر سنوات إدارة هذه المجموعة. وتزايد اهتمام الدولة بدعم الفن الحديث، إّذ تم زيادة الأموال المخصصة لشراء الأعمال الفنية، والتي بدأت بـ250 ألف مارك ألماني عام 1971، ووصلت الآن إلى حوالي نصف مليون يورو.

"مجموعة فنية بالغة التنوع"

وفي كل ثلاث سنوات تقوم لجنة المشتريات التي تضم خمسة أعضاء بمتابعة معارض الفن الحديث العالمية، في كل من بازل وكولونيا وبرلين لاختيار بعض الأعمال الفنية وشرائها. وهذه اللجنة مكونة من شخصيات عالية التأهيل، ليمكن الاعتماد عليهم في اختيار تلك الأعمال مثلما تؤكد روزا شميت نويباور، مستشارة وزير الدولة للشؤون الثقافية وتضيف أنهم يعتمدون على هذه اللجنة بشكل تام، وأن هذه اللجنة يجب أن تختار الأعمال الفنية في الوقت المناسب، قبل أن يصبح من الصعب اقتناؤها.

كذلك تتميز مقتنيات المجموعة بالتنوع الشديد وهو ما توضحه نويباور بقولها: "المجموعة الفنية المقتناة تعد مجموعة فنية بالغة التنوع، كما تمثل في الوقت ذاته أرشيفا فنيا، فمجموعتنا نختلف عن المجموعات الأخرى بكوننا لا نبيع شيئاً". ولذلك، فالمجموعة التي استغرق جمعها تشمل أكثر من 1200 عمل فني متنوع من لوحات زيتية ومنحوتات وصور فوتوغرافية وأفلام فيديو فنية.

معرض "نظرة على الزمن"

كما أقيم في متحف مارتن جروبيوس باو في العاصمة برلين معرض خاص يحمل عنوان "نظرة على الزمن" أو (تسايت بليك)، لتقديم بعض الأعمال الفنية من بين مقتنيات المجموعة التي تم شراؤها خلال العشر السنوات الماضية والتي يصل عددها إلى نحو 400 عمل فني.

ومن بين هذه الأعمال، اختارت أنيته هوش، المسؤولة عن معرض، خمسين عملاً لفنانين مشهورين وكذلك لفنانين آخرين مجهولين كما توضح قائلة: "هناك أعمال حديثة وأخرى أقدم، هناك مثلاً أعمال للفنانين الشباب مثل باولا فون براندنبورج وهاجيه يانج، وكاتارينا جروسه وهناك أعمال ترجع لعام 1964 مثل أعمال تيم راوترت". فالمجموعة الفنية التي تشمل أعمالا لفنانين مشهورين عالمياً مثل أولافور إلياسون وإيزا جينزكين ويوانتان مونك وتوماس شتروث، لم تهمل الفنانين الشباب الموجودين على الساحة.

وكما فوجئت هوش من مدى اهتمام اللجنة القائمة على شراء الأعمال الفنية الخاصة بالفنانين الألمان فوجئت أيضاً من اهتمامهم بالأعمال الفنية الحديثة، وخاصة أعمال الفيديو، وهو ما اعتبرته تغيرا واضحا في سياسة جمع الأعمال الفنية. وتقول في هذا الإطار: "المتاحف لا تملك الكثير من الأموال، وجمع مثل هذه الأعمال وإقراضها للمتاحف لعرضها يعد تغيراً ملحوظاً، فالأمر لم يعد يتعلق بشراء اللوحات لتعليقها في المكاتب". يذكر أن المعرض الذي افتتح هذا الأسبوع يستمر حتى 12 يناير/كانون الثاني 2009.