معركة إدلب - هل تذيب جبل الجليد بين تركيا وألمانيا؟
٥ سبتمبر ٢٠١٨
يحاول وزير الخارجية الألماني في زيارته لتركيا كسر جبل الجليد بين البلدين. ألمانيا التي أصابها الضيق من تصريحات الرئيس التركي النارية ترى في أنقرة حائط صد أمام موجة نزوح سورية قد تنشا عن عملية عسكرية في إدلب.
إعلان
المدنيون في إدلب.. كيف يستعدون للمجهول والأسوأ؟
01:35
تشهد العلاقات التركية - الألمانية الكثير من الشد والجذب مؤخراً لكن تبقى ألمانيا محافظة على "شعرة معاوية" مع تركيا رغم كل الخلافات والتصريحات النارية الصادرة من أنقرة وخصوصاً مع مخاوف من انفجار الأوضاع في إدلب السورية والقلق والترقب الألماني والأوروبي من موجة لاجئين هائلة قد تصل إلى أعتاب أوروبا.
وفي غضون ذلك يعتزم وزير الخارجية الألماني هايكو ماس زيارة تركيا استبقها بهذه التغريدة:
"تركيا أكبر من مجرد جار لنا. هي شريك هام لألمانيا ولدينا رغبة قوية في استمرار التعاون معها لتحسين العلاقات بين البلدين وهذا سيكون محور زيارتي لتركيا".
دعم ألماني لتركيا.. سوريا في خلفية المشهد
كانت ألمانيا من أوائل الدول التي هبت لمساعدة تركيا في أزمتها الاقتصادية. لكن هذا الدعم كان وراءه هدفاً آخر أكثر أهمية. يرى الدكتور مصطفى اللباد الباحث والخبير في الشأن التركي في مقابلة له مع DW عربية أن هناك قلقاً أوروبياً عميقاً من مسألة المهاجرين حيث تعتبر أوروبا تركيا نقطة الانطلاق الأولى والأهم للاجئين والمهاجرين وبالتحديد نحو ألمانيا والتي يوجد بها بالفعل عدد كبير منهم وهي لا تريد أبداً المزيد منهم.
يضيف اللباد قائلاً إن استقرار الأوضاع سياسياً واقتصادياً في تركيا أمر شديد الأهمية لأوروبا كما أنه سيكون حافز أكبر لتركيا للتعاون مع ألمانيا والاتحاد الأوروبي لإيقاف موجات اللاجئين "وهذا في رأيي هو عامل التعاون الأساسي بين ألمانيا وتركيا، مع العلم بأن منظومة القيم في تركيا وألمانيا مختلفتان، فألمانيا لديها مآخذ كثيرة على سلوك الرئيس التركي لكن عندما يتعلق الأمر بمصالح ألمانيا العليا فهنا ستعكس سياسات ألمانيا الخارجية هذا الأمر".
إدلب.. ورق ضغط تركية؟
وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، حذر من كارثة إنسانية حال تنفيذ عملية عسكرية محتملة بمحافظة إدلب. ومن المقرر أن تكون إدلب أحد محاور النقاش التركي - الألماني خلال زيارة ماس لتركيا حيث تنظر ألمانيا بأهمية شديدة للدور التركي في القضية السورية. في الوقت نفسه، يعول كثير من السوريين على دور تركي مأمول في نزع فتيل حرب يخشى كثيرون إن هي قامت أن تحرق الأخضر واليابس:
يرى الدكتور مصطفى اللباد الخبير في الشأن التركي أن أنقرة ستواصل استغلال ورقة استضافتها للاجئين السوريين لتحصيل المزيد من المكاسب السياسية والاقتصادية وخصوصاً من أوروبا التي ترى في أنقرة حائط الصد الأهم في هذه المسألة، خاصة وأن المخاوف الأوروبية تتصاعد من احتمال نشوء موجة لجوء هائلة تنطلق من إدلب "فعدد سكان المدينة هائل بالفعل وقد ينزح منهم مئات الآلاف نحو تركيا ومنها إلى أوروبا وهذا أمر لن تحتمله أوروبا مطلقاً، كما لن تستطيع تركيا استقبال المزيد من اللاجئين وهي التي تستضيف بالفعل نحو ثلاثة ملايين منهم".
كريستيان براكل مدير مكتب مؤسسة هاينرش بول، المقربة من حزب الخضر الألماني، في إسطنبول يختلف مع هذا الطرح ويقول في مقابلة له مع DW عربية إن الأهمية التركية في ملف إدلب ليست بهذا القدر الذي يراه البعض وليست ذات تأثير في مجريات الأحداث على الأرض كما أنها تفتقد للكثير من أوراق اللعب التي قد تغير في تفاصيل المشهد هناك. ويضيف بأن "أهمية تركيا في السابق كانت لروسيا وليس لألمانيا وتمثلت في مؤتمر آستانة حيث نجحت تركيا في جلب المعارضة إلى طاولة المفاوضات وخصوصاً المعارضة المسلحة أما الآن فلم تعد تركيا مهمة في هذا الملف بالقدر الذي كانت عليه".
تركيا .. نافذة ألمانية على الشرق الأوسط
تمتد العلاقات بين البلدين إلى أزمنة بعيدة عبر التاريخ ما بين علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية، حتى أن قرابة 3.5 مليون شخص من اصول تركية يعيشون في ألمانيا.
يقول الدكتور مصطفى اللباد في مقابلته مع DW عربية إن ألمانيا لا تلعب دورا محورياً في الشرق الأوسط لأنها منشغلة بقضاياها الداخلية وقضايا الاتحاد الأوروبي في حين أن تركيا الصديق القديم والحليف المهم هي المطل الشمالي على الشرق الأوسط وقضاياه وبالتالي فإذا خسرت ألمانيا تركيا فقد أصبح دخولها على المعادلات السياسية في الشرق الأوسط أكثر صعوبة وذلك بغض النظر عن طبيعة الحاكم التركي سواء كان أردوغان أو غيره، ولذلك نرى أن هناك الكثير من الصبر الألماني على الشطط التركي فيما يتعلق بالتصريحات المنفلتة الصادرة عن تركيا.
يضيف اللباد بأن لقاء ميركل وأردوغان المرتقب تميل فيه كفة موازين القوى لمصلحة أردوغان أكثر على الرغم من أن ألمانيا أقوى بمراحل اقتصادياً وسياسياً "لكن نتحدث هنا عن قضية إقليمية هامة للغاية وهي سوريا التي لها حدود طويلة مع تركيا وتستضيف ملايين اللاجئين السوريين، وبالتالي فهي تستطيع التأثير على ألمانيا كما فعلت في السابق عندما تركت بضعة آلاف من السوريين يعبرون حدودها إلى أوروبا ويصلون إلى ألمانيا وميركل تعي لك جيداً وتعي توازنات القوى داخل ألمانيا فيما يتعلق بهذه القضية لذا فهي ستعمل على الخروج بنتيجة مرضية من اللقاء وهذا ما يعرفه اردوغان".
عماد حسن
تحالف الإكراه.. أبرز محطات الخلاف بين ألمانيا وتركيا
تحاول تركيا حاليا تحسين علاقاتها مع ألمانيا، خاصة بعد تأزم الوضع الاقتصادي وتفاقم الخلاف مع الولايات المتحدة. لكن تركيا كانت غالبا هي السباقة لتعكير صفو العلاقات مع حليفها التاريخي ألمانيا، وهذه أبرز محطات الخلاف بينهما.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Kumm
عودة المياه إلى مجاريها؟
رغم المساعي التركية الأخيرة لتحسين علاقاتها مع ألمانيا قبيل زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى برلين في شهر أيلول/سبتمبر 2018. إلا أن تركيا كانت غالبا هي السباقة إلى تأجيج العلاقات مع حليفها التاريخي ألمانيا. لقاء قديم يعود لعام 2011 جمع أردوغان بالمستشارة ميركل.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Kumm
حبس صحفيين ونشطاء ألمان
رفعت محكمة تركية الاثنين (20 أب/أغسطس 2018) حظر السفر المفروض على الصحفية الألمانية ميسالي تولو التي اعتقلت العام الماضي بتهم تتعلق بالإرهاب. وتسببت قضية تولو، بالإضافة إلى قضية الصحفي دينيز يوجيل الذي ظل محتجزا عاما كاملا، وقضية الحقوقي بيتر شتويتنر الذي احتجز لثلاثة أشهر، إلى توتر شديد في علاقات أنقرة مع برلين. ومنذ الإفراج عن يوجيل في فبراير الماضي بدأت حدة التوتر في العلاقات تتراجع نسبيا.
صورة من: picture-alliance/dap/Zentralbild/K. Schindler/privat/TurkeyRelease Germany
اتفاقية اللاجئين مع تركيا
توصلت بروكسل وأنقرة إلى اتفاق في آذار/مارس 2016، يسمح بإعادة اللاجئين إلى تركيا، بمن فيهم طالبو اللجوء السوريون الذين وصلوا إلى اليونان. وذلك بعد تدفق أكثر من مليون لاجئ ومهاجر عبر تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبي في عامي 2015 و2016. ووافقت أوروبا على تمويل صندوق مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات يورو مخصص لأكثر من مليونين ونصف مليون لاجئ موجودين في تركيا، في مقابل وعد أنقرة بالحد من تدفقهم.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/L. Pitarakis
الاعتراف بإبادة الأرمن
ازداد تدهور العلاقات بين ألمانيا وتركيا إثر قيام البرلمان الألماني "بوندستاغ" في حزيران/يونيو 2016، بالاعتراف بتعرض الأرمن للإبادة خلال حكم السلطنة العثمانية مطلع القرن الماضي. وكذلك بعد إدانة ألمانيا المستمرة لعمليات القمع في تركيا التي أعقبت الانقلاب الفاشل على الرئيس رجب طيب أردوغان صيف عام 2016.
صورة من: Getty Images/AFP/S. Gallup
انتقادات تركية للغرب
انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الغرب في أكثر من مرة متهما إياه بعدم إظهار التضامن مع أنقرة بعد محاولة الانقلاب الفاشل. وقال إن الدول التي تخشى على مصير مدبري الانقلاب بدلا من القلق على ديمقراطية تركيا لا يمكن أن تكون صديقة.
صورة من: picture-alliance/abaca/F. Uludaglar
منح اللجوء لمعارضين تتهمهم تركيا بدعم الانقلاب
ما زاد من تدهور العلاقات المتوترة بين البلدين الحليفين في حلف شمال الأطلسي هو منح ألمانيا حق اللجوء لجنود أتراك سابقين ومن ضمنهم قيادات عسكرية، تتهمهم الحكومة في أنقرة بالتورط في محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في شهر تموز/ يوليو 2016.
صورة من: picture-alliance/dpa/C. Charisius
رفض تجميد أصول مقربين من غولن في ألمانيا
رفضت ألمانيا طلباً رسمياً من تركيا بتجميد أصول أعضاء من شبكة رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشل. وأبلغت برلين أنقرة أنه ليس هناك أساس قانوني كي يقيد مكتب الإشراف المالي الاتحادي حركة غولن وأنصاره.
صورة من: picture alliance/dpa/M.Smith
مسألة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي
رُشحت تركيا للانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي منذ عام 1999، وبدأت المفاوضات بين الجانبين حول هذا الشأن عام 2005. لكن المفاوضات تجمدت خريف عام 2016. وتعترض أغلب الأحزاب السياسية الألمانية في الوقت الحاضر على انضمام تركيا للاتحاد.
صورة من: picture-alliance/dpa/T. Bozoglu
الترويج للتعديلات الدستورية على الأرض الألمانية
رفضت ألمانيا ترويج ساسة أتراك في أراضيها للتعديلات الدستورية التي أقرت عام 2017. واتهم أردوغان المستشارة ميركل آنذاك باللجوء إلى ممارسات "نازية" لمساندتها هولندا في النزاع الذي نشب بينها وبين تركيا لنفس المسالة، مما أثار استنكار ألمانيا وحمل الرئيس الألماني شتاينماير على مطالبته بالتوقف عن هذه "المقارنات المشينة".
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Steinberg
التجسس في ألمانيا على معارضي أردوغان
أعلنت رئاسة الشؤون الدينية التركية سحبها أئمة من ألمانيا، وذلك بعدما أعلنت هيئة حماية الدستور (المخابرات الداخلية الألمانية) في كانون الثاني/يناير 2017، أنها تحقق في اتهامات بالتجسس ضد اتحاد "ديتيب" الإسلامي التركي في ألمانيا. وتتهم الهيئة أئمة المساجد التابعة لـ "ديتيب" بتقديم معلومات عن معارضين للرئيس أردوغان للقنصليات التركية.
صورة من: DW/O. Pieper
الجنود الألمان يغادرون قاعدة أنجرليك التركية
رفضت أنقرة زيارة وفد من لجنة الدفاع بالبرلمان الألماني لجنود الجيش الألماني المتمركزين في قاعدة أنجرليك التابعة لحلف الناتو. وقررت ألمانيا إثر ذلك في حزيران/يونيو 2017 سحب قواتها الـ 260 الذين كانوا للمشاركة في عمليات التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" في كل من سوريا والعراق، بنقل هذه القوات إلى الأردن. في الوقت نفسه مازال جنودا ألمان يتمركزون في قاعدة تابعة للناتو في كونيا.
صورة من: Getty Images/AFP/T. Schwarz
تشبيه ميركل بهتلر وهجوم الصحافة التركية على ألمانيا
نشرت صحيفة تركية موالية للحكومة في أيلول/سبتمبر 2017، صورة للمستشارة ميركل، على صفحتها الأولى، تظهرها بشارب هتلر الشهير، ويبدو فوق رأسها الصليب المعقوف رمز النازية. وجاء التصعيد الإعلامي هذا قبيل الانتخابات التشريعية الألمانية عام 2017 وبعد المناظرة التلفزيونية بين المستشارة ميركل ومنافسها الاشتراكي شولتس، حيث دعا كلاهما إلى إنهاء المفاوضات بشأن انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.
صورة من: picture-alliance/dpa/L. Say
قمة جبل جليد الخلافات
شددت الخارجية الألمانية في تموز/يوليو 2017، من تحذيرات السفر إلى تركيا التي تعد مقصدا سياحيا للألمان، وذلك عقب تصاعد حدة الخلاف بين ألمانيا وتركيا وإعلان برلين عن "توجه جديد" في سياستها تجاه أنقرة.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
إيقاف تصدير الأسلحة
تصدير الأسلحة إلى تركيا يمثل إشكالية أيضا، وأوقفت الحكومة الألمانية صادرات الأسلحة لها بالكامل تقريبا خلال الأشهر الأولى من توليها المهام رسميا مطلع هذا العام. جاء ذلك بعد تزايد الانتقادات ضد تصدير أسلحة إلى تركيا إثر توغل قواتها في منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية. وكان من بين الأسلحة التي استخدمتها تركيا دبابات ألمانية من طراز "ليوبارد".
صورة من: Reuters
قضية مسعود أوزيل واستغلالها إعلاميا
أعلن مسعود أوزيل اعتزاله اللعب دوليا مع منتخب ألمانيا على خلفية الانتقادات الحادة التي وجهت إليه بسبب التقاطه صورا مع أردوغان، قبيل نهائيات كأس العالم في روسيا. واتهم أوزيل الاتحاد الألماني بالعنصرية مشددا على أنه لم تكن لديه أي "أغراض سياسية" عندما التقط الصورة مع أردوغان. فيما انتقد أردوغان المعاملة التي لاقاها أوزيل التي وصفها بـ"غير المقبولة".
صورة من: picture-alliance/dpa/Presidential Press Service
"ضمانات هيرمس"
رغم الأزمة التي مرت بها العلاقات الألمانية - التركية، ارتفعت الضمانات الألمانية لائتمان الصادرات إلى تركيا، والتي تعرف باسم "ضمانات هيرمس"، بصورة ملحوظة في عام 2017 ووصلت إلى نحو 1.5 مليار يورو. وكانت الحكومة الألمانية قد وضعت حدا أقصى للضمانات في أيلول/ سبتمبر 2017، بلغ هذا المبلغ. ورفعت ألمانيا هذا التحديد في شهر تموز/يوليو الماضي. وتعتبر ألمانيا أهم شريك تجاري لتركيا على مستوى العالم.
صورة من: picture-alliance/Hermes Images/AGF/Bildagentur-online