منذ عقود ودبي قبلة السفر والسياحة والخدمات المالية في منطقة الخليج، غير أن الأزمة مع قطر فتحت شهية الأخيرة للمنافسة مع جارتها الصغيرة مثلها من أوسع أبوابها. ما هي التبعات المحتملة لاندلاع معركة الاقتصاد بين الأخوة؟
إعلان
أعفت قطر مواطني 80 دولة من تأشيرة دخول أراضيها منها لبنان
01:54
من كان يصدق أن قطر الصغيرة يمكنها مواجهة دول عملاقة بالنسبة لها كمصر والسعودية؟ فالإمارة "القزم" تنتقل من نجاح إلى آخر في مواجهة الدول التي قاطعتها وهي السعودية ومصر والإمارات والبحرين، فبعد نجاحها الدبلوماسي اللافت في حشر هذه الدول بزاوية الدفاع عن النفس في المحافل الدولية، تسير الإمارة بخطوات متسارعة للوصول إلى ما هو أبعد من التعويض عن خسائر المقاطعة الاقتصادية، فهي لم تكتنف فقط بإيجاد البدائل لمورديها من الدول الأربع المذكورة، بل تحاول منافستها في مجالات عدة كالسفر والأعمال والسياحة. ومن هنا تأتي خطوتها الأخيرة بمنح تأشيرة الدخول لمواطني 80 دولة وإعفائهم من رسومها لدى وصولهم إلى مطار الدوحة والمنافذ الحدودية الأخرى. وقد سبق ذلك خطوات أخرى من أبرزها العمل على منح الإقامة الدائمة للوافدين الأجانب من أصحاب الكفاءات الذين يقدمون خدمات متميزة للبلاد.
قطر تتحدى!
تبدو الخطوة القطرية وكأنها نوع من التحدي لجاراتها الخليجيات وفي مقدمتهم الإمارات بشكل عام وإمارة دبي بشل خاص. فالأخيرة نجحت خلال السنوات العشرين الأخيرة في التحول إلى أهم مركز للسفر والسياحة والخدمات المالية واللوجستية في الخليج والشرق الأوسط. وتثير الثمار التي تجنيها من خلال توسيع خدمات مطارها ومنطقة جبل علي الحرة ومركزها المالي الدولي لعاب الدوحة التي وجدت في المقاطعة فرصة للتعبير عنها من خلال المزيد من الخطوات الانفتاحية التي يعززها توسيع مطار الدوحة ومضاعفة أسطول الخطوط القطرية أكثر من مرة. كما يعززها أيضا البنية العمرانية والتحتية الفريدة التي يتم تجهيزها لاستضافة بطولة العالم لكرة القدم في عام 2022. ومع انفتاح قطر على إيران هناك فرصة لانتقال الكثير من الشركات الدولية إلى الدوحة من أجل تقديم خدمات مختلفة للسوق الإيرانية بدلا من تلك التي يتم تقديمها عبر دبي وأبو ظبي.
شهية الدوحة على السفر والسياحة
من الواضح أن إمارة دبي سبقت الجميع في منطقة الخليج على صعيد توفير البنية السياحية والمالية للخدمات الإقليمية والدولية. غير أن ما تقوم به قطر ينافس ما لدى دبي ودول الخليج الإخرى في أكثر من مجال. لنأخذ على سبيل المثال ملايين السياح وركاب الترانزيت العابرين إلى شرق آسيا واوستراليا عبر دبي وأبو ظبي. هؤلاء سيجدون في الدوحة فرصا مشابهة وأحيانا أفضل لتلك الموجودة في دبي من ناحية خدمة المطار والفنادق والتسوق. كما أن الكثيرين منهم سيكونوا فضوليين لمشاهدة أحدث المنشآت الرياضية التي يتم تنجهيزها من أجل مونديال 2022.
تهديد مركز دبي المالي
في سياق متصل لن تخسر دبي على صعيد السفر والسياحة فقط، بل أيضا في مجال الخدمات المالية بسبب التشابكات القوية لبنوكها مع المشاريع القطرية وتلك التي تشارك فيها قطر في منطقة الخليج وعبر العالم. ولا تبدو الخسائر التي تلحق بها حتى الآن بالهينة لدرجة أن بنكا عالميا مثل "ستاندرد تشارترد" حذر على لسان رئيسه التنفيذي بيل وينترز من أن مقاطعة قطر تهدد بتقويض مكانة دبي كمركز مالي لعمليات الشركات الدولية في الخليج. ويضم المركز نحو 400 شركة عالمية للخدمات المالية بينها 17 من أكبر عشرين بنكا في العالم. وتقدم هذه البنوك مختلف الخدمات على مستوى الشرق الأوسط والعالم في جميع المجالات. ومع اندلاع الأزمة مع قطر بدأت المعوقات والعراقيل أمام عمليات البنوك الأمر الذي قد يدفع الكثير منها لنقل خدماته أو قسما منها إلى خارج دبي. ومع عرض قطر إعطاء الإقامة الدائمة لأصحاب الكفاءات العالية، ليس من المستغرب جذب الكثير من العاملين منهم في السعودية والإمارات والبحرين للعمل في المؤسسات القطرية.
الأضرار أكثر من المنافع
في مختصر القول تصيب الأضرار السياسية والاقتصادية الناجمة عن مقاطعة قطر الدول التي قاطعتها أيضا ولو بدرجات مختلفة. ويبدو أن المقاطعة فتحت باب المنافسة على مصراعية بين الدوحة وجيرانها وعلى رأسها الإمارة الصغيرة مثلها دبي. وإذا كانت فوائد المنافسة التي تقوم على تكافؤ الفرص كثيرة ومتنوعة، فإن أضرار تلك التي بدأت بين قطر والدول المقاطعة تفوق بكثير منافعها كونها تتم بلا تنسبق ومن باب الرغبة بالثار وإلحاق المزيد من الأذى بالخصوم. وبالنتيجة فإن المزيد من المليارات الخليجية ستهدر إلى أجل غير مسمى.
الأزمة الخليجية – أبرز المطالب والشروط المقدمة لقطر
نشرت وكالة أسوشيتد برس مطالب السعودية والإمارات والبحرين ومصر، المقاطعة والمحاصرة لقطر بسبب اتهامها بدعم "الإرهاب". وتضمنت القائمة 13 مطلباً وشرطاً يتوجب على الدوحة تنفيذها خلال عشرة أيام.
صورة من: DW/M. Kos
إغلاق "شبكة الجزيرة الإعلامية"
تضم شبكة الجزيرة الإعلامية: قناة الجزيرة، قناة الجزيرة الوثائقية، الجزيرة الإنجليزية، الجزيرة مباشر، الجزيرة بلقان، الجزيرة التركية، الجزيرة للأطفال، الجزيرة أميركا، موقع الجزيرة نت، مركز الجزيرة للدراسات، معهد الجزيرة للإعلام، شبكة قنوات "بي إن" الرياضية، مدونات الجزيرة.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Ulmer
إغلاق الإعلام "الممول" قطرياً
كما طالبت الدول الأربع بإغلاق كل وسائل الإعلام "الممولة"، بشكل مباشر أو غير مباشر، من قطر، بما فيها عربي21، والعربي الجديد، ورصد، وMiddle East Eye.
صورة من: alaraby.co.uk
قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران
تضمنت الشروط أيضاً قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران وإغلاق قطر تمثيلها الدبلوماسي في طهران وطرد عناصر الحرس الثوري الإيراني من قطر وقطع أي تعاون عسكري مع إيران، والامتناع عن ممارسة أي نشاط تجاري يتعارض مع العقوبات الأميركية على طهران.
صورة من: Irna
الإنهاء الفوري للوجود العسكري التركي في قطر
إغلاق القاعدة العسكرية التركية في قطر وإيقاف أي تعاون عسكري مع أنقرة داخل قطر. ووصلت خمس مركبات مدرعة بالإضافة إلى 23 عسكرياً إلى الدوحة الخميس (22 حزيران/يونيو 2017) في تحرك قالت القوات المسلحة التركية إنه يأتي ضمن تدريبات عسكرية واتفاق تعاون. وذكرت صحيفة "حريت" التركية أن هناك نحو 88 جندياً تركياً بالفعل في قطر.
صورة من: picture alliance/AA/M. Aktas
قطع كل الروابط مع "المنظمات الإرهابية"
وقد ورد في قائمة المطالب والشروط قطع العلاقات مع جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم "الدولة الإسلامية" وتنظيم القاعدة وحزب الله اللبناني وجبهة "فتح الشام"، فرع القاعدة السابق في سوريا.
صورة من: picture-alliance/dpa
تسليم الشخصيات التي تصفها الدول الأربع بـ"الإرهابية"
إيقاف كل طرق تمويل شخصيات ومجموعات سبق وصنفتها هذا الدول على أنها إرهابية كالقرضاوي، ووجدي غنيم، وعبد الحكيم بلحاج، وطارق الزمر، ومحمد الإسلامبولي. وكذلك تجميد أرصدتها وتسليمهم لبلدانهم وتزويد تلك البلدان بكل المعلومات عن تحركاتهم وسكنهم وأمورهم المالية.
صورة من: picture alliance/AA/Munir Zakiroglu
قطع العلاقات السياسية مع المعارضات لتلك الدول
قطع العلاقات السياسية مع المعارضة في كل من مصر والبحرين والسعودية والإمارات وتسليم تلك البلدان كل الملفات التي تحتوي على علاقات الدوحة السابقة مع تلك الأجسام المعارضة. وسيتم تحديد عدد تلك الملفات بالتنسيق مع الدوحة.
صورة من: Imago
وقف تجنيس مواطني تلك الدول
إنهاء التدخل في الشؤون الداخلية للسعودية ومصر والبحرين والإمارات ووقف منح الجنسية لمواطني تلك البلدان وسحب الجنسية ممن مُنحت لهم.
صورة من: Getty Images/AFP/K. Jaafar
الانحياز للدول الخليجية والعربية
حسب لائحة المطالب والشروط، يتوجب على قطر أن تنحاز إلى دول مجلس التعاون الخليجي وإلى الدول العربية سياسياً وعسكرياً واجتماعياً واقتصادياً، كما نص على ذلك الاتفاق الذي تم التوصل إليه في السعودية عام 2014.
الموافقة على جميع المطالب
كما طالبت اللائحة الدوحة بالموافقة على جميع المطالب والشروط، وإلا اعتبر ذلك انتهاكاً لها. ولم تحدد تلك الدول ماذا ستفعل في حال رفضت قطر ذلك.
صورة من: picture-alliance/Photoshot/Nikku
دفع تعويضات
تضمنت المطالب أيضاً دفع تعويضات لتلك البلدان الأربعة عما تسببت به السياسات القطرية في السنوات الأخيرة من أضرار بشرية ومادية. سيتم التنسيق مع الدوحة بخصوص المبالغ التي يتوجب عليها دفعها.
صورة من: picture alliance/J. Greve
الموافقة على "التدقيق" على امتثال الدوحة
طالبت كل من السعودية ومصر والبحرين والإمارات قطر بقبول أن تقوم تلك البلدان بـ"التدقيق" بمدى التزامها بالتنفيذ. في السنة الأولى يجب أن يجري التدقيق مرة واحدة شهرياً، وفي الثانية مرة كل ثلاثة شهور وفي العشر سنوات اللاحقة مرة كل عام. (إعداد: خ. س)