معضلات الموقف الألماني من الأزمة السورية
٣ سبتمبر ٢٠١٣ في الثامن والعشرين من أغسطس / آب الماضي وفي معرض تعليقه على الأزمة السورية قال وزير الدفاع الألماني توماس دومزير "من المهم التأكد بصورة صحيحة من استخدام الأسلحة كيماوية"، مضيفا "وآنذاك سنقف مع الجهة التي ستعمل على استخلاص النتائج من ذلك". وبعد يومين من هذا التصريح حددت الحكومة الألمانية موقفها بوضوح أكبر، حينما استبعدت دعمها لتدخل عسكري في سوريا، وأشارت إلى أنها لم تتلق أي طلب من هذا النوع من قبل الولايات المتحدة، كما أنها لا تدرس أي خيار في هذا الاتجاه.
ويرى البروفسور كريستيان هاكه، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بون، في موقف برلين "نمطا معروفا" في السياسة الخارجية الألمانية "ألمانيا لم تبتعد عن نهجها القديم، الذي يكمن في إظهار تضامنها فقط إذا كان ذلك لا يكلف شيئا ولا يحمل أية مخاطر"، معتبرا أنها بذلك تضع مصداقيتها على الصعيد الدولي على المحك. ورغم أن الخبير يعتبر موقف الحكومة - من الناحية المبدئية - قرارا حكيما، إلا أنه يرى أنه كان من الخطأ، خلال الأشهر الماضية، تكرار ضرورة الإطاحة بالديكتاتور بشار الأسد "ما رفع من سقف توقعات المعارضة السورية، وهي توقعات لا يمكن تلبيتها اليوم".
دواعي أخلاقية للتدخل؟
وتعد ألمانيا من القوى الداعمة لمبدأ "مسؤولية تقديم الحماية" في الأمم المتحدة، ما يفرض عليها التزامات بهذا الصدد حسب هاكه. وهذا يعني أنه يتعين على المجتمع الدولي التدخل حينما تكون هناك انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وفي سياق متصل، يؤكد رولف موتزينيخ، المتحدث باسم الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني المكلف بالعلاقات الخارجية، التزامه بهذا المبدأ، خاصة وأن حزبه ساهم عام 2005 في تكريسه وترسيخه. بيد أنه يعارض مع ذلك تدخلا عسكريا في سوريا ولو بتفويض من الأمم المتحدة، ويوضح قائلا: "هذه القاعدة القانونية الدولية تتطلب التأكد مما إذا كان التدخل (العسكري) سيُحسن من أوضاع المدنيين أم لا؟". ويعلل موتزينيخ موقفه موضحا أن التدخل العسكري سيزيد من تفاقم وضع المدنيين السوريين.
في المقابل، يرى كريستيان هاكه أن عدم المشاركة الألمانية في أي عمل عسكري ضد نظام الأسد قد يضعف من مصداقية برلين على الصعيد الدولي، لافتا إلى أن القوات الألمانية متواجدة في المنطقة في إطار مهمة اليونيفيل في لبنان، كما على الحدود التركية السورية. وإذا ما قررت تركيا المشاركة في الحرب، فإن ألمانيا قد تجد نفسها طرفا فيها بشكل غير مباشر.
"الفرصة سانحة لتحرك ألماني"
تتفق الأغلبية والمعارضة على أهمية تعزيز الدور الألماني للبحث عن حل للأزمة السورية، وتؤكدان على ضرورة المساهمة في التوصل إلى حل دبلوماسي وهو ما لن يتأتى دون روسيا. لذلك يرى هاكه ضرورة محاولة التأثير على موقف الرئيس فلادمير بوتين. " يتعذر على الغرب تحقيق الحسم العسكري، لذلك يتعين على ألمانيا دعم دورها كجسر بين الشرق والغرب"، على حد تعبيره.
ويضيف هاكه بالقول: إنه دور "أهملته برلين خلال السنوات الماضية"، معتبرا أن قمة العشرين المقبلة في سان بيترسبورغ تتيح فرصة سانحة لتحرك ألماني من هذا القبيل.