1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل يخسر الاتحاد الأوروبي معركة حقوق الإنسان في آسيا؟

٣٠ يناير ٢٠٢٣

يسعى الاتحاد الأوروبي لتعزيز نفوذه في جنوب شرق آسيا. لكن انتقاداته لسجل حقوق الإنسان هناك، غالبا ما تؤدي إلى رد فعل غاضب من حكومات المنطقة. فكيف يمكن تحقيق التوازن بين دعم حقوق الإنسان والمصالح الاقتصادية؟

الشرطة تعتقل الصحافي كاي زون نووي في ميانمار 27.02.2021
تشهد دول في منطقة جنوب شرق آسيا انتخابات حاسمة العام الجاري ومن المتوقع ألا تقبل بها بعض الأطراف ويحدث نزاع حول نتائجهاصورة من: Ye Aung Thu/AFP/Getty Images

 قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن التكتل الأوروبي يهدف إلى أن يكون "أكثر ابتكارا وإبداعا وعلى نحو استباقي عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان" خلال عام 2023.

ورغم ذلك، يحذر مراقبون من أن الاتحاد الأوروبي من المحتمل أن يواجه إشكالية في المضي قدما في هذا المسار، في منطقة جنوب شرق آسيا التي باتت تحظى بأهمية جيوسياسية كبيرة بالنسبة للتكتل الأوروبي.

يأتي ذلك وسط ترقب كبير للانتخابات التي ستشهدها العديد من بلدان المنطقة، إذ ستُجرى انتخابات عامة يمكن أن يتم التنازع على نتائجها في كمبوديا وتايلاند في الصيف وسط احتمالات بحدوث مخالفات.

وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض في السابق عقوبات على مسؤولين في كمبوديا بسبب تدهور المسار الديمقراطي في البلاد خلال السنوات الأخيرة. وفي هذا الإطار، يخطط المجلس العسكري في ميانمار، الذي قاد انقلابا على حكومة منتخبة ديمقراطيا منذ ما يقرب من عامين، لإجراء انتخابات هذا العام، رغم أنه لم يحكم قبضته على كافة مناطق البلاد.

وفي فيتنام التي تعد الشريك التجاري الرئيسي للاتحاد الأوروبي  في المنطقة، تزايدت صلاحيات وزارة الأمن العام التي تتُهم بتبني نهج قمعي بعد "استقالة" الرئيس نجوين شوان فوك الذي كان يُنظر إليه باعتباره مواليا للغرب في وقت سابق من هذا الشهر، وسط تكهنات بنشوب صراع على السلطة داخل الحزب الشيوعي الحاكم في البلاد.

ماذا يتعين على الاتحاد الأوروبي فعله؟

يشار إلى أن تيمور الشرقية تعد الدولة الوحيدة في منطقة جنوب شرق آسيا التي جرى تصنيفها "حرة"، وفق التقرير السنوي الصادر عن مؤسسة فريدوم هاوس الأمريكية لتقييم الحريات والديمقراطية في العالم، بيد أن تيمور الشرقية التي تبلغ مساحتها 15 ألف كيلومتر مربع، ليس لديها علاقات واسعة مع الاتحاد الأوروبي.

وعلى المؤشر ذاته، احتلت لاوس وفيتنام وكمبوديا وتايلاند وميانمار وسنغافورة وماليزيا مراتب بين أدنى 50 دولة من الدول الـ 194 التي شملها التقرير.

أكد مسؤولون في الاتحاد الأوروبي أنّ نحو 10 مليارات يورو مخصّصة للاستثمار في دول جنوب شرق آسيا خلال قمة مع دول "آسيان" العام الماضيصورة من: SNA/IMAGO

وفي ذلك، يقول فيل روبرتسون، نائب مدير  قسم آسيا  في منظمة هيومن رايتس ووتش: إن الاتحاد الأوروبي يمتلك كافة الأدوات التي يحتاجها ليدافع عن حقوق الإنسان في جنوب شرق آسيا بشكل فعال، لكنه في حاجة "إلى تحسين أدائه". ويضيف بأنه "يتم في كثير من الأحيان التغاضي عن قضايا حقوق الإنسان مع الاندفاع صوب تعزيز العلاقات التجارية في مرحلة ما بعد وباء كورونا".

نفوذ الاتحاد الأوروبي في جنوب شرق آسيا!

يشار إلى أن الاتحاد الأوروبي قد وضع نظام عقوبات عالمي ردا على  انتهاكات حقوق الإنسان  يشبه "قانون ماغنيتسكي" في الولايات المتحدة الذي يسمح للرئيس الأمريكي بفرض عقوبات على مسؤولين في دول أجنبية في حالة انتهاكات حقوق الإنسان.

وأقام الاتحاد الأوروبي حوارا حول حقوق الإنسان مع معظم حكومات منطقة جنوب شرق آسيا، مع إبرام اتفاقيات شراكة وتعاون مع بعض هذه الدول خاصة ماليزيا وتايلاند.

والجدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي يضخ استثمارات رئيسية في المنطقة، إذ يعد التكتل من بين أكبر الشركاء التجاريين لبلدان جنوب شرق آسيا فضلا عن أن البلدان الأوروبية تعتبر من أكبر مستوردي البضائع من تلك المنطقة.

وفي ذلك، يقول مراقبون إن الاتحاد الأوروبي يمكنه التلويح بفرض عقوبات تجارية للضغط على الحكومات بشأن قضايا حقوق الإنسان. بيد أن ثمة معضلة تكمن في أنه في الوقت الذي يسعى فيه التكتل الأوروبي إلى الدفاع عن حقوق الإنسان في منطقة جنوب شرق آسيا، فإنه يخاطر بإثارة ردود فعل غاضبة من حكومات المنطقة، في وقت يحتاج فيه الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز العلاقات مع هذه الحكومات على نحو سريع.

فرض الاتحاد الأوروبي معقوبات على مسؤولين في كمبوديا بسبب تدهور الديمقراطية في السنوات الأخيرةصورة من: AFP/Getty Images

العلاقات التجارية.. سلاح ذو حدين

وينظر الاتحاد الأوروبي إلى جنوب شرق آسيا باعتبارها منطقة ذات أهمية كبيرة في إطار مساعي تعزيز نفوذه في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، والاستفادة من أن احتدام التنافس بين الولايات المتحدة والصين يدفع العديد من دول المنطقة إلى تحسين علاقاتها مع كيانات تمثل "القوى الوسطى" مثل الاتحاد الأوروبي.

لكن العلاقات التجارية سيف ذو حدين، خاصة في ظل مساعي الاتحاد الأوروبي لدعم اقتصاده في مواجهة التباطؤ الاقتصادي العالمي. وفي هذا الإطار، أبرم الاتحاد الأوروبي اتفاقيات تجارة حرة مع فيتنام وسنغافورة وسط آمال في إبرام اتفاق تجاري مع إندونيسيا التي تعد أكبر اقتصاد في المنطقة، بحلول نهاية عام 2024 وذلك بالتزامن مع تجديد المحادثات التجارية مع تايلاند وماليزيا والفلبين.

بدورها، تقول الخبيرة في شؤون المنطقة شدا إسلام إنها لا تتوقع أن يصبح الاتحاد الأوروبي "أكثر صرامة في إدانته لحقوق الإنسان بالنظر إلى حاجته لجذب دول جنوب شرق آسيا".

الفساد يؤثر على مصداقية أوروبا

وينظر كثيرون في جنوب شرق آسيا إلى الاتحاد الأوروبي بإيجابية لاهتمامه بتعزيز حقوق الإنسان، لكن في المقابل يقل حماس البعض بسبب ما يرونه من تخبط في تعامل الاتحاد الأوروبي مع القضايا الداخلية.

ويضاف إلى ذلك مساعي ضمنية داخل الاتحاد الأوروبي للنظر في سردياته الخاصة حول حقوق الإنسان، إذ قال بوريل في السابع من يناير/ كانون الثاني إن هناك "مناقشات مكثفة حيال هل حقوق الإنسان تعد قضية عالمية أم قضية ذات صلة بالثقافة؟".

وكان الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو قد قال خلال أول قمة كاملة للاتحاد الأوروبي مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) الشهر الماضي في بروكسل، "إذا أردنا بناء شراكة جيدة ... فلا ينبغي أن يقوم أي طرف من الآن بالإملاء والافتراض بأن معاييره أفضل من معايير غيره".

تراجع المسار الديمقراطي في تايلاند أيضا حيث كانت بين الدول الخمسين الأخير على مؤشر الديمقراطية لعام 2022 الذي تصدره مؤسسة صورة من: Varuth Pongsapipatt/SOPA/Zuma/dpa/picture alliance

كذلك يواجه الاتحاد الأوروبي اتهامات بالنفاق، إذ في الوقت الذي يتهم فيه كمبوديا بالفساد، تم اتهام عدد من نواب البرلمان الأوروبي  بالفساد بعد تلقي رشاوى من شخصيات قطرية. وقد اعترف بوريل في خطاب أمام قمة الاتحاد الأوروبي وآسيان بأنه يتعين مكافحة الفساد "هنا أيضا".

وفي ذلك، تقول المحلل السياسية شدا إسلام "إن الاتحاد الأوروبي - كما أقر بوريل- يواجه انتقادات من دول أخرى بسبب إهمال انتهاكات حقوق الإنسان ارتكبتها حكومات داخل التكتل وبسبب نهجه الانتقائي".

العمل من وراء الكواليس

وكان بنجامين وارد، نائب مدير فرع أوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش، قد حذر في مقال نُشر في وقت سابق من الشهر الجاري من أن "منظمات المجتمع المدني بما في ذلك منظمات مناصرة لحقوق الإنسان تتعرض لتهديد متزايد في أوروبا" بما في ذلك دول عريقة في الديمقراطية مثل فرنسا واليونان وإيطاليا.

وفي هذا الصدد، تقول شدا إسلام إنه يمكن تحسين أجندة الاتحاد الأوروبي الخاصة بحقوق الإنسان من خلال تغيير بعض الأساليب بما يشمل تخفيف حدة ما يُعرف بـ "دبلوماسية مكبر الصوت" وتبني "دبلوماسية عملية"، على حد قولها.

وتضيف "هذا يعني محاولات أكثر جدية ربما من وراء الكواليس لمساعدة المدافعين عن حقوق الإنسان المعرضين للخطر، وأيضا تعزيز تدريب عناصر الشرطة والقضاء في مجال حقوق الإنسان وحماية حقوق المرأة والأقليات".

لكن مراقبين يرون أن مثل هذه الأساليب أو ما ذكره بوريل من نهج "أكثر ابتكارا وإبداعا" في مجال حقوق الإنسان، قد لا تلقى اهتماما كبيرا من وسائل الإعلام.

ديفيد هوت / م. ع

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW