1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

معضلة العلاقات التركية ـ السورية

توماس زايبرت/حسن ع. حسين٢٥ ديسمبر ٢٠١٢

أظهرت الأزمة في سوريا بشكل جلي حدود تأثير القوة الإقليمية الصاعدة تركيا. ويبدو أن العام الجديد سيضع أنقرة أمام تحديات أخرى، خاصة بعد فشل جهودها في توحيد المعارضة السورية، التي كانت وما زالت تنشط من الأراضي التركية.

Source News Feed: EMEA Picture Service ,Germany Picture Service A Free Syrian Army member walks past a a torn picture of Syrian President Bashar al-Assa at Syrian border crossing building between Syria and Turkey at Jarablus July 20, 2012. A border crossing between Syria and Turkey at Jarablus fell into rebel hands on Thursday after security forces pulled out, a day after the killing of three of President Bashar al-Assad's senior officials, activists said. REUTERS/Abdo (SYRIA - Tags: POLITICS CONFLICT CIVIL UNREST TPX IMAGES OF THE DAY)
صورة من: Reuters

بعد قرابة السنتين من عمر الأزمة السياسية في سوريا تجد الدبلوماسية التركية نفسها في غضب ووجوم إزاء موقف الرئيس بشار الأسد. وقال دبلوماسي رفيع المستوى في أنقرة "إن دمشق لم تفهم بعد إشارة العصر". وحتى روسيا، الحليف الأوثق للسوريين، بدأت تبدي تراجعا حذرا فيما يخص تأييدها للأسد.

لكن الحكومة التركية تبدو متأكدة تماما من أن نظام الأسد قد وصل إلى نهايته. بيد أن أحداث الأشهر الأخيرة أظهرت جليا أن إمكانيات التأثير التركي على مسار الأحداث في جارتها سوريا محدودة. أنقرة فشلت حتى الآن في فرض منطقة حظر جوي على شمال سوريا، كما فشلت الدبلوماسية التركية في توحيد المعارضة السورية الموجودة على أراضيها.

القصف المدفعي وصواريخ الباتريوت

من جانب آخر، لا يمكن إنكار حقيقة أن تركيا، بحدودها البرية البالغ طولها 900 كم مع سوريا، تعاني من آثار الحرب الأهلية في البلد الجار. فحوالي 200 ألف لاجئ سوري يتواجدون حاليا فوق الأراضي التركية، بينهم 140 ألف لاجئ تم استقبالهم في معسكرات خاصة باللاجئين على طول الحدود الشمالية. وهناك قرابة 50 ألف لاجئ سوري آخر يعيشون خارج المعسكرات في ضيافة أقاربهم أو على حسابهم الخاص. كما قتلت قذائف سورية عبرت الحدود خمسة مدنيين أتراك في شهر أكتوبر/تشرين الأول. وقبل ذلك بأربعة أشهر قتل الدفاع الجوي السوري طياريْن تركيين أثناء تحليق طائرتهما الاستكشافية على الحدود بين البلدين، حيث سقطت الطائرة في شرق البحر المتوسط.

معسكر اللاجئين السوريين في تركياصورة من: picture alliance / dpa

لكن حلفاء تركيا الغربيين نصحوا أنقرة في كل مرة بضرورة التزام الهدوء والتحفظ من رد فعل عنيف. فتهديدات الحكومة التركية برد عسكري على القصف السوري لأراضيها لم تحظ بالقبول لدى حلفائها الغربيين، بل خلقت مخاوف من تصعيد عسكري في المنطقة يخرج عن السيطرة. ومن هذا المنطلق أكد حلف شمال الأطلسي نهاية العام الجاري على الطابع الدفاعي لقراره نشر منظومة صواريخ باتريوت الدفاعية، لحماية الأراضي والأجواء التركية على طول الحدود مع الجارة سوريا من قذائف وصواريخ سورية محتملة.

دور الولايات المتحدة يبقى حاسما

في هذا الإطار يلعب موقف الولايات المتحدة، الحليف الأساسي، دورا مهما وحاسما. ورغم أن رئيس الوزراء التركي، رجب طيب اردوغان، ووزير خارجيته، أحمد دواود أوغلو، يسعيان إلى جعل تركيا قوة إقليمية كبيرة، إلا أنهما يعلمان أيضا أن جزءا كبيرا من قوة بلدهما يكمن في العلاقات الوثيقة مع واشنطن وبقية القوى الغربية الأخرى. ولذا لا بد من رعاية العلاقات مع واشنطن خصوصا. من هذا المنطق ارتضت أنقرة وبصمْت رفض الغربيين لطلبها الخاص بإنشاء منطقة آمنة ومنطقة حظر جوي داخل الأراضي السورية. طلبٌ تقدمت به تركيا علنا إلى حلفائها الغربيين.

نظام الدفاع الجوي باتريوتصورة من: dapd

كما يلعب موقف الرأي العام التركي دورا في كبح جماح تركيا فيما يخص تدخلا عسكريا في سوريا. فقد أظهرت استطلاعات للرأي أن الناخبين الأتراك يرفضون تدخلا تركيا مباشرا في الشأن السوري. ويبدو الأمر حجة قوية بالنسبة للحكومة التركية، خصوصا وأن البلاد ستشهد في عامي 2014 و2015 انتخابات ماراثونية، البلدية منها والتشريعية والرئاسية.

المعارضة السورية تنقل مركزها من تركيا

من جانب آخر، لم تُوفق تركيا في جهودها من أجل توحيد المعارضة في الخارج والممزقة بشكل مزمن، والتي بدأت عملية توحيد صفوفها منذ صيف عام 2011 في تركيا. ورغم أن المعارضة غيرت قيادة هيئتها الموحدة، إلا أن ذلك لم يساعد في ترسيخ الوحدة بين صفوفها، حتى جاء مؤتمر الدوحة في قطر، والذي شكل منعطفا مهما على طريق توحيد المعارضة السورية. و لم تختر القيادة الجديدة للمعارضة، الائتلاف الوطني السوري، تركيا مقرا لها بل فضلت مصر على ذلك.

السياسة التركية معنية أكثر من غيرها بمرحلة مابعد الأسد في سورياصورة من: picture-alliance/dpa

والواضح أن الأزمة السورية ستبقى واحدة من أهم ملفات السياسة الخارجية التركية في العام الجديد 2013. ويبدو أن الدبلوماسية التركية ستهتم بملف ترتيب أوضاع سوريا لمرحلة ما بعد سقوط نظام الأسد، وسيكون ذلك في مقدمة أولويات النشاط الدبلوماسي التركي في العام الجديد. وتبدو تركيا، ولكونها دولة مصدرة، معنية أكثر من غيرها بسرعة عودة الهدوء والنظام إلى جارتها. لكن تصور دولة فاشلة في سوريا أو أن يحكم فيها نظام إسلامي متطرف يشكل سيناريو رعب بالنسبة لمخططي السياسة في أنقرة. ومن أجل منع تطور من هذا القبيل في سوريا ستعمل قيادة القوة الإقليمية، تركيا، في عام 2013 كل ما في وسعها. لكن تجربة عام 2012 أظهرت أن أنقرة ورغم كل جهودها التي تبذلها كقوة إقليمية، سوف لن تفلح في تحقيق ذلك لوحدها.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW