1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

معهد أبحاث الملاريا في هامبورغ يضئ الجوانب الخفية لهذا الوباء

ميشائيلا فروار/ نهلة طاهر٢٦ أكتوبر ٢٠١٢

تجرى أبحاث على الملاريا منذ أكثر من مائة عام، ولكننا ما زلنا نجهل الكثير عن ذلك المرض. ويعمل العلماء في أنحاء العالم المختلفة على فهم طبيعة هذا المرض، ومن ضمنهم كذلك الباحثون في معهد بيرنهارد نوخت في هامبورغ.

صورة من: Michaela Führer

الباحثون في معهد بيرنهارد نوخت(BNI) في هامبورغ، ليسوا بحاجة للقيام برحلة طويلة للوصول إلى المناطق الاستوائية، إذ يكفي صعود الدرج المظلم المؤدي إلى سقف المبنى للوصول إلى هناك. يبدو الطريق موحشا للوهلة الأولى، لكن الباحثين في معهد الأمراض الاستوائية وهو أقدم وأشهر المعاهد في هذا التخصص في ألمانيا، اعتادوا صعود الدرج المظلم ذي الجدران غير المطلية والذي تفوح منه رائحة الهواء الراكد.وأصبح هذا الأمر جزءا من عمل إيريس بروخهاوس الباحثة في مرض الملاريا منذ بدأت أبحاثها في المعهد قبل أربع سنوات. ينتهي الدرج أمام مدخل تتوزع على جانبيه حجرتين صغيرتين مفصولتين عن بعضهما بأسلاك معدنية. الجو في الداخل مشبع بالحرارة والرطوبة، حيث تصل درجة الحرارة هناك إلى 28درجة مئوية، أما درجة الرطوبة فتبلغ 70 في المئة.في هذه المساحة الصغيرة يتم تربية بعوض الأنوفيليس، ومن ضمن ما تقوم به الباحثة بروخهاوس هنا هو تغذية اليرقات.
تسبح يرقات البعوض في الماء المعبأ في أوعية بلاستيكية بيضاء، أما البعوض الذي يخرج من طور اليريقة ويكتمل نموه، فيطير داخل صناديق بلاستيكية شفافة ذات فتحات تغطيها شبكات مشدودة، وضعت لمنع البعوض من الطيران إلى خارج الصناديق. وكما توضح الباحثة فإن هذا النوع من البعوض غير ضار بالبشر، فهو ينقل مرض الملاريا للقوارض حصرا. أما الطفيليات التي تنقل للإنسان عدوى مرض ملاريا تروبيكا فهي موجودة في أنابيب الاختبار في معامل المعهد. وكما تقول خبيرة الملاريا فإن أعراض المرض لا تختلف عن الانفلونزا، إذ يصاب المريض بالحمى والغثيان والإسهال.
"الملاريا الاستوائية" مرض خطير يهدد الحياة

أنثى بعوض الأنوفليس الناقلة لطفيلي الملارياصورة من: CC/Armed Forces Pest Management Board

وفقا لمنظمة الصحة العالمية، بلغ عدد الوفيات الناجمة عن مرض الملاريا في عام 2010 أكثر من 650 ألف شخص، ويعد العلاج في الوقت المناسب ضروريا لمنع إصابة أجهزة الجسم بأضرار كبيرة. وهناك أكثر منمائتي نوع منالملاريا، ومن بينها الملاريا المنجلية وملاريا القوارض.ويعتبر البعوض الناقل الرئيسي لعدوى هذا المرض، فلدغة حشرات البعوض لا تنقل العدوى للإنسان وحده، بل يشمل ذلك جميع الحيوانات بما في ذلك الزواحف والطيور والقوارض والثدييات الأخرى، فكلها بلا استثناء تمثل وعاء مثاليا لحضانة طفيلي الملاريا.


"تلقينا للتو عينات دم أخذت من حيوانات الضب، وقد جلبها أحد زملائنا النيجيريين. وقد وجدنا طفيليات الملاريا في كل العينات تقريبا. ودائما نكتشف أنواعا جديدة من المرض، وهي لم تكتشف في السابق، نظرا إلى أن لا أحد في نيجيريا يبحث عن طفيليات الملاريا في دماء حيوانات الضب، كما تقول بروخهاوس. لكن مجال بحثها الرئيسي هي الملاريا التي تصيب البشر، وتسعى الخبيرة إلى معرفة الكيفية التي تتمكن بها كريات الدم الحمراء المصابة من تثبيت نفسها على جدران الأوردة، بحيث تفسح المجال لتكاثر الطفيليات بشكل مثالي في الخلايا. وإذا ما تمكنتالباحثة من الإجابة على هذا السؤال، فقد يساهم ذلك في تطوير عقاقير من شأنها منع تثبيت كريات الدم الحمراء على الأوردة، لتقوم بالتالي بدورها في الدفاع عن الجسم.
لكن مسار المرض يثير العديد من الأسئلة، فإذا ما لسع البعوض شخص ما، فإن الطفيليات المسببة للمرض تدخل إلى مجرى الدم ثم تتكاثر في خلايا الكبد، وتواصل من هناك رحلتها المدمرة في مجرى الدم، بعد وصولها مرحلة التطور المعروفة بالميروزويتMerozoit ، لتهاجم كريات الدم الحمراء وتخترقها وتغير من شكل الخلايا لتقوم بتثبيت نفسها على جدران الأوعية الدموية، وتواصل الطفيليات نموها ليتضاعف عددها بسرعة حتى تنفجر الخلية، وهذا الانفجار يؤدي إلى انتشار الميروزويت merozoit مجددا في مجرى الدم.وهكذا تتكرر هذه الدورةلتصاب في نهاية المطاف عدد الكبير من خلايا الدم الحمراء، وينجم عن هذا فقر الدم وانسداد الأوعية الدموية. وتجرى التجارب لاكتشاف المزيد حول هذه العملية في الطوابق السفلى من مبنى المعهد.

أبحاث الملاريا بين البحث والتطبيق

إيريس بروخهاوسصورة من: Michaela Führer

تعمل بروخهاوس في هذا المختبر ذي الأرضية البلاستيكية الرمادية، ويمكن استشفاف خطورة العمل اليومي هناك عبر الآلات ولافتات التحذير المنتشرة في أرجاء المكان. المختبر مجهز بشكل مثالي، حيث رصت في جوانبه طاولات الفولاذ الطويلة وهناك أيضا الرفوف التي تصطف عليها أنابيب الاختبار والمجاهر، لكن الجو حميم بالرغم من ذلك، فعلى الحائط صور مختلفة لكعكة عيد ميلاد وملصقات لبطاقات بريدية وصور أخرى تضفي على المكان روحا حيوية. في الخلفية يسمع أزيز الآلات عندما تعمل، أماالباحثون فهم منشغلون بالفحص والتحليل وتسجيل الملاحظات.
تعمل الباحثة بروخهاوس على إحدى الأجهزة التي تعرف بـ Vario Macs. الجهاز يقوم باستخدام المغنطيس لفصل الميروزويت merozoitفي مراحل التطور المختلفة عن بعضها البعض. فعندما تتكاثر الطفيليات في كريات الدم الحمراء، يتم هضم الخلية أيضا، لكن الميروزويت Merozoit لا يستطيع الاستفادة من الحديد، لذا فهو يتراكم في الخلية، وبهذا يصبح بإمكان المغناطيس أن يجذب الخلية. هذه عملية طويلة تستغرق عدة ساعات، لذا توكل الباحثة مساعدا فنيا لمتابعتها، لتتفرغ هي لكتابة التقارير أو الرد على الاستفسارات.

أوروبا خالية من الأمراض الاستوائية

تنجز إيريس بروخهاوس الأعمال المكتبية في مكتبها المطل على الميناء والسفن. وهذه السفن لا تجلب السلع من أنحاء العالم المختلفة فحسب، ولكنها تجلب أيضا الحشرات. وكما توضح الباحثة: "مع ارتفاع درجة حرارة المناخ، انتقل البعوض إلى مناطق جديدة لم يكن له فيها وجود في السابق. مثال على ذلك بعوضة النمر. ولكن ليس هناك سبب للخوف من انتشار الأمراض الاستوائية الكلاسيكية هنا، فهي تنتشر في البلدان المعنية بشكل أساسي، لأن الظروف الصحية هناك متردية." وتعتقد الباحثة بأنه لا يزال هناك الكثير لاكتشافه، وهي لا تعتقد أنها ستشعر بالملل حتى تقاعدها.

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW